الفساد والشفافية.. الداء والدواء

بما إن الفساد يشكل عائقا رئيساً أمام الجهود المبذولة للتنمية، ويعيق الاستثمار، ويقلل من نوعية الخدمات العامة والأساسية، ولكي يتم تجفيف منابع الفساد لجأت دول العالم إلى إنشاء جهات رقابية، ومنظمات للشفافية.
والثابت هو أن العلاقة بين الفساد والشفافية عكسية؛ فكلما زادت الشفافية قلت جرائم الفساد، والعكس، ومن منطلق إيمان كرسي جامعة النيلين بحكم القانون، ومكافحة الفساد نظّم- هذا الأخير- ورشة بعنوان “قانون مكافحة الفساد بالسودان في ضوء الاتفاقيات الدولية والإقليمية”، وذلك على شرف الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد” أمس الأربعاء بفندق القراند هوليدي فيلا، ودعا خبراء إلى تبني الشفافية والاستقامة؛ لمكافحتها، وأشاروا إلى أن تعزيز الحكم الراشد، وتقوية ثقة الجمهور في الأجهزة التنفيذية يحسنان من مؤشرات الدولة.

تقرير: محمد إبراهيم
تعريفات عفا عليها الزمن
وقال الخبير القانوني البرفيسور البخاري الجعلي: إن التعريفات القانونية للفساد تجاوزها الزمن، وعفا عنها الدهر؛ لأنها كانت تستند على استلام الموظف الرشوة، أو اختلاس مبالغ معينة، إلا إنها الآن أصبحت جرائم عابرة للحدود، وأشار إلى أن مصادقة الدول على الاتفاقيات غير كافية لمحاربة الفساد، مشيراً إلى أن تطبيق الاتفاقيات يشكّل إشكالية في المواءمة بين القوانين المحلية والقانون الدولي.
ومن التعريفات السائدة للفساد هي “إساءة استعمال السلطة العامة، أو الوظيفة العامة؛ للكسب الخاص، إساءة استعمال الأدوار، أو الموارد العامة للفائدة الخاصة، الانحراف بالسلطة المَمنوحة عمّا قصد من إعطائها؛ لتحقيق مكاسب غير مشروعة، الخروج عن القواعد الأخلاقية الصحيحة، وغياب أو تغييب الضوابط التي يجب أن تحكم السلوك، ومخالفة الشروط الموضوعة للعمل”.
وكيل وزارة العدل السابق مولانا عبد الدائم زمراوي وجه انتقاداً عنييفاً لقانون مكافحة الفساد 2016م، مشيراً إلى أنه أعطى مثالا سيئا في المساءلة والمحاسبة؛ بتبني الحصانة في جرائم الفساد من خلال المادة 25 بفقراته الثلاث، وشدد على ألا تمنح الحصانة إلى أي مرتكب جريمة فساد.
الفقر يجتر خلفه الفساد لدى الشرائح الضعيفة
في محور الإعلام ودوره في مكافحة الفساد.. ابتدر الخبير الإعلامي البرفيسور علي محمد شمو حديثه، مثنيا على دور الإعلام المهم في مكافحة الفساد، ولفت إلى الأسباب الأساسية التي تؤدي إلى جريمة الفساد، خاصة لدى الشرائح الضعيفة مثل الفقر، وضعف رواتب الموظفين، والعمال، والشرطة، وأن الفقر يجبر هذه الشرائح على ارتكاب الفساد، وطالب بتحسين الأوضاع الاقتصادية؛ حتى تجف منابع الفساد، وأوضح شمو أن للفساد عدة أبواب مثل: المحسوبية، والرشوة، والتمكين، وسوء استغلال السلطة، وذكر شمو أن الصحافة لعبت دورا كبيرا في كشف الفساد، خاصة التحقيقات الصحفية التي أجبرت كثيرا من المسؤولين على الذهاب إلى ردهات المحاكم مكبليين بالأغلال، ورأى شمو أن الإعلام الإلكتروني ليس لديه إسهام في محاربة الفساد؛ لأنه يفتقر للمصداقية، وأقر أن السودان متأخر جدا في محاربة الفساد، خاصة في برنامج الشفافية، وإتاحة المعلومات.
في سياق آخر قدم أحد المتداخلين سؤالا للخبير الإعلامي، ولم يستطع الإجابة عنه، وقال: (إذا كان التمكين هو فساد فكيف للذي أسس حكمه على فساد أن يضع تشريعات وقوانين تكبح من جماح الفساد أليس هذا تناقضاً؟)، وطلب البرفيسور صلاح الدين الفاضل من رئيس كرسي النيلين لحكم القانون ومكافحة الفساد تنظيم ورشة تنويرية وتدريبية للصحفيين.
نائب المراجع العام يقر! بصعوبات
