قاطرة.. بيعت خردة..!!!

ياسين حسن ياسين

الجيل الذي أكمل تعليمه قبل التسعينات، يحق له أن يعتبر نفسه جيلاً محظوظا. إذ كان تعليمه مجاناً. لم يتعرض للجابات الحكومية التي غزت المدارس بأخرة؛ كما لم تكن المدارس الخاصة قد دخلت حلبة التنافس المحتدم على جباية الرسوم لتحيل التعليم إلى عمل تجاري صرف، تحكمه قوانين سوق بشعة الوجه وحادة الأدوات ولا تعرف الرحمة. ولطالما كان التعليم أداة متينة للحراك الاجتماعي، الذي يعمل على تخريج أبناء الطبقة الفقيرة إلى مدارج الطبقة المتوسطة الدخل، وبذلك يحدث الارتقاء للمجتمع برمته ويتطور… وينتقل من حال التخلف إلى مراقى التقدم التي تليق بحياة الإنسان.
كان التعليم مجاناً. أو بالأحرى كان على حساب دافع الضريبة وكرمه وسخائه. ذلكم الأغبش الذي يتسربل الدبلان ويتعمم الدمور، ويلتحف العزة والإباء والشمم.

فعلى حساب هذا الأغبش جهزت الفصول الدراسية وطبعت الكتب ووزعت الكراسات وصرفت الكثير من المعينات التعليمية. كما أعدت المرافق الرياضية والثقافية وانطلقت الجمعيات الأدبية، وأصبح العام الدراسي وليمة معرفية رفيعة المستوى. الذين درسوا في الداخليات، تناولوا الوجبات الثلاث غير منقوصة. في كل ذلك، لم يمتن هذا الأغبش على أحد. حاشاه!
وعلى حسابه أيضاً، عكف على التعليم أساتذة أكفاء أبدعوا في تقديم العلم والتوجيه والإرشاد. شدوا من أزر طلابهم وطالباتهم. كان همهم أبناء وبنات السودان، لم يعبأوا بما إن كان الطالب أمامهم مسلماً من حلفا أم مسيحياً من نيمولي. فالعقول وحدها يخاطبون. أما القناعات السياسية، والإنتماءات الجهوية أو القبلية، فلم تكن داخلة في الحسبان.
لم يكن ذلك تبذيراً لا طائل من ورائه، كما لم يكن عملاً أهوج، إنما استند إلى حصافة في الفكر وبعد في النظر. ذلك أن الإنسان يجب أن يكون الغاية النهائية من التغيير الاجتماعي، وليس مجرد أداة لذلك التغيير. هذه الحقيقة البسيطة يقوم عليها الآن مفهوم التنمية البشرية. فالتغيير يقتضي مشاركة الجميع وعلى قدم العدل والمساواة.

لكن الإنقاذ جاءتنا بالتمكين، الذي تمخض عن محاربة الناس في سبل كسب عيشهم. أصبحت المفاضلة بين السودانيين تتم على أساس انتماءهم للإخوان المسلمين أو مدى قابلية تمريرهم لأجندة الإخوان. كل ما عدا ذلك، في نظر الإنقاذ، فهو مجرد دغمسة دينية وهرطقة ليس إلاّ.
ولأن التمكين يمثل خروجاً عن مألوف حياة الناس، فقد اتجهت الإنقاذ إلى تقييد الحريات وتكميم أفواه كل مخالف لها، وألقت بمعارضيها في غيابات بيوت الأشباح. شردت السودانيين من وطنهم، وتركتهم نهباً للموانيء والمطارات ومحطات القطارات في كل بقعة من بقاع الأرض.
في العديد من المرافق العامة، وعلى رأسها التعليم، استبعد الموظفون الأكفاء للصالح العام، واستبدلوا بذوي اللحى الطويلة والعقول القصيرة. ضربوا كفاءة الخدمة المدنية في مقتل. كان التعليم أكبر الضحايا.

حدث كل ذلك العبث والصبيانية باسم الله! فباسمه جندوا الطلاب في حروب زعموا قدسيتها، واستمرت زهاء العقد ونصف العقد. اججت نيران الحرب بلا جدوى، إذ أفضت إلى توقيع معاهدة السلام الشامل في 2005م. وأنتهى المشهد المأساوي بانفصال جنوب السودان. فلماذا كل تلك الجلبة والضوضاء وإهدار الأرواح والموارد والوقت؟
واكب ذلك توسع الإنقاذ في التعليم الخاص، كمصدر رزق مكفول لعضويتها بتدابير احتكارية ماكرة. ثم صاحت أن حيّ على ثورة التعليم وتعدد «مواعينه»، حسب زعمها. انتشرت الجامعات طولا وعرضاً، وتضاءل قدرها وزناً وشأنا. وتشهد على ذلك مؤشرات أداء الجامعات السودانية مقارنة برصيفاتها في دول أخرى.

