كيف ارتحالكِ في المساء والأرض عطشى!؟ا

فتحي الضَّـو
اسمحوا لي يا أعزائي القراء أن أتسلل حياءً وأقتحم خصوصياتكم لأكتب لكم عن خصوصياتي، وعُذري إنها المرة الأولى طيلة السنوات التي نشأت بيننا فيها هذه العلاقة السامية والوطن قاسمها المشترك الأعظم. اسمحوا لي أن أرثي لكم من علّمني سحر البيان. اسمحوا لي أن أرثي لكم من كانت تكتب مقالاتي وتقف وراء كل سطرٍ فيها. اسمحوا لي أن أرثي لكم من كانت تمنحني الزاد الذي أواصل به المشوار. اسمحوا لي أن أرثي لكم من كانت تعطيني القدرة على الصمود كلما تكالبت عليّ الخطوب. اسمحوا لي أن أرثي لكم من كانت تُلهمني الصبر على المكاره. اسمحوا لي أن أرثي لكم من كانت تُضمد جراحي كلما غوّرت العُصبة ذوي البأس جراحنا. اسمحوا لي أن أرثي لكم من علمتني كيف تُحَب الأوطان وقالت لي ساعة الرحيل، لقد تركت لك وطناً لن تضل بعده أبداً. اسمحوا لي.. سيداتي وسادتي الكرام أن أرثي لكم نفسي!
وداد.. كيف ترحلين والأرض التي أحببناها ما زالت عطشى تبحث عمن يرويها؟ كيف ترحلين وفي رؤوسنا عُصبة ما زالت تسومنا سوء العذاب، تغتصب حرائرنا وتفسد في الأرض كلما أشرقت شمس يوم جديد؟ كيف ترحلين والناس في بلادي يموتون موتاً جماعياً في قلب العاصمة كما تموت الضأن في الفلوات؟ كيف ترحلين والدِين الذي اخترناه واتّبعانه يبحث عن مُغيث؟ كيف ترحلين وبين ظهرانينا من لا يزال يعبث باسم الله وهو قاصدٌ، يقسم به وهو حانثٌ، يصلي له وهو فاسقٌ، يشهد له بالوحدانية وهو كاذبٌ، يشاركه السلطة في الأرض وهو جاحدٌ، ويدعي تفويض ملكوت السماء وهو فاجرٌ، يذهب في حجٍ سياحي كل عام ليطوّف بالبيت العتيق وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، ويده التي تمسك بأستار الكعبة ملوثة بدماء الأبرياء؟ كيف ترحلين وما زال بيننا فقراء يبحثون عن اللقمة الحلال في موائد اللئام؟ كيف ترحلين وفينا من يموت بنقصٍ في الماء والدواء؟ كيف ترحلين وقد تشابهت علينا المعاني.. فالحرام أصبح حلالاً والحلال غدا حراماً؟ كيف ترحلين والوطن الرؤوم انشطر ثلثه ونحن شهود على مأساته؟ كيف ترحلين وسماؤنا لم تنهمر غيثاً بعد وأرضنا ما زالت يباباً؟ كيف ترحلين ونحن قاب قوسين أو أدنى من نصرٍ حلمنا به ولم يتحقق بعد؟!
وداد.. يا أعزائي الكرام، كانت تُحب السودان وأهله، وتتبتل في رحابه كما يتبتل العابد الأواب في محرابه. ومثل عموم الناس تمقت الذين نغّصوا عليهم حياتهم وأحالوها إلى جحيم. كانت تحلم بوطنٍ بازخٍ تسود فيه الديمقراطية وتصبح كما الماء والهواء. وطنٌ رائع ينعم بالاستقرار والطمأنينة.. يطعم الناس من جوع ويأمنهم من خوف. وطنٌ شامخ يرفل في حلل التقدم والازدهار. كانت تؤمن بالإنسان كأسمى مخلوقات الله، بغض النظر عن دينه أو معتقده أو لونه أو عرقه أو حتى مذهبه السياسي. بل عملت ما شاء الله لها أن تعمل من أجل أن يتمتع السائل والمحروم بحقوقه. وثابرت ما وسعها أن تفعل بغية أن يؤدي القادر والمسؤول واجباته.. طوعاً لا كرهاً. لهذا كانت تعتقد في وطنٍ الناس فيه سواسية كخطوط الطول والعرض. كانت تنظر للسودان كجنّة الله في الأرض، ومثل سائر عباد الله ترى لو أن ثرواته وُزِعت بين مواطنيه بالعدل والقسطاس، لما وجد الحُكام فقيراً يستحق الزكاة. وكبعض عباد الله السودانيين المبعثرين في فجاج الأرض، طفقت منذ عقود تبحث عن وطن مؤقت ريثما يفك الله أسر وطنها الأم. تقلبت في نير الإحن، واصطلت بنار المِحن، فلم يزدها الحرمان إلا صلابة، وما أنقصها التنائي حبة خردل في ولائها المقيم لوطنٍ سطا عليه خفافيش الظلام.. لقد كانت يا أحبتي وطناً يبحث عن وطن!
وداد.. أتذكرين عندما قدّر الله لنا أن نلتقي بعد طول عناء قبل ربع قرن من الزمان. بعض الناس عندما يسكنون إلى أزواجهم يهدونهن القناطير المُقنطرة من الذهب والفضة، ويلحقونها بالخيول المطهّمة، ويزيدونها بالعمارات الشاهقات ودواب مختلف ألوانها زينة للراكبين. كان يومذاك الوطن يئن تحت وطأة ديكتاتورية من جِنس ما رُزئنا به الآن، وربّ قائلٌ أشد وطئاً وأقوم قيلاً. ما لنا وإن تشابه علينا البقر فكلهم في البؤس شرقٌ. غير أني فقط يومذاك تذكرت إنني خالي الوفاض إلا من حُبِك، وأن فؤادي أفرغ من جوف أم موسى إلا من مودتك واحترامك، فعنّ لي أن أهديك شعراً لم أعد أذكر منه شيئاً الآن سوى خاتمته، لأنها تنضّح أملاً وتنز تفاؤلاً، فكان ذاك مؤخر صداقك الذي لم تخطه يد مأذون، ولم يسمعه شهود!
