تحليل لقصيدة ست الدار للشاعر حميد

تحليل لقصيدة ست الدار للشاعر حميد

صديق عمر التوم
[email][email protected][/email]

ست الدار بين مطرقة الخصخصة و سنديان التبعية

تقديم:
تظهر القصيدة من خلال سردها واقعا مرئيا ومشاهدا لاحداث شهدها مجتمعها تحت ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية محددة ادت الى حدوث اثار سالبة على مجمل الاوضاع المتعلقة بتطور و نهضة هذا المجتمع؛ و فى هذا السياق موضعت الدراسة اسلوب نظام الحكم ونمط وعلاقات الانتاج وتبعية النظام من خلال رسائل تمت بين ست الدار بت احمد جابر و زوجها الزين ود حامد.
خرائط الكفاف و الفقر:
اراد الشاعر مظهرت الفقر كنتاج حتمى لسياسات الانظمة السياسية الحاكمة واختزل تداعياته فى ملامح الحياة العامة وقد اظهرت ست الدار ذلك قائلة : المبعوتة المنك وصلت … .
ورح فكيت الطلب الفوقنا ……
باقى الدين يا الزين خلصتو ……
قدر الفضل,, مصروف راشد و التومات ,,,,,
و الجايات جاى من لا جاى ,,,,,
من السياق يستوعب محدودية الدخل وترهله وعجزه عن تغطية اهم الضروريات وهذا يعتبر احد مؤشرات الفقر اذ ان الاسرة تظل عاجزة على الاطلاق من تحقيق اشباعاتها الضرورية و الهامة كالغذاء والصحة والتعليم والمأوى ومع ذلك ابرز السياق درجة الرشادة التى تتمتع بها الاسرة فالدخل يوظف بشكل يضمن تلبية الضرورى ثم تسديد الدين وتوفير سيولة نقدية كمصروفات جارية يومية وحتى يتحقق ذلك فلا بد من اللجؤ الى التمويل بالعجز اى الدين وهذا السلوك يرهق الدخل لان المدين يضيف الى السعر الحقيقى القيمة الزمنية للنقود مما يجعل الدين حالة مرضية مزمنة لاتنفك منها الاسرة . وبالاضافة الى ذلك يظهر التباعد الجغرافى بين رب الاسرة واسرته حيث يعمل فى موقع بعيد عن اسرته وبالتالى فهو يحتاج ان يقتطع جزء من دخله لتغطية مصروفاته الشهرية. هذا االوضع القاسى سمة ملازمة لجمهور العاملين ومع ذلك يوجد تصالح معه، وتوجد لبعض الاسر مصادر دخل اخرى غير الراتب تساهم فى رفع القليل من المعاناة لان هذه المصادر ليست بالقدر الذى يسد العجز الناتج من ضعف الدخل ، بل قد تشكل عبئا على اصحابها وقد جاء على لسان ست الدار نموذج لهذه المصادر عندما قالت:
الحملان كبرن بلحيل ,,,,,
العضمين الروكة انزرعن,,,,,(1)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
البرسيم طهرنا البارح ,,,,,,
نعجة راشد صبحت والدة ,,,,
الحيضان سقناهن لوبى ,,,,,,,, (2),,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
التمرات بعناها آ الزين ,,,,,
