وا أبتاه .. أمْ بالمعتصم الميت استغيث؟

وا أبتاه .. أمْ بالمعتصم الميت استغيث؟

شريفة شرف الدين
[email][email protected][/email]

الحقيقة لا المجاز
طيب الله ثراك أبي فقد رحلت عن دنيانا و أنا بعد ابنة شهرين .. و أنا أتعثر في خطواتي الأولى .. بحثت عنك في عيني أمي لكنهما كانتا صامتتين بلا إجابة .. لم أفهم حتى عندما أرتني كومة التراب التي تغطيك و عجزت لصغري عن ترجمة أدمعها السائلة على الخدين .. و أنا أتلعثم بأولى الكلمات .. كنت مثل كل الأطفال أناديك لكني أجدني بدلا عنك .. أتوزع في أحضان رجال القرية .. كلهم يفتح صدرا و يمد يدا بأبوية صادقة .. حتى كنت أدفع الأطفال عن آبائهم كراهة أن يشاركونني في أبي دون وعي مني أني من تنازعهم في آبائهم ..كذلك نشأت و كل الرجال آبائي فقد كنت أجهل معنى الموت و كنت أجهل أكثر ألا يكون لي من دون الأطفال أب.. كنت إذا صرخت من حر الرمل على قدمي الحافيتين أو من ألم وخز شوكة .. كنت موقنة بأن كل من تناهت إلى سمعه صرختي من رجال القرية يهب لنجدتي و بذاك استحقوا بنوتي .. و من عندها أيقنت أن الرجولة عندي ليست صورة .. الرجولة عندي ليست إطعاما .. مأوى و كساء .. الرجولة عندي ليست أن تسلمني و تظلمني .. الرجولة عندي أن تحميني .. أن تكون هناك شامخا وقت الحاجة.. أما أن تتوارى و يلفك عالم الصمت فذاك يستحق تسميات أخرى لكنها ليست أبدا حتى قريبة من الرجولة التي عرفت و أنا بعد طفلة ناهيك عن معانيها المنداحة عندي و قد تعدت مشكلاتي حر الرمل و وخز الشوك و غدت بحجم وطن كامل.

الحقيقة و المجاز
نشأت في مجتمع الكل فيه يرشد و يؤدب ..نشأت في نفر الإحساس بينهم غير مجزأ .. الكل يستحق بنوتي كما استحققت أبوتهم لكني اليوم أحسست يتما و تشريدا غير مسبوق .. أحسست ضياعا و تشتتا .. فمن قائل منكم عنا .. أننا جيل ضحل .. و من مشير إلينا باللا مبالاة .. و من متهم لنا باللا مسؤلية .. لكني أسألكم: ممن ورثنا اتهاماتكم؟ أحقا أنتم جيل أكتوبر و صناع ثورته؟ ما معنى أن تعلمني دروسا عن أبطال التاريخ؟ ما معنى أن تحشو رأسي بقصة وا معتصماه؟ هل كانت أحجية خرافية كما الغول و العنقاء؟ أنا كذلك ذات يوم أصبح جدة و تكون أنت تاريخا .. فأي قصة تريدني أن أرويها عنك؟

ما بال الكل يتبرأ من بنوتي اليوم؟ ما بالهم لا يمدون يدا و لا يفتحون صدرا كالأول؟ أتراهم أنكروني؟ كيف لي أن أقبل أبوة من أنكر بنوتي؟ .. عوضية كانت و ستظل أختي من أبي و أمي و لم يأخذ بثأرها أحد و الفتاة المجلودة رغم إني أجهل اسمها ? صدقوني – فقد شاركتها ألم السياط و تجرعت معها الذل و الهوان و لا رجل تقدم ليحول بيننا و الجلاد المستمتع بجلدنا الاستهتاري .. أيعقل أن يُقتل أكثر من ستين مشرد و لا تقوم قائمة؟ و طلاب نيالا .. أليسوا إخوة لي و أخوات؟ من منكم لمقتلهم ثار؟ من منكم واساني و خرج للشارع و قال؟ من منكم يا آبائي زرف دمعة؟ ألم يمر الأمر أمام ناظريكم ثم أصبح نسيا منسيا؟ أم أن مهمتكم اختصرت على الولادة و الدفن؟ و صفية اسحاق طالبة الفنون لم تجد في طول و عرض السودان حِمى فهاجرت إلى خارجه لما فقدت الأمل في نصرة رجال السودان؟ أتراكم استبطأتم تحرك المنظمات في شأنها؟ أم كنتم تفتحون بوابات أن تستأمنونها على كلاب النظام؟ ماذا لو أن رجالا حالوا بينها و بين طلابها قائلين over our dead bodies و الله لما تعدى الإنتهاك إلى غيرها أبدا.

