أخبار السودان

بناني : الترابي شكل المرجعية الفكرية والروحية للانقاذ قبل وبعد المفاصلة..الرئيس احكم القبضة علي السلطة للحيلولة بين الحوار ورافضيه

حوار / هاشم عبد الفتاح

كثيرون هم اؤليك الذين قفزوا خارج مركبة الانقاذ وتخلوا عن مشروعها السياسي والاسلامي حينما ارهقتها تجربة السلطة وتقاذفتها الاهوال والعواصف وقست عليها مسيرة البحث عن صيغة راشدة لدولة سودانية ناهضة علي انقاض الحروب والتجارب الفاشلة .
والان ترتسم حالة من التوجس والترقب لما يمكن ان تفضي اليه حركة البحث عن تسوية سودانية خالصة من بين المخرجات التي انتهي اليها محفل الحوار الوطني الذي ينتظره السودانيين بين التفاؤل والتشاؤم , ويعتبر الاستاذ امين بناني احد اؤليك الذين ضاقت بهم مواعين الحزب منذ العام 2000 حينما تخلي عن حافائه في المؤتمر الوطني واتجه الي تاسيس حزبه باسم (العدالة القومي) لكن يبدو ان التجربة الجديدة واجهتها عقبات وتعقيدات جمة عطلت مشروعه .

“الانتباهة” جلست الي الاستاذ بناني بمكتبه ببرج التضامن في شارع البلدية وطرحت عليه حزمة من التساؤلات والقضايا التي اشكلت علي السودانيين في حوارهم الوطني واجهضت مشروع الاسلام السياسي وارهقت الحكام كثيرا في سبيل الحصول علي تسوية سياسية اوشكت ان تكون مستحيلة في ظل تباينات فكرية وسياسية وطموحات قيادات لتيارات ناهضة وزعماء تاريخيين متمترسين في خنادقهم القديمة .
كانالحديث مع الاستاذ بناني اقرب الي التبرير والتحليلات والتدبر والتامل في المشهد العام للحوار الوطني فالرجل ابحر بفكره وتخيلاته في حركة الاسلام في السودان وعلاقتها بالسلطة ولكنه كان قاسيا بعض الشي في توصيفه للمؤتمر الوطني بانه فاقد القدرة والاهلية في صناعة المبادرات والقرارات ولهذا ارجع بناني فكرة الحوار الي الرئيس البشير وحده دون المؤتمر الوطني .

فلنبدا اولا استاذ امين بناني بمحطة الحوار الوطني كيف تمضي مسيرته ومن أي منطلق تحرك هذا الحوار ؟
اعتقد ان التفكير الجدي والقناعة المكتملة به نضجت علي مستوي رئيس الدولة خصوصا بعد الهزة التي احدثتها احتجاجات 2013 فالحكومة اقتنعت بان العمل الجماهيري ممكن ولهذا فكر السيد رئيس الجمهورية في جدوي الحوار فطرح وثيقة الاصلاح والتجديد داخل حزبه المؤتمر الوطني واقتضت هذه الخطوة ان يتخذ الرئيس بعض القرارات المهمة حتي يتمكن هو شخصيا من تنفيذ هذه الوثيقة فعمل علي تشكيل حكومة جديدة اعفي فيها كبار رجالات الدولة وعتاة المؤتمر الوطني في ذلك الوقت وجاء بحكومة (تكنوقراط) من داخل الحزب .
وايضا طرح الرئيس مبادرة كبيرة ودعوة لكل القوي السياسية والقي امامها خطاب الوثبة الشهير بالتركيز علي قضايا الحريات والعدالة الاجتماعية وتحقيق السلام عبر مشاركة الجميع وفي هذه الفترة حدثت تطورات اقليمية جعلت من الحوار قناعة الرئيس البشير وبعض القوي السياسية الكبيرة في الساحة .
الم يكن للمؤتمر الوطني أي دور في طرح هذه المبادرة ؟
هذا الحوار مرتبط بالرئيس فقط .
ولماذا الرئيس فقط ؟.. هل هي عدم قناعة بقدرة الحزب لقيادة هذه المبادرة ؟
لان المؤتمر الوطني ليس به مؤسسات تتخذ القرار وثانيا بداخله تيارات متصارعة فهو في تقديري حزب مصالح والانتماء اليه للمصلحة فقط ليس لاجل عقيدة ولا مبدا .
