الرجل والثورة د . خليل إبراهيم محمد ( 7 ? 10 )

بسم الله الرحمن الرحيم
الرجل والثورة د . خليل إبراهيم محمد ( 7 ? 10 )
محمد عبد الله عبد الخالق
[email][email protected][/email]
إذا رجعنا لتاريخ السودان القديم منه والحديث ، نجد بان أبناء الهامش هم اللذين ساهموا بقدرٍ أكبر من الجَهد فى الحفاظ على السودان ووحدته ، بدءاً بالثورة المهدية ومروراً بتحمل ويلات الانقاذ وما أدراك ما الإنقاذ ، التى ما جاءت إلا لتقسم البلاد والعباد وتزرع الفُرقة والشتات فى ربوع السودان ، وهى بذلك نغمة على الناس وليس نعمة ، جلبها لهم أبنائهم من فلذات اكبادهم ، فهذه هى إجابتى لسؤال عمنا الدكتور الطيب صالح ، صاحب رواية موسم الهجرة للشمال ، من أين أتى هؤلاء ؟ .
لم يأتوا من خارج الخارطة السودانية ذات المليون ميل مربع ، إنهم مِنا لحماً ودماً لكنهم يختلفون عنا فى أخلاقهم الذى ورثوه من المشروع الحضارى ، الاُحادى الإعداد للدكتور حسن عبد الله التُرابى ، فكل ما حمله كوادره فى رؤؤسهم من الافكار كانت مُشوهة ، فهذا يدلُ على قِصر نظر عَرابهم .
شوهوا كل شىء فى السودان ، حتى إسمه ، الذى اصبح فى المحافل الدولية مُرتبطاً بسجل سيىء فى كل المجالات بما فيه حقوق الإنسان ، فإنه يحتاج لمُراجعة شاملة وكاملة حتى يُصبح وطناً يحتضن هذا التعدد الإثنى ، الدينى ، والثقافى ، فليس بمقدور اللذين يجلسون على كراسى الحُكم أن يصلحوا بين السودان وأهله لانهم هم الازمة ، هم اللذين قادوا البلد لهذا المنزلق الخطير ، فالسودان اليوم على مُفترق طرق إما ان يكون أو لا يكون ، حتى بعد إنفصال الجنوب الحبيب .
تدنى كل شىء ، حتى أخلاق الناس تدهور بنسبة كبيرة لم يشهدها السودان من قبل ، لانهم تركوا الدين بعيداً وتمسكوا بالدنيا ( خربانة اُم بناية قش ) والله الإعتمد عليها دون غيرها يروح ( فشوش ) لانها تفتح لك ابواباً إذا رغبتها لا تُوصد ابداً فتغُوص فى دواخلها التى لا تنتهى ، فهى كالفتاة الجميلة التى توزع حُبها على العشرات من الشباب المُراهقين ، حتى تجد نفسها كالوردة الذابلة التى لا ينظر إليها أحد .
كيف لا ولشخص ذو خِصال رفيعة ، وشمائل عظيمة ، وكان توكله على الله منطلق جوده ومنطلق شجاعته وفدائيته ، أن يتمرد على هذا الواقع الاليم ، نعم تمرد ابو خليل باحثاً عن الاحسن حتى أنه طلب من الله عز وجل المغفرة له لانه شارك هذه الحكومة يوماً ما ، لانه إنخدع فى رفاق الامس واعداء اليوم ، وليس لشىء إلا أنه قال لهم ما تقومون به غير مُتفق عليه .
ترك كل شىء وراءه فى السودان ، وخرج منها مُتوكلاً على الله وليس له حساب خاص فى اى بنك من البنوك العالمية ، لانه أصلاً لا يضع فى جيبه فلساً حراماً ، وهذه بشهادة اهل الانقاذ انفسهم .
