التشكيلي خالد كودي.. مفجر القضايا الإنسانية.. خواطر حول مشروعه الفني

الخرطوم – دكتور أحمد عامر جابر
خالد إبراهيم كودي، معلم وفنان تشكيلي شامل ليس فقط بمعنى وعيه بتضافر الفنون والتعامل معها عبر وسائطها المختلفة في المظهر عبر التقنيات والأساليب، ولكن في المخبر أيضا من خلال المواضيع التي يطرحها.
وعي كودي هذا وربما لا وعيه ينعكس تنظيرا وممارسة فيما إنجازاته سواء في مشاريعه التقليدية أو المفهومية، خصوصية كودي الذي درس في السودن والولايات المتحدة (يعمل أستاذاً مساعداً في كلية بوسطن الأمريكية) تتجلى بوضوح في المواضيع التي حفزته لتوظيف الوسائط المتعددة لا سيما عبر الفن المفومي، حيث يثير أسئلة مختلفة حول قضايا إنسانية بالغة الأهمية، قضايا مثل الحرب، البيئة، السلام وحقوق الإنسان في العالم عامة والسودان خاصة ظلت تشكل محاور أساسية في إنتاجه.
عالم يسع الجميع
كان لي شرف المشاركة في فعالية مشروعه المسمى (لحاف الحرية) “مبني على فكرة اللحاف المصمم من قطع مختلفة ترتق لخلق غطاء يهب الدفء والجمال لمستخدمه” في لندن أول الألفية بقصد المساهمة في بناء وطن بل عالم يسع الجميع، شارك في الفعالية صغار وكبار يمثلون نساء ورجال من السودانيين وغيرهم، لقد كتب البعض العبارات الموحيات بالفكرة ورسم الآخر التصورات الهادفة إلى تحقيق أم الغايات، الحرية هذه المفردة الجامعة أو السهلة الممتنعة تخيلتها في قوز قزح وفي زنبقة تنسمت عبيرها في أريج مسك وأخذت أهيئ ناظري ليومها المنتظر، راجيا مجيئه بقوة ناعمة قوية كالماء تحيي كل شيء، قوة تجري في الأوصال كنيل في الأرض وكوثرا في السماء دون إراقة دماء.
أزمة متجذرة
عند الفعالية المشار إليها كانت تجلس بجانبي الفنانة السورية ابتسام الأنصاري “صديقة الشاعر الكبير نزار قباني التي كرست بعض أعمالها لبعض قصائده، كما أنها زوجة الخبير الاقتصادي المعروف د. أسامة الأنصاري الذي توفيت معه في حادث مرور بباريس رحمهم الله جميعا”، كانت الراحلة تسألني بقلق عما يدور في السودان من حرب أهلية، ولم تك تعلم أن الغيب يخبئ قدرها، ويضع مصير سوريا في كف عفريت، بالطبع لم يخطر ببالي أنا الآخر أن السودان قلب أفريقيا الكبير سينشطر لقسمين، وأن عدم الاستقرار السياسي يقعده في شطريه! هذا ما يؤكد أن أزمتنا متجذرة، وأنه لا يحلها الساسة وحدهم وإنما الكل، لذا تأتي ضرورة مثل مشروع كودي الذي هو بمثابة بذرة تحتاج عوامل النجاح الأخرى.
ورش تربوية
لا شك أن لكودي الوعي اللازم لتحقيق المشروع بجذب جميع الناس إليه بالصبر وهذا ديدن المعلمين، لقد أقام كودي مجموعة من الورش التربوية والفنية في مناطق مختلفة في النيل الأزرق وجبال النوبة عام 2004، وقد فتحت هذه الورش لغيرها مثل ما قام به مؤخرا في يوغندا، حيث استهدف المرأة اللاجئة من شطرى السودان وهو ينوي إقامة ورش في الخرطوم في الصيف القادم. الاهتمام بالمرأة عموما بالغ الضرورة ومشروع حيوي كمشروع كودي هذا لا يكتمل حقيقة ولا مجازا إلا بالمشاركة الفاعلة للمرأة فيه، فلحاف بلا حضن حنون لا يعني شيئا، لذا الاهتمام بالمرأة وتنمية قدراتها في كل المجالات أساسي، ونجاحها يعني نجاح المجتمع، وفشلها فشله وفساده، ولهذا ضرب الله بها المثل في أحب الأشياء إليه “ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط.. وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون.. ومريم ابنت عمران…/ سورة التحريم الآيات 10-12”. كلنا أو جلنا يعلم أن الرسول الكريم بين حتمية التعامل مع المرأة ممثلا في الأم بحسن صحبتها بنسبة 1:3 لصالحها مقارنة بصنوها الرجل كما قال: “الجنة تحت أقدام الأمهات”. أيضا يعبر عن هذا المعنى الضمير الإنساني المجرد ممثلا في بيت شاعر النبل، حافظ إبراهيم، الشهير:
الأم مدرسة إذا أعددتها / أعددت شعبا طيب الأعراق

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..