كاسيانو : منو في الأهل

كاسيانو: منو في الأهل
مجدي الجزولي
توفي الجمعة الماضية اللواء دومنيك كاسيانو، عضو مجلس قيادة ?ثورة الإنقاذ الوطني? المحلول، ونعته رئاسة الجمهورية بسطرين ?سوفييتين? نشرتهما وكالة السودان للأنباء. تفادت الرئاسة الخوض في جنسية المرحوم كاسيانو صراحة واكتفت بأنه تقلد عدة مناصب حكومية قبل انفصال جنوب السودان. لم ينع البشير الرئيس في رفيق ?الانقلاب? حسن المعشر ولا دماثة الخلق، كما جرت العادة، ولم يشكر له سهمه في العمل الوطني. محل ذلك قال بيان الرئاسة أن الفقيد ?حصل على عدد من الأوسمة والأنوطة? وصمت، لا هو ابن السودان البار ولا هو جندي من جنود الوطن.
بخلاف ?ثورات? سابقة دعت الإنقاذ إلى مجلسها ضباطا من ?الهامش? بمصطلح اليوم، بيويو كوان ومارتن ملوال ودومنيك كاسيانو من جنوب السودان، التجاني آدم الطاهر ومحمد الأمين خليفة من دارفور، وابراهيم نايل إيدام من جبال النوبة، وفق محاصصة اثنية فصل فيها ?الكتاب الأسود? المنسوب لحركة العدل والمساواة. نال الاقليم الشمالي في هذه القسمة 53% من مقاعد المجلس بينما لا يشكل سكانه في بيان الكتاب أكثر من 5% من مجموع سكان البلاد. بحسب ذات البيان فاق تمثيل الجنوب في المجلس (20%) نسبة سكانه (16%)، بينما تقاصر تمثيل دارفور (13%) والاقليم الأوسط (7%) عن نسبة سكان كل منهما (20%).
استبقت الإنقاذ بمجلس الضباط ?الممثلين? هذا طبيعة النظام السياسي الذي تشكل تحت سلطانها، من ذلك إعادة تدوير الحكم غير المباشر والإدارة الأهلية، وسيلة الاستعمار البريطاني التي بها رسخ الانفصام بين حضر السودان ?الحديث? وريفه ?التقليدي?، في هيئة تقسيم إداري للولايات والمحليات ترفده الجغرافية الإثنية، الجغرافية التي غزت الحزب الحاكم فأصبح بعبارة قطبه أمين حسن عمر ?مصطرعا للعناصر والقبائل?. ما آخر انفجار للمواجهات المسلحة بين الرزيقات والمسيرية على الحدود بين شرق دارفور وجنوب كردفان إلا بعضا من محصلة هذه الإدارة بالدم إذا جاز التعبير. وفق ذات المنظور ظلت الدعوة إلى ?المشاركة?، على طريقة سهم المرحوم كاسيانو، هي خطة الإنقاذ الثابتة في مجابهة سلاح ?القوميات?، وكذلك مطالب النادي السياسي الخرطومي، فاقترنت وفق هذه السنة بشركاء كثر حتى قارب كتاب اتفاقياتها دفتر المأذون.
مكنت هذه التعددية النظام من توسيع قاعدة حكمه بما استجابت لطموح أقسام من طلائع ?الهامش? آثروا الحاضرة على تأجيل النادي السياسي لكل حدث حتى ?اسقاط النظام?. لكن، لم يغن ?التمثيل? عن حق غمار الناس، بين ريف وحضر، في الأهلية السياسية والاقتصادية كما لم تنجح الجغرافية الإثنية في كبت الانقسام الطبقي بين أقلية ?مرطبة? وأغلبية مجردة من الحقوق لا تحيطها جداول قسمة الثروة والسلطة وإن شملها الإحصاء الجهوي. بذا، لا كاسيانو ناب عن مريدي ولا البشير الرئيس ينوب عن حوش بانقا، تلك مطابقة ?عضوية? فضحها ?شذاذ الآفاق? بجمعهم ?المنبت?!
الميدان
Oh my God !are still there some mercy in our hearts!…b