وفي محور دور الأجهزة الرقابية في مكافحة الفساد “أنموذج المراجع العام”، أقر نائب المراجع العام محمد الحافظ نصر بصعوبات تعيق الوصول إلى كافة وأجهزة المؤسسات الحكومية في البلاد لمراجعة حساباتها، وقال الحافظ: “قانون ديوان المراجع العام القاضي بمراجعة كافة أجهزة الدولة من أفضل القوانين على مستوى العالم لكنه يواجه صعوبات في الوصول إلى كافة الأجهزة”، وكشف أحدث تقرير للمراجع القومي في السودان، الطاهر عبد القيوم عن مخالفات وتجاوزات مالية في عدد من المؤسسات الحكومية بالبلاد، وتحصيل بعضها رسوما وجبايات من المواطنين دون سند قانوني، وأكد أن الديوان يمكنه أن يراجع كل المؤسسات الحكومية أو بمعنى آخر يمكنه أن يراجع في أي مكان فيه مال عام، وأوضح أن الديوان يأتي مكملاً لعمل السلطة التشريعية التي تهتم بالرقابة والمساءلة، وأقر الحافظ أن نهاية تقاريرهم التي تقدم إلى البرلمان سيئة؛ حيث لا توجد محاسبات للمتهميين، وأردف الديوان في هذا العام قدم 83 تقريراً إلى المجلس التشريعي.
تسيس الفساد من أخطر أنواعه
إلى ذلك أثنى رئيس القضاء السابق مولانا دفع الله الحاج يوسف على الدور المهم الذي يقوم به ديوان المراجع القومي، ودوره في مكافحة الفساد، والتطور الذي صاحبه، واتساقه مع القوانين الدولية التي تدعو إلى الشفافية، ونبه إلى ضرورة محاصرة الفساد والمفسدين بكل الوسائل الممكنة، وأرجع السبب الأساس له هو الفقر المدقع الذي استشرى في المجتمع الذي ىجتر معه الفساد، بالإضافة إلى تسيس الفساد، مشيراً إلى فلسفة الإقصاء والتمكين اللذين تنتجهما السياسة، وأخيراً ضعف منظومة القيم التي كانت سارية في المجتمع وذكر عددا من أوجه الفساد التي باتت تتخلل جسد المجتمع، منها الحصص الخصوصية في المنازل، ويرى دفع الله أن هذا الأمر يبين ضعف دور المدارس في التربية والتعليم، كذلك حادثة احتكار الجهات الاستثمارية للدرداقات في الأسواق التي تستنغل الأطفال- على حد وصفه، وطالب بتوسيع مفهوم الفساد ودراسته ظاهرةً اجتماعية وإنسانية، ويرى أن علاج الفساد لا يتم عن طريق القانون- فقط- بل لا بد من القيم التي تتحكم في أخلاق المجتمع، والعمل على تقويتها، وتعزيزها، ويضيف لا بد من إتباع سياسات اقتصادية متزنة ومرنة؛ لقفل الأبواب على كل من تسول له نفسه الفساد، بالإضافة إلى تقوية دور وسائل الإعلام في الكشف عن الظاهرة.
المجتمع يتسامح مع المختلس ولا يتسامح مع النشال
قال رئيس تحرير صحيفة السوداني ضياء الدين بلال: إن الفساد له جزر اجتماعي، وثقافي في المجتمع السوداني؛ حيث يمكنه أن يتسامح مع المختلس، وصاحب الفساد الإداري، ولا يمكنه أن يتقبل ويسامح النشال.. بالرغم من أن الأول يضر الدولة والمجتمع، وجرمه أكبر من الأخير، الذي يضر فردا، أو جماعة محدودة، ولفت إلى أن معظم قضايا الفساد التي تصل إلى الصحافة تكون تصفية حسابات، وصراعات سياسية، وشدد على الدور المهم للصحافة الذي وصفه بجهاز المناعة في الدولة، ويستطرد بلال أن الحكومة تتعامل بحساسية مع قضايا الفساد، وتعمل على تخبئة تلك الملفات، وأمّن ممثل نيابة الأموال العامة المستشار مجدي حسن على أن القوانين والتشريعات التي تحد من ظاهرة الفساد قوية لكنها لا تطبق، ويرى أن عدم تطبيق القوانين هو فساد- في حد ذاته.
الفساد استشري في ظل حكومة الإنقاذ
قالت العضو في مجموعة “محامون بلا حدود” رجاء محمد إدريس: إن الفساد الذي ارتكب في خلال الـ27 عاما الأخيره لهو أكبر من كل تلك السنوات التي مرت منذ استقلال السودان، وأشارت رجاء إلى أنه يتم التعامل مع قضية الفساد حسب الوضع الاجتماعي؛ حيث يدان الفقير وتطبق علية القوانين، وتتم تبرئة أبناء المسؤولين والنافذين في الحكومة، وتمضي رجاء إلى أن المسؤولين الفاسدين يمكنهم أن يصادروا الصحف التي تضمن قضايا تتعلق بالفساد تضر بمصالحهم، وأشارت إلى أن تصريحات السياسين تخلو من الشفافية، مثل حديث مساعد رئيس الجمهورية عندما ذكر في الأيام الفائتة أنه لا يوجد أي مسجون سياسي في السجون.