وهل يمكن الاعتقاد بان التطورات الاقليمية وبالاخص في مصر هي التي عجلت بطرح مبادرة الحوار ؟
صحيح ان التطورات التي حدثت في مصر وفي منطقة الشام ودخول المنطقة بكاملها تحت منظومة وتحالف مكافحة الارهاب الي جانب ضغوط الازمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها السودان كلها جعلت الرئيس البشير يفكر بشكل جاد في طرح هذه المبادرة فوجد تجاوبا كبيرا من القوي السياسية وعلي راسها بالتاكيد حزب المؤتمر الشعبي وتحديدا من الشيخ الترابي ولكن كانت دولة قطر هي الداعم الكبير لهذا الحوار غير ان الصراع الخليجي الخليجي ادي في فترة من الفترات الي افراز قوة اخري مناوئة للدور القطري الامر الذي ادي الي خروج بعض الرموز الوطنية السودانية الكبيرة من ساحة الحوار نتيجة للاستقطاب .
هل تقصد السيد الصادق المهدي ؟
لا داعي لذكر الاسماء ولكني اعتقد ان الصادق المهدي ومنذ خروجه بعد جلسة الحوار الاولي وجولته الخارجية الشهيرة جاء بقرار واضح جدا بمقاطعة الحوار .
يعني ذلك ان قوي خارجية اثرت عليه وبدلت قناعاته ؟
نعم ..نعم
واقول انه اثناء مسيرة الحوار جاءت الحرب الاهلية اليمنية ودخول السعودية في حلبة الصراع الي جانب التغييرات الكبيرة التي اجراها الملك سلمان ادت الي توحدت دول الخليج في رؤيتها الايجابية تجاه السودان فدعمت الحوار ولهذا ذادت عزيمة الرئيس البشير في ان يمضي بالحوار الي اشواطه الاخيرة وبمن حضر كما ان هنالك امريكي واوربي واشارات واضحة من الاوربيين بان يمضي البشير بالحوار
وتم تكليف الاتحاد الافريقي بمتابعة هذا الملف .
اذن هو ليس حوارا سودانيا / سودانيا ؟
ياخي لا يوجد حوار سوداني / سوداني بالمعني الخالص بحكم ان الازمة السودانية كل ملفها في الخارج وان ابرز اهداف هذا الحوار التقليل من سيطرة الخارج علي القرار السوداني وكلما اجتمعنا كسودانيين واستطعنا ان نقلل من القبضة الخارجية علي قضايانا الوطنية كان هذا هو الاجدي
لكن يا استاذ امين اصلا فكرة الحوار خارجية فكيف نقلل من هذه القبضة ؟
صحيح الفكرة نبعت من الخارج ولكن كما قلت لك لضروريات داخلية واقليمية وظل هذا الخارج يدعم هذه الفكرة بدرجة محددة ووكيله في ذلك الاتحاد الافريقي .
الا تعتقد ان العامل الخارجي موجود في قاعة الصداقة وبين ثنايا واجندة الحوار ؟
علي كل حال تحن ذهبنا للحوار بقاعة الصداقة ووجدنا الخارج ممثلا في الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي فهم ليس بعيدين عن الحوار بالقاعة فكانوا حضورا وشهودا حتي خرج الحوار بتوصياته الحالية ووجدت قبولا واستحسانا من الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومن الاتحاد الافريقي .
وهل خرجتم من الحوار بذات القناعة والارادة التي دخلتم بها ؟
نعم ..نحن دخلنا الحوار بروح وطنية عالية وكنا ننشد مخرجا للمشكلة السودانية بارادة وطنية غالبة ورؤية وطنية خالصة حتي نجنب السودان الانزلاق في مهاوي الفتنة التي انزلقت اليها بلدان شبيهة واعتقد ان مخرجات الحوار جاءت قوية باكثر مما يتوقعه المؤتمر الوطني نفسه فكانت توصبات شاملة لم يسبقها مثيل في تاريخ السودان الحديث .
