عندما تطيح الأهوال بالأحوال.. قيم سادت ثم بادت.. في المركبات العامة

الخرطوم – حسيبة سليمان
عند ذهابك إلى أي دولة عربية كانت أو غربية، وتتحدث عن أنك سوداني، تنهال على مسامعك كل ما تحب وترضى أن تنعت به من صفات، لكن حدث حادث وتغيرت على إثره الأمزجة والأهواء، ومثل ما كانت (الرجولة، النخوه، الشهامة والكرامة)، نعوت من الماضي إلا هناك قلة وفئه معينة من الشباب لا تزال تحتفظ بها في هذا الزمان، أما من لا يملكها متوفر وبكثرة في مجتمعنا الذي سادت فيه العديد من الظواهر السالبة التي لا نستطيع إغفالها وما بين الأمس واليوم تغيرت مفاهيم كثيرة في حياتنا، لكن السؤال الذي يتبادر للأذهان في كل حين، ما هي أسباب انعدام النخوة والمروءة من شبابنا الصاعد الواعد، حاولنا الإجابة عنها خلال الاستطلاع التالي:
علبة ساردين
في البدء التجربة كانت شخصية، عندما وقفت لوقت طويل في انتظار المواصلات العامة (التي غالباً ما تمر ممتلئة) وأشبه ما تكون بعلبة الساردين، وهي شاهد شديد التعبير والواقعية، وبعد مرور وقت ليس قصيراً جاءت مركبة عامة وبدأت فعلياً مباراة الجري التي يتسابق فيها الجميع لحجز مقاعدهم، وتكون من المحظوظين في حال فوزك بشبر واحد تضع فيه قدماك، – أنا شخصياً كنت محظوظة ، عندما حظيت بمقعد خلف السائق، ذلك المقعد جعلني في موضع مميز لمراقبة كل ما يدور داخل المركبة من خلال المرآة المعلقة أمام السائق، وأنا أتابع باهتمام لفتني نهوض رجل مسن من مقعده داعياً إحدى السيدات للجلوس في مكانه، في الوقت الذي كان فيه عدد من الشباب يراقبون المشهد من مقاعدهم بشيء من اللامبالاة، بعدها بثوان علا صوت السيدة، وهي تقول: “الله يبارك فيك يا حاج، عملت الما عملوهو أولاد الزمن السجم دا”!
إحباط وسكون
وتقول أميرة الزين مثلما أن هناك من تخلى عن قيمه، هناك من يحافظ عليها وعلى العادات والتقاليد ولا نستطيع نكران ذلك، لكن اللهث بحثاً عن ما يسد الرمق سبب كثير رهق فعمت حالة من الإحباط والسكون السلبي، وتخلى من تخلى عن أي شيء يقف أمامه، وهناك من ظل صامداً ولا يزال سودانياً أصيلاً بشهامته ونخوته. وأضافت: “العتبى لمن تواجهه ظروف استثنائية، وتظل المرأة الأم والأخت والزوجة والجارة العزيزة مهما فعلت بها الظروف واضطرتها لأن تقف في المواصلات العامة”.
تغيير مفاهيم
أعاب عزام الحاج ما يحدث من هرج ومرج أثناء ركوب المواصلات العامة. وقال: “ما يحدث ليس سوى تغيير مفاهيم وقيم تبدلت من جيل لآخر، ولأنني من ذاك الجيل الذي يعتد بالعادات والتقاليد والقيم السمحة، أرى أن كل ما نحمل من نخوة وكرامة بيد من قاموس الحياة”.
موضة قديمة
فيما عد شمس الدين أحمد تلك الكلمات استهلاكية، وصارت موضة قديمة لا تناسب عصر العولمة، وقال: “فقدت هذه الكلمات معناها حتى باتت أحرفاً دون دلالة أو مضمون”. وتابع: “صادفت مثل هذه المواقف كثيراً تتركت مرارة وغصة في حلقي، كلما رأيت ذلك المشهد المتكرر يومياً، وبكل تفاصيله مع اختلاف الأشخاص”.
استغلال
من جهتها، ترى فائزة إبراهيم أن الشهامة في طريقها للاندثار. وقالت: “رغم أن هناك رجالاً وشباباً لا يهتمون أن كانت هناك امرأة أو فتاة تقف في المركبة العامة، إلا أنني اعتبر ركوب الفتاه في مركبة ممتلئة لا يمت للذوق بصلة ونوع من الاستغلال، وربما تسبب في إحراج آخرين دون ذنب”. وأضافت: “لأنه يمكن أن يكون مريضاً أو لديه ظرف منعه من الوقوف لسيدة، لذا يجب أن لا نحمل الرجال والشباب المسؤولية كاملة”.
وقوف طبيعي
“الزمن ده بقى المرا والراجل واحد ومافي أي فرق بينهم، يعني عادي كان وقفت”. هكذا ابتدر عبدالله خالد حديثه، وقال: “مع ظهور بص الوالي أصبح من الطبيعي وقوفهم داخل المركبات العامة”. وأضاف: “يعني ما جديدة عليهم كان وقفوا في الحافلة

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..