رحـلـة إلـى أعـمـاق منتجــع «جبــل الســت» بأركــويـت

أركويت: هنادي النور أشارت عقارب الساعة الى التاسعة مساءً وعندما كنا نتأهب الى التحرك من صالة كبار الزوار بمطار مدينة بورتسودان فور وصولنا متجهين صوب مدينة أركويت في رحلة كما علمنا من منسق الزيارة تستغرق بالبص السياحي حوالى الساعتين ونصف الساعة من المطار، وذلك ضمن وفد كبير يتقدمه والي الولاية على احمد حامد ووزير السياحة والآثار محمد ابو زيد، و «14» من وزراء السياحة بالولايات المختلفة في ظل غياب ولاية الخرطوم والجزيرة ووسط وغرب دارفور لأسباب مختلفة عن المشاركة في الملتقى، الى جانب «16» من مديري السياحة وعدد من الاعلاميين والتنفيذيين بولاية البحر الأحمر، للمشاركة في ملتقى وزراء ومديري السياحة لولايات السودان الذي انعقد تحت شعار «نحو شراكة فاعلة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية» الذي احتضنه «منتجع جبل الست بأركويت بمحلية سنكات» وهو من المناطق السياحية النادرة بالولاية. أهمية قطاع السياحة تعد السياحة قطاعاً اقتصادياً مهماً في اقتصاديات معظم الدول، وتساهم بفعالية متزايدة في الناتج الإجمالي لتلك الدول باستقطاب موارد بالعملة الاجنبية، بجانب دورها في تنمية الموارد الوطنية وتوفير فرص العمل وتحسين اوضاع المجتمعات بالمناطق السياحية والاثرية، كما تعتبر السياحة واحداً من اهم مصادر الدخل لدى الكثير من الدول حتى تلك التي لا تحظى بمقومات طبيعية، الا انها استطاعت تهيئة بيئة مجالات السياحة بها، وانها تعتبر فوق ذلك سياحة مصنوعة وليست طبيعية، والفرق شاسع بين هذا وذاك. وفي السودان رغم توفر الموارد الطبيعية والبيئية التي حبانا بها الله وتوافر المناطق السياحية والمناطق الأثرية والتاريخية متعددة الاوجه والمعاني، الا ان قطاع السياحة فيه ظل يعاني الاهمال خلال الفترات السابقة، ويواجه بعدة مشكلات وعقبات وتحديات على الرغم من وجود وتوافر كل ميزات الجذب السياحي التي تجعل السودان في مقدمة الدول في هذا المجال، لذلك ظل هذا القطاع لفترات طويلة بعيداً عن المساهمة في الناتج القومي بصورة واضحة ومباشرة رغم المحفزات التي وضعتها الدولة لتسهيل وتشجيع النشاط الاستثماري فى هذا المجال، حيث ظل القطاع يواجه بكثير من العقبات والمعيقات والتحديات التي ظلت تحجم دوره كمساهم رئيس فى الدخل القومي، بسبب ضعف البنية التحية المطلوبة في البلاد، وصعوبة وتعقيدات الاجراءات في منح التأشيرة للسائح والترويج العلمي للسياحة خارجياً، وتباين وعي ثقافة المجتمعات بأهمية السياحة وقبول السائح كمصدر خير لهم وللبلاد، فالقطاع وعقب المشكلات التي ظلت تواجه القطاعات التي تعتمد عليها البلاد فى مجالات الذهب والبترول والزراعة، يجب ان تتاح له الفرصة واسعة ليلعب دوره عاجلاً غير آجل فى رفد الخزانة العامة بموارد حرة والاتفاق بين كافة الاطراف ذات الصلة منذ دخول السائح وحتى خروجه حاملاً انطباعاً إيجابيا للسياحة بالسودان ليكون وسيلة إضافية للترويج الخارجي غير المكلف، ولن يأتي بذلك الا من خلال الاهتمام بالقطاع وتوفير متطلباته وجعله من اولويات الدولة في تقديم الدعم له، وازالة التقاطعات بين المركز والولايات والمعيقات الكثيرة التي تواجه العمل السياحي، لجهة ان السياحة هي أفكار متجددة تسهم في ابراز حضارة السودان بشكل متميز، والتعريف بموارده