البعض شكك في خلاصات الحوار ووصفه بانه مجرد محفل سياسي لتقسيم كيكة السلطة ؟
لا ابدا الحوار لم يتطرق الي مسالة المشاركة في قضية الحكم ولكنه ناقش باستفاضة طبيعة الحكم في السودان واصلا قوي الحوار لم تكن لديها الرغبة للمشاركة في الحكم خلال الفترة الانتقالية .
وكيف نبرر شكل وطبية الجدل الكثيف الذي صاحب مناقشات لجنة الحكم واستحواذها علي مجمل قضايا الحوار ؟
هذه اللجنة يا اخي كانت تتحدث عن كيف يحكم السودان وكيف يمكن ان نتجاوز الاسباب التاريخية التي ادت الي فشل التجربة السياسية السودانية وكذلك كيف فشلنا في بناء الدولة الوطنية في السودان وهذا هو جوهر مناقشات لجنة قضايا الحكم وكان التركيز ايضا علي دستور السودان القادم ومبادي سيادة حكم القانون ولذلك ليس صحيحا اننا ناقشنا مشاركة كل هذا الكم الهائل من الاحزاب في السلطة هذا غير وارد اصلا وانما المطلوب فقط اننا نضع خارطة طريق تقودنا الي انتخابات حرة عام 2020 .
ولكن تظل هذه الارادة منقوصة طالما ان هناك قوي مؤثرة تقف علي الضفة الاخري ؟
الذين لم يشاركوا اعترفوا بان نتائج الحوار جيدة ولم اسمع من سعي الي تبخيس هذه المخرجات وفي ظني ان الذين امتنعوا عن المشاركة اسبابهم غير مقنعة فمثلا الذين امتنعوا من الحركات المسلحة يريدون مفاوضات مباشرة مع النظام للوصول الي نيفاشا ثانية فهي لا تريد حوارا وطنيا يجلسها مع القوي السياسية الاخري بالاضافة الي ان هذه الحركات في الفترة السابقة كانت تعيش ازمات داخلية فصعب عليها حتي توحيد قيادتها فالجبهة الثورية مثلا لديها قيادتين الان الي جان الضغوط التي تمارس عليها من منظمات ومؤسسات ومن بعض الدول التي ترغب في ان يجلس السودانيين لمعالجة مشكلاتهم .
ولكن هناك قوي سياسية بالداخل لم تحمل السلاح ؟
نحن نعلم ان هناك تحالف بين اليسار والقوي المسلحة فاليسار ليس لديه وزن شعبي في الداخل لكنه يستنصر بقوة السلاح عند الاخرين .
ولماذا خرجت مجموعة غازي صلاح الدين ؟
مجموعة غازي كانت معنا حتي مرحلة وضع خاطة الطريق فهم حديثي عهد بالمعارضة وهم جزء من نظام الحكم القائم وبالتالي هم اقرب القوي السياسية للمؤتمر الوطني
فلماذا اذن رفضوا ؟
رفضوا لانهم يريدون حوارا شاملا لان خارطة الطريق كانت تنص علي ان يكون هناك مؤتمرا تحضيريا ولكن هذا الحوار في تقديري لن يقوم ولن تاتي هذه الحركات لان مسار الحركات المسلحة يمضي في اتجاه وثيقة نداء السودان ومجالس باريس وهي مجالس القصد منها الضغط علي النظام في الخرطوم للوصول الي تسوية عبر المفاوضات مع هذه الحركات ولكن بالطبع ليس من اجل الحوار مع القوي السياسية الاخري .
وفي اعتقادي ان انتظار هؤلاء هو في الحقيقة انتظار لمجهول ومن الاجدي ان نعترف بان هناك الان كتلتان في السودان فهناك كتلة يمكن ان تمثل المشروع الوطني السوداني القائم علي اسس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولكن مرجعيته الاسلام وهناك كتلة المشروع العلماني العرقي وهذا تمثله قوي اليسار السوداني المتحالفة مع حركات عرقية .
ومن تعني تحديدا بهذه الحركات العرقية ؟
مثل حركة عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور واركومناوي وحركة مال عقار فهذه حركات تطالب بمعالجة قضايا الحكم من منصة عرقية ولكنها ترفع شعارات علمانية ولذلك لا يمكن لها ان تلتقي مع الكتلة الكبيرة في الساحة السياسية السودانية التي تمثل المشروع الوطني الاسلامي .
