مخدرات في المدارس

اسماء محمد جمعة

لا يختلف اثنان أن السودان أصبح سوقاً مفتوحاً لتجارة المخدرات، فالكمية التي دخلته خلال السنوات القليلة الماضية -وأعلن عنها رسمياً – كافية لأن تجعله يصنف واحد من أكبر أسواق المخدرات في العالم حتى وأن كان معبر لها كما يبرر بعض المسؤولين، وأيِّ كانت المبررات تبقى حقيقية أن المخدرات انتشرت للدرجة التي تستحق معها أن تضع الدولة سياسات قومية لمحاربتها، لأن أسبابها مرتبطة تماماً بسوء سياسات الحكومة تجاه المجتمع.
سنوات والحديث يدور عن انتشار المخدرات في الجامعات، وزارة التعليم العالي لم تنكر الأمر، لأن الحديث عن شيء خطير كهذا لابد أن وراؤه حقائق ولم يأت من فراغ، ولكن المؤكد أيضاً أنه ليس هناك دراسات دقيقة تقيس بالضبط مدى الانتشار، ولكن هذا لا يمنع أن تستعد الجامعات لأسوأ الاحتمالات وتقوم بعمل من شأنه أن يحاربها ويحد من انتشارها.
في الثالث من هذا الشهر وفي منبر وزارة الثقافة والإعلام الشهري قالت زيرة الرعاية الاجتماعية د. أمل البيلي بأن المخدرات هي الخطر القادم بقوة و اعترفت أن الخرطوم هي الولاية الأكثر تعاطياً، والأخطر من كل ذلك أن دائرة التعاطي دخلت إلى مدارس الأساس والثانوي، وقالت: كنا نضع أيدينا على قلوبنا عندما نقول: إن المخدرات تجاوزت أسوار الجامعات، أما الآن فأين نضعها اليوم وقد دخلت المخدرات إلى المدارس، وعندما يصبح التعاطي في هذه السن فإن الإدمان سيكون في مرحلة الثانوي، فماذا تنتظر الجامعات غير عدد من المرضى، ثم ماذا ينتظر المجتمع نفسه بعد أن تكون شرائحه الشابة قد دُمّرت تماماً.
هذا الحديث جاء على لسان وزيرة الرعاية الاجتماعية، ولا شك أنها لم تصرح به من فراغ ما لم يكن لديها الدليل القاطع، كما أنه ليس لديها مصلحة في أن تقول مثل هذا الكلام الخطير من أجل المنابر فقط.
في نفس هذا المنبر الذي تحدث فيه وزيرة الرعاية الاجتماعية تحدث فيه وزير التربية والتعليم أول أمس، ونفى انتشار المخدرات بين أطفال الأساس، وقال: إن تعليم الأساس معافى من ظاهرة المخدرات، لأن الباحثين الاجتماعيين والنفسيين لم يأتوا بما يشير إلى ذلك .
لماذا ينكر وزير التربية هذه المشكلة، فهل اعتبر ما قالته وزيرة الرعاية اتهام شخصي له ويريد أن يثبت براءته، أم لسبب آخر، فالباحثون الذين يتحدث عنهم لن يأتوه بخبر أي ظاهرة لأسباب كثيرة أولها أنهم لا يمتلكون الإمكانات ولا الكفاءة ولا الرغبة التي تجعلهم يكتشفون أي ظهارة في المدارس مالم يراها الآخرون قبلهم.
هل يعلم وزير التربية والتعليم أن ما قالته الوزيرة حقيقية، المخدرات انتشرت في مدارس الأساس والثانوي ولن تستطيع أن تنكر.
في يونيو الماضي كشف دكتور شرف عبيد اختصاصي طب الأسرة عن دراسة أجريت وسط طلاب مدارس الأساس والثانوي في ولاية الخرطوم، قال إنها أوضحت أن (21.8 %) من الطلاب يتعاطون التبغ بواقع (29.4 %) وسط الذكور و(13.3 %) وسط البنات، وأن (29.1 %) من الطلاب يدخنون و(3.5 %) من الطالبات يدخن، بينما يتعاطى التمباك 11.3%. إدارة الصحة المدرسية بوزارة الصحة لديها الكثير من الدراسات أيضاً، فالتمباك والسجاير نوع من أنواع المخدرات، وليس مستبعداً على الإطلاق على من تعاطى التبغ أن يتعاضى أنواع المخدرات الأخرى خاصة وأنها أصبحت متاحة أكثر من السجاير والتمباك.
السيد وزير التربية والتعليم أعلم أن المستوى الذي وصلت إليه مدارس الأساس والثانوي في الخرطوم يؤهلها تماماً لأن تخرِّج مدمنين، مسؤوليتك الآن ليس أن تبرىء نفسك فلست وحدك المتهم كلهم متهمون معك، ولكن افعلوا شيئاً قبل فوات الأوان.

التيار