شيخ الذهابين يكشف لآخر لحظة أسباب وفاة المعدنين

التعدين تدور حوله آراء متضاربة، منهم من يقول لك كله مكاسب، وأحدهم قال لي إنه(ماسورة) فهو بعد أن قام ببيع سيارته (الهايس) ذهب إلى هناك ولم يعد بشيء، بل تبددت قيمة السيارة في الصرف على المعيشة.. فما حقيقة (هوجة الذهب) التي شغلت الناس.. (آخر لحظة) جلست إلى الذهاب: ياسين جاد الله (الحلو) ليحدثنا عن حقيقة الأمر باعتباره أقدم المعدنين في منطقة(القعب).. فماذا قال..
حوار-مصطفى نصر
* هل التعدين حقيقة أم خيال؟
– والله إن المسألة مسألة رزق من رب العالمين، قد يكون أحدهم ذهب وعاد خائباً، لكني شخصياً أعرف مئات النماذج لأناس غنوا من الذهب وتبدلت أحوالهم من الفقر المدقع إلى ملاك وأصحاب أطيان، لكن في نفس الوقت هناك من يجلس معنا لعدة سنوات ولا يجد شيئاً، فنجمع له قيمة تذاكر البص ليرجع، وهنالك من يحالفه الحظ منذ اليوم الأول فيبدأ في جني الأرباح.
* حدثني عن تجربتك الشخصية مع الذهب؟
– لا أخفيك، أنا شخصياً جنيت عشرات، وأحياناً مئات الملايين من الذهب، لكن الطمع يغريني بالمزيد فأفتح آباراً جديدة، قد تكلفني كل ما جنيت من أرباح ويكون عائدها على قدر المنصرف، وأحياناً أقل من المنصرف، لكني لا أيأس أبداً، فنفس هذه البئر قد يأتي يوم وأصل إلى (عرق) الذهب، أو تصل الآبار المجاورة لي لعرق فأمر عبرهم وأبدأ في جني الملايين، فأنا مؤمن بأن الرزق من عند الله.
* كيف تمر عبرهم هل هو مسموح؟
– نعم لدينا طريقة نسميها (سوداتيل)، إذ يمكن أن تمر عبر بئر جارك إلى العرق في مقابل عمولة لصاحب البئر قدرها ١٥٪، فإذا توجه العرق لإتجاه بئرك مرة أخرى تتوقف عن دفع العمولة.
* ما سبب الخسائر التي تحدث لك؟
– التعدين مكلف جداً: فأجرة البوكلن الذي يحفر البئر في الساعة الواحدة مائة جنيه.. ولديك أكثر من ١٠ عمال حفر إطعامهم من غير يومياتهم يكلف ٤ آلاف جنيه شهرياً.. بالإضافة لأجرة الطاحونة، والزئبق الجرام الواحد منه بـ ٢٥ جنيهاً، إضافة لأدوات الحفر وأجرة المولد والكور الذي يدخل الأكسجين للبئر.. ورسوم المحلية..
* ما هي المراحل التي تمر بها عملية التعدين؟
– بعد فتح البئر، وهو عملية حفر البئر رأسياً، وبعد الوصول الى عمق ١٥-٢٠ متر بواسطة (البوكلين)، نبدأ الحفر (افقياً لأيام طويلة) الى أن (نمسك) العرق، وتمر هذه العملية بثلاث مراحل ? التكسير ثم النقل خارج البئر، والتكسير الى قطع صغيرة، ثم الطحن ويلي ذلك وضعها في أحواض مليئة بالزبئق والماء، وهنا تحدث التنقية بالمصر والحرق ويبقى الذهب الخالص، باقي التراب يسمى (الكرتة) نقوم ببيعه للشركات الكبرى، لتستخلص منه المزيد من الذهب، وهي تباع بحسب نسبة التركيز، وقد يصل كيس الكرتة الى ١٠٠٠ج وأحياناً لا يزيد عن ٥٠٠ج.