اغفلوا حقيقة أن التعليم لا يزدهر إلاّ تحت شمس الحرية. ادخلوا البلد في كسوف عقلي استمر فوق ربع القرن.
وفي موهن من الليل، خلصنا إلى كابوس مفزع لا يقاوم. فقد طالما أصبحنا في ذيل الأمم، ليس في التعليم فحسب، بل في كافة نواحي الحياة: اقتصاد وسياسة وثقافة واجتماع.
لماذا؟ لأن التعليم هو قاطرة كل شيء.
إذا صدق ذلك، فإن القاطرة تتحرك بوقود الحرية والعدل والمساواة.. لأن الغاية هي الإنسان عموما. ومتى انصب التركيز على فئة ذات لون سياسي أو إنتماء جهوي أو قبلي، اختلت المعايير وتحولت تلك الفئة المختارة إلى تحصيل الجبايات وريع احتكار مؤسسات الدولة، وامتنع عامة الناس عن الإنتاج. وتعطل كل شيء. ونحن نشهد اليوم هذه النتيجة ماثلة بين أيدينا، فيما يتحمل المواطن الأغبش تبعاتها دون أن يكون له فيها ناقة ولا جمل.
تعطل كل شيء في حياتنا. توقفت قاطرة التنمية، وهي التعليم، وتهافتت الإنقاذ على بيع أشلاء القاطرة في سوق الخردة، وبثمن بخس.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ليس فقط أوقفوا التنمية بل إستبدلوها بشراء الخردة من اصين حتى صار السودان مكب نفايات الخردة الصينية التي لم يجدوا لها مكب عندهم فاشتراها الكيزان باعلى الأسعار و صارت نفايات الصين من القطارات و البواخر و السفن و البصات و الشيارات تملأ معظم فضاءات السودان وساحاته و تملأ جيوب سدنة النظام بالمعمولات و الرشاوي بالعلمة الصعبة !!!

  2. ما خلاص نشفتها ياعمر البشير اب راس زى الدليبة, انت قضيت على الاخضر واليابس, ما خليت فيها عقاد ناقع, حتى القطارات ضلربتها, قطر يفرتقك وما يخلى فية شئ, ياحرام افريقيا وزواغها, انت لابتعرف الله والا بتعرف دين,
    لكن بالمقابل صدقنى يا عمر يامعتوه كل هذا سيرجع لاصحابو, وبعدها سيفعل بك الافاعيل, والفى القدرة بجيبو المغراف.

  3. هل رأيت وطناً تسلطت عليه عصابة تهتم بالتعليم ، ولكن وطن تشرذم أهله أحزاب كل حزب بما لديهم فرحون لا يمكن لهم خلع هذه العصابة كل الشعوب التي مرت بنفس الظروف استطاعت عمل التغيير إلا شعب السودان الذي كان رائداً في خلع أنظمة كانت أقل سوء من هذه العصابة المتأسلمة ، ولكن تلك الأنظمة هي التي سنت بدعة الانقلاب على أنظمة الحكم وفتحت شهية عسكر السودان والأحزاب المؤدلجة لابتلاع وطن كامل شعبه في غفلة من أمره وما يحاك ضده داخلياً عن طريق العملاء وخارجياً عن طريق الأعداء لذا لا يمكن استعادة السودان من هذه العصابة ونحن في هذه الحال من الضعف والوهن والحزبية الضيقة التي تنظر تحت أرجلها وما تفوز به من المناصب الوزارية حتى في فترة ما وصلت الأمور أن منح أحد الأحزاب بعض أبناء الشعوب المجاورة الجنسية السودانية لضمان الفوز في الانتخابات ثم تملص من المسؤولية باستدعاء العسكر لاستلام السلطة ، إضافة إلى نقطة أخرى أكثر أهمية وهي أن جميع أنظمة الحكم التي حكمت السودان في فترات ما يسمى بالديمقراطية لم تكن على مستوى المسؤولية من حيث التأسيس لوطن متماسك قانونياً ونظاميا واقتصادياً وتستشرف آفاق المستقبل الاقتصادي والسياسي لبلد يملك من الإمكانيات المادية ما كان يمكن أن يجنبه تلك الكوارث التي حلت به وجعلت أكثر من (5) مليون سوداني خارج منظومة الوطن ضيوفاً مرغوب فيهم وغير مرغوب فيهم في منافي العالم أجمع ، وبلدهم بأمس الحاجة لهم ولتأهيلهم وتخصصاتهم العلمية