غداً يا صغيرتي التي أضحكها البكاء
سترسو سفني
ويرى ملاحي هاتيك المدائن
مناراتها وهج مقلتيك.
لقد تشابك بيننا الخاص والعام حتى بتنّا لا نستطيع أن نُفضِّل أحدهما على الآخر، وإن تكاثرت علينا البلايا والرزايا. هكذا مضى قطار العمر ونحن لا نملك من زاده سوى إرادة تُطوع الممكن وتقهر المستحيل. إذ تساقطت ثلاثة عقود زمنية – قد تُنقص أو تزيد قليلاً – من قبل أن يرتد إلىّ بصري منذ أن رأيتك للمرة الأولى. يومذاك جمعتنا معاً اسمى عاطفة إنسانية في الوجود. أحببتك شريكةً في السراء والضراء، تقاسمنا الفرح بمثلما تشاطرنا الأحزان. توحّدت أحلامنا بقدر ما تبعّثرت أوهامنا. إن اختلفنا عالجنا أمورنا بهدوء حتى يتبين لنا الخطأ من الصواب. وإن ائتلفنا حمدنا الله الذي أنعم علينا بنعمٍ لا نستطيع لها عداً ولا حصراً. ظلَّتنا شجرة المحبة كأننا نحيا أبداً، واعتزلنا الشحناء والبغضاء كأننا نموت غداً. عرفتك امرأة كستها القناعة ثوباً قشيباً وزانها الكبرياء وقاراً فريداً. عرفتك امرأة لا تسأل عن أشياء تعلم أنها إذا تبدَّت لها ستسؤها. عرفتك امرأة تروم المجد وإن كلفها عُسراً، وتنبذ العُلا إن جاءها يسراً. كانت عيناها تدمعان لثلاثٍ: إذا شكا فقير جوعاً أو تلوى محروم ضَوْرا أو نام مظلوم جوراً.
وكانت أسارير وجهها تنشرح لثلاثٍ: إذا عاش الناس سروراً وضحكوا حبوراً وناموا ملء جفونهم عن شواردها أماناً موفوراً!
شهران بالتمام والكمال مضيا على رحيلك. كنت تصارعين لسنوات داءاً خبيثاً دون شكوى أو تذمر أو ضجر، تلك كانت ملحمة مع المرض لا يعرفها إلا الصابرون. لم أرك يوماً تستسلمين له أو تفقدين الإيمان بالذي خلقك وسواك فعدلك في أنه بقادر على أن يشفيك ويعيدك سيرتك الأولى بلا عِلّة أو أذىً. لهذا كنت تتزملين أملاً أحياناً وتتدثرين صبراً أحياناً أخر، وتلك للذين لا يعلمون كانت ثقة احتار فيها أطباؤك وإن استحسنوها. وكأني بهم يقولون بلسان حال في الخفاء أي امرأة هذه بين النساء؟ أما أنا والذي كنت أظن توهماً أن الله منحني القدرة على الصمود ومنَّ عليّ بشجاعة يعُوزها البعض في مثل هاتيك الظروف، كنت كلما رأيت المرض اللعين ينهش جسدك الغض ضاعت شجاعتي تلك كما يضيع الشفق بين طيات السحاب. وجدتك أكثر مني صموداً وتحملاً لدرجة احترت فيها.. وقلت لنفسي من يواسي من يا ترى؟
إنه الموت الذي كُنا عنه نُحيد، فرغم قناعتي بأنه سبيل الأولين والآخرين، ورغم إيماني أن كل نفس ستذوق من كأسه الدائر بين البشر، ورغم تسليمي أن الله بشّرنا بأننا إليه راجعون في يوم تراه العُصبة الفاسدة بعيداً ونراه قريباً، ورغم عِلمي أن الله وعدنا الجنّة نتبوأ منها حيث نشاء.. إن صبرنا على ما أصابنا به من مصيبة تتصدّع لها الأرض وتتزلزل الجبال. فبالرغم من كل هذا وذاك، إلا أنني ما كنت أعتقد يوماً أنني سأكتب لأرثيك، بل ما كنت أأمل قبل موتك أن أرى وطناً على أيدي الرجال يسير!
شيعنّاك يا آخر النساء، وإنّا على فراقك لمحزنون.. بعين دامعة ونفس آسية وقلب كسير. شيعنّاك يا أيتها النفس الزكية، فارجعي مطمئنة إلى رحاب ربك راضية مرضية.. في خِدرٍ مخضود وطلح منضود وظِلّ ممدود.. تحفك ملائكته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً!
وصدق صلاح أحمد إبراهيم القائل:
ما الذي أقسى من الموت؟
فهذا قد كشفنا سره وخبرنا أمره
واستسغنا مُره
صدئت آلاته فينا ولا زلنا نعافر
ما جزعنا إن تشهانا ولم يرض الرحيل
فله فينا اغتباق واصطباح ومقيل
آخر العمر، قصيراً أم طويل
كفن من طرف السوق وشبر في المقابر
آخر الرثاء: لابد من الديمقراطية التي حلمت بها الفقيدة وإن طال السفر!!
السيرة الذاتية المختصرة عن حياة الفقيدة:
– وداد صديق محمد الأمين
– ولدت في الأول من يناير من العام 1964
– تزوجت في العام 1985
– تخرجت في جامعة القاهرة فرع الخرطوم العام 1986
– التحقت بزوجها في الكويت وعاشت فيها حتى الغزو العراقي في العام 1990 وتنقلت بعدها إلى القاهرة، ثم أسمرا والتي ظلت بها حتى العام 2001 ومن ثم غادرت للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أقامت وأسرتها الصغيرة في غرب مدينة شيكاغو، إلى أن توفيت وانتقلت إلى بارئها في 11/5/11 ودفنت بذات المدينة.
– في الشأن الوطني العام، شغلت منصب أمين التنظيم والادارة وأمين الإعلام والناطق الرسمي باسم التجمع النسوي، وممثلة لقوات التحالف السودانية بهيئة قيادة التجمع النسوي.