وهذا المشروع استاذ امين بدأ في التراجع في المنطقة ولم يعد كذلك مقنعا حتي لقادته كما يحدث الان في تونس ؟
لا لا ابدا ما توصل اليه راشد الغنوشي في تونس هو ما كانت تقوم به حركة الاخوان المسلمين في السودان وهذه الحركة اصلا حزب سياسي وكان لديها نشاط اجتماعي ودعوي وغيره وهي انشطة ليست جزء من الحزب .
وانا اعتقد انه بعد قيام الانقاذ تم دمج كل هذا في مؤسسات الدولة لاعتقادهم بان هذه دولة اسلامية فتم حل الحركة الاسلامية بهذه الحجة وكان هذا هو الخطأ الاكبر
وما الذي كان يجب ان يفعله الاسلاميين بعد امتلاكهم السلطة في السودان ؟
كان من المفترض ان تظل الحركة الاسلامية هي الاصل الذي يتولي عملية التغيير والسلطة تصبح مجرد اداة اضافية ولكن في الواقع ان السلطة اصبحت هي كل شي .
ومن اين تاتي اوامر السلطة الان في تقديرك ؟
لو كانت الحركة الاسلامية في السودان هي الاصل لكانت هي المرجعية الفكرية والروحية للسلطة ولكن عندما حلت هذه الحركة اصبحت السلطة بلا مرجعية وبالتالي تلاشي الاساس الروحي والفكري للسلطة .
اولم يكن الترابي قبل رحيله المنبع الفكري والروحي للسلطة ؟
الترابي رغم انه كان معارضا للسلطة بعد المفاصلة الشهيرة كان يمثل الغطاء الفكري والروحي والشرعية التاريخية لسلطة الانقاذ .
باي صفة وهو خارج المنظومة الحاكمة ؟
بتاثيره في الحياة العامة وبما يطلقه في الساحة من افكار ومبادرات حتي لو كانت هذه الافكار تتصادم مع السلطة لكن في كلياتها ومضامينها كانت تدعم التوجه الاسلامي العام في السودان والسلطة كانت مستفيدة الي حد بعيد من هذه الافكار فالترابي لا يمثل انتشار فقط لحزبه وانما للبلد ككل وبهذا المفهوم كان الترابي يمثل دفعة كبيرة جدا لمشروع الحوار الوطني بهدف بلورة مشروع اسلامي سوداني كبير.
(نواصل تكملة الوجبة الثانية القادمة من هذا الحوار مع الاستاذ امين بناني..افادات صريحة ومثيرة حول حركة ومسيرة الاسلام السياسي وتقاطعاتها الداخلية والاقليمية والدولية والتاثيرات والانتكاسات المتوقعة بعد رحيل الترابي ).

استاذ امين هل تعتقد ان فقدان ساحة الاسلاميين للترابي يمكن ان يشكل انتكاسة لمحاولات بناء مشروع اسلامي جديد اواعادة رتق الصف الاسلامي القديم ؟
بالتاكيد رحيل الشيخ الترابي فيه قدر كبيرجدا من الانتكاسة في العمل الاسلامي والسياسي ولكن يحب الا ننتكس فالله سبحان وتعالي خلق فينا قدرات كبيرة يجب ان نوظفها من اجل ان ندفع بالمشروع الاسلامي الي الامام ونوحد السودانيين والاسلاميين .
ولكن هناك من يعتقدون ان رحيل الترابي سيكون هو بمثابة افول سلطة الاسلاميين وانهيار مشروعهم القديم ويعتقدون كذلك ان الترابي ظل يشكل محور القلق والهواجس للقوي السياسية المناوئة لفكره السياسي والديني وان رحيلة يشكل حالة انفراج عامة للسودانيين ؟
هذا هو فرح المبطلين الذي يعتقدون ان الترابي ظل يستاثر بمساحة كبيرة من الخارطة السياسية السودانية وعائق للمشروع العلمانيى وربما يعتقدون ان غياب الترابي سيضعف التوجه الاسلامي صحيح غياب الترابي قد ينتكس بالنظام الحاكم وبالحركة الاسلامية الي الوراء لتصبح اكثر تشددا لان الترابي كان ليبرالي وحوله كثير من الصقور والساحة نفسها تغيرت واصبحت التيارات السلفية تغطي مساحة واسعة جدا من الحياة العامة وهي كانت في خصومة مع حسن الترابي ولذلك اذا لم ننظم نفسنا كاسلاميين بشكل جيد حتما سنفشل واعتقد ان الحوار وفر الرؤية والافكار والاسس التي تمكنا من بناء المشروع الوطني السوداني الذي يستمد روحه من قيم الاسلام .
