في رمضان.. صغارنا يقلدون تصرفاتنا.. ردود أفعال نفسية

الخرطوم – خالدة ودالمدني
“ياولد امشي أشرب ليك كوز موية وخلينا ننوم نحن صايمين وريقنا ناشف”.. عبارة تتكرر داخل بعض المنازل، التي كبارها يفتقرون أسس التربية السليمة وغير آبهين لردة فعلها النفسي في دواخل صغارهم، وبطبيعة الحال يميل الطفل إلى تقليد أفراد أسرته خاصة أبويه، أما العجيب في الأمر أننا لا نحتمل تصرفاتهم كصغار ريثما يكبرون، وهي في الغالب محاكاة لما نفعل، كوننا مثلهم الأعلى.
وفي مجرى هذا ترى أم ريماز (موظفة) بأن تعليم الصغير على الصوم أمر مهم. وأردفت: أكبر خطأ أن نجبره على الصيام، بل نشجعه بقدر ما يستطيع حتى يعتاد عليه تدريجيا، ومن ثم يرغب فيه من ذات نفسه. وأضافت: لدى خمسة أبناء ثلاثة وجب عليهم الصوم واثنان دون ذلك، لا أنكر أني عانيت في بداية الأمر، ولكن بالصبر والحكمة وتشجيعي لهم باستمرار، صاروا يصومون بكل يسر حسب يقينهم بأنه واجب عليهم لا محال. وختمت: “أوصى كل أم أن تهتم بصغارها وتعلمهم كيف يتدربون على الصوم، حتى وإن كانت ساعة واحدة في اليوم، لكى يتعلموا الصبر منذ نعومة أظافرهم”.
عطلة رمضان قرار سليم
في ذات السياق، يقول أحمد عوض الله (معلم) عطلة هذا العام لطلاب المدارس كان قرارا سليما، للتلاميذ أولا وللمعلمين ثانيا، لأن معظم الطلاب يصومون خاصة الصف السابع والثامن، وحتى الصغار منهم يقلدون إخوانهم، لذلك كانت تظهر على وجوههم آثار الصيام وهم يواصلون اليوم بعسر، ومن جهة أخرى اعتقد أن شعيرة الصوم فترة مهمة في حياة الطفل، ويجب تعليمه عليها تدريجيا منذ صغره، لكي يعتاد على الأمر عندما يبلغ سن التكليف. وأردف: “ابني يدرس بالجامعة ويصوم من غير عناء بحمدالله، ربما تقليده لوالدته وارتباطه بها بحكم هجرتي وقتئذ زاد من تمسكه بما تفعله أمه، علاوة على تربيتها له تربية سليمة وقويمة”. وزاد: “نحن كمعلمون لابد من أن نكون حذرين في جل تصرفاتنا، وفقا لما يعتقد التلميذ، فهو يعتبر المعلم مثله الأعلى ومربيه الأول قبل والديه، ودلالة على قولي هذا منا معلمون لا يصومون لأسباب صحية، ولكن يمتنعون عن تناول أي شيء أمام تلاميذهم أثناء اليوم الدراسي، خشية على مشاعر هؤلاء الصغار”. وتابع: “الطفل له عقل نزيهة يلتقط أصغر تفاصيل حياة من حوله، لذلك نتجنب التهاون بمفاهيمه ولا نمل كثرة أسئلته، وفي ذات الوقت نجيب عليه بصدق حتى ننمي الثقة في نفسه”. وختم: “مهنة التعليم ليست بالسهلة كما يعتقد كثيرون، بل تحتاج إلى شخوص مؤهلين من كل النواحي المعنية بهذة المهنة.
شخصية متوازنة
إلى ذلك يشير بروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي وأستاذ الصحة النفسية، إلى أن فترة الصوم مهمة جدا في التكوين النفسي للأطفال، وهي بمثابة كورس نفسي سنوي تُنمي فيه عدة مهارات، مثل التواصل والتعرف على واقع المجتمع، بجانب تقوية العلاقة مابينهم وبين الآخرين. وأردف: “كما تُشعر الصغار بنعمة الأكل والشرب والصحة، علاوة على تعلمهم الصبر والتحكم في النزعات السالبة، ويمثل سانحة للتعرف على قدراتهم والشعور بالمسؤولية، التي تُنمي لاحقا شخصية متوازنة ومستقرة ومتوائمة مع واقعها، وكذلك يزيد الثقة بالنفس لدى الطفل ويخلصة من المخاوف والهواجس”.
نهزرة وازدراء
يواصل بلدو: “أهم فوائد الصوم عند الأطفال ما يسمى بالانضمام النفسي التجامعي، ما يعني به سد النقص لدى الطفل اليتيم، أو من هاجر أحد والديه وتماثلهما حالات الانفصال أيضا”. وأضاف: جل هذا يساند في التغلب على الصعوبات النفسية، ويزيد في تحسين المردود الأكاديمي لدى الطلاب واليافعين، بالإضافة إلى معالجة بعض المشاكل المزعجة للأسر كالتبول اللا إرادي والاكتئاب والقلق. وأوصى بلدو بضرورة تفهم الأسر لهذه المراحل وعدم تخويف الأطفال من الصوم أو إجبارهم عليه. وحذر من مقارنة صغير مع آخر وتأنيبه بأنه مقصر، إذ أن كل طفل له ظروفه الصحية والنفسية الخاصة به، ولا يجوز تعريضه أمام إخوانه كونه صام ساعات قليلة فقط، حتى لا نشعره بـ (النهزرة) والازدراء

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..