تجربة الشعراء الشباب.. نجاحات وإبداعات تتجاوز التهميش “1-2” الجاي بكرة إن شاء الله خير

الخرطوم – محمد عبد الحفيظ الرفاعي
التشابه الأدائي كما يقول النقاد، والسترة التي هي على مقاس واحد ولون واحد ترتديها على استحياء أحرف شعراء هذا الجيل من الشباب، وأبرز ما عابه الناس عليهم وظلت خصما ليس بالسهل يواجه في كثير من الأحيان تجارب عديدة تحتاج فقط للقليل من (الحبك) والإجادة حتى تخرج للناس في ثوب قشيب، ربما لا يقل أناقة عن تلك التجارب التي ظلت تمارس فضيلة الإبداع والإمتاع لأزمان بعيدة ووجدت لنفسها المساحة.
لكننا نجد في الإطار نفسه أيضاً إتجاهات كثيرة اتفقت على عدم تأثير الشعراء الشباب في الساحة الآن، كما لا يفوتنا أن ندرج في هذه المساحة ذلك التصريح الذي أدلى به الشاعر الكبير كامل عبد الماجد صاحب التجربة الوقورة والحرف الأنيق ودياره التي بناها في العيون من (مودة) ومن (منى) الذي قال فيه: “لا أعرف أحدا من الشعراء الشباب”، هذا التصريح الذي مر من دون أن يقف عنده الكثيرون، كما أردنا من خلال هذه المساحة الوقوف على الحياد في أمر من المؤكد أنه سيكون له تأثيره الكبير في المدى البعيد علاوة على التأثير الآني في الحركة الثقافية والإبداعية، عموما في السودان مهما اختلفت وجهات النظر أو تقاربت حوله.
منابر خاصة
ربما ما يجده الشعراء الشباب الآن من فرص للظهور ومنابر كثيرة كانت غائبة، وهي متاحة لهم حالياً لإبراز مقدراتهم وإثبات الذات لم تتوافر لكبار الشعراء في أزمان عديدة مضت، لذلك تأتي بين الفينة والأخرى المقارنات، ومثل هذه التصريحات التي تضعف من ما يقدمونه من منتوج إبداعي نظير ما يجدوه، فالفضائيات والإذاعات الخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي أضحت الآن منابر الدخول إليها لا يتطلب ذلك العناء الكبير، بل إننا نجد أن (السوشال ميديا) أصبحت تخرج كل يوم شاعرا جديدا وتزفه عريسا لها، وسط تعليقات ربما لها علاقة بالواقع الذي نعيشه وربما لا، لكن الملاحظ أن حجم التأثير الذي يتركه شعراء الأسافير هؤلاء دائما ما يبقى حبيسا في أسافيره، إلا في حالات نادرة وإستثنائية كان للموهبة الفذة لأصحابها الدور الكبير في الخروج بها من ذلك الحيز لآذان المتلقي وعين القارئ البعيد من وسائل التواصل الاجتماعي مثل الشاعر الشاب (فيصل خليفة) الذي استطاع الخروج بتجربته من المحيط الإسفيري لبراحات أوسع رغم إقراره ببزوغ موهبته في ذلك المحيط، بل ذكر ذلك في إحدى قصائده التي سماها (أنا إسفيري).
نجاحات مشرقة
لعل النجاحات التي ظل يحققها الشعراء الشباب من فترة لأخرى – على قلتها – تمثل واحدة من الإشراقات المهمة التي تعضد من فكرة أن مستقبل الشعر في أرض النيلين بخير، وأن ما يطفو على السطح الآن من مخاوف لا يعدو أكثر من كونه جرس إنذار ودفعة للإجادة والسير بخطى واثقة لا تعرف التعثر، ومن هذه النجاحات على سبيل المثال لا الحصر مثلا البرنامج الرمضاني الشهير (ريحة البن) الذي قبل أن يرفد الساحة بأسماء سيكون لها شأنها في قادم المواعيد استطاع أن يغير كثيرا من مفاهيم المتلقي البسيط الذي كان يرى أن الشاعر لوحده مهما تبدت فحولته، لا يمكن له أن يكون ضيفا على الشاشات من غير أن يرافقه فنان أو أكثر، بل وضع البرنامج الذي يقدمه الشاعر المتمكن (محمود الجيلي) لبنة يمكن البناء عليها لأجيال قادمة، ومن الأشياء التي تضاف لنجاحات هذا الجيل من الشعراء أوبريت (عشان بلدنا) ذلك العمل الضخم والكبير الذي صاغ كلماته الشاعر الشاب (أحمد البلال فضل المولى) متجولا في ربوع السودان بحرفه الثر كما قام بتلحينه أيضا في خطوة تعد بمثابة القفز بالزانة في جانب الأغنية الوطنية التي لازم سوقها كساد استمر زمنا طويلا أعاد للأذهان روائع الأغنيات الوطنية الخالدة، كذلك نجد النجاحات الفريدة المتمثلة في إصدار الدواوين واحد من بين هذه الإشراقات.
أسماء قادمة
سنة القلم اتكسر تاريخا هسه..
والمحابر ناشفة ذاكرتا أو بتنسى
والتعابير حايمة حتة تمسى ترسى..
داير أدس فشل القصايد إلا مافي عليك مدسه
يا بلد معليش لأننا مافي واحد فينا حس ّ
يا بلد معليش لأنك.. لسة جرحك نازي لسة
عزام عبد العاطي
المتابع للساحة والمشهد الثقافي بشكل عام يجد أن هناك أسماءً كثيرة من الشعراء الشباب حتى وإن لم يجدوا حظهم من الشهرة والإعلام، فإن بحوزتهم الكثير جدا ليقدموه، والشاهد على ذلك تلك النجاحات التي تحدثنا عن بعضها آنفا والنجاحات الفردية للبعض منهم كالدواوين مثلا، عطفا على أن حواء (الشعر) في السودان لا تزال ولوداً، ومن هؤلاء الذين يمكن لهم أن يشكلوا الإضافة لما يمتلكوه من موهبة وإمكانيات ثرة، على سبيل المثال لا الحصر (معز عوض أبو القاسم) (مناهل إسماعيل مون) (فيصل خليفة) (تنزيل بابكر) (حسام عباس) (نمارق سر الختم) (محمد سليمان بحر) (محمد عبد الماجد) (عمر مصطفى أبو منة) (زنكلوني) (محمد محمود المظلي) وغيرهم، إلا أن الذائقة ربما تختلف لكن تبقى البصمة موجودة في هذا الجيل حتى وإن تباينت الآراء وطرق وصول ما يكتبون للمتلقي، وحتى شكل النقد المترتب على هذا المنتوج باختلاف القياسات الأدبية والنقدية
اليوم التالي