الشعب المُعلِّم !!

زهير السراج

* لم أتوقع أبدا نجاح (العصيان المدنى) لعدة اعتبارات، منها أن هذا المصطلح اختفى من القاموس السياسى السودانى منذ أكثر من ثلاثين عاما، ولم يسمع به الكثيرون الذين يعتمد عليهم نجاح العصيان، دعك من فهم المعنى السياسى له، وحصولهم على خبرة سابقة، فضلا عن خلو اماكن العمل والتجمعات من اصحاب التجربة والخبرة إما بسبب الفصل او التقاعد أو او الهجرة، واحتكار السلطة للعمل النقابى، وضعف الاحزاب والقمع السياسى الطويل، واعتقال عدد كبير من قادة الاحزاب والناشطين السياسيين بعد اعلان القرارات الاقتصادية الاخيرة مما أفقد المعارضة السياسية أنشط وأقوى عناصرها!!

* بالاضافة الى ذلك، الاخطاء الفنية التى اُرتكبت فى تحديد موعد وفترة العصيان، فيوم (الأحد) الذى حُدد ليكون اليوم الاول، هو أهم أيام الاسبوع لقضاء مصالح المواطنين اليومية لأنه يأتى بعد يومى العطلة الاسبوعية (الجمعة والسبت)، مما يجعله أسوأ الخيارات لنشاط مثل (العصيان المدنى ) يضع المواطنين فى صراع بين قضاء مصالحهم الملحة او المشاركة فى العصيان، ولقد شاع فى كثير من الاوساط ان (الجهة) التى قررت العصيان، وهى جهة مجهولة، تعمدت فشله باختيار الموعد (الأحد) والفترة الطويلة (ثلاثة ايام)، اللذين يتعارضا مع مصالح المواطنين، كما أن عدم معرفة الجهة التى اعلنت العصيان أثار حولها الشكوك، ولم يتح الفرصة والوقت الكافيين للتنسيق بين القوى السياسية المختلفة والاستعداد والاعلان المبكر للمشاركة !!
* ولكن جاءت المفاجأة بنجاح (العصيان) بنسبة لا تقل عن 55 % خاصة فى القطاع الخاص وقطاع الاعمال الحرة، وأكثر من (80 % ) فى المدارس والجامعات، وذلك من واقع دفاتر الحضور والغياب، واغلاق الكثير من الجامعات والمدارس ابوابها بعد صرف القلة القليلة من الطلاب التى حضرت، كما شهدت شوارع العاصمة واماكن التجمعات هدوءا كبيرا وخلوا نسبيا من المواطنين، وهى ظاهرة غير معتادة فى يوم (الأحد) الذى يعتبر اكثر ايام الاسبوع حركة وازدحاما، بينما كان (أحد) أول أمس كيوم (الجمعة)، أو على أحسن تقدير كيوم (السبت)، وهما يوما العطلة الاسبوعية، ولقد اكدت ذلك تقارير الزملاء الصحفيين الذين رصدوا الحركة فى شوارع الخرطوم وفى اماكن العمل والتجمعات!!

* كتجربة اولى .. وبعد كل هذه السنوات الطويلة من الحكم الشمولى والقمع السياسى، وانعدام الحريات واحتكار حزب السلطة للعمل النقابى والمدنى، وحتى الثقافى، وضعف الأحزاب وانحسار الوعى السياسى ..إلخ، فانها تعتبر بكل المقاييس تجربة ناجحة وتمرين سياسى مفيد جدا يبشر بمستقبل سياسى ناضج!!

* ويكفى دليلا على النجاح انتشار مصطلح (العصيان المدنى) وسط كافة المواطنين حتى اقلهم معرفة بالعمل السياسى، وإلمام الجميع بمعناه الحرفى والسياسى، ولو اقتصر (العصيان) على تحقيق هذا الهدف فقط لعد ناجحا (100 %)، دعك من وجود مشاركة حقيقية بنسب عالية، ووقوع بعض مظاهر الاحتجاج الأخرى، رغم عدم الاستعداد الكافى، والاختيار الخاطئ لموعد العصيان، الذى وصفه أحد الأصدقاء بـ(السحر الذى انقلب على الساحر)، وذلك فى إشارة ذكية (للجهة) التى قررت العصيان للاحتفاء بفشله، ولا بد أنها نادمة الآن على قرارها بعد نجاحه!!

