التربية.. الأمس واليوم ..رشا التوم

منذ أيام قليلة بدأ العام الدراسي بكافة مراحل التعليم المختلفة، ومازال لدى الأسر والطلاب متسع من الوقت للإعداد الجيد للمراجعة والمذاكرة منذ بداية العام حتى يتسنى لهم إحراز النجاح بنهاية السنة، وهذا الأمر يتطلب قطعا بذل مجهود جبار من قبل الأسر والمعلمين، وقبل ذلك الطالب ذات نفسه بالاستعداد لفتح أذهانهم وعقولهم وقلوبهم لتلقي العلم. وبما أن التعليم أصبح مستويات متفاوتة ما بين المدارس العامة أو الحكومية والخاصة ورغم التباين الكبير، أنا على مستوى شخصي يأخذني الحنين الى نظام التعليم القديم، لأنني أرى فيه كثيرا من الميزات بيد أنني لا أعلم من أين أبدأ الحديث عن التعليم والمنهج الدراسي في المدارس السودانية لمرحلة الأساس فقط، ناهيك عن التعليم الجامعي أو ما فوقه؟. فالحديث متشعب والموضوع شائك لدرجة ما وله أبعاد فوق ما قد تصوره أقلامنا، فبدأت مشكلة التعليم كما أعتقد منذ تغيير السلم التعليمي منتصف التسعينيات. حيث تم إلغاء مرحلة الأساس المكونة من ست سنوات ودمجها مع مرحلة المتوسط ثلاث سنوات لتصبح ثماني سنوات بمرحلة الأساس، فإلغاء عام كامل أثر بلا شك في استيعاب وفهم الطلاب وأدخلهم نفق العجلة في ارتقاء السلم التعليمي تمهيدا لدخولهم مرحلة الثانوي في مرحلة عمرية حرجة (ما بين الطفولة والمراهقة). وزاد على الأمر تغيير المنهج القديم بآخر جديد اختلف كما ونوعا في مفاهيمه عن المنهج القديم رغم أنه ضم عددا من المناهج الحديثة في العلوم والرياضيات وغيرها، ولكن ما الفائدة من منهج يعجز عن استيعابه الطلاب وإحراز درجات النجاح كاملة، لتصبح أذهانهم محشوة بمواد ومقررات ينسون محتواها بنهاية العام.؟ وقد دار الحديث أيضا عن اتجاه لإعادة السلم القديم بإضافة عام آخر ليصبح الأساس تسع سنوات ولا أدري أين وصل هذا المقترح الآن؟ رغم أن الاتجاه قد يواجه بالرفض أو القبول من البعض واختلاف المراحل وتسمياتها يعد محفزا ومشجعا لنجاح الطلاب تمهيدا لانتقالهم للمرحلة المقبلة. ومن الملاحظ أن التعليم لم تنحصر مشكلاته في المدارس والسلم فقط، ولكن صاحبها مشكلات في المعلمين المؤهلين والبيئة المدرسية المختلفة ما بين المدارس الخاصة والحكومية وظاهرة التعليم المختلط، دون الوضع في الاعتبار ما قد يجره هذا الأمر من خطر يهدد مستقبل الطلاب وأسرهم وارتفاع معدلات العنف والجريمة بين الطلاب أنفسهم، إضافة الى ضعف التعليم الحكومي مع توسع التعليم الخاص رغم ارتفاع التكلفة وافتقار المدارس لأبسط المقومات التربوية والبيئية. انتشار ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس أثناء اليوم الدراسي دون رقيب أو مساءلة سواء من الأسر أو المدارس واكتظاظ الفصول بعدد كبير من الطلاب يؤثر في مقدرتهم العقلية والنفسية على الاستيعاب. وأشير الى ظاهرة أخرى وهي تواجد الطلاب بالزي المدرسي وانتشارهم في النوادي ومقاهي الانترنت والأسواق والحدائق العامة وحتى مداخل الكباري في العاصمة أثناء اليوم الدراسي، فمن المسؤول عن ذلك؟ والبعض منهم يتواجد في الساحات العامة بغرض تعلم قيادة السيارات والمواتر، وهي مشاهد رصدت في الشارع العام تؤكد وجود خلل في العملية التعليمية. وندعوا خبراء التربية والتعليم أن يعيدوا الشعار القديم للتعليم في البلاد (التربية قبل التعليم)، فالجيل الحالي من الطلاب قطع شك فاته الكثير ويستحق منا جميعا إعادة النظر فيما نقدمه لهم اليوم من تعليم لأجل مستقبل زاهر ومشرق، فالتعليم قديما خرّج أجيالا امتازت بالثقافة والعلم والكفاءة التي دفعت بها الى الحياة العملية بكل ثقة وأصبحت أسماء البعض منهم منارات سامقة في السودان ويا ليتهم يحظون بقدر ولو ضئيل من تعليم زمان.
الانتباهة
ان الصرف علي التعليم في كل السودان اقل من 2 في المائة في ميزانية البلد ومرتبات المعلمين في الحكومة اقل المرتبات حيث ان المعلم في الدرجة الاولي مرتبه اقل من 2000 جنيه والدرجة الاولي تعادل درجة مشير في القوات النظامية ولذلك شتان مابين المرتبين وكذلك البيئة في المدارس متردية لعدم الصرف علي التعليم لان التعليم ليس من اولويات الحكومة.