خفنا السوس ونزالة السوق ,,,, (3)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المقطع الاول يوضح مصادر دخل اخرى و اذا دقق فيها فانها تتكون من مساحة ارض زراعية صغيرة جدا وبهائم تمول الاسرة باللبن ومشتقاته وفائضه يباع و عائده يشكل سيولة نقدية للمصاريف اليومية هذا بجانب بيع المواليد عند عمر معين لان رعايتها بعد هذا العمر يذيد من ارهاق الدخل وصعب على مثل هذه الاسر من تربية الحيوان باعداد تفوق ال 5 ويأتى المقطع الثانى موضحا نوعية الانتاج المتمثل في المحصولات النفدية السريعة الاستهلاك وذات العائد السريع لان زراعتها مرتبطة بالضرورة الآنية للاستهلاك كما انها لاتحتاج لراس مال معتبر او عمليات زراعية مكلفة فضلا عن صغر المساحة وامكانية فلاحة الاسرة لها . والمقطع الثالث يكشف انتهازية السوق وتحكم تجاره وسماسرته فى تحديد الاسعار حيث هناك بعض الاسر لها بعض اشجار النخيل وهى ذات انتاج موسمى وعند انتاجها يكون العرض اكبر من الطلب مما يدفع الى تدنئ مستوى اسعارها وبالتالى فان عائدها يكون مخيبا وغير محفز ومن جهة اخرى ليس فى مقدور هذه الاسر من تخزين انتاجها لانها لا تمتلك مقومات التخزين الجيدة وامكانيات ذلك كما ان حوجتها الماسة للسيولة النقدية بجانب سياسة التجار الرامية الى اغراق الاسواق بالتمور بقصد التمكن من الشراء بالاسعار التى يحددونها ومن ثم اعادة بيعها والحصول علي الارباح غير العادية , كلها عوامل تضامنت ضد هذه الاسر و فى غياب تام لاجهزة الدولة الرقابية والتنظيمية وغياب سياسة حماية المنتج الصغير وحماية المستهلك اذا هناك من يملك وملكه لايسد بعض حاجاته الضرورية وهناك من يملك وملكه اصبح عبئا عليه و هناك من لا يملك وكلهم يسكنهم الفقر ويرسم مدن جوعهم وميادين بؤسهم وتعاساتهم.
العلاقات الاجتماعية :
يشترك معظم افراد المجتمع فى الفقر كعامل مشترك يعمق من متانة روابطه ونسيجه الاجتماعى نتيجة لانعدام هوة التمايزات و التفاوتات الطبقية والفوارق السافرة فى الدخول وقد تشكلت العلاقات الاجتماعية بمعايير انسانية بحتة تعتبر الانسان هو اساسها لا ما يملكه يشكل اساسا لتقييمه ولذلك اتسمت بالبساطة و العفوية وحب الآخر و الاهتمام باوضاعه و يتمظهر ذلك فى قول ست الدار:
هى يا الزين زغرد,,,,,,,,
بت ام زين جابت لها بت,,,,,,
سته اولاد حتان البت,,,,,,,
المحجوب ينشد من خبرك,,,,,
شافعو محسب من يومين,,,,,, (1),,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ناس حلتنا التحت الفوق ,,,,,
الليهم الله وعيشة السوق ,,,,,,,
كل الناس يا الزين طيبين ,,,,,,,
ينشدوا منك فى الافراح ,,,,,,,,,,,
وفى الاتراح .. .. الزين الزين,,,,(2)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المقطع الاول يظهر عمق الترابط الاجتماعى ومدى اهتمامهم بعضهم ببعض فى كل ما يتعلق بحياة الافراد وان الناس يستفسرون احوال بعضهم ويتناغمون وديا كما هو فى المقطع الثانى اذ ان العلاقات البينية لا ترتبط بمنزلة ما بقدر ما هى يحكمها الوعى الدي حدده وجودهم من واقع البيئة المحيطة والشكل الموروث بين افراد المجتمع و الواقع المشترك الرابط بينهم والذى ازال الفروقات المختلفة بين افراد المجتمع و عمق التواصل.
