مأساة السودانيين الكبرى

د. هاشم عبده هاشم

لست قادراً على تخيل هذه الحالة.. وتصور درجة المعاناة التي يواجهها السودانيون الجنوبيون المقيمون في الشمال.. أو الشماليون المقيمون في الجنوب وقد كتب الله عليهم أن يرحلوا بعد انقضاء سنوات العمر.. والعيش بسلام في المكان الذي ولدوا فيه.. واعتادوا على الحياة به.. بعد أن أقاموا علاقات إنسانية حميمة مع أهلهم وذويهم وأقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم في الشمال أو الجنوب.. ليأتي اليوم الذي يُطالبون فيه بالرحيل.. أو يجدون أنفسهم غرباء.. وغير مقبول إقامتهم في المكان الذي لم يألفوا.. أو يعرفوا غيره..

** وعلى أحدنا أن يتخيل نفسه يواجه هذه المشكلة..

** عليه أن يتصور كيف يمكن له.. ولأولاده.. ولعائلته أن يبدأوا رحلة حياة جديدة.. بعد أن عاشوا لعشرات وربما مئات السنين حيث فتحوا أعينهم.. ووجدوا أنفسهم.. ثم إذا هم فجأة.. وبعد أن أصبح البلد الواحد بلدين.. يجدون أنفسهم مجبرين على الرحيل المر.. إلى المجهول..(!)

** أقول المجهول.. لأنه من أصعب الأمور على الإنسان أن يجد نفسه.. بعيداً عن نفسه.. بعيداً عن أرضه.. بعيداً عن إحساسه.. بعيداً عن تاريخه.. بعيداً حتى عن معاناته التي كانت وبكل المقاييس أهون بكثير مما هو مطالب به الآن.. ومدفوع إليه.. ومجبر على عمله..

** وإذا كان البلدان الأخوان الجاران الشقيقان قد فشلا في التوصل إلى حلول عملية -حتى الآن- لمشكلة الجنسية.. وما يترتب عليها من "زعزعة" حياة.. وعدم استقرار مئات الآلاف منهم.. واقتلاعهم من المكان الذي وجدوا أنفسهم فيه.. فكيف يمكن على الأقل التخفيف من حدة هذه المعاناة على أبناء السودان الواحد..؟

** هذا السؤال لن يكون هناك من هو أقدر.. أو أحرص على الاجابة عليه من دولتي السودان اللتين يعيش فيهما المعذبون من أبنائه..

** فهي -وبكل المقاييس- مأساة إنسانية لا تحتملها طاقة بشر في الظروف العادية فكيف إذا كانت إمكانات معظم هؤلاء الناس المادية تحت خط الفقر..؟

** فإذا كانت السياسة قد فرقت الإخوة الأشقاء..

** وإذا كانت الظروف.. والأخطاء.. قد خلقت هذه المشكلة الإنسانية.. وفرضت هذا الواقع المرير.. فإن العقل الإنساني لا يمكن أن يعجز عن التوصل إلى حل عملي لهذه المشكلة..

** وفي تصوري.. أن هؤلاء المصدومين بهذا الواقع ينقسمون إلى فئتين: فئة ترغب في الرحيل إلى الموطن الآخر ولا مشكلة لدينا معها.. فهي صاحبة قرارها.. وهي الأعرف والأقدر على تكييف حياتها بالصورة التي تريدها.. أو تجد أنها محققة لأهدافها وتوجهاتها.. أو مصالحها..

** أما الفئة الأخرى فإنها تلك التي لا ترغب -أصلاً- في الرحيل.. أو هي لا تقدر عليه.. بأي صورة من الصور..

** هذه الفئة هي التي أتحدث عنها.. وأرى أن تُخيَّر بين منحها جنسية الدولة الأخرى وبين أن تواصل حياتها في الدولة التي تعيش بها مع الاحتفاظ بهوية الدولة الأخرى ويكون لها حق المواطنة من الدرجة الثانية.. بدلاً من أن تُعامل معاملة الغرباء والوافدين والطارئيين.. لما في ذلك من مرارة شديدة على نفوسهم..

** هذا الكلام.. قد تكون فيه عاطفة أكثر مما فيها من الاستحقاقات القانونية.. أو التدابير التي تفرضها السيادة الوطنية.. أو قد تثيرها الهواجس أو الشكوك والمخاوف المشروعة في جانب منها.. والمبالغ فيها من جوانب أخرى..

** لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن هناك مشكلة كبيرة.. ومعاناة لا يستطيع تقدير مدى وطأتها إلا من يعيشونها..

** وما أتمناه هو أن يجد البلدان لها حلاً.. يتقدم كل الحلول والمصالحات التي يفكرون فيها نتيجة استقلال الجنوب عن الشمال.. والله المستعان.،،،

***

ضمير مستتر

[بعض المآسي.. لا يستوعبها العقل.. فكيف تتحملها العاطفة]

الرياض

تعليق واحد

  1. العنوان المناسب لهذا المقال / مأساة السودانى الجنوبى الكبرى

    – طالما اختار الجنوبى الانفصال فليرحل لبلده .

    – لامجال للحديث عن جنسية مزدوجة البته . ومن هو الجنوبى حتى يحظى بهذا الاهتمام لدرجة انه يصوت للانفصال بنسبة تقارب ال 100% ثم يطلب بكل قوة عين جنسية الشمال . والغريب فى الامر هو لايلح فى طلبها كما تلح وتنشط بعض الجهات الشمالية وكانما السودان قد ارتكب جريمة فى حقهم .

    ولا احسب ان الجنوبيين يشعرون انهم فى مأساة كما تزعم وتصور بعض الصحف ، ناس عاوزه تكون لهم دولة منفصلة ، اين المأساة ؟

    فهم لايرغبون العيش فى الشمال …. انت لو عاوزهم ياخى ارحل معهم جنوبا .

    واخيرا ، الجنوبى لن يعيش فى الشمال لا درجة ثانية ولا درجة عاشرة فاعلم ، والآن لديهم مهلة لتوفيق اوضاعهم بمعنى ان يذهب اولا لبلدة واستخراج الوثائق الثبوتية ، ثم الحصول على تأشيرة من سفارة السودان بجوبا ، ان كانت زيارة … ماهى الجهة التى سيزورها وماهى امكانياته المادية …. وان كانت عمل لابد من عقد عمل مبدئى مع جهة معلومة … ولا اعتقد ان جهة واحدة فى الشمال ستستقدم جنوبى للعمل فى الشمال …. وماذا سيعمل ؟؟

    واخيرا إن تراخت الدولة فى اخراجهم بعد انقضاء المهلة فالشماليين سيخرجوهم من جحورهم واحدا واحدا .

  2. يا هاشم عبده قول الكلام دة للجنوبيين الذين صوتوا للانفصال بنسبة 99 فى المية لو كنت قلت ليهم الكلام دة فى الوقت داك كان يمكن الجنوبيين صوتو للوحدة وكان افضل لهم اكثر مكسبا من الشمال الشمال ما بضرر من انفصال الجنوب قدر تضرر الجنوب الموضوع انتهى والجنوبيين قالوا عايزين انفصال تانى شنو كل زول يمشى بلد وبعدين مافى اىجنسية مزدجة شمالى شمال والجنوبى جنوبى

  3. رغم ان الكاتب اختتم مقاله بمايبرر تلك العاطفه الجياشه التى جاءت بين سطوره ولقد استوقفتنى بعض النقاط فى هذا المقال . ياتى الذى يطالبون فيه الجنوبين بالرحيل .
    اولآ الجنوبين لم يطلب منهم احد الرحيل بل انهم هم من اختارو ذلك وبمحض ارادتهم بل هم من فرضوه على الاخرين معللين ذلك بتلك التبريرات التى سقوها والتى افتضح امرها بذلك الاصرار الرهيب على الجنسيه المذدوجه او تطبيق الحريات الاربعه كحد ادنى. نعم من الصعب على الانسان ان يجد نفسه بعيدآ عن ارضه وبعيدآ عن احساسه بتاريخه شرطآ ان يحس ذلك الشخص بانتماؤه لتلك الارض وذلك التاريخ وهذا مالم ينطبق على الجنوبين الذين اثبتوه فعليآ بتلك النسبه 98%. فالمجهول هو كان اختيارهم ظنن منهم بانه ارحم لهم من العيش كمواطنين من الدرجه الثانيه شمالآ. عندماتكون المعاناة وليدة فعل الانسان نفسه فليس عليه مطالبة الاخرين بتخفيف حدتها عليه . هل الفئه التى لاترغب فى الرحيل هل هى ليست ضمن نسبة ال98% وهل طيلة فترة الاستفتاء هل كان لها فعل معاكس للانفصال يشفع لهم الان فى البقاء او فيما يطلبه الكاتب لهم لا اعتقد ذلك فهم اجمعو على الانفصال وحتى معارضيهم كانو كذلك. فالجنوبين اتيحت لهم فرصة الاختيار فكان اختيارهم وفق قناعاتهم ولم يفرض عليهم احد شئ لذلك عليهم تحمل نتيجة ذلك الاختيار لان الاستحقاقات الان استحقاقات قانونيه وليست عاطفيه.