– رأست تحرير مجلة (عزّة) وهي مطبوعة دورية ناطقة بلسان صوت التجمع النسوي، والتي هي من مؤسسيه في العام 1997 بأسمرا.
– كانت تقدم برنامجاً باسم (رسالة من أم أحمد) من خلال إذاعة صوت الحرية والتجديد التابعة لقوات التحالف السودانية والتي تبث إرسالها من الأراضي المحررة، وموجهة للمقاتلين في الجبهة الشرقية وعموم الشعب السوداني في اطار التعبئة ضد الطغمة الحاكمة في الخرطوم.
– لها من البنين والبنات، رنا (23 عاماً) رؤى (21 عاماً) أحمد (19 عاماً) والضَّو الذي يحمل اسم أواب أيضاً (8 سنوات).
فتحي الضَّـو
[email protected]
رحم الله الفقيدة وداد صديق وأنزلها منازل أهل القرب وألهمك وأبنائها الصبر الجميل..
الموت كما هو معلوم سنة الحياة , ولولا المبادئ والقيم التي يعيش ويموت من أجلها الفرد الحر لأصبحت هذه الحياة بلا جدوى ولكانت مجرد تجربة فاشلة تماماً , يأتي إليها الناس صباحا ويرحلون عنها في المساء ؟! غير أن عزائكم وعزاء الأحرار جميعا أن الفقيدة كانت حياتها مبذولة لتلك المبادئ العظيمة والآمال السمحة لهذا الشعب المقهور والأرض المنحورة ! أقول ذلك يا أستاذنا الضو وأعلم علم اليقين أن الرحيل المبكر للشريك أشد ألما من ضربة السيف ونشر المناشير.., غير أن الصبر واجب والرضا مأمول والرحمة من شانه والخيرة فيما اختار ولا يختار لجنبه إلا الأبرار .. أللهم أجعل جسدها عطرا يلطف كثافة الخلائق وروحها عدلا يزيل مملكة الخرائب ..
فإن الله قد وعد جنده بالنصر في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
ابوبكر حسن خليفة
رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفقيا وألهمكم الصبر وحسن العزاء وإنا لله وإنا إليه راجعون
الأخ فتحي الضو إنها أقدار الله التي تسيرنا جميعا
ربنا يجعل البركة فيك وفي زريتك
تقبل تعازي جميع الأهل بحلة بلولة وودعشيب
أرباب
لها الرحمة يا حبيب الكل فتحي الضو وجعل البركة في اولادها وصبركم على هذا المصاب الجلل
ندعو لها بالرحمة والمغفرةوان يتقبلها قبولا حسنا ويجعل البركة في ذريتها ويلهمك الصبر الجميل علي فراقها.
تقبلها الله برحمته وأسكنها فسيح الجنان ، عزاؤك وعزاؤنا أخ فتحي الضو أن المرحومة من السعداء، فقد تقبلها الله قبل أن ترى ساريات بلادها يرفرف عليها علمين .. سعيدة لأن الله أنجاها من مرارة ألم الأحباط الذي يعيشه السودانيون في هذه الأيام التي فقدنا فيها جزءاً عزيزاً من شعبنا وأرضنا ومواردنا .. ولا ننسى أن السودان في الحقيقة هو الجنوب ويوم ذهب ذهب كل شيء ..80% من الغابات والغطاء النباتي في الجنوب، 60% من ثروتنا الحيوانية السمكية في الجنوب، احياطي النفط السوداني التجاري موجود في الجنوب .. وبذهابه لم يبق للواهمين غير الصحراء …. والمناخ الصحرواي وشبه الصحرواي..
فكم سعيدة هي المرحومة الأستاذة وداد،ونسأل أن الله يجعل البركة في ذريتها ليحملوا راية العزة والكرامة…
ربنا يرحمها ويتقبلها في فسيح جناته ويلهمك الصبر
اذا احب الله عبدا ابتلاه نسال الله لها الرحمة والمغفرة ويسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والهكم الصبر وحسن العزاء
اللهم ارحمها وأغفرلها وأكرم نزلها ووسع مدخلها …. وألهم آلها وزويها الصبر والسلوان … وبارك في زريتها يا كريم …
انا لله وانا اليه راجعون
نسأله جل في علاه ان يتغمدها بواسع رحمته ومغفرته
وان يلهمك والاسرة الكريمة الصبر والسلوان ويجعل الخير والصلاح في ذريتها ليواصلوا مسيرة هذه الام المناضلة الى ان يتحقق الامل المرتجى وهو زوال هذه الطغمة الظالمة وبزوغ فجر الديمقراطية ….
احسن الله عزؤاكم الاستاذ الكبير فتحى الضو وربنا يتغمد المرحومة وداد بواسع رحمته انا لله وانا اليه راجعون
إنا لله وإنا إليه راجعون
رحم الله الفقيدة وداد وأسكنها جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً….
وأحر التعازي لأستاذنا فتحي الضؤ ولأسرة وجيران الفقيدة .
لها الرحمة والمغفره ونسال الله لها الفردوس الاعلى وان يلهمكم الصبر هم السابقون ونحن اللاحقون
احسن الله عزاؤكم(فتحي وابناؤه)واحسن الله عزاؤكم ايها الشعب السوداني الفضل
إنا لله و إنا إليه راجعون ، آجرك الله في مصابك و أنزل شآبيب رحمته عليها و جمعنا بها في غرفات الجنة و في اعلى علييين
اللهم اغفرلها وارحمها واغسلها بالماء والبرد ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس واجعل البركة في ذريتها وربنا يصبركم استاذ فتحي وعزاؤنا لابنائها وبناتها وكل الشعب السوداني وهي ناضلت من اجله بالكلمة والحرف
ربنا يرحم الفقيده ويتقبلها قبول حسن ويجعل قيرها روض من رياض الجنه ويجعل البركه فى ابنا ئها وهذه سنة الحياة يا ود الضو ربنا يلزمكم الصبر ( وانا لله وانا اليه راجعون )
لا حول ولا قوة إلا بالله ، رحمها الله رحمة وسعت السموات والأرض .
هكذا دائماً يختار الله الي جواره الخيرين من خلقه وتقصر أعمارهم في الدنيا .
