قرارات وزراء كراسي ( النص ) !

قرارات وزراء كراسي (النص) !

محمد عبد الله برقاوي
[email][email protected][/email]

منذ عدة سنوات ربما في عام 2005 تحديدا ان لم تخني الذاكرة وكنت حينها أقضي اجازتي بالوطن ،دعاني صديقي الوفي الراحل الفنان الأمين عبد الغفار عليه الرحمة لمرافقته في حضور حفل تقيمه احدى الجمعيات الخيرية تدشيا لواحد من مشروعاتها !
وقد كان الحفل معدا له بصورة واضحة تمثلت في تشريف الوزير المختص وهو على فكرة من جماعة المؤتمر وليس من أهل الشراكة ، وبرفقته عدد من الرسميين المتصلين بالشأن المعني ، الى جانب الحضور الجماهيري الكبير وعدد الفنانين والفنانات المشاركين ، وبعد أن أنهي الأمين وصلته التي كانت حماسية حركت المسرح كله ، و قد ضمنّها مدحة من كلماته ختمها بتوقيع يقول ما معناه ..
( أن أنعم يارب العباد على عبدك الأمين بالطواف حول بيتك والتنعم بزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام )
في تلك الأثناء همس الوزير في اذن صديقنا الشاعر كامل عبد الماجد الذي كان يقدم فقرات الحفل ، بان يعلن أن الوزارة قررت التكفل بتكاليف أداء فريضة الحج للفنان الأمين عبد الغفار .. وقد كان.. !
قبل نهاية الحفل اقترب أحد الظرفاء من الأمين وقال له
( اضرب على الحديد وهو ساخن يا استاذ )
وعليك بمتابعة الأمر في مكتب الوزير منذ صباح الغد لتضمن فرصتك !
قال له الأمين مستغربا العجلة ، لا زال الوقت مبكر فأمامنا عدة شهور على موسم الحج ، فرد عليه صاحبنا بكلام فيه كثير من المعقولية قائلا له !
يا حبيبي.. الوزير في بلادنا هذه مثل راكب كراسي ( النص ) في الحافلة ، اما أنه نزل في أول محطة مع المغادرين واما جلس مكانهم منقولا من موقعه ، وفي الحالتين أنت الضائع !

مناسبة اجترار هذا الشبال القديم ، انني كنت اشاهد منذ ثلاثة أيام سهرة قناة النيل الأزرق من خيمة اسبارك سيتي الرمضانية والتي كانت مخصصة لدعم مشروع خيري يتعلق بمرضي الفشل الكلوي عافاهم الشافي ، وكان من ضمن الحضور جراحنا العالمي في ذلك المجال الدكتور كمال ابوسن وعدد من المسئؤلين والمختصين، وقد توالت التبرعات لدعم المشروع الذي يرتبط بعلاقة الصمغ العربي كوقاية وعلاج لذلك المرض اللعين و التي تفاوتت من النقدية والعينية وحتي بلغت التبرع من البعض بكلاهم في غمرة ذلك الحماس الانساني !
فلفت النظر أن وزير البيئة والغابات السيد حسن عبد القادر هلال وهو طبعا من دفعة الحكومة العريضة الذين دخلوا ضمن الشراكة الأخيرة اياها ، قد نهض من وسط السامر ودقّ على صدرة متبرعا للجمعية بمساحة منتجة لمختلف
أنواع الصمغ العربي مساحتها ..
(عشرة آلاف كيلو متر فقط لاغير)
وبها ملايين الأشجار في حزام مثمر فعلا، وزاد في القول بيتا من الشعر بانه سيقوم بتزويد الجمعية التي ستتمّلك الأرض
( نهائين ) بشتول جديدة لتعمير بقية فراغاتها !
بعد ذلك قام رئيس هيئة الصمغ العربي السيد عبد الماجد عبد القادر، معلنا ضمان شراء وتسويق انتاج تلك المساحة وانه تشجيعا للمشروع فستقوم الهيئة باستحداث عبوات البيع والشراء بنظام الكيلو جرام بدلا عن الطن ، تسهيلا للتداول حسب حاجة المرضي !
لحظتها تذكرت قرارات الوزراء من طراز ركاب كراسي النص والوقوف شماعة ، أمثال المهندس مسار وعثمان الشريف الذين ارتدت الى حلوقهم قبل أن يسمعها الجيران ، وابتلعوها اثر لطمة الرئيس الذي ايقظهم من حلاوة الحلم بدور الوزير كامل الدسم في مائدة لئام الحكم !
وأخشى على الدكتور كمال ابوسن من التأخير في استلام ما يثبّت حق جمعيته في تلك المساحة المهولة ، فيصبح كلام الوزير زبدة ليل تذوب في نهار تقلبات الظروف ، هذا ان لم يستدعي الرئيس موظفه الذي تدفق خيرا يشكر عليه،
ويعيده الى مولانا الميرغني ( مفنّشا ) حتي يتعلم ما الفرق بين الأراضي الحكر والملك الحر لأهل الانقاذ الأصليين في كل مكان من السودان مزروعة كانت أو بورا أو سكنية وبين أراضي دائرة الميرغني!
و ان كان أفنديها المنتدب لدى الانقاذ يملك حق التصرف فيها هكذا على الهواء مباشره مثلما يضرع أى ترزي قطعة من قماش الدمورية !
لطفا فاثارة الموضوع حقيقة لم أقصد منها استخفافا بأحد أو محض سخرية من الأمر ، وانما هو تنبيه صادق لايماني بأهمية انشاء تلك الجمعية الحيوية والحرص على نجاح هدفها الانساني .
واشارتي هنا من صميم متابعة مصير الكثير من القرارات المماثلة التي طواها النسيان قبل أن يرتد لسان ناطقها الى لهاته ، وحتى في الظروف التي كانت فيها موارد الدولة أحسن حالا، لم تلتزم الجهات المعنية بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة للتنفيذ ، وهي قرارات تتعلق على سبيل المثال وليس الحصر بمجانية غسيل الكلى ومدخلاته واستقبال مرضي الحالات الطارئة بالمستشفيات التي كانت صادرة من رئيس الجمهورية مباشرة او على مستوى نائبه الأول !
فلتسرع يا دكتور ابوسن قبل أن يضيع حقك وتذكر حكمة ذلك الظريف الذي تمت بنصيحته حجة الأمين التي تيسرت له فعلا ، جعلها الله عتقا له من النار ، وشفا مرضى الكلى في كل مكان ، وأدامك المولى نطاسا بارعا يرفع اسم السودان دائما عاليا مثلما يرفع الألم والمعانا ة عن المعذبين ..
انه مجيب عزيز .. وهو من وراء القصد.

تعليق واحد

  1. نعم تشير الامثلة الى أزمة الحكم وازمة الشراكة مع( أهل هذا الحكم ).. وليس الامر مقصورا على تجربة مسار او الشريف او او … فقط بل تمتد الى كل من يحاول ان يلعب دورا كامل الدسم مع (هؤلاء الناس) من لدن (جئت اصطاد ارنبا فوجدت فيلا _ال فيل ال_ الى اتفاق فشودة والخرطوم للسلام والاتفاقية الشاملة مع الحركة واتفاقية ابوجا مع الدارفوريين وووووووووووو ولا يزال اهل السودان يلدغون من نفس الجحر للمرة الالف

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..