الكونفدرالية لم ينفذ الوقت بعد

ساخن … بارد

محمد وداعة الله
[email][email protected][/email]

الكونفدرالية … لم ينفذ الوقت بعد

خلال الفترة الانتقالية اعتمد البرلمان تقريرآ لاحدى اللجان اعتبر قتلى الحرب بين الشمال و الجنوب جميعآ شهداء ، فى خطوة لافتة لمعالجة جراحات الحرب و التمهيد لمصالحة وطنية لم تتم لاسباب شتى و كان عدم اكتمال تلك المصالحة و تنفيذ البنود المتعلقة بها احد اسباب الانفصال ، حيث لم تتم مكاشفة و مصارحة و اعتراف بالحقيقة و لم تدخل العلاقات بين الشمال و الجنوب فى مرحلة العدالة الانتقالية ، فى ذلك الوقت بذلنا جهدآ نظريآ و عمليآ من خلال نشاطنا فى لجنة السلام و المصالحة الوطنية بهدف استشراف امكانية ان يظل السودان موحدآ ، بما فى ذلك طرح مبادرة الخيار الثالث ( المبادرة قدمها حزب البعث السودانى و تبنتها كتلة التجمع فى البرلمان ) و ادراجها فى قانون الاستفتاء ، بحيث يكون هنالك ثلاثة خيارا ت للاستفتاء ( وحدة ، انفصال ، كونفدرالية ) لكن مع الاسف كان واضحآ ان الطرفين الرئيسين المؤتمر الوطنى و الحركة الشعبية قد يمما و ابحرا منذ وقت مبكر نحو الانفصال ، هذا الوضع كشف بوضوح ان اى من الطرفين وفى غياب غالبية القوى السياسية السودانية ، لم يكن يمتلك استرتيجية محددة تجاه تقنين الاوضاع ، سوى كان ذلك تجاه الوحدة او باتجاه الانفصال ، وان اى من الطرفين لم يكن يطيق صبرآ يتيح اى فرصة لمبادرة الطريق الثالث بسهولة و استسلام ترك الطرفان الاختلافات حول تطبيق اتفاقية السلام تطغى على ما عداها ويتحول الصراع حولها الى الشغل الشاغل للطرفين ، و تراكمت اختلالات التطبيق لتصبح موجهآ للعلاقة بين الطرفين و لتكون فيما بعد جدارآ من عدم الثقة ، تراضى الطرفان ضمنيآ للتعايش معه ، واصبح شعار الوحدة الجاذبة و اعادة توحيد البلاد على اسس جديدة محل سخرية من الطرفين ، تباعدت المواقف مع بداية العد العكسى للانفصال ، حيث تراءى للطرفين ان الاخر عبء ثقيل يجب التخلص منه و كان الانفصال اقرب و اسهل الطرق ، وهكذا اضاع الاختلاف و التشاكس حول تطبيق اتفاقية السلام الشامل كل الفرص و المبادرات التى كان من الممكن ان تنقذ ما يمكن انقاذه ، مثل مبادرة الطريق الثالث ، و اقتراح تكوين لجنة قومية لمتابعة تنفيذ اتفاقية السلام الذى تقدمت به كتلة التجمع الوطنى الديمقراطى ، او عقد المؤتمر الدستورى بمشاركة كافة القوى السياسة و الذى كان يتبناه حزب الامة ، او المبادرة السودانية من الحزب الاتحادى الديمقراطى اتضح فيما بعد ان تصورات الطرفين لم تكن فى محلها و ان تكلفة الانفصال باهظة مثلما كانت فاتورة الحرب ، وان اتفاقية السلام لم تمنع الطرفبن من العودة مرة اخرى الى القتال بعدة وعتاد اكبر، و نوايا من الطرفين تتجاوز الفعل الدفاعى المشروع بهدف الحفاظ على الحقوق الى العدوان الصريح ، تفجرت الاوضاع فى جنوب كردفان و النيل الازرق واشتعلت الحدود بين الشمال و الجنوب ودفع المواطنون فى الدولتين ثمن ذلك من ارواحهم و ممتلكاتهم ، و تدهورت الاوضاع الاقتصادية فى البلدين بسرعة لم يتوقعها الطرفان ، و شارفت على الانهيار الكامل ، و لاول مرة منذ سنوات تظهر الاوضاع الاقتصادية فى اضابير و تقارير الاجهزة الامنية باعتبارها مهددآ لوجود النظام ، اكدت على ذلك الاحتجاجات و التظاهرات التى عمت ارجاء البلاد دون استثناء ، والتى ينتظر تجددها اذا لم تتحسن الاحوال ، كما ان الاوضاع فى جنوب السودان فى اسوأ حالاتها ، فالدولة الوليدة اضافة الى افتقارها للبنية الاساسية ، و توقف اى نشاط تنموى او استثمارى ، فقد ارتفعت اسعار المواد الاستهلاكية و الوقود و المياه ، و اضطرب الاداء السياسى للدولة فبدلآ من البحث عن حلول لمشكلاتها فى الجوار الافريقى و العربى ، قفزت الى تطبيع كامل مع اسرائيل ، مما ينبئ بمشاكل اكبر حول المياه فى المستقبل القريب ، وربما يكون فى ذلك ما يهدد الامن المائى للسودان او مصر ، و قد تدخل اطرافآ اخرى فى الصراع ، مما يؤكد ان التوتر سيهيمن على علاقات الشمال و الجنوب لفترة قد تطول و سينعكس هذا التوتر و تداعياته على كل الاقليم ، لا طريق امام الدولتين غير التوصل الى صيغة للتعايش فى سلام و تعاون مشترك يعود بالفائدة على المواطنين فى البلدين وبما يسمح بالتداخل و التمازج الاجتماعى و التواصل بين البلدين وعلى الاخص فى مناطق التماس بين الشمال و الجنوب حيث يعتاش حوالى 6 مليون مواطن من البلدين ، وتنظيم حرية انتقال البضائع و السكان و اعتماد صيغة الحريات الاربع لمواطنى كلا البلدين ، لا بد من الوصول الى علاقات طبيعية و مرنة تراعى خصوصيات الاوضاع فى كل بلد ، دون ان ننسى ان السودان ينبغى ان يكون قادرآ بارادة واعية على القيام بدور رعاية و مساعدة جنوب السودان ، وعليه ان يقدم الخبرات الشمالية للمساعدة فى بناء الدولة فى الجنوب ، بدلا من القلق لتنامى العلاقات بين الجنوب و اسرائيل ، وجود اسرائيل فى الجنوب سيكون السبب الوحيد لعدم حدوث استقرار بين البلدين و سينتهى اى امل فى ان يعود البلدين الى طريق بناء علاقات متميزة ، وربما انعدمت فرصة التوصل الى علاقة خاصة ، قد تكون الاتحاد او الكونفدرالية ،
على الأقل علاقات متميزة على غرار العلاقات مع ارتريا و إثيوبيا أو مثل مصر أو تشاد .

تعليق واحد

  1. كلام عقلاني ومنطقي ولكن يحفظ لعدم امكانية النظر فيه في الوقت الحالي ولحين ذهاب الانقاذ……..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..