الذي أقسى من الموت؟
فهذا قد كشفنا سره وخبرنا أمره
واستسغنا مُره
صدئت آلاته فينا ولا زلنا نعافر
ما جزعنا إن تشهانا ولم يرض الرحيل
فله فينا اغتباق واصطباح ومقيل
آخر العمر، قصيراً أم طويل
كفن من طرف السوق وشبر في المقابر لها الرحمة لك ولرنا ورؤي و احمد و اواب الضو الصبر و السلوان فقد رحلت و تركت السودان جبة او جبون وسديري و سيف و سكين قبل ان يعبث به اشباه لرجال في اخر حلقات السقوط في مستنقع الفشل لها الرحمة
لها الرحمة والمغفرة ولك استاذنا فتحى والاسرة الكريمة الصبر وحسن العزاء … فقد كانت نعم الزوجة والمناضلة والام ..
رحم الله الفقيدة وتغمدها بواسع رحمته وجعل الجنة مثواها مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك
رفيقا وعوض شبابها الجنة _ والصبر للاسرة الكريمة على المصاب الجلل __ ولاستاذنا الكبير
حسن العزاء وانا لله وانااليه راجعون ___
اللهم ارحمها واغفر لها وتب عليها ونسأل الله لكم الصبر الجميل وانا لله وانا اليه راجعون
نسال الله الرحمة والمغفرة للفقيدة المناضلة وداد والصبر والعزاء لكاتبنا الكبير وابنائه ، والعزاء في هذه الذكري العطرة الطيبة وانا لله وانا اليه راجعون
لقد كانت يا أحبتي وطناً يبحث عن وطن!
ماذا نقول يا فتحي الضَّـو! فما كتبته جعلنا كمن يعرفها حق المعرفة
لك أن تعلم يا فتحي الضَّـو أننا نشاطرك الاحزان بمختلف إنتمائتنا
أجارك الله في مُصابك، وأسكنها فسيح جناته وجمعك بها يوم تلاقيه في جنات عدن
بديه الملك وإليه المصير
إنا لله وإنا وإليه راجعون
اللهم ابدل وداد صديق دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهها وادخلها الجنة واجرها من عذاب القبر ومن عذاب النار .
اللـهـم عاملها بما انت اهل له ولا تعاملها بما هى اهل له .
اللـهـم اجزها عن الاحسان إحسانا وعن الإساءة عفواً وغفراناً.
اللـهـم إن كانت محسنة فزد من حسناتها , وإن كان مسيئة فتجاوز عن سيئاتها .
اللـهـم ادخلها الجنة من غير مناقشة حساب ولا سابقة عذاب .
اللـهـم اّنسها في وحدتها وفي وحشتها وفي غربتها.
اللـهـم انزلها منزلاً مباركا وانت خير المنزلين .
اللـهـم انزلها منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا .
اللـهـم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة ,ولا تجعله حفرة من حفر النار .
اللـهـم افسح لها في قبرها مد بصره وافرش قبرها من فراش الجنة .
اللـهـم اعذها من عذاب القبر ,وجاف ِالارض عن جنبيها .
اللـهـم املأ قبرها بالرضا والنور والفسحة والسرور.
اللـهـم إنها فى ذمتك وحبل جوارك فقها فتنة الفبر وعذاب النار , وانت أهل الوفاء والحق فاغفر لها وارحمها انك انت الغفور الرحيم.
.
اللـهـم انها كان تشهد أنك لا إله الا انت وأن محمداً عبدك ورسولك وانت اعلم بها.
اللهم ثبتها عند السؤال
اللهم انا نتوسل بك اليك ونقسم بك عليك ان ترحمها ولا تعذبها
اللـهـم انها نَزَلت بك وأنت خير منزول به واصبحت فقيرة الي رحمتك وأنت غني عن عذابها .
اللـهـم اّتها برحمتك ورضاك وقها فتنة القبر وعذابه و أّتها برحمتك الامن من عذابك حتي تبعثها إلي جنتك يا أرحم الراحمين .
اللـهـم انقلها من مواطن الدود وضيق اللحود إلي جنات الخلود .
اللـهـم إحمها تحت الارض واسترها يوم العرض ولا تخزها يوم يبعثون "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم"
اللـهـم يمن كتابها ويسر حسابها وثقل بالحسنات ميزانها وثبت علي الصراط أقدامها واسكنها في أعلي الجنات بجوار حبيبك ومصطفاك (صلي الله عليه وسلم) .
اللـهـم اّمنها من فزع يوم القيامة ومن هول يوم القيامة وأجعل نفسها أّمنة مطمئنة ولقنها حجته .
اللـهـم اجعلها في بطن القبر مطمئنة وعند قيام الاشهاد آمنة وبجود رضوانك واثقة وإلي أعلي درجاتك سابقة .
اللـهـم اجعل عن يمينها نوراً حتي تبعثها اّمنًة مطمئنة في نور من نورك .
اللـهـم انظر اليها نظرة رضا فإن من تنظر إليه نظرة رضا لا تعذبه ابداً
اللـهـم أسكنها فسيح الجنان واغفر لها يارحمن وارحم يارحيم وتجاوز عما تعلم ياعليم .
اللـهـم اعفو عنها فإنك القائل "ويعفو عن كثير"
اللـهـم انها جاءت ببابك وأناخت بجنابك فَجْد عليها بعفوك وإكرامك وجود إحسانك .
اللـهـم إن رحمتك وسعت كل شيء فارحمها رحمة تطمئن بها نفسها وتقر به عينها .
اللـهـم احشرها مع المتقين إلي الرحمن وفداً .
اللـهـم احشرها مع اصحاب اليمين واجعل تحيتها سلام لك من أصحاب اليمين .
اللـهـم بشرها بقولك "كلوا واشربوا هنئياً بما أسلفتم في الايام الخالية" .
اللـهـم اجعلها من الذين سعدوا في الجنة خالدين فيها مادامت السموات والارض .
