هل كانوا حقاً فاسدين ؟

هل كانوا حقاً فاسدين ؟
بابكر فيصل بابكر
[email][email protected][/email]
يشهدُ تاريخ الإنقلابات العسكرية في السودان أنَّ إتهَّام قيادة النظام المدني الديموقراطي بالفساد يكون دائماً في مقدمة الحُجج التي يسوقها أصحاب الإنقلاب لتبرير فعلهم , ومن ثمَّ تشرع السلطات في إقامة محاكم للتحقيق في ذلك الفساد وينتهي الأمر إلى إدانة و سجن بعض القيادات ظلماً ودون أدلة لأنَّ الغاية الأخيرة من المُحاكمة ليست إبراز الحقيقة أو إنجاز العدالة ولكن تشويه سُمعة النظام المدني الديموقراطي. حدث ذلك أبَّان إنقلاب مايو, وتكرَّر كذلك مع الإنقاذ.
الفسادُ آفة خطيرة تصيب كافة المجتمعات والدول, ولكنها تتحوَّلُ إلى سرطانٍ قاتل في الدول التي تتحكم فيها حكومات مُستبدَّة ذلك لأنَّ فى دولة الإستبداد يشيعُ الحرام ويشهد المجتمع تضخم الثروات التي راكمها أصحابها مُستظلين ومُحتمين بالفساد. ويرى الكواكبي صاحبُ “طبائع الإستبداد” أنَّ الحرص على : ( التموٌّل القبيح, ” أي مراكمة الثروات الحرام “، يشتدُ كثيراً فى رؤوس الناس فى عهد الحكومات المُستبدة حيث يسهُل فيها تحصيل الثروة بالسرقة من بيت المال, وبالتعدى على الحقوق العامة وبغصب ما فى أيدى الضعفاء ورأس مال ذلك هو أن يترك الإنسان الدين والحياء جانباً ). إنتهى
في ظلِّ الإستبداد يسودُ الفساد بجميع أنواعهِ وتنتشرُ بين الناس أسوأ الخصال البشريَّة مثل النفاق والكذب والمُحاباة والتزلف, وفى هذا يقول الكواكبى : ( الإستبدادُ يضطرُ الناس إلى إستباحة الكذب والتحايل والخداع والنفاق والتذلل ومراغمة الحس وإماتة النفس ونبذ الجد ). إنتهى
ولأنَّ الإستبداد ينشرُ الفساد الخلقى ويشيع ثقافة النفاق من أعلى مؤسسات الدولة إلى أدناها فإنَّ ذلك يجعل الناس خائفين من المواجهة فيغضون الطرف عن أىِّ شكل من أشكال الإنحراف الإدارى والأخلاقي, وتنتشرُ في أوساط المُجتمع ثقافة الصمت التي يُعبَّر عنها بالأمثلة الشعبية من شاكلة ” الخوَّاف ربَّى عياله ” و ” أبعد من الشر وغني له “, و كما يقول الكواكبي فإنَّ : ( أقلَّ ما يؤثرهُ الإستبداد فى أخلاق الناس, أنهُ يُرغمُ حتى الأخيار منهم على إلفة الرِّياء والنفاق وأنهُ يُعينُ الأشرار على إجراء غىِّ نفوسهم آمنين من كل تبعة ولو أدبية, فلا اعتراض ولا إنتقاد ولا افتضاح ). إنتهى
في ظل الإستبداد تغيبُ القدوة ويختفي المثال, ويرقص الناس على إيقاعات ضاربي الدِّفوف الكبار وهو الأمر الذي يفاقم الفساد ويزيد من إنشارهُ. أمَّا الفساد في الدول المدنيَّة الديموقراطية “الحُرَّة” فيقلُّ إلى أدنى مستوياته أو يكاد يتلاشى لأنَّ تلك الدول لا تعوِّل في الحد من إنتشاره على القدوة والمثال فقط رغم أهميتهما ولكنها تحتكمُ “لنظم” و “إجراءات” و “قوانين” كابحة خارج إطار الأفراد, وهو الأمر الذي لا يوجد في ظل دولة الإستبداد التي لا تأبهُ بسُّلطان النظم و القوانين وبتطبيقها و تخضعُ فقط لأهواء الحاكمين وميولهم ونزواتهم.
