من الشمال الى سنار .. النفايات سيرة وانفتحت

كان ما أثير من اتهام حول الاتفاق الذي تم سراً بين نظام مايو والأميركان، وسمح بموجبه الطرف الأول للثاني بدفن كميات كبيرة من النفايات الذرية بصحاري شمال السودان القصية والمنسية، كان ضمن أسباب أخرى، يُعد من أهم المآخذ على مايو والتي عجّلت بسقوطها في 6 أبريل 1985م، إثر الهبة الشعبية المعروفة، وقد ظل هذا الاتهام معلقاً منذ أن أثير أول مرة، لم يتم نفيه نفياً قاطعاً يقطع دابر التهمة بلا رجعة، كما لم يتم إثباته بالدليل القاطع الذي يقطع قول كل متشكك في صحته، وظل الحال هكذا في منزلة بين منزلتين، الشك واليقين، يتجدد الاتهام مرة ويتم نفيه مرة، واستمر السجال على هذا المنوال إلى أن باغتتنا قبل نحو خمس سنوات إحدى الصحف بخبر يصلصل ويجلجل، يقول إن بعض المغامرين الباحثين عن الثراء عبر التنقيب عن الذهب في صياصي وصحاري الشمال قد عثروا على ما يشتبه في أنه نفايات لمواد خطرة يذهب الشك إلى أنها نفايات نووية، ويعزز هذه الشكوك أنها وجدت داخل براميل معدنية لا تشبه البراميل المعروفة، مطمورة ومدفونة داخل الأرض فيما يشبه المقبرة في صحراء العتمور الشرقية، على بعد مائة كيلومتر شرقي مدينة أبو حمد، ثم ها هي الأنباء تحمل إلينا أخيراً وليس آخراً النبأ الفاجع الذي أعلنه الدكتور محمد صديق المدير السابق لهيئة الطاقة الذرية عن دخول 60 حاوية مواد خطرة إلى السودان أثناء تشييد سد مروي، دفنت محتويات 40 منها قرب السد، وتم رمي محتويات الـ 20 الأخرى في العراء، غير أن مدير وحدة تنفيذ السدود نفى في تصريح له دخول أية حاويات أو مواد ضارة إلى البلاد عن طريق وحدة السدود، وما بين هذا النفي وذاك الإثبات تبقى قضية النفايات الخطرة حاضرة بقوة وبكل ما تثيره من قلق ومخاوف..
الحديث عن النفايات الخطرة والسامة لم يقتصر على الولاية الشمالية وحدها، بل ظل يتردد هنا وهناك بين الفينة والأخرى، منها على سبيل المثال ما أثاره أمس أحد البرلمانيين عن دفن نفايات سامة بسنار، وقبلها بعدة سنوات كانت قد أثيرت من داخل أروقة البرلمان قضية الحواسيب «الإسكراب»، وفي الذاكرة أيضاً حكاية آلاف الأطنان من فضلات الأغاريق وما يخرج من سبيليهم، التي نقلوها عبر البحر لتحط رحالها في بورتسودان، وهناك كذلك قصة النفايات النفطية التي تم دفنها بخلاء شمال أم درمان، وكل هذه القضايا والحكايا المؤسفة وغيرها مما لم نذكره، تفرض علينا أن نفتح بصرنا وبصائرنا مخافة أن نؤخذ بالإغراء أو على حين غرّة، فالعالم الأول متخم بنفايات مختلفة الأنواع، متعددة المخاطر، ظل دائب البحث عن مدافن لها خارج أراضيه…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الاخ الكريم :اتساع الارض السودانية وعدم الاستقرار الاجتماعى نتيجة للحروب الدائرة منذ الاستقلال وانشغال الحكومات بها يغرى الاخرين للتخلص من نفاياتهم على هذه الارض المضطربة باذن مسبق او بدونه فى احيان كثيرة ودونك ما يحدث على السواحل الصومالية فالدول المضطربة وحدها هى من تتلقى تلك الضربات الموجعة وما لم تستقر الامور فى بلادنا بطى صفحات الحروب العبثية باى ثمن وان كان ذلك على حساب مزيد من الانكماش لجغرافيتهافلا باس فالعيش فى غرفة وبرنده مستقرتين خير من العيش فى حوش كبير مضطرب يموج بالصراع والمشاكل كما ان الخطر لا ينحصر فى النفايات المشعة فحسب وان كانت الاخطر على مستقبل الوجود البشرى نفسه حاضره ومستقبله فهناك مخاطر الهجرات الى السودان والتغير الديوغرافى والتغير المناخى وجميعها لا يمكن مواجهتها الا فى اجواء سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية وادارية مستقرة وبالله التوفيق .

  2. وكمان ما تنسوا مقبرة المبيدات في مدينة الحصاحيصا. ففي نهاية التمانينيات الماضية حدثت أخطر كارثة تلوث في السودان ويمكن في كل القارة الإفريقية سببها الإهمال في موقع مخازن مبيدات حشرات خاص بمشروع الجزيرة في محطة (قرشي) الواقعة شمال الحصاحيصا بكيلومترات قليلة يمكن مشيها على الأرجل. بسبب سوء التخزين انتشرت على الأرض مواد سامة تحتوي على مادتي( دي.تي. تي تي) ومبيد (الإندوسلفان) وهما مواد محرمة لاحتوائها على على ترسبات مسببة لسرطان الدم، إدارة مشروع الجزيرة تركت براميل المبيدات المعبأة مهملة تحت أشعة الشمس والأمطار مما عرضها للتلف والصدأ وبعدها قامت إدارة مشروع الجزيرة بتفريغ البراميل على الأرض ولما صدرت منها الروائح الكريهة الغير محتملة غطتها بالتراب وبوسائل تانية غير عملية وبالطبع تسربت المواد السامة إلى المياه الجوفية التي يشرب من آبارها ناس المنطقة، وعند هطول المطار تتجه المياه عادة بما تحتويه مما فوق سطح الأرض إلى النيل الأزرق وتنتقل مع التيار إلى أماكن أبعد. وكالعادة لم يتم الاعلان عن الكارثة لأن الضحايا هم أهلنا الغبش الغلابة والمساكين ولم تتم متابعة أو مسآلة أحد. والأسواء تم منع أية جهة متخصصة أو مهتمة من الاقتراب أو التعامل مع الكارثة والنتيجة ارتفاع معدلات الاصابة بالسرطان، ويبدو أن المقصود إبادة الناس في كل البلد بطرق مختلفة ومتنوعة فمن لم يقتله الرصاص والقنابل (رجالة وحمرة عين) يموت بدفن حاويات الموت المستورد وبراميل المواد المسرطنة في أرضة ومن سلم من كل ده يموت كمد وغم وهم وكبت وحقاره.

  3. ما فائدة هذا المقال دون ان تتبعه اجراءآت من المسؤلين وخاصة نواب هذه المناطق . يجب تكليف شركة خاصة اجنبية فى اكتشاف مثل هذه الأشعاعات وان تقوم برفع تقريرها للمسؤلين والشعب .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..