الفنان التشكيلي معاوية أبو الغيث “الدرويش” و”جكسا” وضعاني على سلم النجومية و”البارودي” ساند التشكيليين

استفدت من مدرسة الواحد والتكعيبية والسريالية وكونت مدرستي الخاصة

الدولة مطالبة بعمل متحف قومي شامل لكل المبدعين

حاورته: منى مصطفى عبد الباسط

الفنان التشكيلي معاوية أبو الغيث تعدت أعماله المحلية لتتوجه سفيراً عالمياً له العديد من الأعمال والمشاركات في المحافل الدولية، ووضع بصمة للأعمال الجلدية، كما أنه أول من جسد الكرة في تاريخ الفنون التشكيلية السودانية، وعمل على الاهتمام بالجانب الرياضي بلوحته الشهيرة “ذهبية العصر الكروي”. وأبو الغيث يوثق للوطن جمالياته عبر التاريخ بالعديد من أعماله التي تتحدث عن التراث والتاريخ والفلكلور كما يؤمن بأن الفن رسالة عميقة تستدعي الصبر والعزيمة، زارته “الصيحة” بمنزله بالخرطوم بحري حي المزاد للتعرف عليه واقتحام عالمه وقد استوقفتنا لوحات في غاية الروعة تغطي جدران منزله الأنيق.

*بطاقة تعريفية؟

– معاوية أبو الغيث حسين من مواليد أم درمان حي العرضة، تلقيت المراحل التعليمية بها في مدارس بابكر سرور.

*كيف كانت بداياتك الأولى مع الفن التشكيلي؟

– منذ المراحل التعليمية المبكرة، فقد كانت هنالك مساحة متوفرة للموهوبين وحتى الألوان ومواد التشكيل تأتينا كانت من الخارج، أدى ذلك لتحفيز المبدعين، واستمر هذا النهج إلى أن التحقت بالمرحلة الثانوية، وفي تلك الفترة كان التعليم يهتم بالفن التشكيلي والحصص تقام في الهواء الطلق وتحت الأشجار، وفي الأسواق، واستعنت بالورش الفنية وبعض الأساتذة وكذلك المرسم الحر بشارع النيل، وبعد ذلك بدأت أتلمس خطاي مثل كل فنان وضع نهجاً للحياة.

*ما هو دور الأسرة في مسيرتك؟

من ناحية الأسرة وجدت أجواء الفنون تغطي سماءها منهم الخال البروفيسر الماحي إسماعيل وهو عميد المعهد الموسيقى والمسرح، وأيضاً نهلت الفكرة من أخي الأكبر الفنان التشكيلي مصطفى أبو الغيث، وهو مؤسس المدرسة الجلدية، ومن هنا فكرت في الدخول جدياً إلى هذا المجال.

*إلى أي مدرسة من مدارس الفن التشكيلي تنتمي؟

هنالك مدارس عديدة، أما أنا فانتمائي إلى المدرسة التكعيبية والسريالية ومدرسة الواحد، وقد استفدت من هذه المدارس وكونت مدرستي الخاصة بي، وهذه المدرسة انتقلت بها إلى الفنان العالمي إبراهيم الصلحي، وكنت في جلسة فنية للنقاش في هذا العمل بحضور الأستاذ صديق البلوم، والأستاذة سعدية الصلحي، وخرجت من هذة الجلسة بأن التجربة كانت إضافة للحركة التشكيلية السودانية، وأنها وجدت استحساناً من التشكيليين، وفي قناعتي أن يكون الفنان مطلعاً على مختلف المدارس ويستفيد منها، ولكن لابد أن يجعل تجربته الفنية أساساً خاصاً به كمبدع يميزه عن الآخرين، وهذا ما عملت على تحقيقه.