التيار

تعليق واحد

  1. ان الفساد الاداري في السودان ظاهر وباين وذلك باقرار بعض المسئولين والقوانين موجودة ولكم تفتقر للتطبيق وكثيرا ما نسمع عن قضايا فساد ما ولكنها كالفقاعة سرعان ما تنفجر وتنتهي بلا محاسبة ولا مراقبة وبما أنه لا توجد اليات لتطبيق القوانين لردع المعتدين على المال العام وجعلهم عظة لمن سواهم أعتقد أنه لا فائدة من ذكر ان القوانين من أفضل القوانين على مستوى العالم بدون تطبيق فهي بذلك تعتبر حبرا على ورق

  2. ان الفساد الاداري في السودان ظاهر وباين وذلك باقرار بعض المسئولين والقوانين موجودة ولكم تفتقر للتطبيق وكثيرا ما نسمع عن قضايا فساد ما ولكنها كالفقاعة سرعان ما تنفجر وتنتهي بلا محاسبة ولا مراقبة وبما أنه لا توجد اليات لتطبيق القوانين لردع المعتدين على المال العام وجعلهم عظة لمن سواهم أعتقد أنه لا فائدة من ذكر ان القوانين من أفضل القوانين على مستوى العالم بدون تطبيق فهي بذلك تعتبر حبرا على ورق

  3. في عهد الانقاذ ساهمت وزارة المالية في نشر الفساد بغض الطرف عن ممارسة التجنيب وهو محاسبيا وماليا ( اختلاس) يبعد أموال عامة بعيدا عن الرقابة التشريعية لان تجنيب المال لم يتم عبر قانون الميزانية كما ان صرف مال التجنيب لم تلحقه مراجعة او ضوابط صرف والتجنيب يظل جريمة لابد من المحاسبة عليها لانها تمت بعلم البشير وطوال فترة تدفق عائدات ضخمة للنفط لم يسبق ان شهدت البلاد مثل تلك التدفقات المالية الا ان الكثير منها تم تجنيبه بعيدا عن المواطن او اعادة توجيهه لصناديق خاصة تتحكم فيها شخصيات نافذة بدعوي اقامة جمعيات طوعية .

  4. اي شفافية واي فساد الذي تتحدث عنه هذه الحيكومة؟؟؟؟!!!

    والله اني ارى ان الافضل لهم التحدث عن شيء اخر يخرجهم من هذه الورطة المالية والدبلوماسية والسيا سية التي يمرون بها.

    محمد حنية

  5. حين يذكر الفساد لابد من ذكر ستنا وداد لانها هي أس الفساد وأكبر من نهب البلد والسبب هو حقدها بقتل بعلها وزواجها عنوة من قاتله المفروض وداد بابكر كان توجه حقدها ده ضد نظام البشير وتجيب خبرو وخبر البشير بدل تحقد على الشعب الجعان المسكين ده وتسرق قوته انتقاما لمقتل بعلها

  6. هل هبطت هذه النعمة من السما ؟؟؟؟
    من الجالوص الي قصور فخمة
    و شركات متعددة الاغراض
    و ارصدة بالعملة الصعبة في بنوك عالمية
    و بنا مساجد لافراد رحلوا كصدقة جارية