المظاهر الاجتماعية والثقافية و السياسية و الاقتصادية لسدنة النظام الحاكم :
تنوجد كتل من الممارسات التى يتسم بها النظام الحاكم وسلوكيات سدنته وتتمثل فى مجموعة الممارسات الاستبدادية والقهرية والكبتية المتعلقة بالحرية والديمقراطية والتصرف فى مرافق القطاع العام ورهن ارادة الجماهير للآخر و التبعية له , وقد افسحت القصيدة مواضع متنوعةو متعددة لذلك . ففى جانب ثقافة ووعى سدنة النظام جاء على لسان ست الدار:
جنس بدع زولك ده يحير ,,,,,
توب الدين شفاف و قصير ,,,,,
عند الجد تلقاه ينقنق ,,,,,
وساعة الفارغة يشيل ويبعزق,,,,,
اذكرت كلامك ليا,,,,,
انو في ناس لاعبين بالدين ,,,,,
وناس لاعبابا الامريكان ,,,,
هذه شريحة من تلك الشرائح التى تدير امور الخلق وتتسم بسوء الاخلاق والفساد والفساد يحتضن عدة مفاهيم اظهرها القصيدة كأستغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة و ذلك عن طريق استغلال الوظيفة العامة للكسب الخاص ، الانحراف الاخلاقي للمسؤولين العموميين الذى يتكشف فى بيع املاك الدولة فى ظل غياب مطلق لاحترام القانون ووجود جهاز قضائى فاسد و مترهل غير قادر على احقاق الحق وضمان عدالة المقاضاة حيث يقوم البيروقراطيين او السياسيين باستغلال مراكزهم من اجل المصلحة الخاصة و اخطرهم عندما يرتبط بالمشروعات الوطنية. ايضا هناك الاختلال الثقافي و التسربل بازياء الرياء و التملق و الورع الدينى والمعرفة , وهذا يظهر جماعات الهوس الدينى وتكونها الجنيني ومن ثم انشطارها الى خلايا تلوث بيئة الواقع وتشوه معتقده وتضفى اللاهوتية على السلوك السياسى والدعوة الى الطاعة العمياء واغتيال رفض الظلم .كما اظهرت القصيدة الهدر الاقتصادى فى مثل هذه الاوضاع عند قول ست الدار:
ست خرفن فى فد يوم ,,,,,,,
المعدوم اشكال وألوان,,,,,,,
اى خدار فى اليوم داك فى ,,,,,,
كملن رف كمين دكان ,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
يمظهر المقطع اوجه الصرف الحكومى ومجالاته التى يغطيها حيث يتضح ان الصرف لا يستهدف شرائح الشعب لتحسين اوضاعها المعيشية والصحية و التعليمية انما صرف مرتبط بطموحات الساسة و كبار المسؤولين لتامين مصالحهم و دوما لايرتبط مثل هذا الصرف بحدود بل يكون مفتوح و لايخضع لرقابة وتدقيق وتنمو الطفيليات و العوالق وتعشعش فى قوت الشعب و يزدهر تراكمها الراسمالى وتتوسع مديات انتاجها و تربط اقتصاد الدولة بعلاقات دولية تبادلية غير متكافئة تمتص معظم الفوائض الاقتصادية و هوامش الارباح بينما ترتفع معدلات الفقر بين معظم افراد الشعب واتسعت دائرة الفروقات و التمايزات الاجتماعية وجاء ذلك على لسان ست الدار قائلة :
اول كفو الخواجات ,,,,,
بعدو العمدة وصمد الساقية,,,,,,
ناس المجلس و المشروع ,,,,,,
بعدو الطلبة و باقى الناس ,,,,,,,,
حتى الشفع و الحروم ,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
هذه التمايزات نتاج حتمى للاوضاع الاقتصادية ومدى تركز الثروة و السلطة فثروة البلاد تم توزيعها بشكل غير عادل و متكافئ فالخواجات يمثلون الراسمالية المستبدة وينهبون خيرات الوطن بواسطة اتباعهم داخل الدولة كنظم الحكم وعمليات التبادل التى تتم معهم بجانب تنفيذ سياساتهم الاقتصادية والنقدية والمالية والمشروعات الاستثمارية التى تخصهم ويشكل السياسيون والموظفون العموميون و المثقفون الانتهازيون والعسكريون اللا اخلاقيون الدعامة الاساسية و الادوات الحقيقية لاحداث تلكم التباينات و الفروقات ,