* لماذا تشهد منطقة القعب ازدحاماً كبيراً؟
– لأن الذهب هنا عالي التركيز فنسبة الذهب في الحجر (970-1000)
* تكثر حوادث الوفاة داخل الآبار.. لماذا؟
– أكثر الفئات تضرراً من ذلك هو (الكوماجية).. وهم الذين يضعون الحجارة على هيئة أكوام.. ويحدث ذلك نتيحة لعدم اتباع تعليمات السلامة، إذ من المعروف أن عندما تزداد صلابة البئر يتم حرقها ليسهل الحفر، ويفترض الدخول للبئر بعد حرقها بأربعة أيام حتى يتجدد الهواء.. ولكن هؤلاء يستعجلون الربح السريع، فيدخلون البئر بعد اليوم التالي مباشرة.. مما يترتب عليه وفاتهم بسبب الاختناق.
* مقاطعة.. ولكن الآبار تتهدم أيضاً؟
– لا تتهدم بسهولة لأنها قائمة على قواعد حجرية يبلغ سمكها من متر الى مترين بين بئر وأخرى.. لكن الكوماجية يبالغون في تتبع العرق بإزالة أجزاء من القوائم الحجرية، مما يؤدي لتهدم البئر على رؤوسهم.
* كيف توفرون الإضاءة والتهوية داخل البئر؟
– بالنسبة للإضاءة لدينا كشافات معروفة لدى عمال المناجم.. أما الهواء فيدخل عبر جهاز يسمى (الكور) يدفع الهواء الى داخل البئر عبر مواسير قطرها 20 بوصة.
* كثر الحديث عن أن عملية التعدين تلوث التربة بالزئبق والسيانيد؟
– نحن لا نستخدم السيانيد مطلقاً لخطورته، ولكن نستخدم الزئبق بكميات بسيطة لا تحدث أثراً.. وقد تقع المسؤولية على الشركات الكبرى التي تستخدم المادتين بكميات كبيرة.
اخر لحظة
عندما يقرا الواحد مثل هذا الكلام في صحيفة مثل اخر لحظة يشعر باننا في السودان نعيش في العصور ما قبل الثورة الصناعية وخارج العصر الحديث الذى يتميز بالعلوم والتكنولوجيا. لا اعرف لماذا لم تجرى الصحفى مثل هذا اللقاء مع الجيلوجيين ومهندسى التعدين لتوعية الناس.مثل هذا الحديث سوف يشجع الشباب باللحاق بهؤلاء المعدنيين الذين يرمون انفسهم في التهلكة. بحكم معايشتى لهؤلاء لم اجد أحدا قد جمع مالا يعوضه عن الامراض المستعصية التي تصيبهم وقد نشر الأطباء الذين اجروا كشوفات عليهم بانهم أصيبوا بامراض مستعصية مثل السرطان وامراض الرئة .
أتمنى ان يزور الصحفيون أماكن التعدين العشوائى وينقلوا للناس الحقائق وليس الخزعبلات .
عندما يقرا الواحد مثل هذا الكلام في صحيفة مثل اخر لحظة يشعر باننا في السودان نعيش في العصور ما قبل الثورة الصناعية وخارج العصر الحديث الذى يتميز بالعلوم والتكنولوجيا. لا اعرف لماذا لم تجرى الصحفى مثل هذا اللقاء مع الجيلوجيين ومهندسى التعدين لتوعية الناس.مثل هذا الحديث سوف يشجع الشباب باللحاق بهؤلاء المعدنيين الذين يرمون انفسهم في التهلكة. بحكم معايشتى لهؤلاء لم اجد أحدا قد جمع مالا يعوضه عن الامراض المستعصية التي تصيبهم وقد نشر الأطباء الذين اجروا كشوفات عليهم بانهم أصيبوا بامراض مستعصية مثل السرطان وامراض الرئة .
أتمنى ان يزور الصحفيون أماكن التعدين العشوائى وينقلوا للناس الحقائق وليس الخزعبلات .