لماذا يكثر الذباب والنفاق؟!

زهير السراج

* كنت أود أن أكتب اليوم عن (قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) الذي تستعد وزارة الاوقاف والارشاد بالتعاون مع وزارة العدل لاعادته الى الحياة مرة أخرى، ولكننى عدلت عن رأيي بسبب الخبر الطريف الذي نشرته صحيفتنا أمس بقلم الزميلة (لبنى عبدالله)، على لسان مدير الشؤون الصحية والبيئية بمحلية أم درمان الذي حلّق بنا في أجواء عالية من المرح والضحك بعد طول غياب باحصائيته الطريفة عن عدد الذباب والبعوض بأم درمان مقارنة بالاحصائيات العالمية، وأرجو أن تعفوني من ذكر إسمه خوفاً من أن يشكوني لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتأمر بغلق فمي باعتباره منكراً لا بد من غلقه!!
* وهي فرصة عظيمة (التطاول على السادة) لتفعيل القانون الذي ظل جثة هامدة منذ إصداره في عام 1983 بعد التوبة النصوح التي أصابت النظام الحاكم آنذاك، وشرحت صدره للإسلام ، فخلع البدلة العسكرية وإرتدى الجلباب والعمامة وهاج وماج وطاح في الناس جلداً وحبساً وقطعاً وقتلاً وصلباً باعتبار ان ما يفعله هو الدين الحنيف الذى أنزله الله على رسوله الكريم سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ليخرج الناس من الظلمات الى النور، فأودى بهم أمير المؤمنين جعفر بن محمد على النميرى الى القبور!!
* كما إنها فرصة (قانون الأمر بالمعروف) للحديث عن قوانين نميري لمن لم يشهدها أو يسمع بها، خاصة مع مرور أعوام طويلة ظل فيها العقل السوداني مرتهناً لافكار وأوهام وأكاذيب وخرافات وسياسات جعلتنا في مؤخرة الشعوب، وأودت بنا فى هاوية عميقة من السطحية والجهل والتخلف حتى لم نعد نميز بين المنكر والمعروف، ونحتاج الى من يدلنا عليهم، حسب سادتنا الأماجد!!
* يبشرنا السيد مدير الشؤون الصحية والبيئية بمحلية ام درمان بانخفاض نسبة الاصابة بحمى الملاريا في أم درمان نسبة لإنخفاض مستوى الباعوض عن المعدل العالمي إذ تبلغ نسبة الباعوض بالمحلية (3) من (10) باعوضة بالغرفة، بينما المعدل العالمي( 6) من (10 ) باعوضة!!
* بالله عليكم هل سمعتم بشيء من هذا من قبل .. 3 من 10، و6 من 10، هكذا يقاس معدل انتشار مرض الملاريا فى بلادنا أيها الأعزاء، ليس ذلك فقط، بل إن معدل انتشار البعوض فى ام درمان الغارقة فى الطين والوحل والنفايات أقل من المعدلات العالمية فى لندن وباريس ونيويورك وبرلين، إلا إذا كان السيد مدير الشؤون الصحية فى المحلية المغلوبة على صحتها يقصد بـ(الباعوض) شيئاً آخر، غير الذي يطنطن ويلسعنا طول الليل، لم تتيسر لنا معرفته بسبب التخلف العقلي الذى اصابنا بفضل سادتنا العظام!!
* أما عن الذباب الذى يحب العمل بالنهار ولا يخفى على أحد، فلم يشأ السيد المسؤول الصحي أن يحرج نفسه، واعترف بأن نسبة انتشاره في الخريف كانت (8 من 10) ذبابة فى الغرفة، بنسبة أعلى من المعدل العالمى بذبابتين (بسبب حظائر المواشي) .. ولكن هذه النسبة ـ ويبدو أنه تذكر أن الخبر سيقرؤه عدد من رؤسائه ــ إنخفضت الى (5 من 10 ) بنسبة أقل من المعدلات العالمة بذبابة (كاملة) بفضل الحملات التي نفذتها المحلية، وأشار الى أن نسبة الاصابة بالإسهالات عادية وغير مقلقة، وقال : إنها يمكن ان تكون خطرة لو كانت مائية، ولكنها لحسن الحظ إسهالات متصلبة (الجملة الأخيرة من عندي)، معتبراً ان محلية ام درمان هى الافضل من بين المحليات الأخرى في الإصحاح البيئي وذلك ــ وهنا كان لابد أن يختم حديثه بالإطراء على رؤسائه حتى ينال الحظوة والتقدير ـ لتفهم الادارة لأهمية الصرف على إصحاح البيئة!!
* هؤلاء هم، ايها السادة، من نأتمنهم على صحتنا وأرواحنا .. فهل عرفتم لماذا يكثر الذباب والباعوض والأكاذيب والنفاق فى بلادنا؟!
الجريدة