يشيعُ الفساد بصورة كبيرة في ظل الحكومات الإستبدادية التي تستهينُ بالنظم والإجراءات والقوانين, و تدَّعي إستنادها فقط على “الكوابح” الأخلاقيَّة للنفوس, والسبب في ذلك هو أنَّ الإستبداد بطبيعتهِ مُفسدٌ لمصادر تلك الكوابح وعلى رأسها “الدين” الذي يتحوَّل في ظل الحكم الإستبدادي إلى مُجرَّد شعارات ومظاهر وشكليات, وتتحوَّل الشعائر الدينية والعبادات إلى عادات وتمارين آلية روتينية لا تؤثر في سلوك الناس وبالتالي فإنَّ التديُّن لا ينعكس إيجاباً على سلوك و أخلاقيات المجتمع, وفي هذا الخصوص يقول الكواكبى : ( الإستبداد مُفسدٌ للدين فى أهم قسميه أى الأخلاق والعبادات, فتصيرُ مُجرَّد عادات لا تفيد فى تطهير النفوس شيئاً, ولا تنهى عن فحشاء ولا منكر لفقد الإخلاص فيها تبعاً لفقده فى النفوس ). إنتهى
تاريخ السودان الحديث يقفُ شاهداً على صدق تحليلات وإستنتاجات شيخنا الكواكبي, فمع أنَّه يُمكن توجيه سهام النقد للعديد من سياسات و ممارسات ومواقف الحكومات التي عرفتها الديموقراطيات الثلاث التي شهدها السودان, كما أنه يمكن أيضاً مُحاكمة أفكار ورؤى القيادات الوطنيِّة التي كانت على رأس تلك الحكومات, إلا أنَّ الناقد المُنصف لا بدَّ سيشهد بأنَّ الفساد في ظلها ? أي الحكومات الديموقراطية – كان في حُدوده الدُّنيا, وأنَّ مراعاة حُرمة المال العام كانت سمة قادة تلك الحكومات.
عدم شيوع الفساد في ظل الحكومات الديموقراطيَّة التي شهدها السودان يرجعُ في جانبٍ كبير منهُ إلى إحترام تلك الحكومات للقوانين وإلى شيوع الحُريَّة وحيوية الرأي العام ورقابته. وعلى الرغم من عدم وجود “أنظمة” راسخة كما هو الحال في الديموقراطيات الغربية إلا أنَّ ذلك قد تمَّ التعويض عنهُ بصورة كبيرة بالقدوة والمثال الذي جسدَّتهُ القيادات السياسية التي كانت على رأس تلك الحكومات.
الشواهد على ما نقول كثيرة, وسأعرض منها ثلاثة أوردها أستاذنا الدكتور محمد عثمان الجعلي في كتابه ” رحيل النوَّار خلسة ” للتدليل على ما زعمنا صحتهُ. الشاهد الأول هو الخطاب أدناهُ المُرسل من رافع علم الإستقلال, ومُحرِّر الوطن, الرئيس “إسماعيل الأزهري” وفيه يطلب “سلفية ” من رجل الأعمال المرحوم بشير النفيدي, ويقول نص الخطاب :
( بسم الله الرحمن الرحيم
اسماعيل الأزهري
الأربعاء 7/2/1964
السيد/ بشير النفيدي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
علمت من السيد الحاج مضوي بموضوع المائة جنيه الأولى وهى باقية ديناً لك علىَّ. والآن أرجو أن تسلفني مائة وثلاثين جنيهاً أخرى وتكون الجملة علىَّ مائتين وثلاثين جنيها وسأبدأ في التسديد إن شاء الله في منتصف هذا العام وأكون لكم من الشاكرين.