* تؤكد هذه التجربة وغيرها من الظواهر الأخرى، أن الشعب السودانى، شعب معلم، وأنه لم يفقد ــ كما يزعم البعض ــ قدراته وطاقاته وعقليته الثورية، ولا يزال قادرا على إحداث التغيير وقلب الطاولة فى أى وقت على من يستهين به ويتسلط عليه، ويعتقد انه نجح فى كبحه ولجمه وحرمانه من حقوقه وعشقه الابدى للنور والحرية والكرامة!!

الجريدة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. سبحان الله الطغاة دايما بيسقطوا من المنطقة الغير متوقعه عندهم ابدا
    التاريخ يعيد نفسه فلناخذ الحكم منه

  2. الثورية موجودة في الجينات الوراثية لشعب السودان استاذي زهير, يوم الخميس شاهدت صبية تتراوح اعمارهم ما بين 15و17 سنة يخرجون من المدارس ويتحدون آلة القمع الرهيبة لهذه الحكومة البائسة, ارتعدت خوفا عليهم وانا في المنافي البعيدة, من علم هؤلاء الصغار التحليق عاليا, حقا انه شعب معلم.

  3. سبحان الله الطغاة دايما بيسقطوا من المنطقة الغير متوقعه عندهم ابدا
    التاريخ يعيد نفسه فلناخذ الحكم منه

  4. الثورية موجودة في الجينات الوراثية لشعب السودان استاذي زهير, يوم الخميس شاهدت صبية تتراوح اعمارهم ما بين 15و17 سنة يخرجون من المدارس ويتحدون آلة القمع الرهيبة لهذه الحكومة البائسة, ارتعدت خوفا عليهم وانا في المنافي البعيدة, من علم هؤلاء الصغار التحليق عاليا, حقا انه شعب معلم.

  5. والله يا دكتور لو آخذنا بنظرية جهات تابعه للنظام هي التي اوحت بفكرة الإعلان عن عصيان مدنى حتى تفشل الدعوه ويحتفوا بفشله فهذا إحتمال وارد والذين البسوا الرئيس الفاقد للشرعيه (قميص ميسى) ثم اتبعوه بإلباسه بردلوبة الخزى والعار هم آنفسهم الارسلوه لدولة الإمارات (لتغيير الجو) وخاصة الدلاها لا علم له بمخططات طغمته ولم يخبروه بها خشية في حال نجاح العصيان ربما يعصر عقله ويفهم أن طغمته هي التي كانت السبب!! والان وقد نجح العصيان لا نستطيع التكهن برد فعل الدلاها ومازال الآمر بيده حتى الآن بحكم الآمر الواقع وهل يضمن أن تسلم الجره في المره القادمه؟!!على كل حال الشعب تفتحت بصره وبصيرته على دواء ناجع وسيظل يكرر التجربه تلو التجربه والكره الآن بين قدمى الأحزاب والطرق الصوفيه والاتحادات والجمعيات والمنظمات وعليهم الوقوف بجانب الشعب وكذلك لا بد من مشاركة المدن الآخرى وقد ثبت أن المهمه في غاية البساطه وهو إلتزام المساكن حتى ينهار النظام فثلاث أيام غير كافيه لنظام يمنح العاملين عطلة اعياد لتمتد لآكثر من أسبوع غير مباليه بمتطلبات المواطنين وهذا ما لا ولم يحدث في دول أوضاعها الإقتصاديه لا وجه مقارنه بيننا وبينهم!!.

  6. شكرا يا د.زهير…كل بدايه ليها نهاية والشعب ح يغير النظام انشاء الله ومش كده وبس كوادر الحكومة الان بدأت في مغادرة البلاد بس الخوف الوحيد من هولاء السكارى الحيارى الذين يتجولون في عواصم الدول الغربية ويتفاوضون مع الحكومة منذ يومها الاول في حكم البلاد أن يأتو وينصبو انفسهم علينا….هم سبب كل الكوارث لا يمثلونا بل يمثلون احزابهم وانفسهم فقط وكل همهم ان يزاع صيتهم وتمتلئ جيوبهم…حمانا الله منهم وكفانا شرهم

  7. نعم نجح العصيان المدني، وكما قلت لو عرف الناس معنى ومغزى وكيفية تنفيذ العصيان، فهذا يكفي.

