الراعي والرعية والسعيّة

الراعي والرعية والسعيّة
كمال كرار
في أنباء الخرطوم كلام حول حاجة إسمها الراعي والرعية
ولا تظنن عزيزي القارئ أن هذه ( الحاجة ) ذات علاقة بالبهائم أو الضحية أو التصدير وما يسمي بالسعية ? بتشديد الياء –
وليس لها أدني علاقة براعي الضان في الخلاء ، المطارد من قبل الزكاة والضرائب والمحليات
فحوي المسألة أن حكام الخرطوم في المناسبات ? مثل رمضان ? يتذكرون بعض المرضي والمحتاجين فيزورونهم بصحبة الكاميرا ويعطونهم في نهاية الزيارة ( ظروفاً ) صغيرة فيها بعض المال .
وفي ختام الزيارة تنهال التصريحات الرسمية عن برامج الحكومة لمكافحة الفقر ، وتنقل إشادة أصحاب الظروف بالحكومة واهتمامها بالفقراء .
ولا شك أن لبرنامج الراعي والرعية لجنة أو سكرتارية ترتب برنامج الزيارات وتقترح أسماء بعينها
ولا شك أن لهذه السكرتارية أموال ونثريات لمقابلة تكاليف عملها
ومن ضمن مصروفات هذا البرنامج وقود العربات الرسمية التي تجوب الخرطوم تبحث عن الرعية
ومن ضمن نفقاته أيضاً تكاليف البث التلفزيوني والإذاعي بما فيها عربات التلفزة ومذيعات الربط وأجرة القمر الصناعي .
وحتي لا يقال ما يقال ، فمبروك علي ممثلي الرعية هؤلاء نفحات الراعي الرمضانية
ولكن الرعية في الخرطوم وحدها يفوق عددها ال 5 مليون مواطن حسب التعداد الأخير ، وفيهم ناس فقراء يسكنون الخيران ومتسولين في جنبات الشوارع وعطالة بدون شغل وعمال لا يجدون الأجر الكافي لسد رمقهم وأطفال تركوا مقاعد الدراسة بسبب الرسوم الباهظة ، ومرضي لا يجدون ( حق ) الكشف الطبي ناهيك عن الدواء والعلاج وهؤلاء جميعا لا تهمهم الزيارات المضروبة والابتسامات أمام الكاميرا بقدر ما تهمهم ( قفة الملاح ) الرخيصة والتعليم والعلاج المجاني .
ولكن الراعي الذي يزور الرعية في المناسبات هو عضو نافذ في الحزب الحاكم الذي قال لا لمجانية التعليم ، وخصخص المستشفيات وجفف بعضها .
ونفس الحزب أعلن علي رؤوس الأشهاد أنه لن يتخلي عن سياسة التحرير الاقتصادي ، ومعناها بيع المؤسسات العامة وتشريد الناس وغلاء الأسعار .
ونفس الحزب زاد أسعار المواد البترولية ، ولما خرج الناس للشوارع احتجاجا ، ضربوا واعتقلوا وماتوا كما هو الحال في نيالا .
وعلي ذلك فإن الحزب المذكور مسؤول عن إفقار الناس وتجويعهم وإفلاسهم وهم عشرات الملايين من أبناء البلاد ، ولا تعني الملاليم التي تعطي لحفنة من الناس لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أي ( حاجة ) أمام الكوارث التي تسبب فيها النظام الحاكم .
لو خفضت الحكومة سعر الرغيفة بواقع عشرة قروش ، والسكر بواقع جنيه للرطل ، ولو أصبح العلاج مجاني في مستشفيات العاصمة الحكومية ، والتعليم مجاني في المدارس الحكومية لكان أجدي وأفيد من مسرحية الراعي والرعية وهذه الزفة التلفزيونية
الميدان
اللهم ان كمال كرار قال
ونفس الحزب أعلن علي رؤوس الأشهاد أنه لن يتخلي عن سياسة التحرير الاقتصادي ، ومعناها بيع المؤسسات العامة وتشريد الناس وغلاء الأسعار .
ونفس الحزب زاد أسعار المواد البترولية ، ولما خرج الناس للشوارع احتجاجا ، ضربوا واعتقلوا وماتوا كما هو الحال في نيالا .
وعلي ذلك فإن الحزب المذكور مسؤول عن إفقار الناس وتجويعهم وإفلاسهم وهم عشرات الملايين من أبناء البلاد ، ولا تعني الملاليم التي تعطي لحفنة من الناس لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أي ( حاجة ) أمام الكوارث التي تسبب فيها النظام الحاكم .
