أخبار السودان

البديل جاهز و “يا ناس حواء والده بس أدوا وليداتها الفرصة”

البديل جاهز و “يا ناس حواء والده بس أدوا وليداتها الفرصة”

د.علي عبدالقادر – باحث اكاديمي- باريس
[email][email protected][/email]

استطاعت الإنقاذ وبمهارة ثعلبية ماكرة التلاعب برجالات الأحزاب القديمة وشراء البعض منهم، فمثلاً نسب لعوض الجاز قوله لمبارك الفاضل “قروش-البترول- دي بنشتري بيها الزيك ديل”، وإرهاب البعض الاخر واضطراره للجؤ لدول الجوار بمصر و إثيوبيا وأرتيريا وغيرها، او للارتحال للمنافي البعيدة عن الوطن بأوربا وأمريكا وحتى استراليا، وبذلك نجحت في تفتيت الأحزاب، فجاءت مسميات جديدة مثل حزب الأمة الوطني، حزب الأمة للإصلاح والتنمية، حزب الأمة للإصلاح والتجديد. الإتحادي الديمقراطي الأصل، والإتحادي الموحد، الوطني الاتحادي وغيرها. ثم ذهبت أبعد من ذلك واستطاعت عبر طوابيرها الخامسة في الداخل ووسائطها الاغنياء في الخارج أن تشرذم كل الحركات فكانت حركة تحرير السودان جناح مناوي، وفصيل عبدالواحد النور، وحركة العدل والمساؤاة، وحركة التحرير والعدالة، وغيرها.
ما سبق من خطط لخلق الفتنة وجهت نحو الاحزاب والحركات السياسية السلمية او المسلحة. أما الشعب فقد أعدت له الانقاذ عملية إعادة برمجة عقلية وتغبيش وعي كامل وهو ما يسميه الشعب السوداني “كتبوه عند فكي “، تمّ فيه الترديد البليد عبر أجهزة الأعلام كالتلفزيون والإذاعة وغيرها خلال 23 عاماً ليلاً نهاراً بأنه لا بديل للإنقاذ إلا الشيوعين او العودة لحكم البيوتات من آل المهدي وآل الميرغني، بمعنى أن الشعب السوداني إن طلب التغيير سيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، ولما كانت الانقاذ هي اللاعب الوحيد على المسرح فقد نجحت في تثبيت خيار أنه لا خيار إلا إالانقاذ وأنها مهما أساءت فهي أحسن السيئين “جنّ تعرفه ولا جنّ ما بتعرفه”، وهي قناعة تطبقها الانقاذ حتى على مستواها الداخلي وخير مثال لما سبق، نجد أن البشير نفسه يصرح” أنا قلت ليهم يا جماعة حكاية نشيل وزير ونجيب وزير دي ما بتنفع…الحكومة محتاجة لإستقرار”.
ولقد فؤجئت بأن كثير من أفراد الشعب السوداني يرددون نفس تلك المقولات السابقة أو مقولات على شاكلة ” لو ديل ما قدرو يصلحوها يعنى منو البصلحها” ، ” ديل سرقوا وشبعوا أحسن نخليهم بدل ما نجيب غيرهم وحلك على بال ما يسرقوا ويشبعوا”.
وجود حالة اليأس هذه لدى البعض في حد ذاتها تصيب الاخرين باليأس وهكذا تسري وتنتشر حالة من العدوى اليائسة في أوساط الشعب السوداني. ولكني أصرخ هنا مع أخرين غيري بأن الثقة بالله وبالنفس وبالاخرين بما فيهم زملاء الدراسة أو المهنة للحاكمين اليوم، تقتضي القول بأن إيصال الشعب لهذه المرحلة من اليأس لهو في حد ذاته جريمة حكومية لا تغتفر إلا بتوبة هذه الحكومة الطاغية وذهابها عن بكرة ابيها، والله تعالى يقول في محكم تنزيله (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين )6/ الانعام(.
إذن الكل يعلم بأنه إذا كان البقاء في الارض والخلود لابن أدم او لنظام حاكم ولو نظام ملكي لبقى لأؤليك الملوك العظام مثل النبي سليمان، او لامبراطور مثل الامبراطور هيلاسلاسي، او لحاكم مستبد مثل شاوسيسكو في رومانيا الذي تشاء الصدفة ان يقتل رميا بالرصاص على قارعة الطريق وهو يجري وزوجته في الشارع – اللهم لا شماتة-، وذلك في نفس عام مجيء الانقاذ اي في 1989م، فلما لم تعتبرالانقاذ ! قال تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)(2/الحشر( ، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى)(26/النازعات.(
وحتى أوليك الذين سبقوا البشير لقوله ” نحن جئنا في السلطة بالقوة ومن أراد أن ينزعها فليأتي بالقوة” مثل الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري،الذي ينسب اليه قول ” لقد أتيت الى السلطة بقوة البندقية … وحدها البندقية بإمكانها إزاحتي “، وفعلاً تمّ الانقلاب عليه بواسطة اللواء محمد فرح عيديد وذهب الى نيجريا وبقى بها الى ان توفي في 1995م ، انتهاء بتهاوي عروش الطغاءة من الرؤساء العرب الذين ركلتهم ثورات الربيع االعربي مثل زين العابدبن بن علي و معمرالقذافي و حسني مبارك وعلي عبدالله صالح.