اللـهـم لا نزكيها عليك ولكنا نحسبها انها اّمنت وعملت صالحاً فاجعل لها جنتين ذواتي أفنان بحق قولك:
"ولمن خاف مقام ربه جنتان"
اللـهـم شفع فيها نبينا ومصطفاك واحشرها تحت لوائه واسقها من يده الشريفة شربة هنيئة لا تظمأ بعدها ابداُُ .
اللـهـم اجعلها في جنة الخلد التي وعد المتقون كانت جزاءً ومصيراُ لهم ما يشاءون وكان علي ربك وعداُ ومسئولاً .
اللـهـم إنها صبرت علي البلاء فلم تجزع فامنحها درجة الصابرين الذين يوفون اجورهم بغير حساب
فإنك القائل " إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب "
اللـهـم انها كان تصلي لك ,فثبنها علي الصراط يوم تزل الاقدام .
اللـهـم انها كان صائمة لك , فأدخلها الجنة من باب الريان.
اللـهـم انها كانت لكتابك تالية وسامعة فشفع فيه القراّن وارحمها من النيران ,واجعلها يارحمن ترتقي في الجنة إلي اّخر اّية قرأتها أو سمعتها وأخر حرف تلته
اللـهـم ارزقها بكل حرف في القراّن حلاوة , وبكل كلمة كرامة وبكل اّية سعادة وبكل سورة سلامة وبكل جْزءٍ جَزاءً .
اللـهـم ارحمها فانها كانت مسلمة واغفر له فانها كانت مؤمنةً.
وادخلها الجنه فانها كانت بنبيك مصدقةً وسامحها فانها كانت لكتابك مرتلة.
اللـهـم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذَكّرنَا وأنثانا .
اللـهـم من أحييته منا فأحيه علي الاسلام ومن توفيته منا فتوفه علي الايمان .
اللـهـم لا تحرمنا أجرها ولا تضللنا بعدها .
اللـهـم ارحمنا اذا اتانا اليقين ,وعرق منا الجبين وكشر الانين والحنين
اللـهـم ارحمنا اذا يئس منا الطبيب ,وبكي علينا الحبيب وتخلي عنا القريب والغريب
وارتفع النشيج والنحيب .
اللـهـم ارحمنا اذا اشتدت الكربات وتوالت الحسرات واطبقت الروعات وفاضت العبرات , وتكشفت العورات وتعطلت القوي والقدرات .
اللـهـم ارحمنا اذا بلغت التراقي وقيل من راق وتأكدت فجيعة الفراق للأهل والفراق
وقد حَمً القضاء فليس من واق
اللـهـم ارحمنا اذا حملنا علي الاعناق إلي ربك يومئذ المساق وداعا ابديا للدور والاسواق والاقلام والاوراق الي من تذل له الجباه والاعناق .
اللـهـم ارحمنا اذا وورينا التراب وغلقت القبور والابواب وانفض الاهل والاحباب فإذا الوحشة والوحدة وهول الحساب .
اللـهـم ارحمنا اذا فارقنا النعيم وانقطع عنا النسيم وقيل ماغرك بربك الكريم
اللـهـم ارحمنا اذا أقمنا للسؤال وخاننا المقال ولم ينفع جاه ولامال ولا عيال وقد حال الحال وليس الا فضل الكبير المتعال .
اللـهـم ارحمنا اذا نَسي اسمنا ودَرس رسمنا وأحاط بنا قسمنا ووسعنا .
اللـهـم ارحما اذا اَهملنا فلم يزرنا زائر ولم يذكرنا ذاكر ومالنا من قوة ولا ناصر فلا امل الا في القاهر القادر الغافر يامن اذا وعد وفي , واذا توعد عفا , وشفع يارب فينا حبيبنا المصطفي واجعلنا ممن صفى ووفى وبالله إكتفى يا ارحم الراحمين ياحي يا قيوم يا بديع السموات والارض ياذا الجلال والاكرام .
اللـهـم انها عبدتك و ابنة عبدك و ابنة امتك ماتت و هى تشهد لك بالوحدانية و لرسولك بالشهادة فأغفر لها إنك انت الغفار.
اللـهـم لا تحرمنا اجرها ولا تفتنا بعدها و اغفر لنا و لها و اجمعنا معها في جنات النعيم يا رب العالمين .
اللـهـم انزل علي اهلها الصبر والسلوان و ارضهم بقضائك.
اللـهـم ثبتهم علي القول الثابت في الحياه الدنيا وفي الاخره ويوم يقوم الاشهاد.
اللـهـم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اّله وصحبه وسلم إلي يوم الدين
لقد كان الخبر كالصاعقة علي كل اهل الشجرة والحماداب وعلي كل من عرف وداد وعاشرها لكنها ارادة الله ان ترحل عنا وداد في زمن نحتاج لأمثالها لتشد أزرنا وتعيننا علي مصائب الزمن
اللهم ارحمها رحمة واسعة واجعل قبرها روضة من رياض الجنة
حقا البقاء لله اخي فتحي الضو ..حقا كانت وداد اخت الرجال
وقلعة نضال لنساء وطني في التارخ الحديث ….
صبرك الله وابنائك الحلوين …..
وتاكد ان رسالة وداد ستصل لكل السودانيين …..
فللجوع ابناء سيكبرون
وللحزن اولاد سيكبرون
وللوجع الطويل ابناء سيكبرون ….
يرونه بعيدا ونراه قريبا …
نسمة الشمال الالكترونيه …….
اللهم ارحمها وأغفر لها وأسكمها فسيح جناتك يا أرحم الراحمين,آمين
الرائع فتحي الضو
رحم الله وداد وادخلها فسيح جناته والهمك الصبر
لقد ادمت كلماتك قلبي وايقظت مكامن الحزن
لها الرحمة والمغفرة
التحيه لك الاستاذ فتحي نعاعزي الحاره لك ولابنئك وربييتقبل الاستاذه وداد قبول حسن
اشجار المحبة و الوطنية و القيم الانسانية لا تموت, لها الرحمة و لأسرتها الصبر و السلوان.
