قضايا الطب الحديث.. رؤية فقهية وعلمية.. حقوق المرأة

الخرطوم – خالدة ود المدني
قيم الإسلام المرأة وكرمها وحافظ على حقوقها بنص القرآن، ولم يدعُ يوما لتأطير حرياتها في أضيق إطار كما تفعل بعض الجهات التي تسعى لكبح طموحاتها، وتبرير وجودها من أجل الرجل مطأطئة رأسها لخدمتة طوال عمرها ولايحق لها النجاح وإثبات الذات في شتى المجالات، كونهم يتجاهلون أن المرأة كانت مساندة للرجل في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) جاهدت وكانت قوية وقيادية ولها مواقف دونها التاريخ الإسلامي.
في السياق نظم مركز دراسات المرأة ومنظمة (أشرقت) منبرا حول الرؤية الفقهية والعلمية لقضايا الطب الحديث (إيجار الرحم – التبرع بالأعضاء وبيعها – الإجهاض) تحدث فيه د. محمد نور رئيس المجمع الفقهي لأمريكا الشمالية سابقا، مؤكدا أن الإسلام جاء لحل مشاكل الإنسان في أي زمان ومكان، وأن العلماء وضعوا قواعد لحل المعضلات بسبب التطور العلمي والتكنولوجي في شتى المجالات، مثل مجالات الأجنة، الأطفال والولادة.
أصول الدين
واصل دكتور محمد حديثه قائلاً: العلم بلغ درجة صناعة إنسان وهو ما يعرف (بالاستنساخ)، ولكن بالنسبة لنا كمسلمين تحكمنا أصول ديننا، وهؤلاء سلوكهم ينتهج المقبول واللا مقبول، هذه قواعدهم في الحياة فالإنسان عندهم أربعة أنواع (لا يعمل شرا ولا ضررا، يوقف الشر والضرر، ينشر الخير ويعين عليه، يوقف الشر ويحد منه) هذه أربعة قواعد أخلاقية عند الغربيين، أما نحن فلنا شريعة استمد علماؤنا مقاصدها الأصلية من القرآن والسنة وهي: حفظ النفس، حفظ الدين، حفظ المال وحفظ النسل؛ الذي نحن بصدده الآن، نعلم جميعا أن الإسلام حرم أي معاشرة من غير زواج وأيضا حرم الاعتداء على الجنين حتى وإن كان في أطواره الأولى.
أزمة شيخوخة
يتابع نور حديثه: ونزلت آيات من القرآن في شأن النساء والأطفال وأحوال الأسرة مفصلة، ولا يوجد هذا في أي قانون على الأرض، وأيضا الشريعة تدعو إلى الحرية في الزواج والآن بريطانيا تصوغ قانونا يمنع زواج القاصرات، بالتالي نؤكد أن الشريعة جاءت لمصلحة الإنسان، وحاليا أضحى الإجهاض قضية في الغرب ويتنامى فيه الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين قالوا على الحكومة أن لا تدعم عمليات الإجهاض، وخلص مؤتمر في الشأن لإعطاء المرأة حريتها وأن من حقها أن تزني وكذلك لها حق الإجهاض هذا جسدها، وبالمقابل يوجد متطرفون في الولايات المتحدة يقومون بقتل أي طبيب يجري عملية إجهاض ويحرقون عيادته تعبيرا عن رفضهم بأسلوب إرهابي، واستطرد: أما في الصين فتكره المرأة على الإجهاض كون الدولة تفرض على الأسرة طفلا واحدا، بحجة أنهم يعانون عدم توازن بين الرجال والنساء ولديهم أزمة شيخوخة، وهذه مشاكل تهدد المجتمع الصيني.
إيجار الرحم
ومن جهة مغايرة أشار نور مرة أخرى إلى مقاصد الشريعة حول حفظ النفس والنسل، بمنع الإجهاض وقال: فصل الفقهاء الإجهاض لثلاثة أنواع منها: الإجهاض التلقائي بوجود مشكلة في خلق الجنين بالتالي يلفظه الرحم ولا حرج في ذلك، أما بالتعدي على الأم فهذه جناية، واخيرا إذا قامت الإم إجهاض الجنين فهي قصدت اسحاق للنفس وتعاقب على ذلك، ومن مقاصد الشريعة حفظ النفس والنسل، لذلك يرى الشافعية أن التحريم مطلق ولا يجوز إجهاض الجنين، وعلى فاعله قرامة، أما المالكية يقولون قبل التخلق لا يجوز التحريم، والحنابلة يؤكدون تحريم الإجهاض بعد ستة أسابيع حال تخلقه، لكن العلماء والأطباء المعاصرين يجيز بعضهم الإجهاض قبل تخلق الجنين وليس على الفاعل عقوبة.
اختلاف الفقهاء
من جهته يقول القرضاوي: لابد أن نبني الحكم الفقهي على ما وصل إليه العلم الحديث حول الجنين وتطوره، بجانب النظر إلى الأسباب، كما يرى بعض الأطباء ضرورة إجراء عملية الإجهاض قبل فترة تخلق الجنين إذا دعت الضرورة، وزاد نور: قضايا الاغتصاب والزنا حديثة ويكثر فيها النقاش واختلف الفقهاء في أمرها، ودائما نستعين بالاختصاصيين في مثل القضايا الحديثة ومن المنطلق نبني على إفادتهم إن كان جائزا أو العكس، ويواصل حديثه: عملية أطفال الأنابيب يحسبها علماء الشريعة كعلاج في حالة تتم من قبل الزوجين، أما إيجار الرحم فهذا لا يجوز وفيه اختلاط للأنساب، كذلك حرموا بيع الأعضاء لأن الجسد ملك لله وفق تعبيرهم، ولكن يجوز التبرع بها لإنقاذ حياة شخص بشرط أن لا يتأذى المتبرع، وختم نور: كذلك بعد الوفاة أجاز الفقهاء الاستفادة من أعضاء الميت لإنقاذ حياة آخر.
سيرتها الأولى
إلى ذلك أشارت نوال مصطفى، الأمين العام لمركز دراسات المرأة إلى التحديات التي تتطلب كثيرا من البحث والتأصيل في شأن حركة التجديد للمرأة حتى لا تكون هنالك مجانبة للفكر الإسلامي حول العلم، وأضافت: نرفض ثنائية العلم وفصل الدين وربطه بالعبادة فقط وبالمقابل ترك العلم يفعل ما يشاء، وكشفت: عن مناقشة المركز لقضايا حرجة في الفقهة الإسلامي حول المرأة بمنظور جديد وقد نختلف ونتفق أحيانا مع الفقه التقليدي، ما أعنيه هو محاولة لتحرير الفكر الإسلامي حول المرأة في كثير من التراثيات والثقافات، كونها في القرآن مثالا للمبادرة والقوة والقيادة، وهنالك من وصفها بالكيد والفتنة والإغواء ورأى أن لا تخرج من بيتها ولا يكون لها دور في المجتمع، مع أنها قاتلت وقتلت وأخرجت من ديارها وأوذت في عهد الرسول، وختمت: نحن نسعى لكي نرجعها سيرتها الأولى، وفي هذا المركز عالجنا الكثير وتلمسنا كثيرا من مواقف المرأة السودانية عبر تدريب وتنمية المرأة، من خلال سبعة محاور وبصدد إجراء مسح عن وضع المرأة في مؤسسات التعليم العالي
اليوم التالي