النهضة تقر التحول الى حزب وطني بمرجعية اسلامية

صحيفة تونسية تتساءل هل تريد الحركة الاسلامية دمقرطة الاسلام أم أسلمة الديمقراطية، وسط شكوك في التزامها بفصل السياسي عن الديني.

ميدل ايست أونلاين

الحمامات (تونس) – اقرت حركة النهضة الاسلامية في تونس الاحد خلال مؤتمرها العاشر الفصل بين نشاطاتها الدينية والسياسية، بهدف التأقلم مع التطورات الجارية في هذا البلد الذي لا يزال بمنأى عن النزاعات الدامية التي ضربت بقية دول الربيع العربي.

الا ان كلام راشد الغنوشي الزعيم التاريخي لحركة النهضة عن “الخروج من الاسلام السياسي” يثير شكوك العديد من الاطراف في تونس، فقد اقر المؤتمر العاشر للحركة الاحد هذا الفصل بين السياسي والديني خلال اجتماعه في احد فنادق مدينة الحمامات الواقعة على بعد حوالى ستين كيلومترا جنوب تونس.

وقال رفيق عبد السلام وزير الخارجية السابق وصهر الغنوشي “ان مصطلح الاسلام السياسي غامض وملتبس ولا احد يعطي تعريفا دقيقا له”، مضيفا “لم يعد هناك حاجة للإسلام السياسي الاحتجاجي في مواجهة الدولة، نحن الان في مرحلة البناء والتأسيس، نحن حزب وطني يعتمد المرجعية الاسلامية ويتجه الى تقديم اجابات اساسية على مشاغل واهتمامات التونسيين في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية”.

وتنظر بقية الاحزاب السياسية في تونس مع وسائل الاعلام باهتمام شديد الى هذا التحول، وتتساءل عن مداه الفعلي وتأثيره السياسي في البلاد.

وتساءلت صحيفة “لابرس” الناطقة بالفرنسية في عددها الاحد “هل تريد حركة النهضة دمقرطة الاسلام او اسلمة الديمقراطية؟”. في حين تساءلت صحيفة “الشروق” الصادرة بالعربية ما اذا كانت هذه الوعود “ستبقى كلمات في الهواء”.

ويتلاءم هذا التغيير في مسار حركة النهضة مع اقتناعات غالبية الشعب التونسي، اذ افاد استطلاع اخير للراي بأن 73 بالمئة منهم يؤيدون “الفصل بين الدين والسياسة”. واجرت مؤسسة سيغما التونسية هذا الاستطلاع بالتعاون مع المرصد العربي للديانات والحريات ومؤسسة كونراد اديناور.

وكان الغنوشي البالغ الرابعة والسبعين قد شرح في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية قبل ايام ان حزبه يريد القيام بنشاط سياسي يكون “مستقلا تماما” عن النشاط الديني. وقال “نخرج من الاسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المسلمة”.

وهذا التغيير الذي استغرق الاعداد له سنوات، اعتبره المسؤولون عن الحركة نتيجة لتجربتها في السلطة ولعبور تونس من الديكتاتورية الى الديمقراطية.

وبعد ان كانت حركة النهضة عرضة لقمع شديد خلال حكم زين العابدين بن علي، خرجت منتصرة من اول انتخابات ديمقراطية جرت بعد ثورة عام 2011. لكنها وبعد ان امضت سنتين في غاية الصعوبة في الحكم قررت التنحي وسط ازمة سياسية خانقة ضربت البلاد.

وفي نهاية العام 2014 جرت الانتخابات التشريعية وحلت النهضة ثانية بعد حزب نداء تونس بقيادة الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي.

وقررت الحركة الدخول في ائتلاف حكومي مع حزب نداء تونس ما اثار جدلا بين قادتها.

حصة المرأة في مجلس الشورى

وناقش المشاركون الـ1200 في المؤتمر حتى ساعة متأخرة من ليل السبت وصباح الاحد الاولويات الواجب اعتمادها في اطار استراتيجية الحركة للتحرك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقال المتحدث باسم المؤتمر اسامة صغير انه تم التصويت بنسبة 80 بالمئة على الفصل بين الدعوي والسياسي.

ويتواصل النقاش حول النظام الداخلي للحزب “لإعادة توزيع توازن السلطة بين قيادات النهضة اليوم”، بحسب ما قالت النائبة سيدة الونيسي.

كما يتم نقاش اقتراح يقضي بفرض حصة الزامية للنساء داخل مجلس الشورى تكون بنسبة 10 بالمئة. ويعتبر البعض هذه النسبة قليلة جدا، وفق ما اوضحت الونيسي.

ومن المقرر ان ينتخب المندوبون رئيسا للنهضة، سيكون راشد الغنوشي نفسه على الارجح اضافة الى عدد من اعضاء مجلس الشورى.

وكان مؤتمر الحركة افتتح الجمعة في ضواحي مدينة تونس بحضور الاف الاشخاص وبينهم رئيس البلاد الباجي قائد السيسي، مع العلم ان الاخير وحزبه نداء تونس كانا شنا حملة شرسة على الحركة الاسلامية التي كانا يصفانها بالظلامية ويتهمانها بالتعاطف مع الاسلام الجهادي عندما كانت في السلطة.

ويتعمد الغنوشي وقائد السبسي اظهار تقاربهما ما يثير حساسية قسم من قواعدهما الشعبية.

وقال رئيس البلاد في كلمته “نأمل بأن تتوصلوا خلال اعمالكم الى التأكيد ان النهضة باتت حزبا مدنيا تونسيا شكلا ومضمونا”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..