اللهم أغفر لها وتقبلها وتجاوز عنها
اللهم نقها من ذنوبها وخطاياها
كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
اللهم أغسلها من ذنوبها وخطاياها بالماء والثلج والبرد
اللهم ارحمها في من رحمت وادخلها الجنة
مع الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
اللهم أبدلها داراً خيراً من دارها وأهلاً خيراً من أهلها
اللهم انا نسألك باسمك الأعظم أن توسع مدخلها
اللهم آنسها من وحشة القبر
اللهم اكفها فتنة القبر اللهم اكفها ضمة القبر
اللـهـم إنها صبرت علي البلاء فلم تجزع فامنحها درجة الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب
اللهم آمــــين ….
اصدق التعازي للأستاذ فتحي الضو وادعوا الله أن يجبر كسركم
نسال الله لنا ولها المغفره وحسن العزاء … اللهم ثبتها عند السؤال واللهم يدخلها جنه فرودوس واللهم يلزمك الاخ فتحى الضوء واله حسن العزاء.
….
أتعاطف مع المكلوم كاتب المقال . وأقدر حزنه لأن حزنه يشبه أحزاننا عند نفقد الأحبة والأقارب , هذا مع أننا لا نستطيع ان نعبر عن احزاننا بمهارة القلم البديع والبليغ الذي خط المقال أعلاه , والذي اختار هذا المثقف أن يعبر به عن نفسه .
أنا أحيي الوفاء العميق الذي أظهره الكاتب المرموق لذكرى زوجه .
لكني لن أجري مجرى الآخرين في التذكير ببقاء الله. الذي أود ان افعله هو تعزية كاتب المقال ولكن على طريقتي . فأنا أنكر الحياة بعد الموت , أنكرها في أي شكل من أشكالها السعيدة والمثالية , وفي أي شكل من أشكالها المحزنة والمتشائمة .
إن الموت ظاهرة تنتمي للحياة ولا تنتمي لما بعد الحياة . ولذلك أقول هذا لأني لا افهم بعقلي ماذا تعنيه الحياة بعد الموت إلا ان تكون موتا بعد الحياة .
هل منكم من أحد يستطيع ان يفهم بعقله معنى الحياة بعد الموت ؟
هل منكم من احد ؟؟
لا أظن ذلك .
الذي يجعلنا نتخيل وجود الحياة بعد الموت هو أننا نفهم الحياة بعد الموت بدافعنا ورغبتنا في وجودها , ولا نفهمها بوجودها الحقيقي . أقصد اننا نفهم الحياة بعد الموت بالتخييل وليس بالتفكير . فالغالب عند النظر والتروي انه لا وجود حقيقي للحياة بعد الموت .
سوف أشرح نفسي .
نحن نفهم الحياة بعد الموت من خلال وجودها المتخيل والأدبي في تصورنا وفي أنفسنا. وقد تأسس هذا الوجود على الصورة الأدبية التي رسمتها الأديان للحياة بعد الموت . هذه الصورة الأدبية – بدورها – اساسا ترتكز على استبداد نفسي غريب وجدير بالدراسة . هذا الإستبداد النفسي ظلت تغذيه في تاريخ الإنسان منظومتان من العواطف .
الأولى منظومة من الرغبات, والثانية منظومة من المخاوف . وكلا المنظومتان دائريتان ومغلقتان ولا تنتجان وعيا يتعلق بالحياة . فهما تستبدان بتفكير الإنسان المتدين وتتحكمان في خياراته أثناء الحياة لصالح ما بعد الموت .
منظومة الرغبات ايجابية , فباستخدام رغباتنا الفطرية الموجودة فعلا تجاه الحياة , تبرر هذه المنظومة وتسوغ لنا أن نتخيل وأن نفترض وجود ما يشبع هذه الرغبات – ليس أثناء الحياة – ولكن بعد تبدد الحياة , بعد الموت .
منظومة المخاوف سلبية تهئ لنا مسرح الذات للنظر الى ما بعد الموت , ومن ثم لإضطهاد الحياة وكراهيتها والزهد فيها , وبالتالي في الرغبة في غيرها والأمل باستبدالها . وهذا بالطبع يعود بنا بصورة دائرية من استبداد منظومة المخاوف الى استبداد منظومة الرغبات.
ومن هذا الإستبداد الى ذلك الإستبداد , يحاصر الإنسان وعيه وجهده في دائرة ضيقة من الإنتباه والإهتمام , الإنتباه لما بعد الموت , والإهتمام بما بعد الموت , وفي ذلك إهدار جماعي لطاقة الحياة يمارسه الأفراد – كل فيما يليه – بصورة تؤذي مستقبل هذا الكائن الذكي واليتيم – الإنسان – الذي يعتبر أوعى ظاهرة تمخضت عنها الطبيعة العمياء .
تحت منظومة الرغبات التي تحملنا على افتراض الحياة بعد الموت , تندرج – مثلا – هذه الرغبات : رغبتنا الغشومة في استمرار الحياة بعد حدود الموت , رغبتنا في فرصة أخرى للقاء من فقدناهم أثناءها بالموت , رغبتنا في التعويض عن المظالم التي سيمت في أيامها , رغبتنا في عقاب من لفظ فينا احتقاره وأذاه , ولم نستطع عقابه على احتقاره وأذاه , رغبتنا في التعويض عن الحظ العثور الذي وقف ضد ما نريده فيها , رغبتنا في المكافاءة عن النجاح في مهماتها , رغبتنا في استمرار النفوذ الأدبي والمعنوي الذي يأتي به هذا النجاح , رغبتنا في استمرار السعادة الفردية التي يوفرها هذا النفوذ .
ولصعوبة تحقيق هذه الرغبات أحيانا كثيرة أثناء الحياة , ولصعوبة الحفاظ عليها – كذلك – إن تحققت أثناءها , فالذي يسعدنا هو أن نصل الى القريب إلينا وأن نفعل اليسير علينا بأقل التكاليف . أقصد بالخيال . فالإنسان يلجأ للخيال كي يتصور عالما ينتظره بعد الموت , عالما يحدث فيه مالم يحدث ومالم يكن ليحدث أثناء الحياة , عالما يشبع فيه الإنسان – بعد الموت – رغبات الذات التي لم تتبلور أثناء الحياة .