التبعية واشكالها :
اظهرت القصيدة اخطر اشكال التبعية والمتمثلة فى التبعية الثقافية والتبعية الاقتصادية و التبعية السياسية وتتداخل وتتشابك هذه الاوجه فى تحقيق اهدافها و التى تتكشف فى سياق التناول فالتبعية الثقافية جاءت على لسان ست الدار عندما قالت ;
وما كلمتك بالتومات ,,,,,
اول البارح جني يرطنن ,,,,
قالن نحنا الخواجات ,,,,,,
لقيت لك جعفر زارد البيت بالخواجات,,,,,
يبقى حداشر وخواجية ,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
التبعية الثقافية هى عملية احلالية تهدف الى ابدال مفاهيم لها القابلية المطلقة فى قبول منتجات وافكار استهلاكية لها مردودها الايجابى فى تسويق اشياء و حاجيات الغير وادرار المنافع والارباح بينما لها مردودها السلبى على المتأثرين بها وتدمن فيهم الاعتمادية ويعمل المجتمع الانتاجى على شيوعها ليضمن اسواقه الحالية و المرتقبة و باستمرار متطور ويستخدم فى ذلك نظم الحكم والمثقفين والمنح و الدعومات المالية والمنهجية للتعليم و التعلم . ام التبعية اللاقتصادية فان مقدمتها تظهر فى تلك الثقافية وقد اشارت القصيدة اليها فى كثير من المواقع الموزعة على لسان ست الدار و الزين ومنها قول ست الدار:
علماء آثار…فضلت فى آثار ,,,,
ما خموها الجونا قبلكم…شن خلولنا بلا حجار ,,,,
الله يصرف الخواجات ,,,,,(1) ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
وبلسان الزين:
جانى جوابك وانا بتصور ,,,,
فى المشروع وعمايل جعفر ,,,(2) ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
انا مأزوم مأزوم مأزوم ,,,,
يا خرطوم وينك وينك ,,,,,,,
يا خرطوم شن شب وقلبك وسلبك ,,,,,,
حلبك … زنجك … بجتك … نوبتك … عربك ,,,,(3)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
يا خرطوم أزمنى الصلبك فوق الطلحة الامريكية ,,,(4)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تؤكد المقاطع درجة عمق التبعية الاقتصادية والتى انتشرت فى مجمل الممارسة الاقتصادية فاصبح الاقتصاد الوطني مرتبط بالاسواق الراسمالية يصدر منتجاته الاولية ونصف المصنعة وباسعار بخصة ويقوم مرة اخرى باستيرادها و باسعار عالية فضلا عن ذلك فتح الاسواق المحلية وتوسيعها امام سلع الوارد وترهل حماية المنتجات الوطنية و تغييب الدعم لسلع الصادر والتخلص من مرافق القطاع العام الانتاجية و الخدمية للقطاع الخاص وتخفيض العمالة بجانب تعويم اسعار الصرف . هده السياسات تغتال عمليات التصنيع المنافسة تدفع نحو التخصص الآحادى فى المنتوج النقدى دون تصنيعه سلع مكتملة وجعل الدولة تستورد غذاؤها بالتالى يحدث العجر المزمن قى الموازين السلعية وتلك المادية مما يدفع الى ادمان سلوكيات الاستدانة من النظام المصرفى اى التمويل بالعجز بجانب الاقتراض الخارجى والاعتماد على المنح والهبات وكل ذلك يفرز اضرب متنوعة للفساد ويجعل الدولة غير قادرة على امتصاص الصدمات الطبيعية والاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر بين معظم السكان وضعف قدرتهم الشرائية وارتفاع معدلات التضخم بوتيرة جامحة مقابل ترهل القوة الشرائية للعملة الوطنية وفى ظل تلك الاوضاع يركز النظام الحاكم على حماية وجوده وبالتالى يزيد من الانفاق على القوى غير الانتاجية المتمثلة فى الاجهزة الامنية المتنوعة و المتعددة و المتداخلة الاختصاصات و على حساب الخدمات الضرورية التي يحتاجها المجتمع بجانب الارهاق الضريبى المباشر وغير المباشر, و من جهة اخرى اشارت القصيدة الى التبعية السياسية على لسان الزين عندما قال:
