سد المنصوراب يدافع عنه.. والسيول تهدده وتتربص به… مشروع الجموعية الزراعي.. الإهمال يهدد أمن الخرطوم الغذائي

المزارعون: تلقينا خسارة فادحة جراء السيول ونحمِّل الإدارة والحكومة المسؤولية

إدارة المشروع: رفعنا دراسة متكاملة لوزارة الزراعة لتلافي السيول لكنها لم تحرك ساكنا

وزارة الزراعة: لا نستطيع تعويض المزارعين والأزمة ينبغي أن تُعالج اتحاديا

تشريعي الخرطوم: سنسعى لتدارك آثار الأزمة مع الجهات المختصة لتعويض المزارعين

مصارف أم درمان: وزارة الزراعة قامت ببناء سد المنصوراب وحدث به كسر للترس

برلماني: لن نعفي أنفسنا كمجلس تشريعي وحكومة ولائية واتحادية من المسؤولية

تحقيق: عواطف إدريس

سيول جارفة

حطمت السيول المندفعة من سهول شمال وغرب كردفان آمال وأحلام مزارعي مشروع الجموعية الزراعي بريفي غرب أم درمان في حصاد خضروات الطماطم والبامية والشطة التي تشتهر بها منطقة الجموعية، بعد أن غمرت المياه أرض المشروع بالكامل واتلفت المحاصيل التي قاربت على الحصاد والتوجه بها نحو أسواق العاصمة، وقد سارع المزارعون إلى المشروع فور سماعهم نبأ السيول والتي فاضت عن سد المنصوراب والذي عجز عن احتوائها لسعته التخزينية المحدودة ويممت صوب المشروع واخترقت السد الترابي الذي تهاوى أمامها بعد أن وجدت ثغرة فيه عبر طريق معبد شق المشروع كان قد أقامه مهندسو إدارة الشؤون الهندسية بوزارة البنى التحتية رغم اعتراض المزارعين عليه واقتراحهم عمل (كوبري) لتعبر المياه من خلاله ولكن لا حياة لمن تنادي فقد كان السبب في الكارثة التي حلت بأرض الجموعية وأفقدتهم موسما زراعيا كاملا كانوا يأملون من خلاله سد النقص في الأسواق وسداد قروضهم البنكية وتحقيق الاكتفاء الذاتي للمنطقة والتي يعتمد عليهم جميع السكان والقرى المجاورة في الخضر ولكن جاءت الرياح بما لا تهوى سفنهم وغمرت المياه أرض المشروع في منظر يفتت الأكباد من الحزن والأسى ويضع الغصة في الحلوق لتنزل الدموع سخينة من عيون يعز عليها البكاء ولكنها المواقف العصيبة والشديدة والقهر والأمر من ذلك عدم تبنى أي جهة مسؤوليتها عن هذه الكارثة وعدم تطوع أي جهة بتحمل خسائر المزارعين الفادحة أو تعويضهم بل جعلت تتقاذف المسؤولية كل يفر بجلده منها كما قال المثل: (الشينة منكورة) .

انهيار المشروع

انهار مشروع الجموعية الزراعي انهيارا كاملا بعد أن شارف الموسم الزراعي على الإنتهاء ووجه المزارعون أصابع الاتهام إلى وزارة البنى التحتية والمواصلات بعد أن قامت الأخيرة بإنشاء طريق معبد يخترق المشروع البالغة مساحته 5 آلاف فدان زراعي وقال عضو مجلس إدارة المشروع فتح الرحمن مضوي غاضبا وفي حنق “هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المشروع للغرق، ولتفادي ذلك قمنا كمجلس إدارة قبل ثلاثة أشهر برفع تقرير إلى وزير الزراعة محذرين من خطورة السيول والأمطار ولعمل الاحتياطات اللازمة لمواجهتها ولكن لم تحرك الوزارة ساكنا إلى أن حدث ما حدث”، ويضيف قائلاً “نحن كمجلس إدارة نحمل المسؤولين في الحكومة انهيار هذا الموسم الزراعي بالكامل وهذا الدمار والخراب والأمر المخذي أنهم لا يأتون إلينا إلا بعد أن ينتهي الأمر”، وصب المزارعون جام غضبهم على حكومة الولاية في فقدانهم لمحاصيلهم من الخضر وقال المزارع موسى علي موسى قمت بزراعة 11 فدانا التي أملكها في المشروع بالبامية وكنت على وشك حصادها وحملها إلى الأسواق ولكني فوجئت كغيري من المزارعين بما حدث وتقدر خسارتي ب24 ألف جنيه وهذه ليست المرة الأولى فقد تعرضنا لهذا الموقف في العام 2014م بنفس الطريقة حيث غمرت مياه السيول المشروع، ولام إدارة المشروع والتي قال بأن بها خلل لعدم الصيانة المبكرة للسد الترابي والذي يقوم بحماية المشروع من المياه ولا يأتوا إلينا إلا بعد الغرق، وأضاف في البداية كان الغرق جزئيا ويمكن معالجته وإنقاذ بقية المشروع، ولكن البطء والإهمال من إدارة المشروع هو السبب المباشر في الغرق من الناحية وغمره كاملا بالمياه، وأشار إلى وجود عوائق حول المشروع تتمثل في مزارع حالت دون سير المياه في مسارها الطبيعي ودخولها الأرض المزروعة وقال يتطلب هذا الأمر معالجة جذرية مستقبلا، ومضى إلى حال سبيله بعد أن فاضت نفسه حزنا وغص حلقه بالألم وهو يرى حصاده هشيما بعد موسم كامل من الرعاية والتعب، التقط منه مزارع آخر كان يقف بجانبه ويمور الغضب في وجهه وتعتمل نفسه ببركان من الثورة على ما آل إليه حالهم وقال وهو يصيح بأعلى صوته ورافعا يديه إلى أعلى في انفعال واضح أنا المزارع العبيد حسن لطالما نادينا بتعلية سد المشروع وإنشاء آخر مرادف له وناشدنا إدارة المشروع بالعمل على ذلك ولكن لم يحدث شئ إلى أن انهار المشروع انهيارا كاملا وانهارت معه أحلامنا وآمالنا في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضر والتي تشتهر بها المنطقة ويعرفها السوق بخضار الجموعية، وحكى العبيد عن أحد المواسم في عهد الوالي السابق عبد الرحمن الخضر والذي تفقد أحد الأسواق ليجد أسعار الطماطم عالية وعند زيارته الثانية للسوق تفاجأ بانخفاض كبير لأسعارها وعندما سأل عن السبب قالوا له طماطم الجموعية دخلت السوق فقام بزيارتنا في المشروع شاكرا وممتنا لنا في ذلك وكنا نطمح هذا العام في تحقيق الاكتفاء الذاتي للولاية أسوة بالمواسم السابقة .