  4. هل رأيت وطناً تسلطت عليه عصابة تهتم بالتعليم ، ولكن وطن تشرذم أهله أحزاب كل حزب بما لديهم فرحون لا يمكن لهم خلع هذه العصابة كل الشعوب التي مرت بنفس الظروف استطاعت عمل التغيير إلا شعب السودان الذي كان رائداً في خلع أنظمة كانت أقل سوء من هذه العصابة المتأسلمة ، ولكن تلك الأنظمة هي التي سنت بدعة الانقلاب على أنظمة الحكم وفتحت شهية عسكر السودان والأحزاب المؤدلجة لابتلاع وطن كامل شعبه في غفلة من أمره وما يحاك ضده داخلياً عن طريق العملاء وخارجياً عن طريق الأعداء لذا لا يمكن استعادة السودان من هذه العصابة ونحن في هذه الحال من الضعف والوهن والحزبية الضيقة التي تنظر تحت أرجلها وما تفوز به من المناصب الوزارية حتى في فترة ما وصلت الأمور أن منح أحد الأحزاب بعض أبناء الشعوب المجاورة الجنسية السودانية لضمان الفوز في الانتخابات ثم تملص من المسؤولية باستدعاء العسكر لاستلام السلطة ، إضافة إلى نقطة أخرى أكثر أهمية وهي أن جميع أنظمة الحكم التي حكمت السودان في فترات ما يسمى بالديمقراطية لم تكن على مستوى المسؤولية من حيث التأسيس لوطن متماسك قانونياً ونظاميا واقتصادياً وتستشرف آفاق المستقبل الاقتصادي والسياسي لبلد يملك من الإمكانيات المادية ما كان يمكن أن يجنبه تلك الكوارث التي حلت به وجعلت أكثر من (5) مليون سوداني خارج منظومة الوطن ضيوفاً مرغوب فيهم وغير مرغوب فيهم في منافي العالم أجمع ، وبلدهم بأمس الحاجة لهم ولتأهيلهم وتخصصاتهم العلمية

  5. وماهو دور المستنيرين من ابناء هذاالشعب في اصلاح مايمكن اصلاحه ام نظل نجتر الزكريات لقدادخلنا الاسلام السياسي هذا النفق برغم ان الاسلام برئ مما يحدث الان .
    هل تظل هذه الطغمه في صدورناسنينااخر؟

  6. تعطل كل شيء لان الفئة التي ركزوا عليها … معطلة من كل شيء….
    هل يمكن لفئة ان تكون فاشلة في كل كل شيء…??? ٢٧ عاماً لم تحقق اي نجاح في اي مجال…!!!
    اعوذب الله.

  7. وان طال السفر .. هؤلاء المتأسلمين لن تقوم لهم قائمة او ترتفع لهم راية في السودان لانهم ممقوتين وهم يعرفون ذلك جيدا انهم لو فارقوا السلطة سوف لن يعودوا لها مجددا .فصبرا شعبنا المكلوم سيريكم الله فيهم باسه …

  8. ليس فقط أوقفوا التنمية بل إستبدلوها بشراء الخردة من اصين حتى صار السودان مكب نفايات الخردة الصينية التي لم يجدوا لها مكب عندهم فاشتراها الكيزان باعلى الأسعار و صارت نفايات الصين من القطارات و البواخر و السفن و البصات و الشيارات تملأ معظم فضاءات السودان وساحاته و تملأ جيوب سدنة النظام بالمعمولات و الرشاوي بالعلمة الصعبة !!!

  9. ما خلاص نشفتها ياعمر البشير اب راس زى الدليبة, انت قضيت على الاخضر واليابس, ما خليت فيها عقاد ناقع, حتى القطارات ضلربتها, قطر يفرتقك وما يخلى فية شئ, ياحرام افريقيا وزواغها, انت لابتعرف الله والا بتعرف دين,
    لكن بالمقابل صدقنى يا عمر يامعتوه كل هذا سيرجع لاصحابو, وبعدها سيفعل بك الافاعيل, والفى القدرة بجيبو المغراف.