جاب اوربا متنقلاً من دولة لدولة باحثاً عن أبناء المُهمشين شارحاً لهم ما آلت اليه الامور من سوء فى دارفور خاصة والسودان على وجه العموم ، حتى تكللت مساعيه بقيام مؤتمر المُهمشين فى المانيا عام 2003 م . التى أرست المبادىء والاهداف التى يقاتل من أجلها ابو خليل فهو لم يبدا من فراغ .
كان دائماً يفكر فى السودان والسو دانيين ، واضعاً المبادى والاهداف التى يقاتل من أجلها نصب عينيه ويرشدنا بان لا نتعامل مع الثورة من أجل تحقيق أشياء شخصية ، فيقول ( قدموا العام فإنه يحقق الخاص ، ولا تفكروا فى الوظائف ، والله بعدين مصنع سكر كِنانة براه يشغلكم ، فكروا فى الوطن ونهضته ، وهذا يحتاج مِنا لتضحيات جِسام .
إنه ابو خليل ، لا يخاف ولا يخشى لومة لائمٍ فى قول الحق ، واذكر إنه وجه إسكوت قرشن وطلب منه ان يكون مُحايداً فى تعامله مع حركة العدل والمساواة السودانية والحكومة ، وعليه ان ينقل قضيتنا بصدق لحكومته وعند التعبير عنها فى المحافل الدولية ، ووصاه بان لا يعمل من اجل فصل جنوب السودان ، لانه جزءاً عزيزاً من هذا الوطن ، وكلنا مظلومين ، فإذا كل صاحب مظلمة يبحث له عن بلدٍ آخر ، لتم تقسيم السودان الى عُدة دويلات ، لكن وحدتنا احسن ، إنتو الامريكان مُختلفين عنا كثيراً ولا تشبهوننا فى شىء ، لاننا اصحاب دين وعادات وتقاليد ، وهذه ليس لها من مكان عندكم ، لكن من باب المصلحة تكون جسور الصلة موصولة بيننا لخدمة شعبينا ، فإندهش قرشن لهذه الجُرأة العالية حتى وصفها بانها لم تقابله خلال جولته ، التى زار فيها كلٍ من الخرطوم وجوبا .
فمنذ لقائنا الاول بقرشن فى السفارة الامريكية بانجمينا عندما تم تعيينه مبعوثاً خاصاً من حكومته للسودان إقتنع بانه أمام صخر صلب ، مُدرك ويعرف جيداً ماذا يُريد ، وليس له اى أطماع فى الوظيفة او المال ، فسعى جاهداً لتدمير حركة العدل والمساواة السودانية ، التى لا يمكن ان تنحرف عن الخط الذى رُسم لها مهما طال الزمن اُم قصر ، لانه فشل فشلاً ذريعاً فى تمرير أجندته .
كان ابوخليل قاضياً عادلاً لا يُظلم عنده أحد ، يبدأ إصدار عقوبته بالنصيحة فالخطأ ليس بنهاية الشخص فى عملٍ ما ، فبالنصيحة يمكن ان تقّوم الشخص وتجعله يُعدلُ عن المضى قُدماً فى إرتكاب الاخطاء ، أذكر بانه وجه الكثيريين وتركهم فى مواقعهم ، راجياً ان تتحسن سلوكهم ، كالشخص الذى اُشيع بانه يبنى ( عمارة ) فى الخرطوم فقال له بكل هدوء ( يا أخى الحاجات البتسويها فى الخرطوم ديك ريحتها إتشمت ، عليك الله يا أخوى أستر نفسك واسترنا معاك ، لا يمكن ان يخرج اهلنا بسبب الثورة فى دارفور من بيوتهم ، الى الخيام وتحت الاشجار وانحنا نبنى العمارات ، التاريخ لا يرحمنا أبداً إتق الله فى التعامل مع الأمانة ، هذا المال والله بإسم الغلابة والمساكين والنازحين واللاجئين ، بضرك والله ) .