    لقد تم كسر الحاجز النفسي.

    تصور لو أن قيادة المعارضة كلها بالداخل،، الصادق ومالك وياسر وجبريل ومناوي…

    هنالك دروس مُستفادة وثغرات ينبغي سدها، سوف نكتب عنها لاحقاً.

    ومن أهمها ضرورة التدرج بداء بالقطاعات البعيدة عن بطش الحكومة (الطلاب، الحرفيين، القطاع الخاص، قطاع المواصلات… وأخيراً القطاع العام).

    علينا أن لا نضع الموظفين في القطاع العام في موقف محرج، فالبشير ليس عبود ولا النميري. وعوض الحسن ليس عبد المجيد إمام.

    أن النظام بلا أخلاق البتة.

  8. والله يا دكتور لو آخذنا بنظرية جهات تابعه للنظام هي التي اوحت بفكرة الإعلان عن عصيان مدنى حتى تفشل الدعوه ويحتفوا بفشله فهذا إحتمال وارد والذين البسوا الرئيس الفاقد للشرعيه (قميص ميسى) ثم اتبعوه بإلباسه بردلوبة الخزى والعار هم آنفسهم الارسلوه لدولة الإمارات (لتغيير الجو) وخاصة الدلاها لا علم له بمخططات طغمته ولم يخبروه بها خشية في حال نجاح العصيان ربما يعصر عقله ويفهم أن طغمته هي التي كانت السبب!! والان وقد نجح العصيان لا نستطيع التكهن برد فعل الدلاها ومازال الآمر بيده حتى الآن بحكم الآمر الواقع وهل يضمن أن تسلم الجره في المره القادمه؟!!على كل حال الشعب تفتحت بصره وبصيرته على دواء ناجع وسيظل يكرر التجربه تلو التجربه والكره الآن بين قدمى الأحزاب والطرق الصوفيه والاتحادات والجمعيات والمنظمات وعليهم الوقوف بجانب الشعب وكذلك لا بد من مشاركة المدن الآخرى وقد ثبت أن المهمه في غاية البساطه وهو إلتزام المساكن حتى ينهار النظام فثلاث أيام غير كافيه لنظام يمنح العاملين عطلة اعياد لتمتد لآكثر من أسبوع غير مباليه بمتطلبات المواطنين وهذا ما لا ولم يحدث في دول أوضاعها الإقتصاديه لا وجه مقارنه بيننا وبينهم!!.

  9. شكرا يا د.زهير…كل بدايه ليها نهاية والشعب ح يغير النظام انشاء الله ومش كده وبس كوادر الحكومة الان بدأت في مغادرة البلاد بس الخوف الوحيد من هولاء السكارى الحيارى الذين يتجولون في عواصم الدول الغربية ويتفاوضون مع الحكومة منذ يومها الاول في حكم البلاد أن يأتو وينصبو انفسهم علينا….هم سبب كل الكوارث لا يمثلونا بل يمثلون احزابهم وانفسهم فقط وكل همهم ان يزاع صيتهم وتمتلئ جيوبهم…حمانا الله منهم وكفانا شرهم

  10. نعم نجح العصيان المدني، وكما قلت لو عرف الناس معنى ومغزى وكيفية تنفيذ العصيان، فهذا يكفي.

    لقد تم كسر الحاجز النفسي.

    تصور لو أن قيادة المعارضة كلها بالداخل،، الصادق ومالك وياسر وجبريل ومناوي…

    هنالك دروس مُستفادة وثغرات ينبغي سدها، سوف نكتب عنها لاحقاً.

    ومن أهمها ضرورة التدرج بداء بالقطاعات البعيدة عن بطش الحكومة (الطلاب، الحرفيين، القطاع الخاص، قطاع المواصلات… وأخيراً القطاع العام).

    علينا أن لا نضع الموظفين في القطاع العام في موقف محرج، فالبشير ليس عبود ولا النميري. وعوض الحسن ليس عبد المجيد إمام.

    أن النظام بلا أخلاق البتة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..