*الطابع الذي تحمله أعمالك الفنية؟

-تباينت أعمالي باختلاف طبيعة بلادنا المتنوع والمتباين الطباع والتقاليد، وتميل أعمالي إلى التراث والأعمال الشعبية والفلكلور والبيئة المحيطة والمواضيع التي تمس المجتمع السوداني والتاريخ.

*المواد التي تعتمد عليها في أعمالك؟

أعتمد في الأساس على خامات جلد الماعز لأنه رفيع ومطاوع فهو خامة محلية والدباغة يدوية، وكذلك الخشب والطبق، وهو معروف في السودان، وكذلك القرع بأحجام مختلفة.

*أول عمل فني قمت به؟

بدأت بالحروف العربية، وأول عمل كان “بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين”، وتلك كانت أول أعمالي التي فتحت الباب أمامي لعالم الفن التشكيلي، وكما هو معروف يمر التشكيل بثلاث مراحل المسطحات ثم تفريغ العمل وتغطيته بالجلد لتعطي البرواز ومن ثم التلوين.

*المعارض التي شاركت بها على مستوى الداخل والخارج؟

عملت معرضا جماعياً بالمركز الثقافي الفرنسي، وشاركت في معرض الخرطوم عاصمة الثقافة العربية في العام 2005م، وفي تظاهرة إبداع الترويج والتسويق السياحي بالمتحف القومي في العام 2007م، وفي المعرض السياحي الدولي الثاني في قاعة الصداقة، ومعرض دائم بفندق كورنثيا برج الفاتح سابقاً والمعرض السياحي الأول في السودان، ومشاركة في معرض الأعمال الجلدية والخشبية ببوركينا فاسو، ومعرض منظمة اليونسكو بباريس، ولدي لوحات في السفارة السودانية بلندن إضافة إلى معهد جوته الألماني والمعهد الفرنسي والمعرض الدولي، كما شاركت بالمرسم الحر بشارع النيل، وبه يرجع الفضل للدكتور محمد عوض البارودي الذي وضع بصمة واضحة للتشكيليين في السودان.

*مدى تقبل الآخر لفنك؟

حركة النقد في الفن التشكيلي ضعيفة، ولكن قامت الصحافة بدورها.. كما أن الإعلام يوضح أثر اللوحة في المنزل والشارع والمطار وغيره، وهنالك من يجهل أهمية هذا الفن، لكن دائماً الفنان التشكيلي يخشى نظرة العين الخام، وهي دائماً ما تكون صادقة في التعبير وفيها صدق الرؤية والمعنى وعندما أفرغ من أعمالي أطلعها على بعض سكان الحي والمعارف الذين لهم صلة بالفن، ومن خلال الآراء المختلفة تأتي الاستفادة.

*أعمال في الذاكرة؟

لوحة الدرويش التي اكتسبت شهرة في مجال التشكيل.. ولوحة ذهبية العصر الكروي، ولوحة أخرى تتحدث عن تراث جنوب السودان مجسدة في الفيل ولوحة عن البجراوية والأهرامات، ولوحة عن الجانب الاجتماعي تحكي عن الثور فهو قاسم مشترك ومصدر فخر في المجتمع السوداني، ويستخدم في الزراعة والحروب والزواج، ولوحة الفكي كما هو معروف شريحة هامة في المجتمع، وبوابة للمشايخ، وكذلك لوحة اللوح وغيرها من الأعمال.

*حدثني عن لوحة ذهبية العصر الكروي؟

تعود إلى اللقطة التاريخية لأسطورة الكرة السودانية، نصر الدين عباس جكسا، الذي أطلق عليه عبقري الكرة السودانية، فقد تم تصويرها فتوغرافياً في أبريل عام 1964م، وكانت المباراة بالسودان أمام المنتخب المصري، إبان التصفيات الأفريقية لدورة طوكيو الأولمبية، فقد كانت الكرة مرسلة من الراحل جقدول من الغرب للشرق للمرمى الجنوبي، وقفز جكسا عالياً ليضرب الكرة وتذهب الكرة لتقع خلف الشباك وهذه اللقطة وجدت التصفيق الحار من الجمهور السوداني، فقد عملت على إعادة إنتاج تلك اللقطة في شكل لوحة نالت الإعجاب والقبول.

