تعديلات ضد الطعن فصل الضباط.. الإيمان بـ”القضاء الإداري” وقدره

الخرطوم: مقداد خالد

بالإجماع، أعطى المجلس الوطني (أعلى سلطة تشريعية في البلاد) الضوء الأخضر للعمل بالتعديلات الجديدة في قانون القضاء الإداري، وبموجبها باتت قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بفصل منسوبي القوات النظامية، حصينة من سهام الطعن أمام المحاكم، بحسبانها قرارات ذات طابع سيادي.

ويأتي التعديل الجديد، بعد حزمة تعديلات سبقت انتخابات العام 2015م وبمقتضاها أضيفت صلاحيات جديدة لرئيس الجمهورية، شملت تعيينه للولاة عوضاً عن انتخابهم كما كان متعارفاً عليه، ذلك مع إيصاد الباب بمزاليج غليظة أمام من ينتوي الطعن في هذه القرارات.

وكان البرلمان السوداني قد جوّز يوم الأربعاء المنصرم مشروع “قانون القضاء الإداري” في مرحلة السمات العامة بإجماع كافة أعضاء المجلس الوطني بما في ذلك كتلتا المعارضة والمستقلون، بما يمهد لسريان القانون في وقتٍ وجيز.

ويقول رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان، محمد الحسن الأمين، بأن التعديل يحتوي على نص صريح يحصن قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بفصل ضباط القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، بحسبان أن الطعن في هذه القرارات الرئاسية يمس جوهر السيادة.

وشهدت أروقة المحاكم السودانية، عدة قضايا رفعها ضباط جرى فصلهم عن العمل، وارتأوا أن ذلك تم دون وجه حق.

وكان القضاء السوداني قد نقض بعض الأحكام الإدارية، وأمر بإعادة ضباط مفصولين للعمل مجدداً، وعلّ أشهر تلك القضايا قاطبة قضية النقيب أبو زيد عبد الله صالح، الذي أمرت المحكمة الدستورية بإعادته إلى سلك الشرطة، وإلغاء جميع العقوبات الصادرة بحقه، إثر تقدمه بمذكرة للسيد رئيس الجمهورية، تضمنت ملاحظات حول أداء الشرطة.

وهو الحال ذاته مع الرائد شرطة فيصل البيلي الذي أرجعته المحكمة إلى عمله، في أغسطس الماضي، وأبطلت قرار فصله المرتكز على تقرير رفعته الشرطة بولاية القضارف.

بيد أن العمل بالتعديل الجديد، يقطع الطريق بالكلية أمام الضباط المفصولين إثر قرارات إدارية، وينعتها أصحابها بالمجحفة.

ويصف اللواء شرطة حقوقي (م) الطيب عبد الجليل، التعديلات التي يعتزم المجلس الوطني إدخالها على قانون القضاء الإداري بأنها كارثية ومدمرة.

ويقول لـ “الصيحة”: (هذا التعديل كارثي ومدمر، ويمس حقوقاً وحريات عامة تتصل بحق العمل الذي يقول إنه حق دستوري أصيل منصوص عليه في كل النصوص والدساتير العالمية وهو جزء لا يتجزأ من القوانين الدولية ووثيقة الحقوق).

وينوه عبد الجليل الذي ترافع في عدة قضايا إنابة عن ضباط مفصولين، ونجح في إعادة بعض منهم إلى الخدمة، ينوه إلى أن الدستور السوداني الانتقالي في المادة (4) يكفل حق العمل، وكذلك فإن الشريعة الإسلامية التي تعد مصدراً رئيساً للتشريع تتيح ذات الحق، وعليه فإن أي تعارض بين النصوص والدستور يجعل الغلبة للدستور.

وتقول الفقرة الخاصة بحاكمية الدستور الانتقالي: (الدستور الانتقالي هو القانون الأعلى بالبلاد، وتتوافق معه دساتير الولايات وجميع القوانين).