ديلا جماعة السى آى ايه ,,,,
تعرفى ايه عن السى آى ايه ,,,,
امريكان فى كل مكان ,,,,,,,(1)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
ومافى فرق فى الوقت الراهن بين واشنطن والخرطوم ,,,,(2)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
يصبح هذا النوع من التبعية موجها نحو الدول المعارضة و الرافضة للتدخلات الامبريالية الراسمالية فى شؤونها الداخلية و يكون بواسطة الدول او الدولة الاقليمية المجاورة باثارة المشكلات وتبني الحركات المناوئة وارسال الاتهامات و تشويه السمعة محليا و اقليميا و دوليا فضلا عن محاولات اسقاط وابدال النظم الحاكمة اي ان الصراعات بين الدول المتطورة تكون ساحاتها و ميادينها الدول التابعة حيث تاتى الافكار ومرتكزات تنفيذها المالية والبشرية وتقوم الدولة التابعة بتنفيذها حرفيا لنيل الرضا و الاستحسان ومقابل ذلك تجد هذه الدولة التغطية الكافية فى جميع ممارساتها اللا اخلاقية و اللا انسانية ضد مواطنيها وبل تجد الحماية والدعم المالى واللوجستى والعسكرى احيانا وقد اشار الزين لذلك فائلا :
ديل قالين الخلق قلى ,,,,,,,
باسم الدين والامريكان اى عوج مبدى ومختوم ,,,,,
صوتنا هناك و هنا مكتوم ,,,,,,,,,,,(1)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
التحقيق طبعا تحقيقهم او تحقيق الامريكان ,,,,,,,(2)
الخصخصة وآلياتها :
البرفتة او الخصخصة لا تعنى التمدد فى مديات الانتاج بقدر ما تشير الى تحويل الملكية من مالك للآخر وان هدا التحويل قد يتم اما بالبيع او الشراكة او الايجار او الايلولة او المساهمة العامة الا ان ذلك لم يتم فى مجتمع القصيدة وكشف الزين ذلك قائلا :
جانا مدير المصنع فاير ,,,,(1)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تف المصنع فيهو خساير ,,,,,
وقالو يخفضوا مئتين عامل ,,,,,,(2)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تف قرارو و فات فى حالو ,,,,,,,,(3)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
قرار رسمى هدف منه تخفيض عدد العاملين كشرط ضرورى بغية التخصيص وان المشروع من مرافق الفطاع العام وان حجة الخسارة غير واردة فى ادبيات العمل بل فائض القيمة يشير الى الارباح غير العادية وقد اكدت ست الدار قائلة :
عامل ينتج عشرين حتة ,,,,,,
تلحقو منها قيمة اتنين ,,,,,,,
ستة بغطوا المنصرفات ,,,,,,,,
سبعة.. تمانية.. تسعة بغطوا ,,,,,,
ادها تسعة المنصرفات ,,,,,,
كل الفايض.. يدخل وين ؟,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
المصنع يعمل بكفاءة ادارية وكفاية انتاجية تحقق ارباح ضخمة مقابل اجور متدنية لاتتماثل مع تلك الجهود المبذولة فى الانتاج ومع ذلك جاء قرار التخلص منه دونما استشارة العاملين فيه باعتبار ان المصنع كما جاء فى قول الزين :
اتكلمنا كلام موضوعى ,,,,,,
وقلنا المصنع حق الدولة.. والعمال اصحاب الحق ,,,