السياحية الطبيعية، مع التأكيد على ان السياحة ليست مهمة وزارة السياحة فقط، بل هي تعاون كل الوزارات والمؤسسات العامة والاجهزة الامنية والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، وننوه هنا بأن تقديرات عائد دخول مليوني سائح فقط لكل انحاء السودان وهو العدد المستهدف من خلال توصيات الملتقى تتجاوز «6» مليارات دولار. المقومات السياحية بمصيف أركويت تقع مدينة اركويت شرقي السودان في ولاية البحر الاحمر على بعد سبعة وعشرين ميلاً جنوب غرب مدينة بورتسودان، وعلى بعد عشرين ميلاً شرق مدينة سنكات، ويربطها بالطريق القومي طريق عند محطة صمد، اما من سواكن فتربطها عقبة كلكلاييت وهضبة اركويت وهذه يتراوح ارتفاعها بين «1000» و «1200» متر فوق سطح البحر، ويصل معدل سقوط الامطار فيها إلى «200» ملم خلال الفترة من نوفمبر الى مارس، وتعتبر من ابرد المناطق بالولاية، ويوجد بها ضريح الامير عثمان دقنة، كما تمتاز بالنباتات الجبلية واشجار الصبار النادرة، كما يوجد بها الكثير من المبانى الحجرية الجميلة، منها مباني فندق اركويت الشهير ومنتجع جبل الست ومبنى القضائية، وتزخر بالعديد من المقومات السياحية من فنادق ومنتجعات ومتنزهات. وزير السياحة واعتبر وزير السياحة والآثار والحياة البرية محمد ابو زيد حقيقة ان الملتقى ناجح، وذلك لأن التمثيل والمشاركة فيه بحضور الوزراء ومديري السياحة من «14» وزيراً ولائياً من مجموع «18» ولاية، بغياب الخرطوم والجزيرة ووسط وغرب دارفور لاسباب مختلفة، وكل له سببه الخاص، والمديرون لم يتخلف منهم سوى اثنين فقط من ولاية الجزيرة وغرب دارفور لأسباب مختلفة، مبيناً ان الملتقى صوب نحو القضايا المباشرة بمجموعة من التوصيات اهمها الارض والمواصفات للمنشأة والاعباء الضريبية، وبالنسبة للسائح ايضا ناقش مسألة التأشيرة والرسوم وحركة السائح وتأمينه، والأمر الثالث في ما يتعلق بالترويج السياحي خاصة الخارجي، كاشفاً عن اتجاه الوزارة نحو إشراك البعثات الدبلوماسية بالخارج والجاليات السودانية فى عملية الترويج للسياحة بالسودان، لافتاً الى ضرورة التأهيل والتدريب، مبيناً حاجة الوزارة الى عدد كبير من الكوادر المدربة فى مسألة الترويج السياحي، قائلاً ان المرشد السياحي يحتاج الى ذخيرة من المعلومات حول امكانات السودان السياحية، مقراً في ذات الوقت بوجود تحديات تواجه السياحة، قائلاً انها ليست سهلة وليست مستحيلة، واجملها في الاعباء الضريبية والبيروقراطية وصعوبة الحصول على تأشيرة دخول للبلاد، واستدرك أبو زيد قائلاً إننا بالتنسيق والتقاء الإرادات نستطيع ان نتجاوز الصعاب ونصل الى غايتنا، لافتاً الى اشكالات قلة المواعين الإيوائية مطالباً الولايات بتوفيرها. وفي رده حول سؤال «الإنتباهة» حول أن هنالك نقصاً حاداً في اعداد شرطة السياحة وكذلك موقع الوزارة الالكتروني، فهو موقع فقير بالمعلومات ولا يشجع على التصفح، ولم يتم تعديله منذ سنوات، قال: بالنسبة للموقع الالكتروني نفسه لتتم المصادقة عليه اخذ منا زمناً طويلاً، وطبعاً بعد الغاء الموقع السابق، حيث تم إنشاء موقع جديد بالاتفاق مع شركة متخصصة، ولكن اخذت هذة المسألة فترة طويلة مع وزارة الاتصالات، لأن هناك اجراءات تأمينية لا بد منها حتى لا يحدث اي نوع من السرقة او تزييف وتشويه المعلومات. والي البحر الأحمر تحدث والي ولاية البحر الاحمر