أخبار السودان

وزير الإعلام.. دور (الظل).. محامي السعودية!!

عثمان شبونة
* بلا شك أن أي قارئ (طبيعي) سيتحفز ببعض الغضب ــ على الأقل ــ قبل أن يطالع حواراً أو تصريحاً لوزير الإعلام السوداني أحمد بلال..!
* صحيح أن بناء رأي مسبق يتكئ على الغضب؛ هو أمر سالب في عمومه.. لكن التعود على سماع بعض الأشخاص يرسم صورة ثابتة لا تخيب على إثرها توقعات المراقب أو المتابع.. أساس هذه الصورة لم يأت من فراغ؛ بل نتاج (أرشيف) في الذاكرة..! وتحفظ ذاكرتنا للوزير أقوال معاكسة للواقع.. متناقضة.. أو فطيرة على أقل الفروض.. ثم أقوال للتواجد في الحدث (من غير ضرورة)..!
* حديث الوزير كان لصحيفة “البيان” الإماراتية هذه المرة؛ فقد سأله محررها الزميل طارق عثمان بالنص: (لا تزال عقبة إيصال المساعدات الإنسانية تقف عائقاً أمام تقدم المفاوضات بين الحكومة ومتمردي قطاع الشمال، هل من جديد؟).
* قال الوزير بالنص: (الحركة تريد اعترافاً دولياً بوجودها في بعض الناطق التي تحتلها، وأن تعامل بالندية مع الحكومة، وهذا تفريط في السيادة، ونحن لن نسمح بذلك مهما كان، فالمنافذ التي يتحدثون عنها، من بينها جوبا، وجوبا نفسها تأتيها إغاثتها عبر الخرطوم، ونحن تنازلنا وسمحنا بأن تشرف لجنة من الأمم المتحدة والحركات المتمردة والاتحاد الأفريقي للوصول إلى المناطق المتضررة.. ولكن أن تدخل طائرات من دون علم السودان، ولربما تحمل أشياء أخرى غير الإغاثة، فهذا لن نسمح به).
* الملاحظة العفوية الأولى أن كثيرون ــ غير الوزير ــ يستخدمون كلمة (احتلال) عندما يتحدثون عن مناطق تتواجد فيها الحركات المسلحة (أبناء الوطن)؛ ولا يستخدمونها في حالة سلطتهم التي استولت على كل السودان باغتصاب (الكرسي) وزادت على الاغتصاب بما هو واضح للعيان.. ثم لم تكفي بذلك؛ فدمرت البلاد تدميراً..! كيف هو الإحتلال؟! وأيهما المُحتل؟!
* الغريب أن السلطة الحاكمة زاهدة في النظر إلى منطقة حلايب كبقعة سودانية محتلة بالفعل من قبل المصريين..! وتتحاشى الحديث عنها؛ إلاّ نادراً؛ وفقط حينما تريد أن تصنع (دائرة إهتمام) ماكرة؛ وحينما تحلو لها ممارسة (الهيبة) المزعومة؛ ابتغاء للإحساس (بالشرعية) المفقودة بلا شك..!
* حديث وزير الإعلام ــ كديدنه ــ غير واقعي في فقرته الخاصة بعدم سماحهم لدخول الطائرات الإغاثية ــ الغريبة ــ دون علم السودان..! ولنسأله: كم طائرة دخلت (بدون علمكم)؟! السؤال يستصحب تلك الطائرة التي قصفت قلب العاصمة وكانت (أنوارها طافية!!) كما قال أحد قادة الخرطوم.. كما لا يستثني ــ السؤال ــ طائرات اسرائيل الأخرى في شرق السودان..! هل أخذت الإذن حينما اخترقت الأجواء ورمَت الحِمم ثم عادت مطمئنة؟ أم الحكومة كانت تعلم بها وتنتظر القصف لتحدثنا عن (الاحتفاظ بحق الرد!!)؟!
* الحكومة السودانية في تبعيتها (المفاجئة) تتقمص أحياناً دور الناطق الرسمي للسعودية في مرحلة ما بعد “عاصفة الحزم”..! واستكمالاً لذلك الدور يتحدث وزير الإعلام السوداني ــ للبيان ــ منتقداً ما عرف بقانون “جاستا” الأمريكي؛ أو قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب..! قال الوزير: “إن الغرض من القانون إبتزاز السعودية بعد بروز دورها في المنطقة”..! هل يعني دورها في تجفيف منابع الإرهاب مثلاً؟!!
* قد يكون مقبولاً ما قاله الوزير (كوجهة نظر سياسية) تحتمل الخلاف.. لكن ما بال قانون جاستا يشغل قادة الحكومة السودانية أكثر مما يشغل السعودية وباقي الدنيا..؟ السعودية تعرف (خلاصها) بدون هذه (الطبطبة!) التي يبديها نظام الخرطوم.. أعني ممارسة دور شبيه للتابع المهتم بسيدهِ؛ وبطريقة (ظليّة).. فالحكومة السودانية آثرت القيام بوظيفة (محامي السعودية) في الفترة الأخيرة؛ وبالعديد من ألسن (الموالاة)..!
* ولأن الشيء يُذكر بالشيء؛ كنت متابعاً في الأسبوع الفائت للإعلام المصري (برنامج العاشرة مساء ــ قناة دريم؛ نموذجاً).. لاحظتُ كيف اختلفت اللهجة بالرفض لانتقادات السعودية؛ وذلك عقب محاولتها لفرض لغة (الأب الكبير!) حيال مصر بخصوص سياسة الأخيرة في الشأن السوري.. رغم أن السعودية داعم وحليف (عزيز) للرئيس السيسي.. ومعروف أن تباينات المواقف بين مصر والسعودية إزاء النظام السوري تصنع بعض الحواجز بين البلدين؛ فمصر تؤيد المشروع الروسي في سوريا؛ على عكس السعودية..! هذا نموذج تطول تفاصيله ولا يهمنا كثيراً؛ لكنه يصلح كمثال نشهره في وجه المتهافتين (بلا كبرياء) ليعوا معنى (الاستقلالية) واحترام الخصوصية والشعب..!
* السودان ــ بإرادة سلطته ــ كاد أن يتحول إلى (إمارة) سعودية منذ بداية التحالف المعروف باسم عاصفة الحزم “مارس 2015”..! هذه السلطة تبدي (غِيرة طفولية) على السعودية دون استدراك لمعنى النديّة التي تحفظ مكانة السودان وليس النظام الحاكم..! لو كانت الأدوار (الهشة) تعيب الحكومات فقط ولا تؤثر على الشعوب؛ لما التفتنا ناحيتها.. لكن من يقنع (أحمد بلال!) وغيره..!
أعوذ بالله
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..