قراءة ثانية.. جوانب خفية من حياة السر قدور.. أمسية أدبية

الخرطوم – عرفة وداعة الله
ضحكاته المجلجلة وجمال أسلوبه في السرد والحكي جمَّلت نهارات (الخميس) المشمسة، في منصة قاعة مركز طيبة برس جلس الأستاذ السر أحمد قدور متوكئاً على عصاه وإلى جانبه الأديب كمال الجزولي والكاتب الصحفي فيصل محمد صالح.
حضور كبير شهد أمسية تدشين كتاب (قراءة ثانية) للسر قدور، وهي سلسلة مقالات نشرت في صحيفة (الرأي العام)، وفي السياق قال فيصل محمد صالح: السر شاعر وناقد ومؤرخ ومادح ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنه صحفي عمل في شتى ضروب الصحافة بجانب تجربته في السياسة، التي دائماً ما يخفيها، وحينها قاطعه السر قدور بصور جهور “أنا أنصاري وحزب أمة”.
حياة خاصة
ويواصل فيصل: “(قراءة ثانية) يكشف الكثير من حياة السر الخاصة”. ثم قدّم كمال الجزولي ليستعرض الكتاب، حيث قال إنه لم يكمل الكتاب، ولكن مجالسته لقدور برفقة شقيقه إضافة إلى الاستماع إلى حكاياته أضافا له الكثير عن شخصيته ومعرفته. ويرى كمال الجزولي أن المنهج الذي اتبعه السر في الكتابة هو منهج شعبي يعتمد على السرد والقصة، مختلفاً عن الكتابة الأكاديمية والعلمية الجامدة، فهو أثر من آثار التاريخ الشعبي. وأردف: “ليس من الأنصاف القول إن السر سياسي ضل طريقه إلى الأدب ولكن العكس”، ويمكن وصفه بأنه (مؤرخ شعبي). فالسر بإجماع غالبية الحاضرين في قاعة طيبة برس يروي من التاريخ أحداثاً كان حاضرا فيها أو نُقلت إليه روايتها من شاهديها.
كلام في الثقافة
كانت فرصة صاحب (قراءة ثانية) للحديث عن كتابه، وحينما أمسك بالمايكرفون قال مداعباً “أنا أمي قالت لي ما تتكلم إلا قدامك موية وما تأكل إلا قدامك موية”. وبدأ حديثه قائلاً: القراءة الآن في أزمة، الادعاء المتداول بأن الوسائط الإلكترونية سحبت البساط من الكتاب غير صحيح. وأضاف: أدوات التعليم تتمثل في الصحافة والفن والكتاب، فالقراءة الحرة هي أن تبحث عن نفسك بين الحروف وتعبر عن الحاجة الاجتماعية مطلق عليها (الحالة الثقافية الوطنية)، وأيضاً الصحيفة فهي للمعرفة العامة وتوحد كل أنحاء السودان، وكذلك الفن يخلق حالة فنية واحدة، فإهمال أحد الجوانب يمثل حالة خطيرة جداً. وعاب على الناشرين عدم الاهتمام بتوصيل الصحف إلى كل الولايات، قائلاً: في الستينيات بالرغم من تفشي الأمية إلا أن كل 17% من السودانيين يقروأن الصحف والآن تدنت النسبة إلى 2%، وأحياناً تصل إلى 5% بالرغم من تقلص الأمية، لكن تقلص التوزيع، مستشهداً بتجربة الراحل جمال عبدالناصر بمصر.
خواء فكري
يقول السر قدور إن الصحافة بدورها الوطني الرائد جعلت الراحل عبد الناصر ينفذ فكرة قطار الصحافة، بحيث يتجه اتجاه بحري إلى الإسكندرية واتجاه قبلي إلى أسوان. وتحسّر على حال المكتبات العامة بالخرطوم التي فقدت بريقها الذي صنع في القرن الماضي. وأرجع السبب لخواء الكثير من الشباب الذين لا يقرأون. واستطرد السر: لدينا ثروة ثقافية كبيرة ولكن عدم الاهتمام بالأرشيف يؤدي لضياعها، لذلك لابد من الاهتمام بالأرشفة، وذلك عبر الجهات الشعبية أو الرسمية أن تكلف منسوبيها بأرشفة مقالات الكتاب القدامى أمثال عبد الله رجب والسلامابي.
أسطورة حقيقية
الحضور في التدشين وصفوا السر قدور بأنه يمثل (أسطورة على مستوى الوطن العربي) في الأثناء يقول الناقد الفني الزبير سعيد إن عطاء السر قدور لم تتقدّمه الوزارات الثقافية منذ الاستقلال وكتاباته تلامي عصب الواقع السوداني بشكل مباشر، فهي كبسولات معرفية لا تتوفر في الصيدليات. وقال إن الناقد يكشف الجوانب السلبية والإيجابية، ولكن غياب عامل النقد الأدبي هو أحد إشكالات الثقافة
اليوم التالي
أدام الله ثوب الصحة و العافية علي شاعرنا و مؤرخنا الكبير الأستاذ / السر أحمد قدور .