ويذهب ضباط إلى أن إبطال قرارات الجهات العليا النظامية بحق منسوبيها، يضعف من هيبة تلك المؤسسات، ويثير غباراً كثيفاً حول أدائها، الأمر الذي يتطلب تدخلاً قانونياً يعيد ما يسمى بحالة (الضبط والربط) المعهودة لمرتدي البزة العسكرية.

عن هذا يقول محمد الحسن الأمين، إن التعديلات جاءت لتلافي السلبيات والقصور، وحفظ الحقوق والمصالح. ويزيد: إن قرارات السيد رئيس الجمهورية في القانون القديم كان يمكن الطعن فيها، وألغت المحكمة ثلاثة قرارات سابقة بإحالة ضباط شرطة للمعاش، مؤكداً أن التعديلات تجعل من القرارات التي يصدرها السيد رئيس الجمهورية سيادية ولا يمكن الطعن فيها.

ومن أحاديث الأمين، يبدو غير راضٍ على وجود نص في القانون يسمح بالطعن في قرارات رئيس الجمهورية، وهو أعلى جهة سيادية بالبلاد، كما أنه من ناحية أخرى القائد العام للقوات المسلحة.

وبالعودة إلى اللواء (م) الطيب عبد الجليل، فإنه يلتمس عبر (الصيحة) من السيد رئيس الجمهورية، عدم التوقيع على التعديل الخاص بتحصين سلطاته فيما يخص فصل الضباط المنتظمين في السلك النظامي.

محصناً التماسه بما يرى أنه مترتبات مدمرة ستنجم عن نص التحصين، وتشمل: الامتناع عن إبداء الرأي المهني والاحترافي، ووأد الطموح والمبادرة، والقعود بالملكات القيادية.

بموازاة ذلك، يرى الفريق الذي يقوده المجلس الوطني بأن فتح باب الطعن ـ كيفما اتفق ـ يتيح المجال لكل من يتم فصله ولو ضمن إجراءات محاسبية بإثارة وتأليب الرأي العام ضد مؤسسته، مع احتمالية أن يكون الحق مجافياً له بالمرة.

وهنا يبرز مرة أخرى عبد الجليل ليقول إن الانتماء للقوات النظامية من جنس الوظيفة العامة التي يتم شغلها على أسس المنافسة والكفاءة، وذلك خلافاً للوظائف السياسية والدستورية التي تتم بالتعيين.

وعليه يشدد بأن الفصل من الوظيفة العامة خاضع لمعايير جزائية معلومة بالضرورة، وفصل منتسبيها لا يتم إلّا بعد سلسلة إجراءات، يكفل خلالها الحق للضابط بالمدافعة عن نفسه في كل مراحل التقاضي.

جدير بالذكر أن السوابق القضائية قضت بإعادة مفصولين عن العمل اتهموا بالانتماء السياسي لأحزاب سياسية معارضة، واستند القضاء في حيثيات قراره لانتفاء سبب موضوعي مادي يؤيد هذه التهم.

ومهما يكن من أمر، فإن جدالات التعديل بين رافضة التعديل ومؤيديه، في طريقها إلى التصاعد، فيما القول الفصل عند رئيس الجمهورية الذي يمسك قلم التوقيع.

الصيحة

تعليق واحد

  1. أيضا وجود نص في قانون القضاء الاداري بتحصين قرار تعيين الوظائف القيادية بالخدمة المدنية يتعارض مع النصوص الدستورية يحيدة الخدمة وتبوأ وظائفها بالتنافس وفقا للمؤهلات والخبرة ونص الدستور علي ان قانون الخدمة ينظم واجبات وحقوق العاملين وشروط خدمتهم وسلطة الرئيس والولاة في تعيين شاغلي الوظائف الدستورية ؟نظاما بالنسبة للخدمة اعتماد اختيار شاغلي الوظائف بالخدمة المدنية التي تتم وفق لاسس وضوابط قانونية للترقية للدرجة الاعلي

  2. لا يمكن للسيد محمد الحسن الامين ان يقبل الانتقاص من الوهية البشير يريدونه الها كاملا غير منقوض

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..