المسلمين وردود الآفعال الخاطئة

المسلمين وردود الآفعال الخاطئة
ماهر طه
[email][email protected][/email]
عندما صدر كتاب (أيات شيطانية)أواخر الثمانينات للكاتب الهندى سلمان رشدى،خرج المسلمون فى أنحاء العالم فى مظاهرات عارمة منددة بالكتاب والكاتب وأهدر الامام الخمينى رحمه الله دمه وأعلن عن خمسة ملايين دولار مكافأة لمن يقوم بقطع رأسه.
فى ذات الآيام وفى احدى القاعات الكبرى بمدينة لندن حيث صدر الكتاب،وقف العلامة/أحمد ديدات رحمه الله أمام حشد قوامه حوالى ستة آلاف مسلم ليلقى محاضرة عن الكتاب صدرت لاحقا فى كتاب بعنوان (شيطانية الآيات الشيطانية).بدأ ديدات محاضرته بقراءة بضعة سطور من كتاب يحمله بيده ثم توجه بسؤال الى جميع الموجودين بالقاعة،أن هل سمع أو قرأ أحدهم هذه الكلمات من قبل؟؟.من بين الستة آلاف رفع رجل واحد يده ايجابا.طلب ديدات من الحضور الاستماع اليه بتمعن ثم تلا ما قرأ من كلمات أنفا وبالرد على نفس السؤال لم يرفع أحد من الحضور يده بالايجاب سوى ذلك الرجل فقط.
توجه العلامة/أحمد ديدات الى الحضور موبخا اياهم والآمة الاسلامية جمعاء لآنهم هاجوا وماجوا واحتشدوا فى القاعة ومن قبلها مدن العالم للتنديد بكتاب لم يكلف أحدهم نفسه عناء قراءته ومعرفة محتواه.بل الكل سلم قياده لانفعالات تجره خلف ما يسمع ويقال له بدون اعمال العقل والفكر،وهذه احدى أفات المسلمين،ولو أنهم تدبروا أمرهم بطريقة متروية ومدروسة ومنهجية لكفتهم الحكومة البريطانية من تلقاء نفسها عناء محاربة الكتاب وكاتبه،وأورد لهم أمثلة عدة فى ذلك.
بالضبط هذا ما نراه اليوم،ردود فعل هوجاء وعنيفة ضررها أكبر من نفعها بل المستفيد الآكبر منها هم أعداء الاسلام.وحتى نكون موضوعيين علينا التوجه الى القرآن الكريم والسيرة النبوية العطرة.ففى دولة المدينة عندما كان اليهود والمنافقين يجاهرون اعلاميا بأن يد الله مغلولة وأنه تعالى فقير وهم الآغنياء،والنبى لا شك أكثر من يعظم الله ويراعى حرماته ولا يرضى بأن تمس الذات الالاهية بسوء،وهو يومئذ قائد الدولة وحاكمها والأمر والنهى بيده.يأتى النهج القرآنى معلما للنبى أن الحجة تقارع بالحجة والاعتداء باللسان يرد عليه باللسان فكان(وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء) (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) فلم يهدر النبى دم أحد من الذين اعتدوا بالسب والتهكم على الذات الالاهية ولم يعتدى عليهم امتثالا لآمر الله عز وجل(فمن اعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم).
درس اخر،حديث المنافقين والكفار عن النبى وقولهم هو أذن وساحر ومعلم مجنون ثم تطاولوا على عرضه الشريف،فهل امر بقتل أحدهم أو زج بهم فى المعتقلات والسجون لو كان فاعلا لفعلها مع الذين تطاولوا على الله عز وجل فهو أعظم من النبى وعرضه.ان النهج هو أن تدفع الكلمة بالكلمة والفلم بفلم والدراما بالدراما والمقالة بمثلها وهكذا..انه النهج الربانى الذى يجب أن يلتزم به كل مسلم(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
ان ما يحدث من تطاول اليوم على الله ورسوله ودينه لا شك يؤلمنا ويسوؤنا لكننا نحسب أن الخير للاسلام أن ندفع بالتى هى أحسن وأن نستغل الفضاء الالكترونى المتاح بكل وسائله فى انتاج أفلام وبرامج وثائقية ومطبوعات بمختلف لغات العالم تبرز سماحة هذا النبى الكريم وحسن خلقه ونصاعة سيرته وصدق دعوته.
يجب أن لا ننسى أن الهدف الآساسى والأسمى للرسالة الخاتمة هو هداية الناس للحق وليس محاربتهم والقضاء عليهم فكم من صحابى جليل كان يمسى يبغض النبى،وأصبح وما وجه أحب اليه من وجهه بل ومنهم من كان يسعى لقتل النبى ووئد دعوته لفأمسى يقدم نفسه برضاَ دفاعا عن النبى ودعوته،علينا أيها المسلمون أن نرد على أعداء الاسلام بصورة مثلى منظمة ومدروسة علمية ممنهجة تكون رصيدا للدعوة لا خصماً منها.
والله من وراء القصد