الضحك في بيت البكاء

زمان مثل هذا

الضحك في بيت البكاء

الصادق الشريف

? الممثل الكوميدي الراحل.. الفاضل سعيد ضرار.. صاحب شخصيات.. بت قضيم العجوز الناقدة.. والعجب أمو الرجل الذي تتقاصر خبرته عن عمره.. وكرتوب العجوز الذي يغرد خارج سرب زمانه. ? ذلك الرجل القامة الذي أضحك السودانيين زماناً طويلاً.. ودفعهم للضحك على أنفسهم.. ناقداً لكثيرٍ من مظاهرهم الاجتماعية التي يتمسكون ببعضها.. بدافع الخيلاء. ? الفاضل سعيد قال في حوار تلفزيوني أنّه اتجه إلى مجال المسرح.. لأنه لاحظ أنّ (السودانيين ما كانوا بضحكوا.. الواحد منهم تلقاهو صاري وشيهو طول اليوم.. والراجل لا يضحك إلا مع ندمائه وأصدقائه.. وفي مفهومهم أنَّ الضحك كان نوعاً من المسخرة التي لا تليق بالرجال.. والرجل التمام ما بخلي مرتو تشوف سنونه/ أي لا يضحك معها أو أمامها).. والكلام بين القوسين مرفوع رأساً للبطل الكوميدي نقلاً عن حواره مع تلفزيون السودان. ? وقد كنتُ في الإذاعة قبل أكثر من أسبوعين.. مستضافاً من أحد البرامج.. فوجدت رجلاً عجوزاً ينحدر من أصول مصرية.. قال إنّه عمل في الإذاعة السودانية في قسم الانتاج في السبعينيات. ? ذكر أنّ الفاضل سعيد كان مؤمناً بالكوميديا..كان يعتقد أنّها تستطيع أن تُحدث التغيير المطلوب في المجتمع السوداني.. لكنّه لم يستطع أن يدخل إلى الإذاعة عبر تسجيل الأعمال الكوميدية..لأنّها كانت غير معروفة.. بل كانت غير مرغوبة. ? تخيَّل أنّ هنالك آراء جاهزة تُطلق على الفنان.. وتصنفه على أنّه من الذين لا يجب الإقتراب منهم.. أو مصاهرتهم… وحينما يخرج من بين الأسر من تظهر عليه (أعراض وعلامات) الفن.. يذهب به أهله الى شيوخ الخلاوي لمداواته من المرض الخطير قبل أن يستفحل. ? وعلمتُ لاحقاً أنّ أمر الفاضل سعيد لم يتطور عبر الإذاعة.. بل كان المسرح هو أول مراكبه.. فعمل في (مسرح البراميل).. وهو مجموعة من البراميل كانت توضع بجوار بعضها البعض بصورة رأسية.. على شاطئ النيل بأمدرمان.. يعتليها الممثل.. ويظل يكرر الأدوار المسرحية على المشاهدين غير الراتبين.. دون مكبرات صوت ولا إضاءة كافية.. ومع ذلك كان الكثير من المشاهدين يحملون إعتقادات تربأ بهم أن يراهم أحدٌ وهم يشاهدون المسرح. ? ومسرح البراميل.. انتقل اسمه بعد ذلك ليصبح مسرح الإذاعة.. ثم استقرّ أمره أخيراً على أن يصبح المسرح القومي. ? كُنا بنقول في شنو؟؟. ? نعم.. العبارة المفتاحية.. أو التي أردتُ لها أن تكون مفتاحية لهذا المقال هي العبارة التي قالها الفاضل سعيد ذات يوم والتي قال أنّها دفعته ليلتزم بالمسرح ويلتزم بإضحاك السودانيين.. وهي (السودانيين ما كانوا بضحكو). ? ذلك أمرٌ من الماضي.. فالضحك الآن أصبح مهنة.. هناك رجالٌ وفرقٌ وجماعاتٌ مهمتها إضحاك السودانيين.. بل وتتنافس فيما بينها. ? وانتقل الضحك خطوة للأمام ليصبح أكثر فاعلية.. فأصبح السودانيون يضحكون على قبائلهم.. ويتندرون عليها.. ويسخرون من حكامهم.. ويحاربونهم بالنكات والطرائف.. وحينما يضحك المواطن على الحاكم/ الوالي/ المعتمد يصبح أقلَّ غبناً.. لأنّه يشعر بأنّه قد نال منه. ? عندما كان السودانيون أقلّ ميلاً للضحك.. اشعلوا ثورتين تاريخيتين.. ? في حدِّ قال إنّهم الآن (ينشرطون) بالضحك؟؟؟.. يثورون بالضحك؟؟؟.

التيار

تعليق واحد

  1. ودالشريف لك التحايا
    ما اصل البكاء على الميت وحكمه
    وبيت التعذيه من السنه
    بيت بكاء قال
    ده رندوق حريم وبدع نساوييين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..