أمن غذائي

استطلعت إدارة المشروع عن ذلك فقال المدير مهندس زراعي عبد الله الأمين إن السيول المندفعة بقوة تسببت في تعطل الآليات ولدينا ثلاث آليات معطلة، وطلبنا من المعتمد وحكومة الولاية مدنا بآليات جديدة وشفاطات لشفط المياه وعمل ردميات، وقد تم عمل دراسة لتعلية سد المشروع البالغ طوله 21 كيلو مترا وبناؤه بالطوب وتعميقه إلى 2 كيلو متر ونصف بالتعاون مع وزارة البنى التحتية وتسليمها لوزارة الزراعة لحماية المشروع، ولكن لم يتم تنفيذها موضحا أن الدراسة ميزانيتها عالية وقال لا تستطيع إدارة مشروع توفيرها كما طالبنا بعمل سد موازي لسد المنصوراب لأن سعته التخزينية ضعيفة والاستفادة من هذه المياه في مشاريع حصاد المياه، وقطع بعد استطاعتهم تعويض المزارعين كما أقر بعدم التأمين الزراعي للمشروع .

خسائر فادحة

نائب دائرة الريف الجنوبي وعضو اللجنة الزراعية بتشريعي الخرطوم سليمان إدريس نمر قال إن مياه المطار والسيول المندفعة بقوة من سهول شمال وغرب كردفان غمرت أرض المشروع البالغة مساحته 5 آلاف فدان زراعي يعتمد عليه 300 ألف مواطن و75 قرية اعتمادا كاملا في أمنهم الاقتصادي وهذا المشروع التعاوني بين المزارعين شيد في العام 1946م وبه بنية تحتية ضخمة ويسد احتياجات الولاية من الخضر، ولكن الخلل كان في إنشاء طريق معبد شق المشروع دون عمل الاحتياطات اللازمة كالكوبري وأنا أحمًل إدارة الشؤون الهندسية ووزارة البنى التحتية هذا القصور، والذي تسبب في انهيار موسم زراعي كامل وتكبد المزارعين لخسائر فادحة لن تقوم أي جهة بتعويضهم، وأضاف أن الطريق حجز المياه عن مسارها الطبيعي والذي يمتد إلى نهر النيل في انسياب مما جعل المياه تنجرف عن مسارها وتدخل لأرض المشروع وتغرقه بالكامل، وقال إن خسارة الفدان الواحد تقدر ب 3 آلاف جنيه وكان من العائد المتوقع للفدان 7 آلاف جنيه، وفي أوقات الجفاف في المواسم السابقة كانت الإنتاجية للفدان الواحد 20 جوالا ولو اكتمل هذا المشروع إلى نهايته لكان غطى احتياجات الولاية وصدرنا البقية للخارج، وأضاف نحمًل أنفسنا كمزارعين ومسؤولين المسؤولية كاملة ولن نعفي أنفسنا كمجلس تشريعي وحكومة ولائية واتحادية من مسؤولية هذه الخسائر الكبيرة.

