السريرة مكي وحكاية ألوان العلم

من مواليد أم درمان العام 1927م، والدها كان يعمل قاضياً بالمحكمة الشرعية، وخليفة الشريف يوسف الهندي ببري الشريف، ووالدتها من أوائل اللائي تلقين تعليماً في السودان على يد بابكر بدري في رفاعة، درست في العباسية وكلية المعلمات، معلمة عملت في عدة مناطق في السودان، أم روابة، الرهد وكلية المعلمات في أم درمان، عملت في الإتحاد النسائي وقدمت برنامج (حديث الأمهات) بالإذاعة، هي واحدة من صناع التاريخ في بلادنا، ابنة أم درمان التي أصبحت أماً لكل أبناء وبنات السودان، المعلمة ومربية الأجيال السريرة مكي الصوفي مصممة أول علم للسودان.
حوار : آفاق عبد الله
* بداية حاجة السريرة .. حدثينا عن إحتفالات ذكرى المولد النبوي الشريف في أم درمان قبل وبعد الاستقلال؟
– في زماننا كان لكل المناسبات نكهتها ومذاقها الخاص، رغم أن المرأة كان يحرم عليها الخروج لتلك المناسبات، لكن كنا نحتفل داخل البيوت على طريقتنا الخاصة، وكنا نتهادى عبر تقديم الحلوى لبعضنا البعض.. الأهل والجيران، والآن احتفل بمناسبة ذكرى المولد الشريف مع أولادي.
* حدثينا عن يوم إعلان الإستقلال من داخل البرلمان؟
– يوم 19 يناير 1955م هذا يوم تاريخي لا ينسى، عشنا تفاصيله بكل أحاسيسنا، خرج فيه الناس في شعور لا إرادي إلى الشوارع وعبروا عن فرحتهم، كل حسب ما جادت به قريحته من شعر أو نثر أو هتافات وغيرها من أشكال التعبير عن الفرح، لحظتها فكرت في عمل شيء أعبر به عن فرحتي فعدت للمنزل بعد أن شاركت الشعب أفراحه وهنا بدأت قصتي مع علم السودان.
* من أين جاءت فكرة تصميمك لعلم السودان الأول؟
– بعد أن عدت للمنزل شاهدت طفلي وهما في مرحلة الروضة يرسمان باقلام ملونة على الورق، فأمسكت الألوان وبدأت برسم العلم، فرسمت ثلاثة خطوط وقمت بتلوينها، استخدمت اللون الأول الأزرق والأصفر، وكونت من الأزرق والأصفر اللون الأخضر، وكتبت مفتاحاً تحت التصميم، يوضح أن اللون الأزرق للنيل والماء، والأصفر للصحراء والرمال، ويرمز الأخضر للزرع، وكتبت مع العلم أبياتاً من الشعر (يا وطني العزيز اليوم تم جلاك.. بهمة رجالك والله نلت مناك)، وقمت بإرسالها للإذاعة تحت توقيع س، م، الصوفي.
* ولماذا اختصارك للاسم وما قمتي به هو عمل وطني؟
– يومها لم يكن مسموحاً لنا كنساء أن نمارس الأنشطة على العلن لذلك اختصرت اسمي في تلك الحروف، وحقيقة لم أتخيل أن يفوز تصميمي ويصبح علماً للسودان بعد الإستقلال، فقد قمت بذلك من باب المشاركة ليس إلا.
* بعدها كيف علمتي بأن تصميمك هو الذي فاز في مسابقة الإذاعة؟
– لم يخبرني أحد إلا أن تفاجأت بالعلم الذي قمت بتصميمه يرفرف على سارية القصر الجمهوري يوم رفع العلم، ولحظتها كانت سعادتي لا توصف وأنا أشاهد الزعيم الأزهري وهو يقوم بإنزال علم المستعمر، ويرفع علم البلاد، لم أهتم كثيراً بحق أدبي أو غير ذلك، لم يكن هناك من يعرف أنني صاحبة التصميم، كنت سعيدة بذلك رغم أن الناس لم يعرفوا أنني صاحبة تصميم هذا العلم إلا في العام 2005م عبر صحيفتكم (آخر لحظة) وبعدها تم تكريمي من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، والكثير من الجهات وأنا فخورة بذلك.
* رسالة للسودانيين وهم يحتفلون هذه الأيام بذكرى الاستقلال ماذا تقولين فيها؟
– أقول لأبنائي وبناتي، الشعب السوداني قاطبة: (أبقوا عشرة على البلد)، دعوا الفرقة والتشرذم لأن السودان يحتاج إلى جهود كل أبنائه وبناته، يحتاج إلى النهضة في كل المجالات والنهضة لا تكون إلا بالعمل والوحدة، وأن يكون الوطن هو الهم الأول للجميع، وأقول رسالتي هذه وأنا أتمنى أن تنعم البلاد بالخير والنعيم، وأن يعيش الناس في سلام وأمان، وأن يكلل الحوار الوطني إلى توحد الناس وبناء هذا الوطن العظيم، ومرة أخرى أشكر (آخر لحظة) التي لم تنقطع عني ودائماً ما تسأل عن أحوالي.
اخر لحظة