أخبار السودان

عصيان الساحة الخضراء وعصيان ١٩ ديسمبر

مهدي زين

تمَّ الإعلان عن لقاء حاشد للرئيس بالساحة الخضراء لتدشين مشروعات صناعية ، ولكن يبدو أنَّ الهدف الأساسي كان هو تدشين أكاذيب وأباطيل فشل العصيان المدني بنسبة مليون في المائة أمام حشد مليوني صاخب ، ذلك لأنَّ تدشين مشروعات صناعية لا يحتاج الي لقاء جماهيري بالساحة الخضراء .
كان عشم الرئيس وهو يتجه الي موقع الحفل مساء السبت الثالث من ديسمبر ، أن يرقص كما لم يرقص من قبل على أنغام قيقم ، وسط تهليل وتكبير مئات الآلاف ، وأن يطلق لسانه للسخرية من عصيان السابع والعشرين من نوفمبر ، وأن يُسرف في الإساءة للمعارضة و لمناضلي الكيبورد ، ولكن كما قالت العرب : تأتي الرياح بما لا تشتهي السَفِنُ .
كان الدخول الي الساحة الخضراء في ذلك اليوم مجاناً ليزيد في الحشد ، وكانت الساحة تموج بالأسر المتنزهة ، يتسامرون ويحتسون أكواب الشاي ، ويتجاذبون أطراف الحديث ، ويقلبون الكتب أمام معارضها ، ويتجادلون في الفن والرياضة والعصيان ، ويلعبون الورق ، ويمارسون رياضة المشي على الأرصفة دون أي اكتراث أو إنصات لما يقول الرئيس ، وفي تجنب واضح للإقتراب من المنصة التي وقف يتحدث من فوقها !!!
كان الحفل باهتاً ، وكانت المقاعد خالية ، وكان بعض الجمهور الجالس على المقاعد ، والذي كان معظمه من جهاز الأمن ، كان منشغلاً بما يدور في مواقع التواصل الإجتماعي ، وبعضه الآخر مسترخياً ومنهكاً من جراء عمليات الإستعداد العسكري التي تطاول أمدها . كان حفلاً في مجمله أشبه بدكاكينية جنائزية جاءها خبر موت العريس للتو .
لم يستغرق حديث الرئيس أكثر من خمس دقائق ، كان خلالها متجهماً وحانقاً وشاحباً ، وتحاشى الحديث عن العصيان تماماً ، ثم غادر المنصة يُرغي ويزبد ويتوعد الذين قاموا بالتنظيم بالعقاب الأليم ، ولأول مرة في تاريخه لا يتجاوب جسده الخائر مع أنغام قيقم !!!
عصيان الساحة الخضراء يؤكد أنَّ الشعب يمارس مهامه ومسئولياته النضالية بكفاءة عالية ، ووعي سياسي كبير دون توجيه من أحد ، وبأسلوب حضاري يحرق ويتلف أعصاب هذه العصابة وأجهزتها الأمنية ، ويفقدها صوابها وتوازنها .
وفي الإتجاه الآخر يُؤشّر الي أنَّ انشقاقات حادة وعميقة تحدث داخل النظام ، وأنَّ جهات من داخله تتمرد عليه وتعصي أوامره ، فرغم صدور خطابات للمسئولين في الخدمة الوطنية بإلزام وإجبار المجندين للحضور للساحة الخضراء للمشاركة في أول لقاء جماهيري للرئيس بعد العصيان ليباهي بهم المعارضة الاَّ أنَّ الحشد كان ضئيلاً لا يتعدى بضع مئات مما يؤكد أنَّ رفضاً ما من جهة ما قد حدث .
كان لقاء الساحة الخضراء هزيلاً وأشبه بمسيرة الردع التي سيرها الإتحاد الإشتراكي في يوم الثلاثاء الثاني من أبريل عام ١٩٨٥ ، الاَّ أنَّه كان أضعف منها ناصراً وأقل عدداً ، ولم يتقدم أحد من قادة المؤتمر الوطني للدفاع عن إنقاذهم كما انبرى قادة الإتحاد الإشتراكي في ذلك اليوم يدافعون عن سوءات مايو ويستعرضون عضلاتهم .
