مرحبا بالطيب عبد الله

مرحبا بالطيب عبد الله

صلاح يوسف
[email][email protected][/email]

وجدت عودة الفنان الكبير الطيب عبد الله للوطن بعد غربة طويلة ترحيباً وسط قطاعات المبدعين والمعجبين الذين عاصروا فترة عطائه الثر وقد حظي باهتمام من بعض القنوات الفضائية والصحف فأعادتني بشاشة الترحيب إلى مربع الذكريات حيث التقيته في آخر مرة قبل خمسة عشر عاماً بالمنطقة الشرقية بالسعودية التي جاءها زائراً من جدة وكنت وقتها أطل عبر نافذة المفكرة بالجريدة فكتبت مقالاً رأيت إعادة هذا الجزء دون تجاوز لمساحة العمود:

(وفي البدء أذكر أن الطيب عبد الله جاء إلى أضواء الشهرة الفنية في أوائل الستينات عبر بوابة المنافسات الفنية التي أقيمت بين فرق المديريات ومهدت الطريق أمام الكثيرين من أساطين الغناء الحاليين0 وكان وقتها مُعلِّماً في إحدى مدارس شندي يقضي سحابة نهاره في تلقين تلاميذه حروف الهجاء وأبجديات المعارف الأخرى ليرتاح في المساء بين الأصدقاء محتضناً عوده المطواع لتداعيات صوته المفعم بالحنين0 فطرب له الذين كانوا يتحلقون حوله ولم يقدروا على كتمان إعجابهم به أو يستأثروا بفرادته الفنية، فباحوا بعطاء الأمسيات التي عاشوها معه وترنموا بعباراتها ورقصوا مزهوين بأيقاعاتها0 وما أن شاع صيته وسط تلك الدائرة الجغرافية المحدودة حتى نما إلى مسامع سلطات وزارة الاستعلامات والعمل آنذاك، فبعثت له مكتوباً تناشده الانضمام إلى فرقة مديريته بعطبرة ليكون ضمن وفدها المشارك في المنافسة0 ولعله يذكر كلمات الوداع التي قالها له ناظر المدرسة الأستاذ إبراهيم حسن الخليفة، إذ شجعه وتنبأ له بشق طريق لاتجاه واحد نحو العلا، فقط إنه ربما لا يفضي به في نهاية المطاف إلى العودة للمدرسة، وقد كان0 لكن الفنان الطيب عبد الله رغم قطع صلته بمهنة التدريس لم يحترف الغناء، بل ظل يسهم في الخدمة المدنية من موقع آخر هو الإذاعة ذاتها قبل أن يجرفه تيار الغربة فيضاعف عنده درجة الإحساس بالفراق0 وحري بنا أن نتوقف عند المناشدة الرسمية بحسبانها تأتي على غير المألوف إذ كان كثيرٌ من ناشئة الفنانين يسعون دائماً بشتى السبل لينالوا تأشيرة الدخول إلى بهو الإذاعة، ناهيك عن أروقتها واستوديوهاتها، في حين أن ذلك الفتح المبين جاءه على طبق من ذهب في عقر داره0 وقد جاء الطيب عبد الله ليتسلق سلم الغناء معتمداً على خطواته الخاصة دون تتبع أعمى لدروب الآخرين متى لجأ إلى إحياء أعمالهم الخالدة، مما لفت أنظار المستمعين إليه رغم أن دوره في الغناء كان متأخراً في ذلك الحفل، علما بأن التأخير قد يبعث الملل ويدفع بالكثيرين للمغادرة0 لكنه عندما غنى (أندب حظي أم آمالي)، (أيامي الخوالي)، (كيف هان عليك يا حبيب تسلاني) و(أفكر فيه وأتأمل أراه أتجلي أتجمل)، أهّل نفسه ليكون نجم الحفل، لتميزه بلونية أداء واثق ونبرة صوت صافية ورنة حزن دفينة وضعت بصماتها فيما بعد على أغلب أغانيه0

ويوم دخوله الأول للأستوديو لتسجيل بعض أغانية التي نالت الإعجاب في ذلك الحفل الغنائي، لم يكن وقتها الأستاذ أحمد الزبير الذي استضافه في برنامج أشكال وألوان، على يقين تام بقدراته الفنية، فكان أن طلب من مهندس الصوت أن يقوم بتسجيل إحدى أغنياته بينما انشغل هو بالإعداد لفقرة أخرى في برنامجه الناجح0 وما أن بدأ يصدح بصوته المترامي الأبعاد، حتى هرع مهندس الصوت منهبراً إلى الأستاذ أحمد الزبير يطلب منه أن يستمع جيداً إلى الطيب قائلاً : (تعال شوف المصيبة الجبتها لينا دي)0 عندها تحول الأمر من مجرد تسجيل أغنية مختارة إلى لقاء فني كامل أبدع فيه الطيب غناءاً وحديثـاً في زمن يندر فيه العثور على فنان تتوافر لديه قدرات الحديث بطلاقة الطيب المعهودة، حتى وسط الفنانين الكبار أنفسهم0)

تعليق واحد

  1. الطيب عبدالله فنان موهوب بلاشك.. انسان مرهف بسيط ومتواضع.. ظلمته الغربة.. وظلمته الظروف .. عاش حياة صعبة.. نسال الله ان تكون ايامه القادمة افضل مما كانت..

  2. اخيرا واخيرا جدا عاد البلبل الى الروض بعد غياب طال وطال الى حد الاملال،ولكن بعد ايه؟كما يقول المطرب الكبير وردي؟بعدما شبت وشابا،اهلا بالمطرب الاستاذ الطيب عبد عبد الله،فقد كان لاغنياته الأثر الكبير في تشكيل وجداننا،وقد كتبنا عنه مجموعة من المقالات ولكننا رغم ذل لم نقل فيها كل ما نريد،فهو اولا معلم،ومعلم الأجيال كالقديس كما يعبر الشاعر المعلم محمد محمد علي،وهو شاعر،وملحن،تنبعث اعماله من الاعماق،ولا أحب ان أزيد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..