  10. هل رأيت وطناً تسلطت عليه عصابة تهتم بالتعليم ، ولكن وطن تشرذم أهله أحزاب كل حزب بما لديهم فرحون لا يمكن لهم خلع هذه العصابة كل الشعوب التي مرت بنفس الظروف استطاعت عمل التغيير إلا شعب السودان الذي كان رائداً في خلع أنظمة كانت أقل سوء من هذه العصابة المتأسلمة ، ولكن تلك الأنظمة هي التي سنت بدعة الانقلاب على أنظمة الحكم وفتحت شهية عسكر السودان والأحزاب المؤدلجة لابتلاع وطن كامل شعبه في غفلة من أمره وما يحاك ضده داخلياً عن طريق العملاء وخارجياً عن طريق الأعداء لذا لا يمكن استعادة السودان من هذه العصابة ونحن في هذه الحال من الضعف والوهن والحزبية الضيقة التي تنظر تحت أرجلها وما تفوز به من المناصب الوزارية حتى في فترة ما وصلت الأمور أن منح أحد الأحزاب بعض أبناء الشعوب المجاورة الجنسية السودانية لضمان الفوز في الانتخابات ثم تملص من المسؤولية باستدعاء العسكر لاستلام السلطة ، إضافة إلى نقطة أخرى أكثر أهمية وهي أن جميع أنظمة الحكم التي حكمت السودان في فترات ما يسمى بالديمقراطية لم تكن على مستوى المسؤولية من حيث التأسيس لوطن متماسك قانونياً ونظاميا واقتصادياً وتستشرف آفاق المستقبل الاقتصادي والسياسي لبلد يملك من الإمكانيات المادية ما كان يمكن أن يجنبه تلك الكوارث التي حلت به وجعلت أكثر من (5) مليون سوداني خارج منظومة الوطن ضيوفاً مرغوب فيهم وغير مرغوب فيهم في منافي العالم أجمع ، وبلدهم بأمس الحاجة لهم ولتأهيلهم وتخصصاتهم العلمية

  11. هل رأيت وطناً تسلطت عليه عصابة تهتم بالتعليم ، ولكن وطن تشرذم أهله أحزاب كل حزب بما لديهم فرحون لا يمكن لهم خلع هذه العصابة كل الشعوب التي مرت بنفس الظروف استطاعت عمل التغيير إلا شعب السودان الذي كان رائداً في خلع أنظمة كانت أقل سوء من هذه العصابة المتأسلمة ، ولكن تلك الأنظمة هي التي سنت بدعة الانقلاب على أنظمة الحكم وفتحت شهية عسكر السودان والأحزاب المؤدلجة لابتلاع وطن كامل شعبه في غفلة من أمره وما يحاك ضده داخلياً عن طريق العملاء وخارجياً عن طريق الأعداء لذا لا يمكن استعادة السودان من هذه العصابة ونحن في هذه الحال من الضعف والوهن والحزبية الضيقة التي تنظر تحت أرجلها وما تفوز به من المناصب الوزارية حتى في فترة ما وصلت الأمور أن منح أحد الأحزاب بعض أبناء الشعوب المجاورة الجنسية السودانية لضمان الفوز في الانتخابات ثم تملص من المسؤولية باستدعاء العسكر لاستلام السلطة ، إضافة إلى نقطة أخرى أكثر أهمية وهي أن جميع أنظمة الحكم التي حكمت السودان في فترات ما يسمى بالديمقراطية لم تكن على مستوى المسؤولية من حيث التأسيس لوطن متماسك قانونياً ونظاميا واقتصادياً وتستشرف آفاق المستقبل الاقتصادي والسياسي لبلد يملك من الإمكانيات المادية ما كان يمكن أن يجنبه تلك الكوارث التي حلت به وجعلت أكثر من (5) مليون سوداني خارج منظومة الوطن ضيوفاً مرغوب فيهم وغير مرغوب فيهم في منافي العالم أجمع ، وبلدهم بأمس الحاجة لهم ولتأهيلهم وتخصصاتهم العلمية

  12. وماهو دور المستنيرين من ابناء هذاالشعب في اصلاح مايمكن اصلاحه ام نظل نجتر الزكريات لقدادخلنا الاسلام السياسي هذا النفق برغم ان الاسلام برئ مما يحدث الان .
    هل تظل هذه الطغمه في صدورناسنينااخر؟

  13. تعطل كل شيء لان الفئة التي ركزوا عليها … معطلة من كل شيء….
    هل يمكن لفئة ان تكون فاشلة في كل كل شيء…??? ٢٧ عاماً لم تحقق اي نجاح في اي مجال…!!!
    اعوذب الله.

  14. وان طال السفر .. هؤلاء المتأسلمين لن تقوم لهم قائمة او ترتفع لهم راية في السودان لانهم ممقوتين وهم يعرفون ذلك جيدا انهم لو فارقوا السلطة سوف لن يعودوا لها مجددا .فصبرا شعبنا المكلوم سيريكم الله فيهم باسه …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..