ما سبق يؤكد بأنه لا خلود لفرد او لنظام او لحاكم وان بعد عظمة الملك وكرسي الحكم قد تكون نهاية الحاكم مذرية في الدنيا قبل الاخرة او قد يؤخر حسابه لما بعد الموت . ذلك الحساب الذي يخشاءه العلماء الأتقياء فما بالك بالحكام الطغاءة.
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له :كيف أصبحت يا أبا عبدالله؟
فقال الشافعي : “أصبحت من الدنيا راحلا، و للإخوان مفارق، و لسوء عملي ملاقيا، ولكأس المنية شاربا، و على الله واردا، و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها ، أم إلى النار فأعزيها”.
بعد أن برهنا بان الايام دول، يداولها الله بين الناس ليثيب من احسن ويحاسب من اخطى، وان دوام الحال من المحال، وان الانقاذ ذاهبة ذاهبة إلى غير رجعة، طال الزمن ام قصر بمشيئة الله. يبقى القول، بأن سؤال البديل هو سؤال لا محل له أصلاً، لان طرحه من قبل الأنقاذ هو بمثابة إتهام للشعب السوداني بأنه غير قادر وغير مؤهل لحكم نفسه بنفسه من دون الانقاذ وإنه يحتاج نوع من الوصاية الانقاذية ! بل السؤال الصحيح هو، ما هو دورنا كمواطنين في الإختيار والتهئية لمن سيعقب الإنقاذ، ابتدأً من إشاعة معاني الحقوق وقيم الحرية لتصبح أصل في الثقافة الاجتماعية، والرفض السلمي للاستبداد السياسي ونشر التوعية السياسية في البيت داخل اطار الاسرة الصغيرة والكبيرة، وفي الحي والعمل، ومعرفة كيفية التعبير عن رفض الطاغوت الديني الانقاذي الذي اهلك الزرع والضرع و يريد ان يتحكم في الارواح والعقول، قال تعالى )ان كثيرا من الاحبار والرهبان لياكلون اموال الناس بالباطل( 34-35) التوبة(، إدراك أن مناهضة التسلط والاستبداد تتم عبر الوصول لقناعة يقينية بأن السلطة مسؤولية يحاسب عليها الفرد في الدنيا قبل الاخرة، و الوصول الى إنتاج الية يتوافق عليها الجميع تضمن حقوق الجميع في المرحلة القادمة ، وتضمن التداول السلمي للسلطة سعياً نحو خير البلد، دون ان يصبح الامر مغالبة سياسية او نزاع على السلطة.
ان هذا الشعب الطيب الذي انجب بعانخي والمهدي وود حبوبة، مهيرة بت عبود، رابحة الكنانية، وعبدالفضيل الماظ، الازهري، المحجوب، و، الكاشف، الشريف حسين الهندي،ملكة الدار عبدالله، التجاني يوسف بشير، الفيتوري، التجاني الماحي ،محمد إبراهيم ابوسليم ،كمال حمزة، خالدة زاهر ونفيسة كامل، جكسا، عبدالله الطيب،أسامة عبدالرحمن النور، كامل إدريس، ابوبكر كاكي، روضة الحاج، وغيرهم من المبدعين، كل في مجاله، وانجب في مرحلة إفلاس “واحد رقاص”، يظل شعب صاحب “بطن بطرانة” تنتج يومياً الالاف المبدعين وفي كل المجالات وكمثال فقط وليس للحصر، د.المعز بخيت،بروفسور اسامة عوض الكريم، محمد فتحي إبراهيم، وداد المحبوب، د.ريم حسن أحمد، د.شامة ابراهيم احمد، وغيرهم الالاف من المبدعين في جميع الميادين، إذن البديل جاهز و”يا ناس حواء والده بس أدوا وليداتها الفرصة”.
بعض الأحيان تتوهم أنك وصلت إلى طريق مسدود
لا تعد أدراجك !
دق الباب بيدك
لعل البواب الذي خلف الباب أصم لا يسمع
دق الباب مره أخرى !
لعل حامل المفتاح ذهب إلى السوق ولم يعد بعد
دق الباب مره ثالثة ومرة عاشرة !
ثم حاول أن تدفعه برفق , ثم اضرب عليه بشدة
كل باب مغلق لابد أن ينفتح . اصبر ولا تيأس
أعلم أن كل واحد منا قابل مئات الأبواب المغلقة ولم ييأس
ولو كنا يائسين لظللنا واقفين أمام الأبواب !
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. التحية والقومة لك يادكتور، وياريت لو كل الناس تبقي عندها التفاؤل العندك، ولكن نعمل (كبارنا!!) ناس قادة الاحزاب مازالوا مصرين علي انهم اخر العنقود وحواء السودانية عقمت بعدهم!!

