الكتابة على الجدران.. فن غارق في الفوضى.. عوامل نفسية

الخرطوم – أميرة سعد الدين
الكتابة على جدران (المرافق) العامة مثل الجسور والحدائق وغيرها، ظاهرة جديرة بالدراسة، لأنها إضافة لكونها تشوه جمال الممتلكات الخاصة والعامة، وتتعدى عليها، وتعد سلوكاً سيئاً يطيح بتناسق ونظافة المدن، ويجعلها غارقة في الفوضى، لكن هذا السلوك لم يأت من فراغ، وإنما هناك عوامل كثيرة ومتعددة تسببت به، هكذا يقول الخبراء والاختصاصيون.
ويأتي العامل النفسي والانفعالي للذي يكتب على الجدران في المقدمة، وهو الذي يدفع بالشخص إلى ارتكاب مثل هذا التعبير الذي يصنفه البعض بالمتوتر، خاصة وأنه يطرح عبارات وأفكاراً قد تكون غير لائقة، لكنه في الحقيقة ? أيضاً ? يعد من وجهة نظر علم النفس ذاته تعبيراً عن الذات والخواطر الدفينة وتفريغاً لشحنات سالبة مكبوتة، لكنها (أي الكتابة على الجدران) تبدو (انتقامية)، إذا جاءت في سياق لفت نظر الآخرين أوتشويه سمعة الغير.
خطورة بالغة
وفي السياق، حذرت خالدة عمر (ربة منزل) من خطورة تأثر الأطفال ببعض العبارات غير اللائقة التي يجدونها على الجدران. وأضافت: لاحقاً ربما يلجأون إلى التعبير عن أنفسهم بهذه الطريقة خاصة الأطفال الذين لا يمنحون فرصة للتعبير عما يريدون، ويمارس عليهم نوعاً من الكبت، ونصحت (منال) الأمهات أن يمنحن أطفالهن حريه التعبير حتى يساعدنهم في النمو الذهني والنفسي السويين للطفل، فلا يفكروا في تشويه الجدران بما يعتمل في دواخلهم.
تعبيرات مختلفة
إلى ذلك، تقول الباحثة الاجتماعية سحر أحمد تتخذ الكتابة على الجدران أنماطاً متعددة ذات خلفيات متباينة، فبعضهم يكتبون عبارات مرتبطة بمناسبات وأعياد، وفريق ينزع نحو كتابة الأقوال والعبارات الخالدة كالحكم والأمثال وأقوال المفكرين والعلماء، وبعضهم يكتبون التهانئ والتبريكات خاصة المرتبطة بالمناسبات الدينية كالحج: (حجا مبرورا وسعيا مشكورا)، أو (ما شاء الله) على أبواب المنازل الجديدة أو الجميلة، وآخرون يكتبون شعارات أو مطالب سياسية أو اقتصادية، لكن الشريحة الأوسع هي تلك التي تعبر عما يجيش بنفسها من مشاعر.
ظاهرة غير سوية
من جهته، يقول أستاذ علم النفس عمر الطاهر: “هي ظاهرة سلوكية غير كريمة خاصة كتابة عبارات غير مميزة، ولها عوامل عديدة ومسببات مكبوتة بداخل فاعلها، يخفيها الشخص عن المحيط الذي يوجد فيه، ويريد أن يعبّر عنها بطريقة الكتابة على الجدران”. وأضاف: “يباشر هؤلاء الأشخاص الكتابة والرسم لقناعتهم أن الناس بالرغم من تجوالهم في هذه الأماكن لن يتعرفوا عليهم”. وعدَّ عمر هذه السلوكيات شاذة للحد البعيد، مؤكداً أن أفضل علاج لهذه الظاهرة هو تدخل الاختصاصي النفسي لتعديل السلوك باستخدام خطة علاجية، وتبديلها بسلوك حسن
اليوم التالي