سوق الجلود بأمدرمان.. اندثار فن صناعة الأحذية.. واقع مرير

أمدرمان – درية منير
يضم سوق أمدرمان بين ظهرانيه مجموعة من الدكاكين القديمة التي تقع على يسارع شارع العدني، وسميت تلك المنطقة بسوق الجلود. أما المدابغ التقليدية فكانت على ضفاف النيل وتحديداً في أبوروف قبل أن تحول إلى جنوب البقعة.
أصبح الناس يتجمعون في تلك المنطقة ليتناسوا همومهم، ولأن إلفة المكان باتت أقوى، فإنهم لم يتركوه متجهين لعمل آخر أو يستثمرون محلاتهم لبيع بضاعة أخرى غير الجلود، في السياق يقول محمد عبد الله: هذا المحل في السابق كان شركة أهليه تابعة لأسرة عبد الله الدعيتة. وأشار إلى أن البعض يشتري من السلخانات وآخرين من داخل السوق إضافة إلى أن الجلود تصدر إلى أوروبا وأمريكا، علاوة على فرنسا التي يقام فيها معرض سنوي، ومنها إلى بقية العالم، وكشف عن ضعف في القوة الشرائية. وأضاف: نأتي كل يوم لنفكر في الذي سنتجه، خصوصا أن تلك هي مهنتنا إلى لا نعرف لها بديلاً. وواصل: إلا أن حركة البيع قلت بشكل ملحوظ، لأن بعض الموجودين في تلك التجارة يجمعون الجلود بالبكاسي ويوزعونها حسب نشاطهم في السوق البعض منهم وكلاء لشركات أو أفراد أو مدابغ.
مراحل معقدة
يواصل محمد عبد الله حديثه، قائلاً: في السابق كان السودان يعد من أكبر الدول المصدرة للمواشي واللحوم والجلود قبل الانفصال والحروب الأهلية التي اشتعلت والتي أودت بالكثير من رؤوس الماشية، الأمر الذي أدى لخروج البلاد من سوق الصادرات. وأردف: حتى في أمدرمان أصبح سوق الجلود خالياً وليس به زبائن كما أن المعروض أغلبه وارد من الخارج أو الولايات بمختلف أنواعه من الماعز والأبقار وغيرها، فأصبحت تأتي جاهزة مدبوغة ومصنعة، من المدابغ الحديثة رغم أنها تعد بدائية حتى الآن. وزاد: “تدخل الجلود في الاستعمالات اليومية من الشنط والأحذية، كما أنها كانت تستخدم منذ زمن بعيد في الكتابة والتجليد وصناعة المفروشات والسياط، ويدخل الجلد في مراحل كثيرة قبل التصنيع أولها (التأكيز)، وهو إزالة الشعر عن الجلد وتليها التمليح، وتستمر هذه العملية تستمر من 3 أيام حتى ثلاثة أشهر، تليها مرحلة إزالة الشمع والملح عن طريق إضافة كيماويات وبعدها يتم تحديد حجم السمك حسب نوع الجلد وطريقة الاستخدام، تليها مرحلة تطوير الجلد حتى يصبح مطاطياً ومنها إلى التأسيس حتى يتم التخلص من نسبة الجير، ويضاف إليها ملح أبيض أوصناعي، وهو غير صالح للاستخدام الآدمي، بجانب ماء نار لحفظه، إضافة إلى مرحلة الحلج حسب الاستخدام للتنجيد أو غيره ومنها مرحلة الكروم، ويترك ربع ساعة، وهي عملية معقدة تكلف من ثماني ساعات إلى 12 ساعة، ومنها يتم الصبغ والتلوين، وتستمر الدباغة عموما بجميع مراحلها حتى الشهر.
مشاهد متكررة
بضع دكاكاين لا تتعدى الثلاثة بقيتها عبارة عن محلات أناتيك وبيع الفضة والمجوهرات والكثير منها مغلق، وهناك تجار كبار في السن بانت على ملامحهم عتق المكان يتسامرون في أنس حتى ينتهي يومهم ليعاودوا ذات المشهد في اليوم التالي، الكثير من هؤلاء كانوا تجار جلود لكنهم انتقلوا لتجارة أخرى مواكبة تحفظ رزقهم.
اليوم التالي