لماذا لا يعترف القانون بإثبات النسب عبر الـ”دي إن إيه” في حالات الأطفال مجهولي الأبوين

الخرطوم – نمارق ضو البيت
مأزق حقيقي يتحتم على عشرات الأطفال مجهولي النسب أن تنزلق إليه حيواتهم، ما يضطر أمهاتهم للتخلي عنهم ربما في بعض الأحيان، بعد أن تخلى عنهم في المفتتح آباء هؤلاء الضحايا؛ تهرباً من المسؤولية، غير مكترثين لما سيُصيبهم من أذىً نفسي وجسديّ؛ هذا إن ظلوا على قيد الحياة ولم تلتهمهم الكلاب والقطط في مكبات النفايات، أما من أنقذتهم رحمة الله؛ فلا يتطلعون إلى أكثر من حياة كريمة خالية من التجريح جراء جرم لم يرتكبوه.. حياة لا تشوبها نظرات الشفقة والحزن من قبل فاعلي الخير أسىً على حالهم.. لا يطلبون سوى حقهم في العيش بمنتهى الإنسانية، وبلا وصمة. ولأن هذا الحق انتزع منهم بلا حول منهم ولا قوة، فأنهم يناضلون من أجل أن ينتزعوا هذا الاحترام بموجب القانون، طارحين أسئلة مفادها لماذا لا يعترف القانون بإثبات النسب عبر الـ(دي إن إيه) في حالات الأطفال مجهولي الأبوين؟ رغم أن العلم أثبت أن تطابق الحمض النووي دليل قاطع بنسبة مئة في المائة، أم لأنه أنجب خارج العلاقة الشرعية فلا يحق له المطالبة بحقه؟ وهل يتعارض الشرع مع العلم؟ أم أنها محض قوانين تنظيمية لا علاقة لها بتوافق العلم مع الدين؟ ومن الذي سيضمن للأطفال مجهولي النسب حقهم في هذه الحياة، داخل مجتمع ربما كان يرفض حتى مجرد مناقشة أمر تواجدهم في العلن؟
قاد مجموعة من الشباب الذين تعرضوا لتجربة الحرمان من الرعاية الوالدية؛ أو كما يُطلق عليهم مجتمعيًا (مجهولي الأبوين)، مبادرة لضمان حق الأطفال الذين ولدوا خارج نطاق الزوجية الشرعية ليحظوا ببعض التقييم الاجتماعي، وذلك بإثبات نسبهم وانتمائهم لآبائهم البايولوجيين، فيصبح لهم أب وأم معلومي الأصل، كي لا يقعوا ضحية ظلم مجتمعي بسبب جُرم لم يرتكبوه، تترتب عليه الإهانات والنعت بجارح الالفاظ وأكثرها إيلاماً؛ لنُكران آبائهم لهم وتهربهم من تحمل مسؤولية بنوتهم.
حسناً المكان هو مقر (منظمة شمعة)، والزمان يمكن أن يكون اليوم، وقابل لأن يمتد إلى كل يوم حتى تُحل قضية مجهولي الأبوين، حيث تحاول المنظمة ضمان مأوىً مؤقت قبل أن ينتقلوا لمرحلة البحث عن الأب الحقيقي للطفل؛ وإقناعه بالاعتراف به، وإلى ذلك الحين تعمل المنظمة على إيجاد بيئة صحية لإنجابه. تقول نور حسين السيوطي، مدير عام منظمة شمعة: كنت في يوم ما أحد هؤلاء الأطفال الذين يعيشون في دور الأطفال مجهولي الأبوين، لذا أعرف تماماً ما تعنيه كلمة أسرة، أب، أم. لست وحدي التي تعمل على مشروع لم شمل هؤلاء الصغار بأسرهم البايلوجية، فمعي الكثيرون، وبالفعل نجحنا في لم شمل أكثر من 300 أسرة حتى الآن، لكن يواجهنا مأزق نكران بعض الآباء لأبنائهم، لذا نطالب تفعيل الـ(DNA) حتى لا يضيع حق هؤلاء الصغار.
ومن ناحيته قال المحامي عمرو كمال خليل إن هؤلاء الأطفال يقعون في مأزق إثبات النسب، الذي تتعقد تفاصيله ومسيرة حله، وجاء المشرع في القانون السوداني لإثبات النسب بالإثبات المختلط والإثبات المقيد والحر، والمقيد يعني عبر طرق محددة سماها بعينها مثل الشهادة والإقرار واليمين الحاسمة، أما الحر فهي أشكال لم يسمها مثل قرائن ووسائل مجملة سمى بعضها مثل: قصاص الأثر، وترك المشرع الباب مفتوحاً في هذه الفقرة، ما يجعلنا نعتبر الـDNA -والحديث مازال على لسان عمرو- إحدى قرائن الإثبات غير المباشر، ويواصل كمال بالقول: أتى المشرع في قانون الأحوال الشخصية بصورة محددة لإثبات النسب في المادة 96، وهي على سبيل الحصر؛ الفراش أولاً ويُقصد به فراش الزوجية الصحيحة، والإقرار وهو اعتراف الشخص بمسؤوليته وثبات نسب الطفل له، ولا يُعتمد إقرار الزوجة إلا بتصديق الزوج، والشهادة وهنا تعني شهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة. وكذلك الشهرة والتسامح. ويسترسل عمرو بالقول: لم يدرج المشرع الحمض النووي في إثبات النسب لاعتباره إجراءً غير مباشر، وكذلك لكونه مفهوماً حديثاً لم يدرجه المشرع السوداني في القانون، رغم أن العالم وفي كثير من الدول اتجه إلى مواكبة المستجدات العلمية والعملية، فقد اعتمدت تونس والمغرب الزواج المدني إلى جانب الـDNA رغم أنه لم يكن من أصول التشريع الاسلامي، واستطرد عمرو: ومع أن قانون الأحوال الشخصية مأخوذ من آراء مذهبية مختلفة، تتعارض مع بعضها البعض في كثير من المسائل، وبما أن الحمض النووي أثبت جدواه في حسم الكثير من الجرائم الجنائية مثل القتل وغيرها، فما الضير من استخدامه لحسم قضايا النسب؟ فمن الأجدى تطوير القانون لإدخال الحمض النووي فيه، كما يقول محدثي لأن السودان صادق على المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، والتي تضمنت على اعتماد المركز القانوني للشخص كحق قانوني أصيل لكل إنسان، ولا يمكن أن يتم هذا الاحترام للفرد دون أن يكون له اسم أو نسب، وإثبات النسب من القضايا التي يكثر فيها الجدل مجتمعياً ويقل رسمياً