هى اللى تقرر و التتولى ,,,,,,,
هى البتحدد سير المصنع ,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
يشير ذلك الى اغتصاب حقوق العمال وتهميش وجودهم و تشريدهم في ظل وجود كيانهم النقابي السادن للنظام و الذى بارك سياسات التخلص هذه حتى انه لم يشارك فيها وايضا لم يبدئ الاداريين اى اعتراض و قد وثق الزين ذلك قائلا:
مسئولين و نقابيين مافى العارض واللا اترجى ,,,,
العمال من سمعوا احتجوا ..سيروا موكب صامد و صامت ,,,
الجسم النقابى للعمال يخضع كليا لسياسات النظام الحاكم ويقوم نيابة عنه باخماد الاحتجاجات والاضرابات والعصيانات العمالية اما بالسكوت عن فصلهم تعسفيا او سياسيا و اما الوشابة بهم و تقديمهم لاجهزة الامن و بقصد اتهامهم باالتخريب ؤاثارة الفتن و الاضطرابات و محاولة اسقاط النظام والخيانة العظمى و ما الى ذلك من تهم تحاك ضد القيادات النقابية والعمالية التى تطالب بحقوقها وقد اشار الزين الى ذلك عندما قال:
كنا حداشر و نوباوية ,,,,,,
متهمنا بالتخريب و التحريض و الشيوعية,,,,,,(1) ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
التحقيق طلعنى مدان,,,,,,,,,,,(2)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
اسبوعين عشناهم جوه ,,,,,,(3)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
عندما يطالب العمال بحقوقهم المهضومة يكون الاعتقال والتعذيب مصيرهم وبعد ذلك الفصل و التشريد ويرد هذا السلوك الى ارتعاد النظام من ان تموج الشوارع بالكادحين شاهرين هتافهم لا للظلم و الاستبداد وحكم الفرد مما يدفع به نحو البوليسية وما تمارسه من قهر بدنى و نفسى لمن يعارضه ويعارض سياساته مستخدما كل الادوات التى تضمن استمراره وبطشه والتى فسرها الزين قائلا :
جات عربات اللات بوليس فضوا العلم بالكرباج ,,,,,
و البمبان الامريكانى ,,,,,,,,(1)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
طالو الناس التريانين… ضلو الله الما ضلانا ,,,,,,
اخدو نورة الحاج بالدق ,,,,,,,
باكر دور ما خش عليها ,,,,,,,
خاتى اللوم قطع التمرات الفوق راس بيتو ,,,,,,
الخلفاء شكوهو و ما لقو حق ,,,,,,(2)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
و على لسان ست الدار: راشد راقد و الواطة جعفر طالق فيها بهايمو ,,,,(3)
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
اوعى البشغل و العربات والحيكومة السمها فاير,,,,,,(4) ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بمعنى ان اجهزة السلطة القمعية تستخدم العنف البدنى ضد المعارضين و التغول علي الممتلكات ومصادرتها بهدف تفقير ذويها وتركيعهم وتدمير قوتهم الاقتصادية واضعاف نفوذهم و الحد من مقاومتهم لان السلطة ترفض كل من يطالب بحقوقه السياسية والفكرية و الثقافيةوكل حقوق الانسان المنصوص عليها فى المواثيق المتعارف وضعيا وشرعيا وتهدف الى استمرار وجودها ونهب خيرات الشعب وزيادة التركيم الرأسمالى على صعيدها الشخصى و بالتالى هى لا تبالى بالتصرف فيما يملكه الشعب ونموذج ذلك خصخصة المصنع التى عملت على تشريد مائتى عامل لتصبح اوضاعهم كما جاء على لسان ست الدار :
ميتين بيت ,,,,,,,,,
ميتين اسرة بلا راس خيط ,,,,,,,
ميتين اسرة ملوها جراح ,,,,,,,,,