هذه الإنشقاقات التي بدأت تدب وتنخر في جسد النظام يجب أن نستفيد منها بذكاء ، وأن لا نغلق الطريق أمام الهاربين من سفينة الإنقاذ ، وأن نعمل جاهدين ليستمر التصدع في بنية النظام .
هذه الإنشقاقات سيكون لها أثر واضح في نجاح العصيان القادم في التاسع عشر من ديسمبر ، وسينضم كثير من هؤلاء المجندين الذين تستغلهم الإنقاذ في حشدها ، سينضمون الي جانب الشعب ، وسيكون مرحباً بهم جداً ، وسينضم غيرهم كثيرون كانوا يناصرون هذا النظام ، وسنرحب بهم أيضاً ولن نشكك في التزامهم جانب شعبهم ، ولن نلمزهم أو نسخر منهم .
إنَّ الأنظمة العاتية ودولتها العميقة لا يمكن القضاء عليها بسهولة الاَّ بانفضاض الناس من حولها ، فما كان لنظام القذافي أن يذهب لولا انشقاق وزير داخليته عبد الفتاح العبيدي ووزير العدل مصطفى محمد عبد الجليل وانضمامها لشعبهما الثائر ، ثم توالت الإنشقاقات في الأجهزة الأمنية والجيش ، وتبعتها استقالات الدبلوماسيين في الجامعة العربية وبعثة الأمم المتحدة ولدى الدول المختلفة ، ثم تُوِّجت هذه الإنشقاقات بلجوء أحمد قذاف الدم ابن عّم القذافي وساعده الأيمن والذي كان يصنف تحت دائرة كبار المسئولين الأمنيين .
هذا لا يعني أن نعطي المنشقين عن النظام كارت بلانش بالبراءة والإفلات من العقاب لأنَّ الثورة القادمة سيكون من أول مهامها إقامة نظام عدلي لا يظلم فيه أحد حيث لا يترك الجاني بلا عقاب ولا يؤخذ البرئ بجريرة غيره ، ولكن سيسجل انشقاقهم في صحائف التاريخ بأنَّه كان عاملاً مساعداً في نجاح الثورة ، وأنَّهم ثابوا الي رشدهم قبل يوم الغرغرة ، وأنّهم جنبوا شعبهم وأمتهم شروراً كثيرة .
كما يجب أن يكون واضحاً لهم أنَّ أحدهم لن يعاقب بناءاً على انتمائه السياسي وقناعاته الفكرية ، ولكن لن يفلت أحد من العقاب على كل فساد أو جرم أو جناية في حق الوطن أو الشعب ، كما يجب أن نؤكد لهم أنَّ الثورة القادمة ستكون ثورة يدفعها ويحركها الوعي لا الحقد ، وستكون ثورة لا يجرمنَّها شنآن قوم أن لا تعدل ، وأننا لن نكون كما كانوا لا يعرف الحق الي قلوبهم سبيلاً .
لن يعي الرئيس ولا زمرته درس العصيان بالساحة الخضراء تماماً كما خذلهم وعيهم في إدراك نتائج عصيان نوفمبر ، وسيحاولون جاهدين حشد الجماهير في لقاءات قادمة ، وسيستميتون من أجل ذلك ، وسيظهر كثيرون من أمثال محمد حاتم ليؤكدوا أنَّ لديهم مهارات وقدرات على حشد الناس ليضمن صك براءته من التهم الموجهة اليه أمام المحكمة والتي رفعت جلساتها الي أجل غير مسمى ، وقد ينجحون في حشد جديد تضيق به ساحة أو أستاد رياضي ، ولكن موعدنا معهم يوم الزينة ، يوم العصيان في التاسع عشر من ديسمبر وأن يحشر الناس ضحى لنؤكد ونثبت لهم كيف تلقف عصا العصيان إفكهم وما يفترون ، وليعلموا من هو شرٌّ مكاناً وأضعف جنداً .
Mahdi Zain