وهنا لدي ملاحظة , فعلى الرغم من لؤم الحياة وقسوتها التي علمت الإنسان أن اكتساب السعادة تكليف شاق يقتضى للسعي وراءه ان يتحلى الإنسان بشمائل الحياة – بالعقل وبالأمل , ولكن الذي حدث أن الإنسان اختار – بالزيادة على ذلك – أن يسعى كذلك وراء السعادة بعد الموت – لكن ليس بشمائل الحياة , ولكن بالخيال وبالإيمان الأعمى .
وتحت منظومة المخاوف الحاضة على افتراض وجود الحياة بعد الموت , نجد – مثلا – خوفنا مما جهلناه أثناء الحياة , خوفنا من استمرار آلامنا واحزاننا بعد انقضائها , وخوفنا كذلك من انقطاع ملاذاتنا بعدها , نجد خوفنا من البخت السئ الذي تجشمنا نصيبنا منه أثناء الحياة أن نستمر في تجشم نصيبنا منه بعد انقضاءها , خوفنا من عواقب أعمالنا السيئة مع من جمعتهم بنا رفقة الحياة , خوفنا من انقطاع عاداتنا التي أسعدتنا أثناء الحياة , خوفنا من ان يضيع نجاحنا في الحياة سدى , و خوفنا من أن تنعدم بعد الموت المكافاءة الحسنة لسعينا المجتهد والصالح في الحياة وخوفنا من أن نفشل في الإنتقام والتشفي ممن قتل من نحب وأذل من نعز .
وهنا ملاحظة أخرى . لؤم الحياة وقسوتها تفقدنا الأحباب والإصدقاء . هذا يحدث بالطبيعة . وهو أليم بكل تأكيد . ولكن الإنسان في هذه المرحلة من تطوره , أدرك أن الألم هو آصل طبيعة من طبائع لحياة , وان الحياة تتطلب الشجاعة في تقبل طبيعتها , وأن الألم – مثله مثل اللذة – وسيلة لازمة من وسائل المعرفة الأخلاقية . ولكن على الرغم من كل ذلك , نرى الإنسان يهدر شمائل الشجاعة في التعامل مع الألم وينزع الى الإشفاق وذلك بالطرق العنيف على منافذ العاطفة بغرض الهروب من الألم وبغرض الهروب من تقبل طبائع الحياة . من أعرض منافذ الهروب هذه هو تصور استمرار الحياة بعد الموت .
وحيث أني أنكر الحياة بعد الموت , فمن هناك فقط , من منصة الإنكار , أقدم عزائي لكل من أفقده الموت عزيزا . فمن الخير لمن أصابته مصيبة الموت فيمن يحب , ألا يأمل في لقاء جديد بعد الموت .
يكفيك أيها الإنسان الذكي تلك الذكرى الطيبة من حياة من فقدت . يكفيك هذا وعليك ان تثق في الحياة أكثر. . واطمئن فستجد – إن أردت – ان إنكار الحياة بعد الموت يمكن أن يتأسس بثبات على الشك , هذا إن لم يتأسس على البينات العقلية , بينما ستجد بالتأكيد أن ثبوت الحياة بعد الموت لا يقوم عليه سلطان إلا سلطان الرغبة والخوف . .
ولكني مع ذلك أود ان أقول للآملين في الحياة بعد الموت أن السعادة نسبية وقصيرة وإذا طالت مدتها سوف تفقد قيمتها ولذتها , وكذلك الألم هو نسبي وإذا تعمق في ضمير الإنسان بالمبالغة فسوف يغدو باردا واعتياديا . هذه الحقائق هي من شواهد الحياة . ولذلك فإن الرغبة في اللذة التي تجلبها السعادة المطلقة , السعادة الطاردة للألم المطلق , لا يمكن – بأي اعتبار- أن تكون رغبة في الحياة . الواضح أن مثل هذه الرغبة هي رغبة في الموت . وهي بالإضافة لذلك تقوم على المبالغة في الرغبة من ناحية وعلى المبالغة في الخوف من الناحية ألأخري . وعلى هذا أو ذاك , فسنجد دائما أن المبالغة في العادة تفسد علينا الحقائق وتجعلها في حكم الأكاذيب . والإطلاق هو من جنس المبالغة . وعلى ذلك , ففي رأيي , فالجنة والنار كمفهومان مطلقان – كما يقول الدين – يقومان كذلك على المبالغة في الرغبة وعلى المبالغة في الخوف , على الإطلاق في الرغبة المتعلقة بهذا , والإطلاق في الخوف المتعلق بذاك.
بالتأكيد سنجد ان إنكار الجنة والنار , لا يجلب الإحساس بالسعادة والأمل على حياة الناس. فالطمع في مواصلة الحياة يستبد بنا جميعا , ولكن مقتضى العقل – أيها الإنسان النجيب – هو ان تسعد بما تمنحه لك الحياة , والحياة في نهايتها ومحصلتها , لا تمنح الإنسان شيئا غير الموت . الموت لا ينفصل من الحياة هو جزء من طبيعتها .
حاولت الأديان إعمال هذه التصورات على عقول الناس , ونجح تاريخها في تثبيت مفهوم الحياة بعد الموت كمستقر لآمال وأحلام الإنسان . صحيح أن هذا المفهوم أعطى الإنسان دافعا نفسيا وعاطفيا في احتمال الحياة وتجشم مشاقها والقبول الصامد بأحزانها . صحيح انه دافع قوي للأخذ بالشجاعة والبسالة في الحروب . هذا لأن الرجاء فيما بعد الموت يحمل الإنسان نفسيا على البطولة ولإستماتة . وقد نهضت حضارات باكملها على هذا الدافع العاطفي , ولكنه – في نهاية الأمر – ليس إلا دافعا عاطفيا لا يقوم على تعين أو على حقيقة يتيسر اثباتها , بإلاضافة الى ذلك فقد استخدم السياسيون ورجال الدين هذا الدافع لإزكاء الحروب وجمع الثروات و لمآرب دنيوية أخرى لا علاقة لها بما بعد الموت .