  7. انما اهلك من كان قبلكم ، اذا سرق فيهم القوى تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا فيه الحد ”

    بدلا من اللف وللدوران وانتو رجال قانون اليس كل ايام الانقاذ قايمه على فساد . منذ ايام الترابى الذى اكل وبدد ثروات السودان ودمرها وعلى

    عثمان وصلاح كرار ثم البشير واهله واخوانه وعشيرته وعوض الجاز واهل بيته والخضر وعبد الرحيم محمد حسين والمتعافى ومصطفى عثمان وبكرى

    حسن صالح وحسبو وبراهيم محمود …. وكل طغات وولاة الانقاذ من والى سنار القديم الى الولاة السابقين وباختصار كل من تقلد منصبا ولو صغيرا من عام

    1989 سواء فى ذلك الصغار ناس ماهل ابو جنه وعبد القادر مدير اضرايب الى اصغر كوز تاحر او مقاول … الخ الخ مما لا يمكن حصره فى

    تعليق متواضع .

    لماذا تحومون حول الحمى وانتم تعلمون ؟؟؟؟؟

    كلكم يعلم المفسدين ومن حامت حوله الشبهات لكنكم لا تسمون الاشياء باسمايها .

  8. في عهد الانقاذ ساهمت وزارة المالية في نشر الفساد بغض الطرف عن ممارسة التجنيب وهو محاسبيا وماليا ( اختلاس) يبعد أموال عامة بعيدا عن الرقابة التشريعية لان تجنيب المال لم يتم عبر قانون الميزانية كما ان صرف مال التجنيب لم تلحقه مراجعة او ضوابط صرف والتجنيب يظل جريمة لابد من المحاسبة عليها لانها تمت بعلم البشير وطوال فترة تدفق عائدات ضخمة للنفط لم يسبق ان شهدت البلاد مثل تلك التدفقات المالية الا ان الكثير منها تم تجنيبه بعيدا عن المواطن او اعادة توجيهه لصناديق خاصة تتحكم فيها شخصيات نافذة بدعوي اقامة جمعيات طوعية .

  9. اي شفافية واي فساد الذي تتحدث عنه هذه الحيكومة؟؟؟؟!!!

    والله اني ارى ان الافضل لهم التحدث عن شيء اخر يخرجهم من هذه الورطة المالية والدبلوماسية والسيا سية التي يمرون بها.

    محمد حنية

  10. حين يذكر الفساد لابد من ذكر ستنا وداد لانها هي أس الفساد وأكبر من نهب البلد والسبب هو حقدها بقتل بعلها وزواجها عنوة من قاتله المفروض وداد بابكر كان توجه حقدها ده ضد نظام البشير وتجيب خبرو وخبر البشير بدل تحقد على الشعب الجعان المسكين ده وتسرق قوته انتقاما لمقتل بعلها

  11. هل هبطت هذه النعمة من السما ؟؟؟؟
    من الجالوص الي قصور فخمة
    و شركات متعددة الاغراض
    و ارصدة بالعملة الصعبة في بنوك عالمية
    و بنا مساجد لافراد رحلوا كصدقة جارية

  12. انما اهلك من كان قبلكم ، اذا سرق فيهم القوى تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا فيه الحد ”

    بدلا من اللف وللدوران وانتو رجال قانون اليس كل ايام الانقاذ قايمه على فساد . منذ ايام الترابى الذى اكل وبدد ثروات السودان ودمرها وعلى

    عثمان وصلاح كرار ثم البشير واهله واخوانه وعشيرته وعوض الجاز واهل بيته والخضر وعبد الرحيم محمد حسين والمتعافى ومصطفى عثمان وبكرى

    حسن صالح وحسبو وبراهيم محمود …. وكل طغات وولاة الانقاذ من والى سنار القديم الى الولاة السابقين وباختصار كل من تقلد منصبا ولو صغيرا من عام

    1989 سواء فى ذلك الصغار ناس ماهل ابو جنه وعبد القادر مدير اضرايب الى اصغر كوز تاحر او مقاول … الخ الخ مما لا يمكن حصره فى

    تعليق متواضع .

    لماذا تحومون حول الحمى وانتم تعلمون ؟؟؟؟؟

    كلكم يعلم المفسدين ومن حامت حوله الشبهات لكنكم لا تسمون الاشياء باسمايها .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..