لو خفضت الحكومة سعر الرغيفة بواقع عشرة قروش ، والسكر بواقع جنيه للرطل ، ولو أصبح العلاج مجاني في مستشفيات العاصمة الحكومية ، والتعليم مجاني في المدارس الحكومية لكان أجدي وأفيد من مسرحية الراعي والرعية وهذه الزفة التلفزيونية
اللهم ان كمال كرار قال
و رسولك صلى الله عليه و سلم قال
الامام راع و مسؤول عن رعيته
و قال صلى الله عليه و سلم
من ولاه الله شيئا من امور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم و خلتهم و فقرهم احتجب الله دون حاجته و خلته و فقره يوم القيامة
اللهم فاشهد
مقال في الصميم ، وده الحاصل بالضبط !!! بس متين بتروح مننا نظرية الشوفونية والعنجهه الفارغة التي دخلت للمجتمع السوداني السمح قبل ان يلوثوه اصحاب الوجوه الكالحة قبحههم الله والنصر قريب
جزاك الله خير كمال كرار
كلام فى محلو
أوردت الاستاذة انعام محمد الطيب قصة إنسانية، كأنها سقطت سهواً من دفاتر فيكتور هيجو صاحب البؤساء، قصة تعكس تفاصيلها الحزينة المبللة بالدموع والأسى أبعاد ما تعانيه كثير من الأسر في مواجهة متطلبات العيش الكريم في العاصمة الخرطوم، وبالطبع في المدن والقرى الولائية البعيدة والقريبة.
طفلة بمرحلة الأساس وضعتها حادثة سرقة صغيرة داخل الفصل في ظرف أكبر من طاقتها للاحتمال، حادث السرقة دفع بإدارة المدرسة نحو الفصل مجموعة من الأساتذة يحملون في أياديهم سياط تنذر بعقوبات صارمة ستطال السارق ، قرار الإدارة كان تفتيش حقائب التلميذات لاكتشاف اللص الصغير.
وبدأت حملة التفتيش لتتوقف أمام طفلة صغيرة هزيلة الجسد شاحبة الوجه، كانت تتشبث بحقيبتها بخوف وفزع.
مشهد الطفلة أثار شكوك الأساتذة، فوضعت في دائرة الاتهام. باءت بالفشل كل محاولات إقناعها بإخضاع حقيبتها للتفتيش. لم تجدِ عبارات التهديد والوعيد والسياط.
أخذت الطفلة من الفصل الى مكتب مديرة المدرسة وهي تضم حقيبتها الى صدرها، كان تشبثها بالحقيبة يزداد مع تصاعد التهديدات وارتفاع درجة اليقين لدى المعلمين بأنها هي السارقة!!
مضى الوقت وهي على موقفها، عندها اضطرت المديرة لنزع الحقيبة من بين يديها. كانت المفاجأة التي أبكت الحضور اكتشاف سر رفض التلميذة تفتيش حقيبتها!!
لم يجدوا المسروقات بالحقيبة ولكنهم وجدوا أن الصغيرة كانت تقوم بجمع بقايا طعام زميلاتها لتذهب به الى أسرتها في ضواحي أم درمان!!
وعندما اكتشف السر انهارت الطفلة وانخرطت في نوبة بكاء هستيري مرير، فجرح كبريائها كان أعمق من أن تضمده عبارات المواساة!
عندما نشرت القصة توقعت أن تلفت انتباه جهات عديدة معنية بالإسناد الاجتماعي للأسر الفقيرة وفي مقدمتها ديوان الزكاة!!
مرت القصة دون أن يهتز لها وجدان جهة رسمية واحدة او تفتح باب التأمل في واقع اقتصادي شديد الوطء على حال شرائح مجتمعية تنام على قسوة الجوع وتصحو على هموم ثقال وتستر حالها بالتعفف والصبر الجميل، لا تزورها الابتسامات إلا نادراً ولا تعرف للأفراح طريقا ولا عنوانا !!
دموع الطفلة الصغيرة سجلت أحرف إدانة على حوائط تلك الجهات التي لم تسلم من سوس الفساد واتهامات تبديد الأموال في العمارات السوامق ومصاريف التسيير، و التي بإجراءاتها البروقراطية المعقدة ظلت تهدر ماء وجوه الفقراء بعبارات (أمشي وتعال)!!
مع القرارات الاقتصادية الأخيرة واشتعال الأسعار، تمنيت لو أن مشروع الزيارات المسائية المعد من وزارة مجلس الوزراء لرئيس الجمهورية ونائبيه ومساعديه لبعض مشاهير كرة القدم وأهل الفن والأدب من رجالات ونساء الأمس، استهدف هذا العام أسر من غمار الناس البسطاء الذين تحسبهم أغنياء من التعفف، من الذين يجلسون بعيداً عن دوائر الاهتمام الرسمي من أمثال أسرة تلك الطفلة التي رفضت العودة للمدرسة بعد اكتشاف نشاطها السري في توفير قوت أهلها من بقايا طعام زميلاتها. أسر لا تزال تنتظر نضوج الحجارة على نار الصبر قبل أن يطرق عمر بن الخطاب أو من ينوب عنه على الباب..!
kamal goverment workingin his pacet