علي حامد عن منطقة اركويت قائلاً: سميت عليها أحياء كثيرة في الخرطوم وغيرها تيمناً بهذه المنطقة، واستدرك بالقول ان الملتقى يهدف الى وضع رؤية مشتركة للاستفادة من المقومات السياحية، متسائلاً: ما هي المعيقات وكيفية تجاوزها. واردف قائلاً: خطتنا في كيفية اعداد المنطقة لاستقبال نشاط كبير وهي مهمة شاقة لجهة ان هنالك آراء كثيرة من المجتمع والمؤسسات الرسمية بعدم جدوى السياحة، واعتبرها مشكلة حقيقية، وأضاف ان السودان لا يحتاج الى بترول وانما للزراعة والسياحة، مشدداً على ضرورة تبسيط الإجراءات وتجاوز العقبات للنهوض بهذا القطاع. ولاية شرق دارفور فيما اوضح وزير البيئة والسياحة بولاية غرب دارفور حمزة عباس خليل، اهمية الملتقى في التشاور من اجل تنشيط العملية الاستثمارية كواحد من الروافد التي يمكن ان تجلب عملة صعبة، وبالتالي تكون بديلاً حقيقياً لما فقدناه من الموارد البترولية، واشار الى ان هناك مقومات كثيرة في السودان لا توجد في دول اخرى، معدداً الميزات السياحية بالولاية قائلاً انها كثيرة وتحتاج الى ترميم وابراز الخريطة الاستثمارية، خاصة ان الولاية بها صحارى وجبال ومحمية وادى هور ومنطقة جبل مرة وكتم وكبكابية، وايضاً الفاشر تتمتع بآثار سلاطين الفور، والدليل على ذلك استضافتها بطولة سيكافا. وعن التحديات التي تواجهها، قال ان الولاية خرجت من الحرب الى اللاحرب ومن اللاامن الى الأمن، وهذان التحديان يحتاجان الى تحدي الاستثمار، ولا بد من تضافر الجهود لمعالجة الخلل الأمني. ولاية البحر الأحمر وقال وزير البيئة والسياحة بولاية البحر الاحمر صالح صلاح صالح ان العائد من السياحة لا يضاهي البترول ولا الذهب ولا غيره ولا ثروة حيوانية، وان استضافة الولاية للملتقى لمناقشة كيفية تطوير السياحة، خاصة انها من المورد المهمة والمتجددة، وهي الحل لكل مشكلات السودان الاقتصادية والاجتماعية، خاصة ان السودان يواجه كثيراً من المشكلات منها الحظر اقتصادي وغيره، ولكن السائح حينما يتحرك من منطقة لمنطقة لن يلتزم بأي حظر، ولذلك فكرنا فى استقطاب السياح من خلال تهيئة اماكن سياحية بولاية البحر الأحمر حتى نستقطب سياح الداخل والخارج، خاصة ان هنالك سياحاً سودانيين بأعداد كبيرة يذهبون لدول الجوار مثل مصر وإريتريا، وفى الولاية اعددنا الفنادق والمنتجعات وكل متطلبات السائح حتى اصبحت الولاية قبلة للسياح، ولفت صالح الى ان الملتقى ناقش التحديات التي أجملها في القوانين والتشريعات والتضاربات والتقاطعات بين المركز والولايات، وايضاً فى حالة دخول السائح وحركته وتنقلاته، مؤكداً اتجاههم لمعالجة الكثير منها مثل تسهيل اجراءات الفيزا لأول مرة بالسودان، والسائح الذي يأتي لنا من كل بقاع العالم فقط عليه ان يتصل بشركة السياحة فى الولاية، والشركة تأتي لنا بخطاب فى وزارة السياحة، ونوجه الجوازات لاعطائه الفيزا كاوتر، وخلال «24» ساعة يتسلم السائح الفيزا، حيث كانت اكبر مشكلة وتغلبنا عليها، داعياً كل الولايات إلى أن تحذو حذو مدينة بورتسودان، وقال إن آخر إحصائية للولاية لعدد السياح بلغت «5» آلاف سائح اجنبي من السياح الروس غير السياح من الآخرين، ونستهدف رفع هذا العدد إلى «100» ألف سائح. الولاية الشمالية وتوقع وزير السياحة بالولاية الشمالية جعفر عبد المجيد، ان يخرج هذا الملتقى بتأسيس البنيات التحتية في المقاصد السياحية