وآسف جداً لإزعاجك بضيق الظرف
والله ولى التوفيق
اسماعيل الأزهري ). إنتهى
الشاهد الثاني هو خطاب مرسل من المرحوم الدرديري محمد عثمان عضو لجنة الحاكم العام لوزير الماليَّة يبلغهُ فيه تنازله عن ثلث مرتبه وعن العربة الحكوميَّة. وجاء نص الخطاب كالتالي :
( ل-ح-ع / 4- أ-1
الخرطوم في 21/6/1954
عزيزي وزير المالية
بعد التحية
نظراً للإلتزامات المالية الضخمة الملقاة على عاتق الحكومة الوطنية في هذا الظرف وتمشياً مع سياسة التوفير الضرورية لدعم خزينة البلاد فيسرني أن أخطركم بأني قد قررت التنازل عن ثلث مرتبي في عضوية لجنة الحاكم العام وكذا التنازل عن العربة الحكومية المخصصة لي وذلك إبتداءً من أول يوليو 1954 وستسلم العربة لمصلحة النقل الميكانيكي فأرجو إصدار الأمر اللازم لتنفيذ القرار.
وتقبلوا فائق إحترامي
المخلص
الدرديري محمد عثمان
عضو لجنة الحاكم العام ). إنتهى
الشاهد الثالث هو خطابٌ مرسلٌ من المرحوم حسن عوض الله لمدير الزراعة الآلية يبلغهُ فيه تنازلهُ عن المشروع الزراعي الذي تمَّ منحهُ له. وجاء في نص الخطاب التالي :
( السيد/ مدير الزراعة الآلية
تحية طيبة
إشارة إلى خطابكم بالتصديق لي بالمشروع الزراعي أود أن أفيد سيادتكم بأني عندما تقدمت بطلبي السابق كنت بلا عمل وأنا الآن أشغلُ منصب وزير التربية والتعليم لذلك آمل أن تتكرموا بإعتبار طلبي السابق لاغياً وأن تمنحوا المشروع لمن هو أحق وأولى مني. والله الموفق.
وتفضلوا بقبول أسمى إعتباري
حسن عوض الله
وزير التربية والتعليم ). إنتهى
إنَّ بلادنا اليوم في حاجة ماسة إلى أمثال هؤلاء الرِّجال الأطهار الزاهدين عن متاع الدنيا الزائل, والذين يُراعون حُرمة المال العام, و فوق ذلك فهى ? بلادنا – أكثر حاجة لنظام حُكم ديموقراطي مدني يثبِّت النظم ويُطبِّق القوانين والإجراءات الضرورية للحدِّ من إنتشار آفة الفساد التي تخللت جسد المُجتمع والدولة خلال العقدين الأخيرين بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث.
نماذج لقامات سوامق. ألف رحمة تتنزل عليهم. يوم واحد لم يخرجوا ويصموا آذاننا ب ( هي لله) , ولكنهم عملوا لله وللوطن. متعك الله بالعافية كاتبنا الجليل.
بالله شوف كلام حسن عوض الله وراجع الخبر بتاع المرابحة المليارية (انشاء الله اكون كتبتها صاح اصل نطقها علينا صعب)
هؤلاء هم السودانيون الاطهار الحقيقيون ..ولو لم يتسلط علينا العساكر المتسربلون بالدين ..لبلغنا مابلغته الهند والبرازيل والنمور الاسيوية.. ولكن هذا قدرنا .. فالعسكر لايجلبون معهم إلا الفساد والبؤس والتخلف..
بسم ألله الرحمن الرحيم
أخ بابكر فيصل .. ألسلام عليكم ورحمة ألله .. من مدينة ودمدنى السُــنى ..
*ألآن والآن فقط دقت ساعة الانقلاب على حزب المؤتمر ونظامه..فالتخلص من النظام أصبح أولية الأولويات.