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ليس انشقاقاً كلنا سودانيون وسينتصر الخيار الوطني
    أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة
    لقد استنفذت الانقاذ كل مبررات وجودها

    يجب التنسيق بين كافة القوي الحية في السودان بدون استثناء
    القوي الأسلامية رقم لايمكن تجاوزه
    عليها العمل تحت مظلة نظام ديمقراطي حقيقي و مساندة الشعب في معركة
    الخلاص من نظام الانقاذ الفاسد المستبد الذي تماطل في دفع مستحقات
    هذه المرحلة الحرجة في تاريخ السودان

  2. مهم مهم مهم ….
    العصيان يجب ان يشمل جميع عواصم الولايات , والا النظام سيستورد العناصر الموالبة له من الولايات لملئ شوارع مدن العاصمة الخرطوم .
    وقد يخلق مهرجان وهمي في نفس يوم العصيان للفت انظار الناس الى المهرجان وليس الى العصيان المدني , لذا يجب وضع حساب لكل هذه الاحتمالات .

  3. نعم موعدنا في ال 19 ديسمبر
    لأن هنالك قطاع عريض وهام من شعبنا لا يستخدم أدوات التواصل الاجنماعي ارجو من الجميع التفكير في نشر الموعد بالطرق التقليدية أيضا مثل المنشورات والاستكرات التي تلصق بالجدران والأعمدة والكلام شفاهة وغيرها من الأساليب.
    كما لا بد من التفكير في السيناريوهات التي يمكن للنظام ان ينتهجها لافشال او التثبيط من عزيمة الناس او بث الشائعات او تخويف الموظفين بالفصل او تخويف إدارات المدارس او ان يلجأ لأساليب لاحداث تغيرات سياسية مثل ان تحل الحكومة و تعلن حكومة قومية ويعين رئيس وزراء كل هذه الأمور من شأنها اثناء عزيمة البعض وتقليل حنق الحانقين.

  4. ده الكلام يا مهدي ود الزين شكراَ كلام الواثق الواعي العرف ببواطن الأمور وكيف هي تسير التحية لشهداء الثورة السودانية وخلاص فجر الخلاص قرب وموعدنا مع صباح الحرية والديمقراطية والشفافية والمحاسبة على وشك البزوغ ساعدونا بالصبر والعصيان والاعتصامات — والتحية للشعب السوداني البطل النبيل —

  5. سةف تكون هناك مفاجئه كبيره للشعب السودانى عندما تعلن قواته المسلحه انحيازها لعصيان الشعب ويكون امام القاده الموالين للنظام اما الانحياز او الهروب ب
    بدات السفارات بالخارج التجهيز للعصيان
    مجموعه من السفراء الوطنين ينحازون للشعب
    قوات الشرطه والجمارك تنحاز
    الجاليات السودانيه بالمهجر انحياز تام
    مصر والسعوديه والخليج تؤيد
    بريطانيا وامريكا والسويد تؤيد
    لاهاي تتواجد

  6. نعم موعدهم فجر 19 ديسمبر ان شاء الله .

    ونرجو من الحركات المسلحة التزام مناطقهم العسكرية حتى لا يعطوا الحكومة فرصة للمخارجة من ذلك اليوم كما حدث سابقا في ابكرشولا وهجليج .

  7. لا بد من الديمقراطية واقامة دولة العدل والمساواة … علي الشعب ان يوجه طاقاته نحو هدفه باقامة دولة العدل والقانون ويجب ان يكون العقاب صارما وباقصي عقوبة تحت مظلة القانون لرفع الظلم فيما مضي والتاسيس لمستقبل آمن.