في الولايات والتوافق على القوانين واللوائح التي تخدم السياحة، بالاضافة للخروج بتخفيض الجبايات على مؤسسات السياحة المختلفة لأنها ترفع اسعار الخدمة، بالتالي لا نستطيع ان ننافس، وقال: إن هناك شكالية تتعلق بالقدوم السياحي للسودان واجراءات التأشيرة وحركة السائح داخل السودان، ونود ايضاً ان نخرج بمواءمة ونظام يوفق بين الامن الوطني وزيادة القدوم السياحي للسودان وما تم اتخاذه من قرارات العام الماضي، ومشاركاتنا الخارجية في الاعوام الماضية زادت نسبة القدوم السياحي بنسبة 7%، وعدد السياح عام 2015م وصل الى «740» الف سائح محققاً ايرادات في حدود «930» مليون دولار، وهذا لا يرضي تطلعاتنا، ولدينا بشريات ومؤشرات للخطة الخمسية حتى عام 2020م بمبررات ومسوغات ايجابية، وبعض الولايات نشطة الآن وبعضها يظل في مرحلة السياحة الكامنة واخرى في مرحلة خريطة الطريق، وبعض الولايات لا نستطيع ان نتقدم فيها بخطوات واسعة في مجال السياحة خاصة التي تمر بظروف امنية، وبعضها توفرت فيها بنيات تحتية معقولة نستطيع ان نتحرك فيها بصورة نشطة، واخرى تعتمد على ولايات مجاورة، وهذه تسمى ولايات كامنة، وعليه لا نستطيع ان نقول اننا في حالة الرضاء بالنسبة للقدوم السياحي، لكن نستطيع ان نقفز بخطوات ثابتة ومرضية. والنشاط الذي تم في الترويج السياحي في الربع الاول من العام في «4» معارض رئيسة نتوقع ان تكون له نتائج ايجابية في الموسم السياحي الذي يبدأ في شهر سبتمبر من كل عام. وفي اشارة الى التحديات التي تواجه الولاية قال جعفر ان مواقع التعدين الاهلي واحدة اكبر من القضايا، وذلك في ما يتعلق بكيفية حماية الآثار من التعدي من قبل المعدنين، واعتقادهم بصورة جازمة ان الذهب موجود في مواقع الآثار مما يحعلهم يتجهون كثيراً الى مواقع الآثار في الولاية، وقال: سنقود حملة توعوية بالاضافة الى بعض الاجراءات في القوانين واللوائح التي تنظم هذا العمل بالتنسيق مع وزارة المعادن الاتحادية، واصلاً القوانين واللوائح موجودة لكن نريد أن نفعلها بصورة اكبر، كاشفاً في الوقت ذاته عن ضبطية في هذه المواقع من بعض الذين حاولوا الاعتداء على هذه الآثار. وفي فترة قريبة جداً اقل من شهر كان هناك بعض الآثار المعروضة للبيع باكثر من مليوني جنيه، وقبلها كانت هناك قطعة اثرية بحوالى مليون ونصف المليون دولار عرضت على الذين يتاجرون في الآثار. من المحررة ما بين الدهشة والإعجاب بالرحلة في تلك المناطق الجبلية خاصة مدينة اركويت التي تعيش اجواءً باردة رغم ارتفاع درجات الحرارة في معظم ولايات السودان الاخرى، الا ان منتجع «جبل الست» كان له القدح المعلى في اعجاب الوفد الذي وجد فيها اجواءً طبيعية وابتعد عن المكيفات، وتنقل الوفد داخل المنطقة وقام بزيارة ضريج الأمير عثمان دقنة، ولفت اسم المنتجع نظر الجميع، وحسب الروايات انه سمي على زوجة الحاكم الانجليزي، وبالرغم من الجمال الذي تميزت به المنطقة في مبانيها خاصة الفنادق، الا ان السياحة تحتاج الى مزيد من الخدمات الأساسية من بنى تحتية ومياه وكهرباء لتستطيع حذب الزوار والسياح الأجانب لعكس صورة مشرقة ومشرفة للبلاد، فالسائح الاجنبي لا يهتم بالمباني الضخمة بقدر ما يحتاح الى الخدمات التى تمكنه من الإقامة والتمتع بالمناظر الطبيعية والتراث.

الانتباهة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..