عبر آلاف السنوات من النفوذ المنظم والجماعي للأديان , أثرت هذه التصورات القائمة على العواطف في صحتنا العقلية والنفسية تأثيرا سالبا , فجعلت أضاليل الخيال تستبد في خلدنا كالحقائق الحجرية, كالأصنام التي تسوغ المحازبة والحروب . هذه التصورات العاطفية جعلت المستحيل حقيقة . وجعلتنا ننكر الحياة ونرجو غيرها . هذه النزعة العاطفية جعلتنا – تحت سلطان العادة – نسعد جدا بالإفتراض المريح الذي يتيح لنا أن نحيا مرة اخرى بعد الموت , وهذا ما كان ليكون على ذلك , لولا انه يتراءى عاطفيا لنا كأطلق خيال يشبع استبداد رغباتنا , وكأفعل مخدر يطمئن اضطراب مخاوفنا ,وكأفضل عزاء نعزيه لأنفسنا امام فجائع الموت التي تصيبنا وتصيب من نحب .
لا أحد يعلم من أين جاء هو نفسه قبل الحياة حتى نتوقع منه ان يعلم الى سيذهب بعد أنقضائها. إن الذين استوفوا آجالهم في الحياة لم يعودوا ليخبرونا ماذا وجدوا هناك. الضمير العاقل يرى هذه العلة دليلا على أنه لا حياة بعد الموت . ولكن الضمير الذي إلتحم فيه استبداد الرغبة مع سلطان الخوف سيجنح الى الإفتراضات اللذيذة التي لا تفسر ظاهرة الموت, ولكنها – بالتأكيد تفسر الرغبة في استمرار الحياة .
ولذلك فانا اجد في الإنكار عزاءا عريضا لنفسي ولمن يختار أن ينكر الحياة بعد الموت.
وارجو ان يكون عزاءا للآخرين .
كلمة الإنكار كلمة مخيفة نستعملها بالكثير من العاطفة في تجريم من ينكر هذه المسلمات التي جرى المجتمع على الإيمان بها .
ولكني سوف احاول أن استفيد من هذه الكلمة في سياق يخدم تعليقي هذا
فمن المقدمة التي قدمتها عن منظومات الرغبة ومنظومات الخوف , سنلاحظ أن حياة الإنسان تدفع بالإنسان الى الإيمان بالجنة والنار وبالحياة بعد الموت يقوم على الإنكار كذلك . كيف ؟
الأشياء التي تحدث للإنسان أثناء حياته . الأشياء التي ينجزها , الذكاء الذي يتوسع
ويمتد في عقله وفي روحه , تاريخه المديد في الحضارة والتطور , العواطف التي تقربه وتبعده من إخوته في الإنسانية , الكون الشاسع الجبار الذي ينتقص من ثقته بنفسه وبعقله , كل هذه تجعل الأنسان محمولا على الإصرار على تقرير أن هنالك معنى كبير من وراء وجود هذه الأشياء في حياته وانها لا يمكن ان تكون محتومة الى العدم بهذا الإهمال . وبصورة تلقائية فهذا يحمله على إنكار التقرير الذي يقول أن العبث هو ما يقوم عليه الوجود .وقريب من هذه الناحية , سنجد ان إكبار الإنسان لحياته وإعظامه المبالغ لقيمتها ولوزنها , سوف يجعله بكل تصميم ينكر أن يكون مصيره العدم من وراء الموت . وع ان هذه في الغالب حقيقة وجيهة , فهي مع ذلك حقيقة شديدة المرارة تحمل الإنسان على التعالي والتأفف والإنكار.
الذي يبقي من كل حبيب مفارق هو ذكراه , هو البيانات والخطوط التي رسمها في ذاكرتنا وفي الماضي قبل أن يموت . وقد تكون هذه البيانات والخطوط أفضل سجل يشهد بوجود هذا الإنسان . أنظر كيف تعامل صاحبك عندما يغيب عنك في رحلة حتة يعود.أنت تتعامل معه وهو غائب بناءا على ذكرياتك معه , بناءا على البيانات التي تركها في ذاكرتك. هذا هو الإنسان عندما يموت . ليس إلا ذكرى . ولن نلتقيه ثانية .هذه حقيقة . ولكنها مع ذلك تحملنا على الإنكار لأنها تصدمنا كثيرا .
تحياتي للراكوية
وعزائي لكاتب المقال .
نعزيكم اخى فتحى فى مصابكم الجلل بفقد ودادكم ومهيرتنا المناضله وداد
الا رحم الله ودادا واسكنها فسيح جناته والهم الها وزويها وعصافيرها الصبر والسلوان
كل ابن انثى وان طالت سلامته يوما على الة حدباء محمول
ان شاء الله مع الصديقين والشهداء
صبركم الله وجبر كسركم
دعواتنا للراحلة بالرحمة والمغفرة واعالي الجنان وللاستاذ فتحي الضو بالصبر الجميل وللسودان بالشفاء من دائه الخبيث
انا مجروح لاجلك ياصديقى فتحى لم نلتقى ولكنى التقيك حيث ماوضعت مبضعك على علة الوطن الذى تجاهد فى تطبيب جراحه فتجرحك المنافى بفقدها المالح كن جلدا ياصديقى هى لم ترحل ولكنها واربت باب الحس لتتلو لنا ماتيسر من حضور من وراء غيبوبة الوطن لا تبكى عليها ولكن غنى معى لها وللصالحه امتثال ومرقتى اجمل مايكون انسان على كف النعش
مرقن وراك بنات كتار
وغابن معاكى بنات نعش
ركن على دم الغروب
فرن مع وش الدغش
رقصن على حس الهبوب
وانا حسى يبقالن طرش
غشنى بمويه الرهاب
وشنقنى بحبل العطش
غنى معى لهن فانا ادرك ان ان حزنك طويل التيله كحزنى على امتثال فانا اغنى رغم يقينى ان جسد الفاجعه اوسع من جلباب النشيد
اللهم ارحمها واغفر لها وتب عليها
رحمها الله رحمة واسعة وأدخلها فسيح جنات النعيم مع الشهداء والصديقين وحسن ألائك رفيقا إنا لله وإنا إليه راجعون الله الله صبر كاتبنا فتحى الضو صبرا تحتسب به أجرا عند الله العلى القدير الذى لايطيع ودائعه أمين يارب ..أبو سفروق