يُخطئ من يظن أن(البشير) هو صاحب المبادرة فى الانقلاب أو كونه كاتب للخطاب.. فمن وجهة نظري الأمر فرض عليه (فرضاً)فأزمة الخطاب أزمة مركبة وتهمة (الفساد) فضفاضه وحمالة أوجه .. وإساءة غير مقبولة وخطأ فادح بحق الاحزاب ورموزها ..
* وفي كل الأحوال فقد تأخر مهندسو المرحلة بالنظام كثيرا قبل إدراك المفعول المدمر لنظامهم الفاسد الفاشل .. فنراه يُشعل الأمور ويدفعها لتسير في اتجاه غير محسوب العواقب.. لكن مع توالي الأياموالشهور
ورغم كل ما يُقال عن انعدام التجربة وقلة الخبرة..فالرجل الذي كان يطل كل بضع سنوات مرةعبر برنامج صديقه (حتى تكتمل الصورة) وهو برنامج (معلب) ومُعد بصورة لا تسمح لمُقدمه بتحويله إلى لحظة بوح ومكاشفة.. فكل (كلمة) تصدر عنه حتى وإن كانت (تحتمل أكثر من معنى)..
* وفي كل الأحوال يبدو أننا أمام رئيس متسع كبير من الوقت لتجريب ما شاء من (النظريات) و(الخلطات) القطريه خاصة..
* الجعلى البعدى يومو خنق
الكاتب أتحادي وعليه لم يذكر إلا نماذج من قادة الحزب الوطني الإتحادي ? مش الحزب الإتحادي الديمقراطي ? المشلّع بين مولانا والدقير والهندي وهلم جرا- ولكن عبد الله عبد الرحمن نقد الله كان وزيراً للحكومات المحلية وهي التي كانت تتبع لها الأراضي. تمّ تقسيم اراضي أمبده في عهد نقد الله. لم يأخذ الأمير قطعة أرض واحدة لأسرته. ولقد توفاه الله في منزل ورثة من والده ومعه إخوته. منزل بلا بوابة. تلك قصة أخرى نحكيها لو سمح الوقت.
السيد الصادق المهدي لم يأخذ مرتب من حكومة السودان طوال الفترات التي تولى فيها رئاسة الوزارة أو النيابة في البرلمان. نافع والجاز كيف يا جماعة الخير؟
والان هنالك امثلة كثيرة مثل تنازل المتعافى لنافع عن شركة….للخمات والاستثمار وتنازل الدستوريين عن عربات زوجاتهم وعن العربات الثالثة ومواتر سائقيهم
معقول لم يسمعوا بهؤلاء الاطهار همهم الاول والاحير تكبير الكوم حلال حرام ربنا ينتقم منهم قدر ماكسبت واغترفت ايديهم من جرائم وانتهاك اعراض الناس واكل الاموال بالباطل
لكن يا بابكر فيصل بابكر ناس الانقاذ عندهم مشروع حضارى وهو انهم قبل الحكم كانوا ناس ما عندهم اى حاجة يعنى ناس عاديين ساكت ومشروعهم يتمثل فى انقاذانفسهم من الفقر عشان يكونوا اهلا لتطبيق شرع الله وهم طبعا ما ممكن يطبقوا شرع الله(ما شرع الله الذى اتى به سيد الخلق وصحابته من بعده بل شرع الله بتاع الاخوان المسلمين شذاذ الآفاق)!! اما الناس الذكرتهم الطاهرين العفيفين الوطنيين اولاد الناس فديل فى نظر ناس الانقاذ ناس علمانيين ساكت وهم فى نظرهم اى زول يعمل بتعاليم الاسلام الحقيقى او مقاصده وما كان منتمى للحركة الاسلاموية بت الكلب وبت الحرام فهو فى نظرهم علمانى وما تبع المشروع الحضارى وما مع شرع الله!!!! واذا عرف السبب بطل العجب!!!انت ما ترجع لبيانهم الاول!!!!