لست ساذجة بحيث أنكر رجولة أبي الذي هو أبي صراحا و ليس رمزا .. و لكن دعونا من اليوم نضع خطوطا فاصلة .. دعونا نطبق عمليا وصفا وظيفيا لعلاقتنا بكم .. سنرفع شعارا هو .. (حماتنا آباؤنا) و من لا تنطبق عليه المعادلة فلينزوي و يساعدنا بالصمت .. فالمُخذّل منكم أخطر علينا من النظام نفسه و نحن في مرحلتنا الفاصلة .. أحوج ما نكون إلى النوعية لا الكثرة .. لقد صرخنا المرة تلو المرة بوا أبتاه .. و في كل مرة لا نجد إلا قهرا من النظام و خذلانا منكم .. في كل العالم نرى الكبار يتقدمون الصفوف .. و في بلادي .. بلادي وحدها .. يتقدمنا الكبار فقط إنْ الثورة انتصرت!!

تثور ثورتك إن خدش أحدهم جدار دارك و السودان يُقتطع و أنت صامت .. تغلي و تزبد و ترعد إن بعثرت أم عيالك أموالك و أموال السودان قد بُعثرت و أفرغت من خزائنها و أنت صامت .. تهتاج و بالغضب تمشي إن ضرب أحدهم فلذة كبدك و شباب السودان يُحصدون صباح مساء و أنت صامت .. ترفع رايات الإحتجاج إن خاطبك أحدهم بازدراء و كل أركان النظام يشتمنا و أنت صامت .. و تريدني بعد كل هذا ألا أجردك من صفة الرجولة؟ دعك مني و ابحث في ذاتك .. أتجدها فيك تلك الصفة؟ و الله لو أن النظام وقف على عُشرها لما استباح وطنا و أمة لكنه خلا له الجو فعاث و لا يزال.

أعزائي القراء .. معذرة و لأني مبعثرة بالداخل .. جاءت كلماتي كذلك من غير ترتيب .. و لا أزال أشخص ببصري .. و كلي أمل أن يشق ِمن بينكم الصفوف الصامتة مَنْ يدق صدرو بالصُح و يقول أنا أبوكي يا شريفة .. و أنا الحاميك يا وطن.

تعليق واحد

  1. لا حول ولا قوة الا بالله… شريفة!! الكنداكة انتي ولتصبري بنيتي فان الصبح قريب وما طال هذا الليل الا لينجلي بصبح وضاح الشمس ويجر وراءه سيل من الاصلاح .. لم اقدر ان اكمل باقي ماكتبت فانه موجع موجع لانه صادق

  2. عزيزتي شريف لم استطيع ان ارد باقتضاب .فسؤالك تداعت له ذكريات مؤلمة اتمنى ان ينشر في مقال سؤالك ياشريفة

  3. للافض فوك يا ختى شريفة وكلنا يعلم ان التعبيراتك وعنوان مقالك السابق جاء مجازيا وليست حقيقية وليس كما فسر اصحاب الفهم الضيق والسطحي ,, حتى ان بعضهم قد قارب ان يصفك بالعقوق!!
    فالمقصودة هنا ليس شخص بعينه مثل والداك تولاه الله بالرحمة والمغفرة اواخاك وهذا نوع من ضروب البلاغة المعروفة في الكتابة والتى تترك الاثر في النفس وتهزها وهذا مافعلتيه بالضبط.. و جاءت تعابيرك وصفا لما يمور في صدور الكثيرين من الناس لهذا الصمت المميت المقيت والخنوع والقبول بالمهانه والذله الى هذا الحد في تسلط هؤلاء بالبلد!!
    مقالك قوي و واقعي ومستفز في نفس الوقت لعله يستفز الرجولة والنخوة في القلوب الميتة
    واسمع كلام الببكيك ولاتسمع كلام البضحكك,,,,,,,,,,,
    لافض فوك واستمري على هذا النهج اخت شريفة