  2. تم تسويق عبارة البديل منو بامتياز .
    كل من حكم السودان جاء من العدم لم يكن معروف بانة سياسي او قائد وربما حتى جيرانة لا يعرفونة كما ان بلادنا حبلى بالشرفاء والوطنين والكفاءات في كل المجالات .
    خلونا نركز في ازالة الحثالة الحالية والقادم باذن الله افضل واشرف وانبل

  3. شكرا لك يا دكتور .. هو اذا التعلمجيه والما مكملين جامعات مسكو الحكم طيب كيف اذا جانا زول جامعي بالحظ.. خليك من الدكاتورة والبروفيسرس المالين السودان وبره السودان… اكيد حيكون عندهم احسن من العند التعلمجيه

  4. الشبعان ما بياكل زيادة لكن الجيعان ياكل كل شئ ويطلب زيادة ما نراه فى السودان من القمة حتى الغفير لايبشر بخير فاكل السحت لديهم لا يحتاج الى فتوى بل يبحثون عنه .فالخدمة المدنية فى الحضيض اما مراكز الشرطة والتحريات لمن يدفع اعلى والله شئ يشيب الولدان وتخر منه الجبال هدا فنسأل الله السلامة وعاقل لايفكر فى حكم بلدكان اسمه السودان

  5. ندا وصرخة مدوية !!!! يا شباب ومتعلمي ومثقفي السودان الوطنيين اتحدوا ولا تفرقوا فالأتحاد قوة ؟؟؟ فالسودان يناديكم فلا تتركوه مطية للصوص وتجار الدين ليعيسوا فيه فساداً مرة أخري ويجعلوه في زيل الأمم ؟؟؟ وإذا سأل احدكم من هو البديل ؟؟؟ البديل هو انتم ؟؟؟ وأمامكم خيار واحد لتكونوا البديل وهو اتحادكم ؟؟؟ لتشكلوا قوة ضاربة معها الحق ؟؟؟ اتحدوا ! اتحدوا ! اتحدوا ! لا يوجد بالسودان حزب وطني ديمقراطي قوي ؟؟؟ اتحدوا وكونوه لتكونوا البديل ؟؟؟
    هل يمكن ان نحلم بأن يكون بالسودان حزب بمعني حزب يكون ديمقراطي جماهيري ينضوي تحت رأيته الشباب وكل الوطنيين المخلصين ؟؟؟ ام إن هذا ضرب من الخيال وغرق في المثالية ؟؟ دعونا نحلم حلم رومانسي جميل ؟؟؟
    إن كنتم جادين وتؤمنون بالديمقراطية ولكم برنامج وطني مدروس وتدعون الي تقدم السودان ولا اشك في ذلك ؟؟؟ فأرجوكم اليوم قبل غداً ان تنضموا الي اي حزب له نفس افكاركم وتوجهاتكم الوطنية وتجتهدوا في ضم اي تجمع او حزب آخر يحمل نفس أفكاركم لتكوين حزب جماهيري كبير له قاعدة جماهيرية كبيرة تجعله قوة مهابة يجمع كل السودانيين بمختلف سحناتهم ولغاتهم وأديانهم ؟؟؟ وعبور الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة ؟؟؟ وفي حالة إجراء انتخابات حقيقية حرة يكون هنالك بديل لعصابة الكيزان تجار الدين وحلفائهم الأسر الطائفية الجشعة التي كونها وقواها الأستعمار للحفاظ علي مصالحه الأستعمارية قاتلهم الله ؟؟؟ وسوف أكون من المنضمين والداعمين اليكم انشاء الله ؟؟؟ حزب جماهيري كبير يقف في وجه الأسرالطائفية وتجار الدين وأحزاب الشلل التي تحمل اسماء لا تمت الي السودان بصلة ؟؟؟ حزب متحد والأتحاد قوة ؟؟؟ وهذا للأسف ما يفتقده السودان حالياً ؟؟؟ يقدر عدد الأحزاب بالسودان بأكثر من 85 حزب منهم شلل خرطومية مكونة مثلاً من الطلاب الذين درسوا في سوريا وسموا نفسهم حزب البعث جناح الأسد ؟ ومنهم من درس في العراق وسمي نفسه حزب البعث جناح صدام ؟ ومنهم من درس في مصر وسمي نفسه الناصري الخ ( كيف يمكنهم ان يقنعوا أدروب بالشرق او اوثاقة بالغرب بالبعث العربي ومنهم لمة فتة وغيرها ؟؟؟ وهذا التشتت تسبب في وجود العواجيز تجار الدين وتسيدهم الساحة تدعمهم جموع الفقراء الجهلة المغيبين دينياً والذين يركعون لهم ويبوسون ايديهم ويرتهنون بأشارتهم قاتلهم الله وأصبح الكثيرون يقولون من هو البديل ؟؟؟ بدون التضحية وانكار الذات لا يمكن ان يكون لكم تأثير يذكر ان كنتم فئة قليلة العدد وأيد في ايد تجدع بعيد ؟؟؟ إن هذا الكابوس الجاسم علي صدر السودان المكون من عصابة اللصوص القتلة مغتصبي الرجال والنساء ليستقل كل موارده ويصرفها علي تنظيمه الشيطاني الفاسد وكذلك علي الأمن والجيش لحمايتهم لا يمكن مواجهته الا بتنظيم جماهيري قوي له صوت مدوي ؟؟؟ فلنتحد فالإتحاد قوة ؟؟؟ ثورة ثورة حتي النصر لن يحكمنا عواجيز بالقصر ؟؟؟

  6. د.علي عبدالقادر – باحث اكاديمي- باريس المحترم لا نريد أفراد بل تنظيم وطني ديمقراطي يكونه هؤلاء الأفراد العظام ؟؟؟ وكما تعلم الأفراد يزولون والتنظيم يبقي ؟؟؟ وهنالك الكثيرين الذين لم تذكرهم منهم جراح الكلي العلمي الأنساني أبوسن دكتور علي نور الجليل جراح القلب الكبير بلندن سابقاً بروفسير طبيب الفاتح اسماعيل أبتر بجامعة نيويورك والحائز علي جازة طبيب العام بنيويورك عبدالله عبد الحفيظ حمد الملك المعماري المشهور بالأمارات والحائز علي الجائزة الأولي لعدة مسابقات معمارية المعماري أمين ممدوح الفائز بالمسابقة المعمارية العالمية لمجمع سكني بتكلفة مليار يورو بأسبانيا ؟؟؟ وغيرهم كثر ؟؟؟ للأسف الشديد السودان ليس به حزب جماهيري ديمقراطي ينقذه من التخلف ؟؟؟

  7. مقال وضع النقاط على الحروف واختتمه بكلمات تحمل من المعاني ما يكفي لتحريك الضمائر الميتة…تسلم يا دكتورنا ابوتو حيد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..