وهل نحن محتاجين لمراجعات فكرية ام الي تبديل صيغة “الاسلام السياسي” كليا ؟
انت تعلم انا منذ عام 2000 خرجت من منطومة المؤتمر الوطني واتجهت لتاسيس حزب العدالة القومي وكانت الفرضية الاساسية التي اقمنا عليها خروجنا هي ان العدالة هي الفريضة الغائبة في السياسة السودانية بل في الحياة العامة وان تحربة الانقاذ في سنواتها الاولي اهملت قضية العدالة الاجتماعية ولذلك نحن طالبنا بمراجعة هذا المنهج بالتركيز علي العدالة الاجتماعية وطرحنا كذلك محاربة الفساد واعتبرنا ان قيمة الطهارة في الحكم قيمة اساسية كما طرحنا قيمة التسامح في حزبنا باعتبار ان العصبيات التي بدات تظهر في الساحة السودانية هي في الاساس عصبيات يغذيها مشروع علماني عرقي وهذه العصبيات اذا لم تنتبه اليها السلطة الاسلامية في السودان ستنجر الي ذات الساحة وهذا هو الذي حدث واصبحت الممارسة العرقية جزء من ممارسة النظام الحاكم نفسه .
الا تعتقد استاذ امين ان العرقية هي في الاساس ظاهرة لجنوج قبلي وان القبلية هي صناعة سلطة ؟
اعتقد ان النظام الاسلامي اصبح يعيش العرقية في داخله واصبحت هناك تصنيفات جهوية وعرقية وقبلية ولهذا فان المراجعات ضرورية وهي التي قمنا بها نحن عبر الحوار .
ولكن قد لا تكفي هذه المراجعات لاقناع الاخرين فالخلافات كما يبدو اصبحت علي مستوي الاصول الفكرية كما تعتقده الاطراف المناوئة ؟
لا ابدا هي مراجعات كبيرة .
كبيرة الي أي مستوي ؟
قد تصل هذه المراجعات بعض الحالات الي 50% وقد تصل ايضا الي 90% .
يعني يمكن ان يتبدل النظام الحاكم الي نسبة 50%؟
نعم يمكن ذلك حتي يستوعب هذه المخرجات المتفاوتة عبر الحوار وبالتالي يمكنه تجاوز الازمة الراهنة ويمضي في عملية التغيير وهذا هو هدف الحوار .
وهل يمكن ان تكون المراجعات للحد الذي اقتع قيادة الحركة الاسلامية في تونس باقتراح ابعاد الدين عن السياسة ؟
ياخي نحن يجب الا نقيس السودان علي تونس او تركيا فالمجتمعات بهذه الدول كادت يوما ما ان تخرج علي الاسلام كله واصبحت اشبه بالمجتمعات الغربية ولكن مجتمعنا السوداني من حيث درجة التدين ليس كالمجتمع التونسي ولا حتي المجتمع التركي بل ظل المجتمع السوداني مؤسس علي اصول الدين الاسلامي واصبح التراث الاسلامي التقليدي هو الاساس الذي تقوم عليه الحياة العامة ولكن كنا نجدد في الحياة ولم تكن هنالك مناداة بتغيير جذري وراديكالي كما لم يكن هنالك أي حديث عن الحداثة داخل النموذج الاسلامي وكانت الحركة الاسلامية لها حزب كالاحزاب الاخري في ممارسة العمل السياسي , وحتي العلمانيين السودانيين كقوميين وشيوعيين لم يكونوا بعيدين عن روح واطر الاسلام مثل العلمانيين في تركيا وتونس ولذلك لا يجب ان ننشغل بالنموذج التونسي كثيرا ولا بنموذج العثمانيين الجدد في تركيا ولكن ما نراه الان في تونس وتركيا ان المجتمع هناك بدا يعود بقوة الي جذوره .
