المرحلة الجامعية.. ثقافات جديدة وعلاقات اجتماعية.. واقع جديد

كوستي – يوسف عبد الله
ينسج بخيالاته الرخوة أحاجي جميلة يؤانس بها نفسه في خلوته وعندما يأوي إلى نومه، وهو ناظر إلى السماء، يمسك قلمه، ويكتب آخر جملة ظلت عالقة في ذهنه، وكان قد تزود بها من كتابه الذي هو بين يديه، هواجس إيجابية تنتابه يتحسس دفئها كل حين ويأخذ منها ما يدفعه للاجتهاد أكثر.
كل هذا وأكثر ظل يخالج صدور الكثيرين عند دراستهم في المرحلة الثانوية، وهم مقبلون على الدراسة الجامعية، تساؤلات كثيرة تطرح نفسها، وتظل دون إجابات حتى يجيب الواقع الجامعي بعد التجربة عنها، كيف يمكن أن يختزل تعدد الثقافات واختلاف البيئات ليكون نسيجاً اجتماعياً قادراً على الاستمرار لمدى الحياة؟ ما الذي يقال والذي لا يقال؟ وماهي القيود أو الشروط الحاكمة للعلاقات التي تنشأ بين الجنسين؟ كثير من الأسئلة تطرح نفسها، وتكون حاضرة بقوة.. (اليوم التالي) التقت عدداً من طلاب المستوى الأول بالجامعات السودانية المختلفة للإجابة عن هذه التساؤلات.
إضافة كبيرة
في السياق، يقول محمد علي طالب بجامعة الخرطوم إنه سعيد بدراسته الجامعية فقط لأنه تخلص من القيود الأسرية التي كانت تحكمه، وأن نظرة المجتمع تجاهه قد تغيرت تماما، وبإمكانه التعرف على ثقافات لمجتمعات أخرى، أما سارة خالد من بجامعة السودان، أكدت أنها في قمة السعادة لأنها عرفت من هي في المستقبل بعد شد وجذب في اختيار التخصص الذي ستلتحق به، وبذلك وضعت حدا لكثير من النقاشات الأسرية التي كانت تدور في هذا السياق، وجاء حديث مصطفى جمال من بجامعة النيلين جريئا، حيث ذكر بأنه غير قادر على التعامل مع الجنس الآخر نسبة للمرجعية الأسرية والمجتمية المنغلقة، ولكنه سعيد بنسج علاقة طيبة مع بعض الشباب من مناطق مختلفة التي عدَّها قد شكلت نقلة اجتماعية في حياته.
شباب مظلوم
من ناحيته، عدَّ البروف علي بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي وأستاذ الصحة النفسية أن الشباب في السودان مظلومون (ظلم الحسن والحسين)، نتيجة لغياب مناهج التربية الحياتية والتأهيل النفسي وإهمال هذا الجانب منذ الروضة وحتى المراحل الثانوية، وهذا ينعكس سلبا على استعداد الطالب أو الشاب المنتقل إلى مرحلة النضج بعد المراهقة والدخول في المرحلة الجامعية أو من يكونون على أعتاب التخرج. وأضاف: الشعور بالقلق والتوتر والخوف من انتقاد الأسرة والمجتمع يلعب دورا حاسما فيما يعانيه الطلاب والشباب من عدم توازن نفسي وفقدان البوصلة المجتمعية، وبالتالي تحدث اضطرابات سلوكية وخوف من المستقبل، وعدم القدرة على التأقلم مع الواقع الجديد، والتعامل مع الآخرين، مما ينسحب بصورة مباشرة للشعور بعدم الثقة وفقدان القدرة على اختيار الطريق المناسب اجتماعياً وسياسياً ومذهبياً، فيما يسمى بظاهرة انعدام الوزن النفسي والأزمة الشبابية السايكلوجية، تؤدي إلى نتائج خطيرة مثل الاكتئاب الحاد والدخول في علاقات عاطفية فاشلة، والتأخر الأكاديمي والعنف والتطرف وسلوك درب الإدمان وتغمص شخصيات غير موجودة في الواقع مثل أحلام اليقظة. وحمل بلدو الدولة مسؤولية ما حاق بالشباب من تدهور وما يلاقونه من عنت ومشقة ناجم عن ضعف المناهج وتخبط السياسات وعدم تنمية الثقافة النفسية ومهارات التربية الحياتية.
اليوم التالي