ـ الرسالة أو الهدف الذي تسعى لتحقيقة من خلال أعمالك الفنية؟

– رسالتي في المقام الأول إبراز تاريخ البلد وتراثه وقيم المجتمع السوداني وهو شعب له قيمة وتاريخ حافل.

*لوحة جعلتك نجماً في عالم التشكيل؟

كل عمل للفنان مقرب له ويعتبره الفنان محبباً، ولكن لوحة جكسا ولوحة الدرويش وذهبية العصر الكروي، لهما شهرة وأفرزتا ضجة كبيرة من خلال عرضهما ضمن اللوحات ببرج الفاتح، وكان لهما دور كبير في مسيرتي الفنية.

*تجربتك في الغربة؟

وجدت بعض الدعوات من البروفيسور معز عمر بخيت والشاعر الفنان عادل التجاني في دولة قطر، وكانت تجربة ناجحة، فقد ناشد هؤلاء بإقامة أعمال فنية دائمة بين السودان والبحرين وقطر، ومن خلال الدعوات والزيارات وجدت أعمالي تجاوبا وقبولاً، كما أشاد بها الأستاذ إبراهيم الصلحي، وفي الخارج يوجد اهتمام بالفن التشكيلي والفنانين والوسائل متاحة.

*الفن التشكيلي لم يجد حظه في التاريخ وظل مهملاً.. لماذا؟

يرجع ذلك إلى الجهات المسؤولة من كل قطاع المبدعين والمشرفين والفنانين والتشكيليين ومعظم العلاقات فردية، والفنان التشكيلي يأخذ بيد صديقه، ومن هنا أشيد بالدكتور محمد عوض البارودي الذي عمل على إبراز الوجه الحسن للفن التشكيلي من خلال المرسم الحر بشارع النيل، وهو منفذ للتشكيليين وله الفضل في ذلك، وأشد على أيدي التشكيليين، وعلى الجهات المسؤولة أن تعطيهم حقهم كاملاً من ناحية تاريخية وفنية.

ـ كيف تنظر للحركة التشكيلية في الوقت الراهن؟

تشهد الحركة التشكيلية تقدما ونشاطاً بخلاف السنوات الماضية، ويوجد حراك واجتهاد من مجموعات جريئة جداً ومجموعات أخرى وضعت بصمات للفن التشكيلي، وكافحت من أجل تثبيت أقدامها وأصبحت لها أسماء بارزة في الخارج، وهذه المجموعة تسعى لعمل مشاريع حتى يستفيد منها التشكيليون وتصبح عائداً للدولة.

ـ هل ترى مستقبلاً زاهراً وبشريات للفن التشكيلي؟

-المستقبل الزاهر يتوقف على طموح وجدية الفنان والإيمان بالرسالة الفنية والكفاح من أجل الهدف، وهو يوصل إلى الغاية المنشودة وعلى الفنان تخطي الصعاب بالعزيمة والكفاح وعمل الورش حتى تكون النهاية جميلة.

كلمة أخيرة

أتمنى من كل الإخوة التشكيليين أن يؤمنوا بالرسالة، وأن يتخطوا الصعاب بالعزيمة والورش، فهي تنمي الفكرة، والعمل على التركيز على التراث والتاريخ وثقافة البلد، ونأمل من الدولة أن تقوم بعمل متحف قومي شامل لكل مبدعي السودان بألوان الطيف المختلفة حتى يكون قبلة للزوار الأجانب لعكس رؤى وتاريخ السودان الحافل.. والشكر لأخي الفنان التشكيلي العالمي مصطفي أبو الغيث مؤسس المدرسة الجلدية وصاحب لوحة “الهيرز” المشهورة.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..