اذن ما الذي يربطنا بهذه النماذج الاسلامية من قيم حضارية وفكرية واسلامية والي أي مدي يمكن ان نختلف او نتفق معها ؟
اعتقد ان رابطة الحركة الاسلامية السودانية بالحركات الاسلامية الاخري هي رابطة عواطف واشواق اسلامية عامة واحيانا قد تصل الي درجة التنسيق في المواقف ولكن ليس هناك رابط عضوي فمثلا تونس الان عندما قاطعت مؤتمر استنبول الاخير هذا يعني انها اقتربت من طريقتنا في العمل وبدات تتحول الي حزب وطني تونسي يمارس الحياة السياسية مع القوي الوطنية الاخري وهي ذات المرحلة التي عشناها نحن ابان الجبهة الوطنية السودانية في مرحلة ما بعد مايو1969 .
وتونس الان لا تريد ان تتخلي عن الدين لكنها تريد ان تعمق قيمه بمؤسسات ليست جزءا من الحزب بمعني انها تريد فصل النشاط الديني والشعائري والفكري المحض من النشاط السياسي الحزبي .
اذن هي دعوة علمانية ؟
لا ابدا ليس دعوة علمانية وانما هو اسلوب متقدم في العمل فمثلا قضية تمويل الحكومة للمساجد والمؤسسات الاسلامية الصرفة وقضية جمع الزكاة من قبل الحكومة كلها قضايا يجب ان يقوم بها المجتمع وليس السلطة .
وما الذي يعنيه العلمانيين حينما ينادون بفصل الدين عن الدولة ؟
العلمانية الشاملة ابعد من ذلك بكثير وهي تعني ان الدين لا علاقة له بالحياة حتي ان بعض انواع العلمانية الشاملة لا تعترف بمبدأ ما لله لله.. وما لقيصر لقيصر لان العلمانية تنكر الوجود نفسه وتنكر الخالق وتصادم ابجديات الفكر الديني الذي جاء به الرسل ولكن هنالك علمانية جزئية وهي التي نعيشها الان في كثير من الدول الاسلامية .
الا تعتقد استاذ امين ان هناك حالة من الصعود للطرح او الفكر العلماني في الساحة السياسية بسبب تراجعات او فشل ما يسمي بالاسلام السياسي في بناء الدولة السودانية ؟
تعبير “الاسلام السياسي” لا يريحني ولكني اؤكد لك انه لا يوجد هذا الصعود لان الدين اصلا صاعد في حياة مجتمعنا السوداني والان توجد ثورة روحية كبيرة في حياة السودانيين فمعظم التيارات الشبابية الموجودة الان في الساحة هي تيارات يقودها شباب اسلاميين لاعلاقة لهم باطر الحركة الاسلامية ولا بالاحزاب الاسلامية .
ولكن ما هي مرجعيتهم الفكرية ؟
هؤلاء الشباب يؤسسون الان لفكر اسلامي جديد في الساحة السودانية
اذن هم تخلوا عن المفاهيم الاسلامية القديمة التي جئتم بها انتم عبر مشروع الحركة الاسلامية ؟
نعم هنالك قدر كبير من التجاوز للمفاهيم التقليدية القديمة للحركة الاسلامية ومعلوم ان الدين يتجدد بعدد من الوجوه وبعدد من الاساليب والوسائل ولذلك لا اري أي صعود للماركسية في حياة السودانيين فهي بضاعة فاسدة حتي علي مستوي العالم فالدولة القومية سقطت والفكر القومي ايضا سقط ولكن مشكلتنا فقط هي “الليبرالية” باعتبارها فكر مطروح الان ينادي بالحكم الراشد والعدالة الاجتماعية وهذه الليبرالية في تقديري اصبحت مشوهة في العالم الاسلامي لان الاسلوب الذي تعاملت به الدول الغربية مع المجتمعات الاسلامية فيه قدر كبير من الطغيان والبطش .
