رسائل في كل الاتجاهات.!

شمائل النور
قبل أيام وفي حديث نادر للإعلام؛ أفصح وزير العدل عوض حسن النور عن رأيه في عقوبات حدية ضمن القانون الجنائي، الوزير استنكر عقوبة الرجم؛ حيث أنها لا تناسب العصر الحاضر، وتحدث عن ضرورة إلغاء بعض القوانين التي تخالف المواثيق الدولية، والرأي هنا ليس شخصياً يخص الوزير بقدر ما هو تهيئة لخطوة قادمة.
الجدل الذي أثاره حديث الوزير الصريح، حفّز عدداً من الدعاة الذين استفسروا الوزير؛ ثم نقلوا عنه أنه نفى بعض ما جاء في حديثه، لكنه، أي الوزير، لم يتحدث بعدها، ويبدو أنه لم يكن يرغب في الدخول في مجادلات مع بعض الدعاة.
الذي حدث – لاحقاً- أن الأخبار حملت مصادقة مجلس الوزراء على تغيير عقوبة الزاني المحصن من الرجم إلى الشنق، أي هي محاولة لأنسنة العقوبة التي تخالف العصر والمواثيق الدولية، وزير العدل الذي قاد وفد السودان إلى جنيف للمشاركة في اجتماعات حقوق الإنسان؛ لم تصدر وزارته بياناً مفصلاً بشأن التعديلات التي طالت بعض مواد القانون.
صدفة، وصلت إلى بريدي رسالة من مجموعة حقوقية، علمت – من خلالها- أن ختان الإناث أصبح مجرَّماً بالقانون، وهي خطوة ظلت ترفضها السلطة بشكل قاطع، ودار بشأنها عراكٌ برلماني، وأبعد من ذلك، ففي التعديلات الجديدة تم إلغاء عقوبة الإعدام الخاصة بالردة، وبحسب هيئة علماء السودان؛ فإن التعديل الجديد أتى بنصوص فضفاضة وغير واضحة في عقوبة الردة، وأن يتم إلغاء عقوبة الردة دون ضوضاء، فالأمر وراءه أمر.
المفهوم ابتداءً من التكتم والسرية المضروبة حول هذه التعديلات، أنها خطوة ذات دلالة، ربما أرادت السلطة عبرها أن ترسل رسائل إلى المجتمع الدولي، أنها تسير باتجاه إصلاح ما أو تغيير ما، خاصة أن التعديلات شملت المواد الأكثر إثارة للجدل، ثم اختارت أن تدغدغ بها مشاعر المجتمع الدولي، فالتعديلات هي (ختان الإناث، الرجم، الردة)، كما أن التعديلات لم تمر بالخطوات المعروفة، فلم نسمع بأنها وُضعت في منضدة البرلمان، حتى ولو شكلياً، وكون البرلمان في إجازة؛ فهذا ليس مبرراً مقنعاً. مرت التعديلات من الوزارة إلى مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء لم يعلن إلا عقوبة الرجم التي تم تغييرها إلى الشنق.
وضح جلياً أن المؤسسات ذات الصلة، مجمع الفقه الإسلامي وهيئة علماء السودان وغيرها، علمت بالتعديلات من الإعلام، أو ربما أن التعديلات التي أجريت تمت بجدية وبلا رجعة، ولا تريد السلطة أن تحشد رأياً عاماً حولها؛ رغم الرصيد الذي يُمكن أن تحققه إذا ما خاطبت بذلك المجتمع الدولي، لكن السلطة تعودت على ليِّ يدها بواسطة التيارات المتشددة داخل السلطة، وفضلت العمل بدون ضوضاء ولا إعلام، أم هي أيضاً رسائل للتيارات المتشددة باعتبارها تمريناً لتغيير مُقبل.
أمس، وصفت هيئة علماء السودان هذه التعديلات بأنها مخالفة للشريعة الإسلامية، وقبلها، طلب مجمع الفقه الإسلامي مدَّه بملف التعديلات، وهو ما يؤكد أن ما جرى لم يكن بعلمهم. يلزمنا وقت ليس طويلاً حتى نحكم إن كانت هذه التعديلات فعلاً سوف يتم إدراجها في القانون أم سوف تتراجع السلطة بعد هدوء موجة حقوق الإنسان السنوي
التيار