لا تعويض للمزارعين

لم أغفل وزارة الزراعة لارتباطها المباشر بالمشروع واعتماد مزارعي المشروع عليهم فاستطلعت مساعد المدير للشؤون بالوزارة بابكر محمد عطية الله عن إمكانية تعويض المزارعين عن خسارتهم أو مساعدتهم في ذلك ولكنه نفى ذلك نفيا قاطعا، وقال لن نستطيع عمل شئ لأنها تفوق إمكانياتنا كوزارة وهو عمل قومي واستدرك بأنهم سيعكسون هذه الأوضاع للجهات العليا، وتخوف من ازدياد الأمطار والسيول في مقبل الأيام خاصة وإن الخريف في بداياته، ونفى مسؤوليتهم عن فشل الموسم الزراعي للمشروع، وقال الوزارة لا علاقة لها بالمصارف والسدود وإنما ينحصر عملنا في العمليات الزراعية داخل المشاريع، وجزم بأن مشروع الجموعية الأكثر تعرضا للسيول التي تأتي من المناطق القريبة من كردفان لأنه في مسار السيول الطبيعي، وأشار إلى حاجة المشروع للنظافة والصيانة حتى لو لم تمكن هنالك سيول وهو ما لا يحدث بحسب حديثه، مشيرا إلى أن السدود مسؤولية الكهرباء والسدود وليس الزراعة، وقال إن المياه ملأت أرض المشروع ولن تستطيع أي جهة عمل شئ ولن تخرج المياه إلا عبر مسارها الطبيعي.

غرق بالكامل

فيما اعتبرت لجنة الزراعة والثروة الحيوانية بتشريعي الخرطوم أن الأمر تجاوز من مرحلة فشل الموسم الزراعي إلى أزمة تحتاج إلى تضافر كل الجهود لتدارك آثارها السالبة نسبة لتأثر المنطقة بالكامل إلى غمر المياه وتحطيم الإنتاج وغرق 5 آلاف فدان من أصل 8 آلاف فدان مساحة المشروع وقالت رئيس اللجنة د. عفال محمد عبد القادر، لهذا الأمر تأثير مباشر على أسعار الخضروات في أسواق الولاية، وأكدت سعيهم بالتعاون مع لجنة البنى التحتية بالتشريعي لحل هذه المشكلة حلا جذريا في المستقبل برؤية إستراتيجية تحول دون حدوث هذه المشاكل حتى لا ينفر المزارعون من الزراعة ويقل الإنتاج، فيما دعت عضو لجنة الزراعة علوية عثمان، حكومة الولاية إلى تعويض المزارعين ولو بالقليل حتى يستطيعوا مواصلة حياتهم وأرجعت ذلك لأن الخطأ ليس من المزارع وإنما هو إهمال دولة والتي لم تقم بواجبها في هذا المشروع المهم للولاية، وقالت هذا وضع كارثي خاصة وإن الزراعة شارفت على الحصاد مما تسبب بكارثة حقيقية يتعرض لها المزارعون، موصية بعمل لجنة من جميع الجهات بإشراف تشريعي الخرطوم وتبنى حلول عاجلة وإدارة هذه الأزمة الكارثية بحكمة تراعي مصلحة المزارعين وتدارك الخسائر.

خط الدفاع الأول

ذهبت إلى سد المنصوراب ضمن وفد لجنة الزراعة بتشريعي الخرطوم للوقوف على الأوضاع فيه خاصة وأنه خط الدفاع الأول لمشروع الجموعية الزراعي ووجدناه صامدا في وجه السيول القوية القادمة من سهول كردفان والتي ملأت الجانب الآخر منه ووجدت مجرى السيل والذي ينحدر طبيعيا حتى وديان أراضي الجموعية وكانت به بقايا المياه التي فاضت من السد واجتاحت مشروع الجموعية الزراعي وقضت عليه، فنفى مدير مصارف أم درمان عبد الرحمن أحمد، والذي كان متواجدا هناك أن يكون سد المنصوراب السبب في كارثة مشروع الجموعية، وأضاف أن ترس المصرف انكسر نسبة لاندفاع المياه الكبير، وقال إن من قام ببنائه هي وزارة الزراعة نفسها لحماية المشروع.

التيار

تعليق واحد

  1. كارثة متكررة والسبب فشل اداري شنيع على جميع مستويات الجهات المسئولة والتي أصبحت كالجزر المتناثرة لا رابط بينها ولذا فالكل قد تنصل من المسئولية وتركوا المزارعين وحدهم يتحملون ما حل بهم.لا حياة لمن تنادي لا حياة لمن تنادي .لكم الله يا أهلنا العزاز الأكارم الأشاوس في دار الجموعية.سوف تجتازون هذه الكارثة والمحنة بحول الله وقوته.

  2. كارثة متكررة والسبب فشل اداري شنيع على جميع مستويات الجهات المسئولة والتي أصبحت كالجزر المتناثرة لا رابط بينها ولذا فالكل قد تنصل من المسئولية وتركوا المزارعين وحدهم يتحملون ما حل بهم.لا حياة لمن تنادي لا حياة لمن تنادي .لكم الله يا أهلنا العزاز الأكارم الأشاوس في دار الجموعية.سوف تجتازون هذه الكارثة والمحنة بحول الله وقوته.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..