العصيان مدني و التغيير خرطومي !

حسن وراق

@ انشغلت الحكومة و المعارضة في تقييم حالة العصيان المدني التي اعلنت ابتداء من يوم أمس الأول (الاحد) وكل طرف يحاول أن يؤكد سلامة موقفه ايجابا من العصيان . الحكومة وعبر النافذين فيها والأقلام المؤيدة لها (بعين ثالثة) حولاء و (زفرات حري) مسلولة وبقية أقلام (الدفع المقدم) ، تكتب بعدم موضوعية يسرفون في حكاوي فطيرة بايخة يحاولون إرضاء السلطان ولي نعمتهم (مطيرزية) وهم يزيفون الحقيقة ، يصفون العصيان بالفاشل و أن الامور والحياة لم تتأثر به . المعارضة بأشكالها المنظمة وغير المنظمة تري ، أن العصيان حقق نجاحاً كبيراً واستجابة عبر ما نشر في وسائل التواصل الاجتماعي من صور توضح خلو شوارع العاصمة من حركة السابلة و الدابة و ما يرتسم من حالة ترقب و حذر تؤكد أن المواطنين علي إستعداد لأي خطوة قادمة من شأنها تحقيق ما أقبلوا عليه من أهداف تتحقق عبر العصيان المدني .
@ الحكومة فشلت في قراءة تحليلية واقعية لحالة العصيان و إكتفت بتقارير الجهات الرسمية التي ،همها أن تجمل واجهتها لترسم صورة أمنية تعكس استتباب الامن وعدم وجود تأثير للعصيان والذي هو في الاصل لا يحمل أي نذر مواجهة و لا يفترض ،في بدايته علي أقل تقدير . العصيان المدني والاضراب السياسي العام اسلحة مقاومة سلمية مجربة اثبتت فعاليتها في سقوط الانظمة في العالم المعاصر وفي الذاكرة حركة نقابة التضامن(السوليدارنست) التي قادها النقابي ، ليش فالينسا الذي اصبح رئيساً لبلده بولندا، مرورا بحركات الربيع العربي والتي حسم الشارع فيها جولة المواجهة مع انظمة القمع . السودان له تجارب مع سلاح العصيان المدني و الاضراب السياسي العام منذ ثورة أكتوبر وفي إنتفاضة مارس أبريل التي أعطت دروسا لكل شعوب العالم بأن الحالة الثورية عندما تنتقل للشارع يستحيل كبحها مهما كانت درجة القمح المضاد و مواكب (الردع) ، التي تتحول الي وقود يشعل نار المواجهة ويعجل بالسقوط والرحيل .
@ نجاح العصيان المدني ليس بالضرورة بإسقاط النظام. ما تحقق ، يعتبر الحد الادني المؤسس للعصيان المدني بإعتباره سلاح مجرب (مركون) لم تستخدمه المعارضة وهي تطرح شعار اسقاط النظام حيث يتطلب في المقام الاول اقناع و تعبئة الشارع الذي غالبيته لا تعرف ما هو العصيان المدني الذي أصبح الآن أهزوجة ترددها كل الألسن و أنه الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يسقط النظام وهذا هو النجاح الاكبر بأن رسالة العصيان المدني قد وصلت الي جميع أفراد الشعب السوداني . خسارة الحكومة الكبري في أنها (فرطت) بأن جعلت جماهير الشعب السودان تتمسك بسلاح العصيان الذي تأكد بأنه السلاح الوحيد للتغيير . الحكومة تدرك أن هذا السلاح لا يمكن مقاومته او هزيمته لأنه يشل الحياة العامة ويعطل دولاب العمل وينقل المؤيدين الي خانة المعارضة و يلحق خسائر مادية تتعلق بانهيار موارد الحكومة المالية و رفع مصروفتها في مجابهة ما يترتب عليه العصيان من ترتيبات أمنية و ادارية لمواجهته .
@ العصيان المدني هو حالة ثورية متقدمة تقود مباشرة الي إحداث التغيير بأقل خسائر ممكنة ويتطلب في المقام الاول إدارة عليا مسئولة ترسم خارطة طريقه و تحدد ساعة الصفر التي ترتبط بتوقيت مناسب و فعال ربما بحدث ثانوي متوقع بردة فعل النظام كما حدث بعد إغتيال الشهيد القرشي باعتباره حدث ثانوي فجر ثورة أكتوبر ، وحادث إعدام الاستاذ محمود محمد طه التي أصبحت شرارة انتفاضة مارس أبريل . من الاسلحة المضادة للعصيان المدني و الاضراب السياسي العام يلعب سلاح الاشاعة و الاشاعة المضادة دورا كبيرا في التصدي للعملية الثورية وإحداث التغيير و لكنه سلاح ذو حدين وله نتائج لا تحمد عقباه ويكفي أن خبراء الامن عزوا سقوط نظام مايو الي اسراف جهاز أمن النميري في استخدام سلاح الاشاعة التي فشلت في الحفاظ علي النظام بفضل الوعي الجماهيري و ما أشبه الليلة بالبارحة . هذه المرة هنالك عامل ثوري خطير ارتبط بالاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي التي اسقطت نظام حسني مبارك . ما حدث من عصيان مدني في الخرطوم يعتبر بروفة ناجحة جدا في حدها الادني بعد نضج كل الظروف الموضوعية فقط في انتظار ما ستسفر عنه ردود الفعل(الثانوية) الغاضبة من الحكومة عل ذلك يكون بمثابة الشرارة و الاشارة لانفجار كل الظروف الموضوعية المكتملة .
@ يا أيلا .. أبقي عاقل ياخي ، مهرجان سياحة شنو ؟ دي حركة إنصرافية فارغة !

[email][email protected][/email]