كيف لا وهو يريد أن يبنى حركة قومية باهل الهامش ، ليخرجهم من براثن الفقر والمرض ، لانهم تربوا وترعرعوا فى ظروف قاسية جداً ، تفتقر لادنى مقومات الحياة الكريمة ، لذا تجد بعضهم ضعاف أمام المال لا يستطيعون إكمال المشوار الذى يحتاج للتضحية ونكران الذات ، فلابد للقائد ان يكون على قدرٍ عال من الحكمة والصبر فى التعامل مع مرؤسيه فى مرحلة البناء الاولى ، حتى يصل لحظة ميلاد الكادر الثورى الذى تشبع بالمبادى والاهدف ووهب حياته من اجل تحقيقهما ، فهذه تربية فى حد ذاتها ، كما قال زعيم المُناضلين جيفارا ( يمكنك الإعتماد على الثورى حتى وهو فى لحظة الغرق ) بمعنى أن إذا تم مُساومة الثورى (من الجنسين ) بمبادءه بالغرق او النجاة فانه يفضل الغرق بدلاً من ان يهدمها ، لانه بذل مجهوداً كبيراً فى بنائها .
هذه الدرجة العالية من التمسك بالمبادى والاهداف لا يصلها الشخص إلا بعد نضال شاق ، ولسنوات عديدة مُتحدياً كل الظروف التى مر بها فى مرحلة بناء الثورة ، بعد ان إستشهد منها الكثيرون وتساقط الجُبناء كصفق الاشجار عند إنعدام الماء ، أين نحن من ود عافة ( احد قادة الثورة الارترية ) الذى أجل مواعيد الهجوم على قوات منقستو هيلى مريام نسبة لكثرة ( القمل ) فى ملابسه ، لانها سببت له إزعاجاً شلّ من تفكيره ، فذهب لإحدى القرى وطلب من احد المواطنيين ان يضع ملابسه فى ماءٍ ساخن من أجل قتل القمل ، حتى بعد ذلك إستطاع من مواصلة هجومه مُحققاً نصراً تاريخياً تفخر وتنعم به الاجيال حتى اليوم .
ليس كل من يتشدق بملىء فمه فهو ثورى ، الثورة تحتاج لتضحية حقيقية فى كل شىء يخطر ببالك ، وإنها ميتة إذا اصبح اصحابها كاللذين يجلسون فى كراسى السلطة ، حتى ينطبق عليهم القول ( لا تنهى عن شىءٍ وتاتى بمثله ) لذا كان دائماً يوصى ابوخليل ويقول ( علينا ان نصبر شوية ) ففُسر بانه لا يريد السلام ، لكنه قال لى ( ليس لنا الكادر الذى نذهب به للسلام ناسنا حتى الان ضعاف امام المال ) سلامٌ على خليل فى مماتِه بعد محياه ………………………….سلامٌ ثم سلامٌ .
محمد عبد الله عبد الخالق
Email : [email][email protected][/email] Tel :+ 201015466166
السودان كله بالرغم من موارده وامكانياته الكبيره يعيش الهامش بمعناه الحقيقى،فكل فرد سودانى هو قصه وسيره للتهميش،والدليل على ذلك الهجره خارج السودان وبالملايين ولم تستثنى أحدافكل أركان السودان ووسطه تجدهم فى المنافى ودول الاغتراب وهى دلاله واضحه أن نظرية التهميش خاصه باثنيات معينه ومناطق جغرافيه ما هو الا نوع من الافتراء والكذب والادعاء،ومجافى للحقيقه والواقع
فكلمة تهميش ومهمشين أصبحت دلاله سياسيه أكثر منها تعبير عن الظلم والذى تساوى فيه كل السودانيين بلا استثناء ،اللهم الا جزر معزوله عن واقع الناس ،وهذه الجزر يمكن أن تجدها فى دارفور كما فى دنقلا أو فى الخرطوم كما فى كسلا وهؤلاء هم محاسيب النظام هنا وهناك.