ميتين اسرة حا تولد صاح ,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تجويع و تفقير للاسر كاسلوب ضاغط لاربابها لكى يزعنوا ويرضخوا ويسادنوا النظام ليذيد من جبروته واستغلاله لموارد الشعب الاقتصادية. وقد تمكنت السلطة من قهر الشعب ومؤسساته السياسية والمدنية والنقابية وجعلته مشاهدا لعمائلها دونما يتحرك ساكنا بفضل اجهزتها القمعية وازرعها النقابية والمدنية والطلابية وهدا ما دفع ست الدار متسائلة ومحرضة قائلة :
يا اوغاد … وينا نقابة السجم الشوم ,,,,,,,
وين عمال السكة رماد ,,,,,,,,,,,,
وين الطلبة ووين الوين ,,,,,,,,,
بعتو شفيعكم يا عمال ,,,,,,,,,
بعتو وجيعكم للراسمال ,,,,,,,
وشن راجين يا تعسا الحال ,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
التساؤل يشير الى ان هذه القوئ لها المقدرةعلى الاطاحة بالنظام اذا توحدت وعزلت المتخاذلين وتعريتهم وفضح اساليبهم الدنيئة وعمالتها وسدنتها للنظام ومن ثم ظهور القيادات الواعية المستوعبة لقضاياها وقضايا الشعب ولها مقدرة التواصل والتنسيق والتنظيم والتخطيط معه من اجل تجميع وتوحيد وتوجيه الجهود لمقاومة السلطة واسقاطها وتدابير الادارة بعد الاجتثاث و القذف بها فى مذبلة التاريخ الذى يسطره الشعب عبر مؤسساته وهيئاته وتنظيماته المتعددة والمتنوعة من خلال النضال المتواصل المستمد من نضالات الذين ضحوا بانفسهم من اجل القضايا العادلة والحقوق المستحقة للجماهير و ان جذوة النضال يجب ان تستمد من نضالات هؤلاء الذين يؤمنون بامكانية التغيير اذا ارادت الشعوب وخاصة من الصعوبة بمكان ان يكون الوضغ جامدا كما جاء فى قول ست الدار:
ياتو مطرتا سوت شو…فرقو غيما الامرىكان ,,,,,,,,,,,
ياتو رصاص ما عقبو خلاص ,,,,,,,,,
ياتو سجن يا الزين ود حامد,,,,,,,,,,,
ياتو محن تمحى الاحساس ,,,,,,,,,
لما يكون فى الساس و الراس ,,,,,,,,,
ياتو وطن يا الزين ود حامد ,,,,,,,,
ياتو زمن دام للانجاس ,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كل سياسات السلطة الاستبدادية والقهرية مهما بلغت من قوة وجبروت الا انها ستنهار امام المد الثورى الجماهيرى المتواصل و المنظم الذى لا يفتر وسط تحصنات السلطة و متاريسها ومن جهة اخرى انه من الصعب بقاء الوضع كما ترسمه السلطة للابد وهذه الحقيقة تدفع بها للانفتاح نحو اختيار آخر له استعداد بقبول توجهاتها وتنفيذ سياساتها من جهة وتملق قضايا الجماهير بدعوى تتبنيها وعرضها للسلطة باعتبارها ممثلة الجماهير من جهة ثانية ومن جهة ثالثة تبرير تصرفات السلطة من عدة اوجه و الجانب الدينى هو المستخدم فى كثير من التبريرات لاقناع الجماهير وتضليلها وتمويه قضاياها و مطالبها الحيوية. هذا السلوك يشير دوما الى بداية النهاية للسلطة اذ انه تاتى المرحلة التى يغدر سدنة السلطة السلطة ذاتها بمحاولة ابتعاث قضايا الجماهير وتبنيها ومتى ما انتفضت الجماهير واسقطت السلطة تبنى السدنة هذه المكاسب الجماهيرية وادعاء البطولات و التضحيات وفى الوقت الذى تخرج فيه المؤسسات الجماهيرية الحرة منهمكة من جراء نضالاتها المستميتة يخرج السدنة وهم مكتنزون خيرات الجماهير ويستفيدون من الحرية فى تمددهم وبعدها ينقضون عليها و يوأدونها لينفردوا بنظام حكم يخصهم لوحدهم ويبدعون فى تركيع و اذلال وتفقير وتهميش وتجويع وتشريد الجماهير واغتيال قياداتها.