  4. دا كله سببه المنافقين الكيزان كل واحد فيهم له ماض بائس من سؤ الاخلاق واللواط الفكرى ونحن هولاء المخنثين بنعرفهم كويس

  5. كلامك في محلة يا د هاشم وبقول للناس البتقول انة الجنوبيين هم اختاروا الاننفصال حقوا نسال عن السبب ….السبب كلنا عارفنو كانو سودانيين درجة ثانية لو ماثالثة .وياجماعة شماليين وجنوبيين شوفوا الشعوب الاخر ماسبب تقدمها اليس هو المساواة في الحقوق والواجبات …..باللة عليكم كفاية عنصررررررررررررررررررررة حتي لانفقد جزء اخر من تراب وطنا
    شمالي مهاجر

  6. سنرحل عن بكرة ابينا عن الشمال وسندع ما للشمل للشمال هل تعتقدون ان الجنوبيين كانوا في جنة لا والف لا,,,,,, عشنا في اطراف عشوائية وتم تمييزنا عن دون الشعب باللون والدين انها العنصرية المقننة…… الحمدلله الحمدلله لنا وطن الان دعونا لوحدنا حتي ولو تقاتلنا ومتنا جميعا افضل من العيش في تلك البيئة النتنة,,,,,,سمونا عبيدا وخدما وكفارا ,,,,,,,,,,,قالوا انهم يعبدون الخالق الواحد الاحد اي دين هذا الذي يهين ما خلقه الرحمن ,,,,,,لا اشعر باي انتماء للشمال بالرغم من اني قضيت جل عمري هناك ولكني عدت لوطني للجنوب الحبيب بفضل الله. لا تتشدقوا وكأن الدنيا هي ملككم فغدا لناظره قريب فربما انعكست االاية فيأتي بعضكم الي الجنوب حينئذ ماذا انتم فاعلون,,,,, كونوا حكماء لانها الدنيا لا امان فيها فاحسنوا معالمة الغرباء ,,,,,,,,,,,المعاناة اثناء الحرب جعلتنانتأقلم بسرعة علي كل البيئات ولكن كيف سيكون حال الشماليين عند الهروب اللهم لا شماتة :lool:

  7. (سوزان جون)

    كلامك هذا غير صحيح ، الجنوبى يكره كل ماهو شمالى ، هل تعاملوا الشماليين فى الجنوب كمعاملة الشماليين لكم …… ؟ فى البدء انتم غير راضين عن انفسكم ، الانسان بيفتخر باصلة مهما كان ويعتز بة ، ببساطة شديده المابيحترمك ماتحترمه ، والمابزوجك ماتزوجه … لكن المصيبة انكم من صنفتوا انفسكم درجة ثانية ودرجة ثالثة ……. لخلل فى تفكيركم واحساسكم بعقدة النقص .
    شوفى عطف ……. والا غيره ….. انتهى الامر ، احسن ترحلوا بكرامة وعزة نفس بدل ما تجبروا على الرحيل …… دولتكم تنتظركم . الآن انتم اجانب زيكم وزى اى اجنبى فى الشمال بل الاجانب الآخرين لهم اوراق ثبوتية واقامات نظامية ، الامر الذى تفقدونه انتم الآن .
    وبعد انضاء المهلة ، سيكون البحث بالاحياء وعن طريق اللجان الشعبية ولجان خاصة يتم تكوينها لهذا الغرض ، اما ان تكون نظامى واللا الشرطة والترحيل لبلدك خلال 24 ساعة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..