وما نشاهده الان في واقع الحركة الاسلامية هل يمكن توصيفه بانه حالة من الاسترخاء في تطبيق مفاهيم وبرامج هذه الحركة ؟
انت لا تحدثني عن الحركة الاسلامية لا يوجد شي اسمه الحركة الاسلامية بهذا المفهوم ولكن هذه الحركة هي حركة مجتمع تدفعها عدد من التيارات وليس لديها مركز موحد وانما عدد من المراكز وليس في استراتيجيتنا كاولوية الان توحيد مراكز هذه الحركة نحن نريد اولا بناء ساحة وطنية للمحافظة علي الوطن ثم بعد ذلك نتجه لبناء صف اسلامي واسع بشقيه الحديث والتقليدي .
ولمن يمكن ان تكون مرجعية الدولة مستقبلا ان لم تكن هناك حركة اسلامية موحدة الان ؟
مرجعية الدولة الاسلامية ينبغي ان تصاغ في دستور عملي .
ومن الذي يعد هذا الدستور؟
اوضحنا في الحوار من الذي يعده .
ومن الذي يحكم السودان الان فكريا ؟
السودان تحكمه الان مجموعة صغيرة ذات عقلية امنية والان هذه المجموعة انقسمت علي نفسها وبالتالي الحكم اصبح اقرب للعسكري منه الي الحكم المدني وعمليا الان البلد كلها تحت قبضة الرئيس والمؤتمر الوطني ليس له أي دور في الحكم وكذلك الشعب ليس له مؤسسات تشارك في صنع القرار .
والي أي مدي هذه القبضة من الرئيس مبررة لديكم ؟
الرئيس شدد قبضته علي السلطة حتي يحول بين الحوار والقوي الرافضة له داخل المؤتمر الوطني وداخل بعض التيارات الاسلامية .
ما هو حجم وتاثير هذه القوي الرافضة داخل المؤتمر الوطني ؟
هي قوي كبيرة وتاثيرها ايضا كبير وهي تمارس الشغب لاعاقة الحوار كما سعت هذه القوي لتعطيل مخرجات الحوار, واقول ان بعض مكونات المؤتمر الوطني والتي ابعدها الرئيس ظلت تعمل ضد الحوار وهناك ايضا داخل الحركة الاسلامية من يعمل ضد الحوار ولذلك لابد ان نمضي في دعم ارادة الرئيس البشير حتي يستمر الحوار .
ولكن مهمتكم يبدو انها انتهت بالوصول الي المخرجات ؟
لا ابدا مهمتنا لم تنته بعد فقط انتهت المناقشات ورفعت التوصيات ولكن مؤسسة الحوار لازالت قائمة .
ما هو تعليقك علي مذكرة مجموعة ال(52)؟
هذا اسلوب تقليدي قديم وعقيم لا يفيد ولا يمكن ان يكون بديلا للحوار .وانا لا اعول علي هذه المذكرة فهي ضيقت واسعا لانها اهتمت فقط بفكرة الحكومة الانتقالية وليس هناك عاقل يقول ان السودان بازماته الحالية يمكن ان تسيره حكومة (تكنوقراط) الا اذا ارادت ان تتحالف مع الجيش او ان تكون بديلا للاحزاب .
وكيف يمكن قراءة ابعاد ودوافع هذه المجموعة ؟
بحسب متابعاتي ان هذه المجموعة علي صلة وثيقة بالمجموعات المناوئة للحوار داخل المؤتمر الوطني وبعضهم وثيقي الصلة بالاجهزة الامنية واخرون سياسين متبطلون .
الا تعتقد ان هناك جوانب ايجابية في هذه المذكرة ؟
نعم هذه المذكرة جاءة باضافة مهمة وهي انها استقطبت بعض العناصر التي لا يمكن ان تكون جزءا من الحوار الوطني وهي شخصيا يسارية مثل الاستاذ عمر شمينا والاستاد محجوب محمد صالح والاستاذة بلقيس بدري وهي شخصيات مستقلة ولها قيمة سياسية ومجتمعية ولذلك اعطت المذكرة بعدا جيدا ولكن في تقديري هذه المذكرة لا تخرج من اطار الدراما السياسية .
