العمى وضعف البصر أبرز أمراض المستقبل

مع تطور التكنولوجيا والأجهزة الذكية، صار الإنسان يعتمد عليها طوال اليوم، حتى خلال فترات فراغه أو عطله. وصار الكثيرون يتابعون أحدث الأخبار على هواتفهم الذكية بدل مشاهدتها على التلفزيون الذي يقلل ولو جزئيا الضغط على العين. وتتسبب المسافة القصيرة بين العينين والهواتف في إجهادهما وإضعاف قدرتهما على الرؤية. وإضافة إلى ذلك، يرى الأطباء أن عدم حماية العين من حرارة الشمس والرياح يفاقم إرهاقها.
العرب نجوى درديري
كشفت دراسة علمية مخيفة، مؤخرا، أن نصف سكان الأرض سوف يعانون من ضعف البصر بحلول منتصف القرن الحالي، أو ما يعادل 5 مليارات إنسان ضعيف النظر في عام 2050.
أشارت الدراسة التي قام بها فريق بحثي مشترك بين جامعة نوفيلا غالاس جنوب أستراليا ومعهد بحوث العيون بسنغافورة، إلى أن ثلث سكان الكرة الأرضية سوف يشكون من ضعف الرؤية عام 2020.
أكد شريف جمال الدين، أستاذ طب العيون بجامعة القاهرة، ما جاء بالدراسة، خاصة في كون ضعف البصر صفة وراثية كانت نادرة في السابق ثم أصبحت سائدة الآن بفعل التغيرات المناخية والبيئية التي جلبت العديد من الأمراض المستحدثة. وأضاف لـ?العرب? أن الكثير من العائلات يولد أطفالها الآن ضعاف البصر، وبنسبة كبيرة بعكس الماضي، حيث كان من النادر أن نرى شخصا يرتدي نظارات طبية.
العامل الوراثي ليس السبب الوحيد لضعف البصر، لكن هناك العوامل البيئية وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية التي يقضي الإنسان أمامها ساعات طويلة في أماكن مغلقة على حساب خروجه إلى الطبيعة والتعرض إلى الضوء الطبيعي. تلك الجزئية من الدراسة فسرها أستاذ طب العيون قائلا ?إن اهتمامات الإنسان في السنوات الأخيرة تحولت من احتياجه إلى الرؤية البعيدة، حيث كانت المسافات أمامه طويلة، إلى الرؤية القريبة نتيجة للتطور الحاصل في وسائل التكنولوجيا.
في السنوات التي سبقت اختراع الهاتف المحمول واللوح الرقمي، كان الأطباء ينصحون بالجلوس بشكل معين لمشاهدة التلفاز وعدم التعرض لأشعته بشكل مباشر على أن تفصل بين عيني الإنسان والشاشة مسافة ولا تكون الشاشة في نفس مسار العين مباشرة.
الأمر اختلف تماما الآن، حيث يستطيع الإنسان الاستغناء عن مشاهدة التلفاز ليشاهد كل ما يرغب فيه على هاتفه المحمول ويقضي معه ساعات طويلة، حيث لا يفصل بين الشاشة وعينيه سوى مسافة لا تتجاوز السنتيمترات، وهو ما يؤذيهما.
في الوقت ذاته استبعد جمال الدين أن يكون ارتفاع درجة حرارة الجو من أسباب انتشار ضعف البصر، مستقبلا، دون أن ينكر أن ارتفاع الحرارة يؤدي إلى جفاف العين من الداخل.
لهذا نصح من يستخدمون عدسات لاصقة بالامتناع عن ارتدائها في نهار الصيف، لأنها تمتص المياه التي تحيط بالعين، مما يؤدي إلى جفاف مضاعف، مع ضرورة الحرص على ارتداء نظارات شمسية مخصصة لحماية العين من الجفاف.
أكدت الدراسة التي نشرت في مجلة طب العيون الدولية، أن الإضاءة الخافتة في المنازل لها تأثيرات سلبية على البصر، كما أن أكثر الشعوب تعرضا للإصابة بقصر النظر هم سكان شرق آسيا. لذا شددت منال العطيفي أخصائية طب العيون في مصر لـ?العرب? على عدم النوم في غرفة مضاءة بوهج أبيض حتى لا يستيقظ النائم فيجد في عينه التي كانت مغلقة لساعات طويلة إضاءة مباشرة ومزعجة.
وأضافت ?ننصح بالقراءة في إضاءة كافية وعدم الاستعانة بالمصابيح الخافتة بحجة أنها تبعث على الهدوء، وهناك الآن أنواع من المصابيح تضيء المكان بشكل كبير وفي نفس الوقت لا تمثل إزعاجا للعين?.
الأرقام والإحصائيات التي ترصدها الكثير من الدراسات الطبية من هنا وهناك، يؤكدها البعض وقد يراها آخرون مبالغا فيها، لكنها بلا شك تثير مخاوف من يعانون من ضعف البصر. ولا يتفق أشرف أحمد الهباق، أستاذ طب العيون بقصر العيني في القاهرة، مع الأرقام الواردة في الإحصائيات ويراها مبالغا فيها، لافتا إلى أن الوعي الصحي الزائد هو ما أبرز تلك النتائج المخيفة، التي كانت موجودة من قبل دون أن يدركها الناس.
وأشار الهباق لـ?العرب? إلى أن الوسائل التكنولوجية كالهواتف الذكية والكمبيوترات ليست سببا في إصابة العين بضعف البصر، لكنها سبب لإبرازه. ولفت إلى أن هناك حاجة إلى رؤية قريبة جعلتنا نكتشف الإصابة بقصر النظر، مشددا على أن الإنسان يولد بالفعل في الكثير من الأحيان مصابا بقصر النظر كعامل وراثي.
ونصح الهباق مستخدمي الكومبيوتر والأجهزة التي تحتاج إلى رؤية قريبة بتحجيم عدد ساعات استخدامها حتى لا تظهر النتائج السلبية وتتضح عيوب النظر بشكل ملفت.
كما حث الأمهات على الخروج بأطفالهن إلى الأماكن المفتوحة الفسيحة مثل الحدائق والمتنزهات، لأن ذلك يساعدهم في إراحة أعينهم وعدم إرهاقها، فضلا عن إعطائهم الوقت والفرصة للابتعاد عن الأجهزة الذكية التي يقضون معها ساعات طويلة.
ولا يقتصر ضرر التكنولوجيا على المراهقين والكهول وإنما يواجه الأطفال، على صغر سنهم، مخاطر الأجهزة الذكية على صحتهم وأبصارهم بدرجة أولى. فاستخدام الكمبيوترات السطحية وأجهزة النقال الذكية وبسبب صغر حجم الشاشة فإن الأطفال يحاولون تقريب الأجهزة من العين قدر المستطاع للعب ولقراءة محتواها. وهذا يسبب الإرهاق والتعب للعين لإبقائها فترة طويلة في حالة تركيز على مسافة قريبة، وإن لم يظهر تأثيره بشكل مباشر، إلا أن استخدام هكذا أجهزة لفترات طويلة يسبب ضعف البصر ويصيب الطفل بالألم في العين.
نجوى درديري