مزارعو القرية (4) أمري: لا زرعاً روينا ولا تقاوى حفظنا

تقرير: علي ميرغني
كالمنبت الذي لا أرضا قطع و لا ظهرا أبقى.. هو حال مزارعي القرية أربعة في منطقة أمري الجديدة.. هم الذين ضحوا بمزارعهم من أجل هم وهدف قومي، ورضوا بمفارقة الجروف إلى منطقة داخل الصحراء على أمل أن توفر لهم الحكومة المياه، ويقوموا هم بتخضيرها، وتحويلها إلى مساحات خضراء تنتج قمحا وفولا وفواكه.
وبعد أن انهزمت الفكرة، وأصبحت مياه الري عصية؛ بسبب استمرار الاعتماد على وحدات ري تعمل بالجازولين المكلف جداً، لجأ أهل أمري إلى الحلول الفردية، بعضهم عاد إلى منطقة البحيرة، وبعضهم طلب الرزق في أنحاء أخرى من الولاية الشمالية، لكن من استقر في المنطقة ذهب إلى إدارة المشروع مستفسرا عن إمكانية الزراعة في العروة الشتوية الحالية- وحسب أحد المزارعين- وعدتهم الإدارة خيرا، وقالت لهم ازرعوا على بركة الله.
جمعوا ما تبقى في الجراب، واستعانوا بالأهل، وبعضهم باع حتى غنماية اللبن، وشرعوا في تجهيز أراضيهم رغم ارتفاع تكلفة الإنتاج، ومثلا بلغت ساعة التركتر 120 جنيها، والفدان يحتاج- ربما- أكثر من ثلاث ساعات.
ثم مضى يوم ويومان الترع سرابا بلقع، ثم اكتمل الأسبوع ومياه الريّ كحبيبة أبو فراس الحمداني أقرب منها السماء.. واكتمل الشهر ولا مياه لريّ حبات القمح التي اشتروها بفقر فقرهم، وجموعها كما دم الحجامة.. كانوا يرون بذورهم يأكلها الطير وهم ينتظرون الماء لريّ ما تبقى منها فقد هم تعودوا عندما ينثرونها أن يقولوا بكل الصدق “للغاشي والماشي “يقصدون أنهم لا يمانعون في أن يأخذ من حصادهم من يشاء.
مواطنو القرية أربعة في أمري الجديدة خسروا أكثر من مرة، خسروا أولا أحلام بانتهاء الأزمة، وخسروا العروة الشتوية التي يعتمدون عليها في زراعة المحاصيل النقدية، وخسروا أمولا دفعوها لتمويل زراعة القمح.
وحسب المزارع التي اتصل بـ “التيار الزراعي” صباح أمس، كان رد إدارة المشروع أن كوتة جازولين ديسمبر لم تصل بعد، وهي تبلغ 40 ألف جالون.. لكن المزارع أوضح أن جزءا قليلا جدا كان محظوظا؛ حيث وصلت المياه إلى مزرعته بالاستعانة بالطلمبات الرافعة لكن- ربما- لم تصل المياه أصلا إلى الناقل الثالث.

التيار