استاذ بناني ..انتهي الحوار الوطني والفساد يتمدد يوما بعد يوم ؟
الفساد اصبح كالسرطان في مراحله المتاخرة ..والنظام ماتت فيه الروح الوطنية وغابت القيم الروحية وسقطت فيه كثير من قيم الحرية والعدالة والفقر ضرب حياة الناس بشكل واسع بسب استشراء الفساد ولهذا نريد ان نشيع الوضع القائم الي مثواه الاخير عبر مسيرة وطنية ونقبر الماضي ثم يعود الناس الي (صيوان العزاء) ويعقدوا سقيفة بني ساعدة ويقراؤا فيها مقررات الحوار لتصبح بداية جديدة للسودان (انتهي) .

الانتباهة

تعليق واحد

  1. العلمانية والعلمانيون الحاجة الانا بعرفها اطهر واشرف من الاسلامويين الكذبة الفسدة الذين يستغلون الدين لاغراض الحكم والسياسة اى السلطة والثروة وهم ابعد الناس عن الدين والاسلام قاتلهم الله انى يؤفكون!!!

  2. العلمانية ارحم وافضل مما تفعلونه ايها الانجاس سارقين البلد لكم يوم
    سيخة القذافي .راجيكم

  3. فشل و سقوط و انهيار الدولة الدينية في السودان بعد ان تبين للشعب السوداني زيف و خداع و كذب شعارات جماعة الاسلام السياسي السودانية و حطل فكرتها و غياب المنهج لديها و سوء تربية منسوبيها و افتقادهم للقيم و المثل و الاخلاق و المبادئ و الاعراف السودانية الفاضلة و المتسامحة — و نتيجة للممارسات الاجرامية للاسلاميين السودانيين و ارتكابهم جرائم الابادات الجماعية و ممارستهم رعايتهم للارهاب الدولي ادخلوا البلاد في متاهات و حصار و عقوبات و عزلة دولية خانقة — اذن و بعد هذا الفشل البائن في ادارة شئون الدولة السودانية و الانهيار الاقتصادي الكبير و الحروب التي اشعلتها الحكومة ضد مواطنيها المدنيين العزل و تهجيرهم و اقتلاعهم من جذورهم اجبارهم علي النزوح و التشرد و اللجوء كان لابد للشعب السوداني ان يبحث عن حلول — و اتفقت كل قطاعات الشعب السوداني علي :-
    اسقاط نظام الانقاذ و اقتلاعه من الارض السودان تصفية اثاره و اقامة دولة مدنية ديمقراطية تعددية و علمانية و فصل الدين عن السياسة و سيادة حكم القانون و اعلاء قيم المواطنة المتساوية و اقتسام السلطة و الثروة و التنمية المستدامة بالتساوي و بدون استعلاء عرقي او جهوي —
    اذن النظام القادم نظام علماني لا شك في ذلك — و سوف تحكم العلمانية السودان بعد الاستفتاء الحر النزيه للاختيار بينها و بين نظام الدولة الدينية التي كانت سائدة قبل سقوط الانقاذ —
    و الشعب السوداني سوف يختار العلمانية المتصالحة مع الدين كما كانت سائدة في سودان قبل قوانين سيتمبر 1983 —
    و نستطيع ان نتحدى و نراهن علي اختيار الشعب السوداني للعلمانية —

  4. العلمانية والديموقراطية صنوان لا يفترقان وهما حكمة العصر الذي نعيش فيه… اما الاسلام السياسي فهو طاعون العصر ..؟؟..

  5. تبا لكم ولرئيسكم والحركه الا اسلامية …انتم تضحكون علي الذقون وعلينا
    كلكم واحد كل من خرج من هذا النظام يحن اليه بشكل او باخر لذلك لانرجو منكم خير
    حوار شنو ورئيس شنو البتتكلم عنو الاصلاح ده ما داير حوار وكلام فارغ الداير اعمل خير 27 سنة ما كفتو داير اعملو اسي
    نحنا قلنا كلمتنا وماف تراجع يسقط نظام المتهالك البشيع البشير ومجموعته الي الجحيم
    اما ناس الشعبي كمال عمر والسنوسي وانت خليكم بعدين بجي دوركم
    النصر لنا
    ثورة حدها القصر
    وخليكم في حواركم الغبي ده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..