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. نضم صوتنا الى صوت هؤلاء … حتى نمنع ظاهرة الاطفال فاقدى السند من الانتشار … نعم .. لو فى تطبيق البصمة الوراثية انقاذ لحياة طفل ليس له اى ذنب بما اقترفه والداه … لما لا … ننادى بتطبيق البصمة الوراثية و ان يتم العمل بها فى اسرع وقت … يكفى ما نهشته الكلاب و القطط من اطفال لا حول لهم و لا قوة …. يكفى التقاط اطفال من مكب النفايات بعد ان لفظتهم امهاتهم بدون رحمة خوفا من الاثر الاجتماعى … ننادى بتطبيق البصمة الوراثية فى اقرب وقت … اين برلماننا الموقر عليه ان يناقش هذه القضية فى جلساته …

  2. يا أخت نمارق عندك الضحيه وهو لقيط المايقوما ممكن تشيلى منه عينه بسهوله…أها الجزء التانى من بيت القصيده تلمى فيهو وين عشان تطابقى هذه الصمه الوراثيه…بمعنى آخر قصاد كل طفل هل عندك متهم معين؟؟

    السودان فقير جدا فى هذه التقنيه ويفتقر ايضا لخبراء فى هذا المجال..وحتى من متابعتى لمتابعة وتحليل الادله الجنائيه للجرائم فى السودان كلها لا تخضع لمنطق علمى.
    معمل الادله الجنائيه Forensic Evidence مؤسسه علميه قائمه بذاتها تشمل كل التخصصات وليس لها علاقه بوزارة الداخليه كما هو الحال عندنا فى السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..