  4. الابنة العزيزه شريفه … إن الآلام النفسية التي تعيشيها لها أسبابها الخاصة بك … لكن إنك تتحدثين وتتهمين كل الشعب السوداني … وللأسف معك بعض اللذين تنطبق عليهم ماوصفت به الرجال وأبناء السودان .. وتجدهم يثنون على مفرداتك الجارحة في حق الرجل السوداني بعينه …. يا إبنتي العيب وكل العيب .. بأن تصفي أبناء عشيرتك وأهل بلدك .. مجازا في أبيك الله يرحمه … وأخيك إن كان لك أخ … بهذه الصفات … حتتى وإن كانت مجازة ….. والغرض منها … بث النخوة في الآخرين … ابنتي إن الكتابة لها أخلاقها .. بقدر ما لها من صياغة لغوية …. إني لا ألوم عليكي … ولكن كان من الممكن أن توجهي هذه الاتهامات لقادة الاحزاب والقوى السياسية التي هي من ينطبق عليها هذه الصغات لأنها .. أسلمت نفسها للنظام وأصبحت تسعى لمقاسمته في المصالح الخاصة .. بينما الشعب السوداني المسكين ….(وأقصد هنا الشعب السوداني الذي يعيش في أرض الوطن ويعاني ما يعاني .. وليس مواطني السودان الذين يعيشون خارج السودان بمختلف توجهاتهم وفئاتهم) … ابنتي إن الاحزاب والقوى السياسية وهنت وضعفت بسبب المصالح الشخصية … وأصبحت المصالح الشخصية سببا في أن تفقد هذه الاحزاب قواعدها الجماهيرية التي هي أساس الثورات … إن ثورة أكتوبر نجحت بسبب التنظيم الذي كانت تتميز به ( حزب الجبهة الاسمي – الحزب الشيوعي السوداني .. حزب الامة الاصل … الاتحادي الديموقراطي الاصل … كل هذه الاحزاب كانت تتميز بدقة تنظيم المظاهرات وقيادتها وتجميعها وتفريقها في الوقت المناسب … واستعمل فيها كل الوسائل .. وكان السبب الفاعل في اسقاط نظام عبود هو ….. العصيان المدني المنظم ….

  5. هذا المقال يحوى عبارات مغتضبه لكنه محاوله لتصليح ما أنكسر فى المقال السابق

  6. صبرا يا بنية إن غدا لناظره قريب . صبرا يا أل ياسر إن موعدكم الجنة وقريبا سوف تتبسمين وتضحكين ياشريفة صبرا صبرا كفاية ياشريفة جفة الاحبار ورفع الاقلام هل من مغيث ؟

  7. مقال في الصميم واصاب واقعنا المرير .اختي شريفة اعتقد بانني كنت اكثر الناس لوما عليك علي عنوان مقالك السابق و يا اختي العزيزة انا ادرك تماما بانك تقصدي غالبية الرجال في عمر ابيك. فهل يعقل ان تختزلي كل ذلك السوء و الغضب علي هؤلاء الخنع اللا مبالين و ترمي به في وجه من رباك صغيرة وانت الكاتبة الرصينة القوية التي نرجو منها الكثير. ما اردت قولة ان لا نذكر كلمة (ابي) لفظا بسوء او جهالة سوى كان مجازا او صراحة او حتي سرا.و معليش لو مني الكلام حره.اما من اوصلوك لهذا الغضب فلهم اقول (خوفي عليكم من اكل السحت فانه يميت القلوب.)

  8. هكذا تنادت بنات طارق بلسان هند بنت عتبة
    نحن بنات طارق نمشى على النمارق ان تقبلوا نعانق و ان تدبروا نفارق فراقاً غير وابق
    ***
    وكلنا برغب عناقا ولا يطيق فراقا والدعوة عامة

  9. لا اله الا هو ابشري بالخير —- القابضين على الزناد والنزال لم يترجلوا …. فان خاب الظن في البعض …. فان فيافي الوطن تنبت كل غيور جسور…. يموت واقفا…..

    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……
    الثورة مستمرة ……

    ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته…..

    رصوا الصفوف وحدوا الهدف…..

    العدو واحد….. الرجس واحد…… الداء واحد….. هو فوضى الانجاس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..