  8. لله درك استاذنا مهدي الزين كفيت ووفيت لك التحية ولكل الاقلام الوطنية الشريفة لمساهمتها الفعالة في جلجلة عرش الطاغية البشير، بشير ونذير الشؤم
    وكما نهيب بكل الوطنيين واصحاب الضمائر الصاحية في داخل النظام من الوزراء وضباط الجيش والشرطة وكل القياديين في المؤتمر الوطني والمندسين في النظام بالانحياز لصوت الشعب قبل فوات الاوان لان الفرصة سانحة لتصحيح ما فات وتسجيل مواقف وطنية ثابتة والمساهمة في تعجيل وفاة النظام ذلك ان النظام لا محالة ذاهب بكل سوءاته ولن يبقى إلا الوطن وما ينفع الناس على قوله عز وجل ))فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض(( الرعد: 17
    موعدنا العصيان المدني يوم 19 ديسمبر وحتى سقوط النظام ، يوم النصر الاكبر ان شاء الله

  9. لا نعتقد انهم غافلون عنا — بل انهم يسهرون الليالي في اجتماعات متواصلة لا تنفض حتى تعقد مرة اخرى — ينحتون رؤوسهم الفارغة في سبيل ايجاد مخرج و افشال العصيان المدني الكبير القادم — و هنالك عدة سيناريوهات اعدت سلفا و تسرب منها الاتي :-
    خلق عدوان وهمي خارجي لضمان توحد الجبهة الداخلية خلفهم او الهجوم علي حلايب و شلاتين و الفشقة بقصد تحريرها او الفاء جميع قرارات زيادة الاسعار او زيادة المرتبات بنسبة تصل الي 60% —
    يجب اخذ تدابير الحيطة و الحذر لافشال مخططات الحكومة التي تسعى جاهدة لافشال الملحمة و ام المعارك في 2016/12/19 —

  10. لماذا لا يقف المقتربين فى وقت واحد ويوم واحد وفى ساحات معينة فى كل دول المهجر او امام السفارت السودانية فى الدول عربية كانت ام اجنبية متزامنين اعتصاما *واتركوا الباقى لوسائل الاعلام*

  11. لله درك استاذنا مهدي الزين كفيت ووفيت لك التحية ولكل الاقلام الوطنية الشريفة لمساهمتها الفعالة في جلجلة عرش الطاغية البشير، بشير ونذير الشؤم
    وكما نهيب بكل الوطنيين واصحاب الضمائر الصاحية في داخل النظام من الوزراء وضباط الجيش والشرطة وكل القياديين في المؤتمر الوطني والمندسين في النظام بالانحياز لصوت الشعب قبل فوات الاوان لان الفرصة سانحة لتصحيح ما فات وتسجيل مواقف وطنية ثابتة والمساهمة في تعجيل وفاة النظام ذلك ان النظام لا محالة ذاهب بكل سوءاته ولن يبقى إلا الوطن وما ينفع الناس على قوله عز وجل ))فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض(( الرعد: 17
    موعدنا العصيان المدني يوم 19 ديسمبر وحتى سقوط النظام ، يوم النصر الاكبر ان شاء الله

  12. ارجو الاكثار من بث الاناشيد الحماسيه في كل مواقع التواصل الاجتماعي اعدادا وتهيئه للناس في كل السودان.

  13. تصحيح
    يشتهي وليس تشتهي
    والسفن بفتح السين و كسر الفاء كما تكرمتم في التفرير ، هو ربان السفينة ، و هو إسم مذكر ،
    إذن البيت الصحيح :تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن

  14. مما لاشك فيه ان حكومة المؤتمر الوطني بدت تترنح تحت وطاة لكمات استطاع الشعب السوداني توجيهها الى راسها بتركيز غير مسبوق بعدما استهان اهل المؤتمر الوطني والاسلاميين بالشعب السوداني وحسبوه جثة هامدة يفعلون بها ما يشاؤون وهذه ارادة الشعوب التى لم يشهد التاريخ لها انكسارا ولا هزيمة وقد بدا واضحا ان الربيع العربي ما زال حيا يعيش ولكنه سيفرز في السودان عكس ما افرزه في بلدان اخرى حيث في السودان سقوط نظام الاخوان المسلمين وليس العكس وذلك لايمان السودانيين منهجا وممارسة وما خلق السودانيين الا احرارا وليعيشوا بحريتهم والله اكبر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..