خفض الانفاق فى فكر ست الدار:
رشادة ست الدار فى توزيع دخل الاسرة دفعها لوضع اسس انفاق علمية و عملية لا تدفع بالحكومة نحو الخصخصة وتشريد العمال وقد حددت مواضيع ذلك فى قولها :
يا مضغوط.. خفض ميزك حبة تين ,,,,,,,,
تنك القعده تلاتة خطوط ,,,,,,,,,,,
خفف مرتك توب مضغوط ,,,,,,,
من التسجمو كبابى الصين ,,,,,,,
خفض عمرك يا ابن الفانية ,,,,,,,,,,
وبى نظارتك واجه ثانية ,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تخفيض الانفاق الحكومى يعنى تقليل الانفاق علي المراسم الاحتفالية والاحتفائية وتحجيم الوظائف السياسية و الرئاسية و تحديد اختصاص و دور الاجهزة وتحديد جهات اتخاذ القرارات بدلا من تنوع وتعدد تلك الاجهزة وتتداخل اختصاصاتها و التى تشكل كما عدديا يرهق الخزانة العامة و فى الوقت نفسه يسحب بنود صرف كان من المفترض ان تذهب الى مشروعات تنموية وخدمية تحسن من مستوى تحقيق اهدافها كما ان قبول الآخر وافساح المجال له ليشارك فى مجمل العملية السياسية بشكل ديمقراطى و المشاركة فى اتخاذ القرارات المصيرية يجنب السلطة الانفاق على حمايتها بتكثيف الفوى الامنية الحارسة لها مما يعنى ذيادة الصرف لهذه القوى غير المنتجة وهذه الذيادة يرهق بها المنتجون و المستهلكون معا ومهما كانت اوضاعهم ومن جهة لابد من توجيه الصرف الى نواحى توسع مديات الانتاج بشقيه السلعى والخدمى وبالتالى ضمان امتصاص البطالة بمختلف انواعها وتحريك الانشطة الاستثمارية و توزيع هذه النواحى بشكل عادل و متكافئ جغرافيا وسكانيا و خلاصة ذلك ان الانفاق لابد ان تسبقه تعريفات وتحديدات وتفسيرات للمشاكل ومن ثم وضع خطط حلها وتحديد الجهات ومهامها باعتبارها مؤهلة و مدربة مع وجود رقابة ومتابعة و محاسبة وكل ذلك يفترض ان يتم فى جو ديمقراطى صحى ومعافى مجكوم بشروط العدالة والمساواة والاحترام المتبادل و تقدير الانسانية.
ختاما تظهر القصيدة حفبة زمنية سافرة عانى فيها مجتمعها كل اشكال العنف والقهر والمعاناة السياسية والاقتصادية والثقافية و الاجتماعية والتى افرزت شرائح سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ارتبطت مصالحها فى ان يظل المجتمع مغتصب الحقوق ومقهور الواجبات و استباحت املاك الجماهير ووزعت بينهم مدن الجوع والمزض و الخوف والقتل و صممت خرط التهميش و التفقير والغبن التنموى ورغم ما حققته هذه الشرائح من دكاسب رخيصة و دنيئة الا ان الزين عراها وفضحها واظهر حقيقتها ووضاعتها قائلا :
ودرن الايدى العمالية ,,,,,,,,
انضف من لسنات الفجرة ,,,,,,,
ودين الدقن الشيطانية ,,,,,,,,
ومن كرفتة البنك الدولى…وكل وجوه الرأسمالية,,,,,,,,,,,
واشرف من …………………………..
انتهى .
……………………………………………………………………………………………………………
اعداد/ صديق عمر التوم الحاج عبدالله [email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ست الدار من القصائد التى تحكى واقع اغلب الاسر السودانية وكيفية الموازنة بين الدخل والمنصرف .. كلام موزون يا استاذ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..