حرب الأنقياء والأصفياء..!!

تراسيم

حرب الأنقياء والأصفياء..!!

عبد الباقى الظافر

أمس الأول زار مستشفى الخرطوم زوج برفقة زوجته.. السيدة كانت على وشك أن تلد مولوداً.. الزوج يستصرخ الأطباء أن يساعدوها ومن بيدهم الأمر يستبطئون.. أحد الأطباء طلب من الزوج أن يهدأ ويذهب وزوجه إلى العنبر وأنهم كأطباء يعلمون ما لا يعلم.. لاحقاً وضعت المرأة حملها دون مساعدة طبيب.. ثم مضى الزوج في حالة من الغضب ترجمها في اعتداء على الأطباء الموجودين مما أدى لتدخل الشرطة.

قبل الحادثة بأيام كان عدد من الأطباء يرفعون مذكرة تطالب بإعفاء مأمون حميدة من منصب وزير الصحة بولاية الخرطوم لأنه تسبب في تشريد الأنقياء والأتقياء من الحقل الطبي.. عبارة «الأنقياء الأتقياء» تحتاج لاحقاً إلى تفكيك.. المذكرة أيضاً تتهم وزير الصحة بالتخبط وعدم انتهاج المؤسسية.. ثم تقف عند نقطة مهمة حيث تتهم الوزير بشبهة تضارب المصالح باعتباره يملك جامعة ومشفيين.

وزير الصحة مأمون حميدة رد أمس في الزميلة السوداني على ما أثير في المذكرة.. كشف حميدة أن هذه هي المذكرة الرابعة.. بمعنى أن خصوم حميدة في القطاع الصحي يصدرون كل شهرين مذكرة تطالب برأسه.. وإذا وضعنا في الحسبان أن مسؤولي وزارة الصحة في المركز والولاية كانوا دائماً تحت مرمى نيران زملائهم الأطباء.. فقد عبدالله سيد أحمد منصبه كوكيل لوزارة الصحة الاتحادية رمياً بالاتهامات.. ومضى أيضاً في ذات الطريق الدكتور حسب الرسول بابكر ووكيله الدكتور كمال عبدالقادر.

الحقيقة أن هنالك صراع مصالح في القطاع الصحي والطبي.. وبما أن معظم الأطباء مستثمرون.. ابتداءً بمن يملك عيادة أو صيدلية.. وصولاً لأصحاب الثراء الممتد في مصانع الأدوية ومشافي المرضى.. قاعدة المصلحة الشخصية تتجاوز في كثير من الأحيان الولاء السياسي.. بل في أحيان كثيرة تستخدم أسلحة غير مشروعة في تصفية الخلافات.. من بينها تسريب وثائق سرية لتحقيق الضربة القاضية.. بل أحياناً تتم محاولات لشراء قادة الرأي وكسب أقلامهم في معارك طاحنة.

نعود لمنطق وزير الصحة الدكتور مأمون حميدة في تفكيك المشافي المركزية مثل مستشفى الخرطوم.. هذا المستشفى مثلاً سعته نحو ثمانمائة سرير ولكنه يستنزف من الميزانية ما يمول عشرة مشافي في الأطراف.. بهذا المستشفى ألفان ومئتان وخمسون عاملاً.. نحو عشرة بالمائة من هؤلاء معينون في وظائف طباخين ومساعديهم.. المشكلة أن المستشفى متعاقد مع شركات خاصة لتوريد الطعام.

وزير الصحة الآن يطالب كبار الأطباء أن يمنحوا مرضاهم بالمشافي ثماني ساعات يومية «حق الحكومة».. ثم يطلب منهم أن يبعدوا عياداتهم من محيط المستشفيات حيث يسهل اصطياد المرضى.. بعض الأطباء يمضون وقتاً طيباً مع مرضاهم في العيادات حتى يتم استدعاؤهم عند الضرورة القصوى.. عندما تكون العيادة تجاور المشفى «الحيطة بالحيطة» يسهل القفز على اللوائح.

خطة مأمون حميدة تقتضي إنشاء مشافي في الأطراف تستوعب ظروف السيدة التي جعلت زوجها يحطم رؤوس الأطباء من شدة الغضب.. رؤية حميدة تقتضي التوسع في خدمة التأمين الطبي حتى لا يموت الناس بسبب عدم القدرة على مقابلة تكاليف العلاج.

صحيح أن خطوات الإصلاح ما زالت تراوح مكانها.. رغم أن الدكتور حميدة يستحق فرصة إضافية.. لدى مأمون فرصة أكبر للنجاح لأنه لن يفقد شيئاً إذا خسر منصبه الوزاري.

آخر لحظة

تعليق واحد

  1. مع إحترامنا لك يا ظافر وإحترامنا وتقديرنا لدكتور مأمون حميدة أنا لا أرى أي شيئ يدعو لإصدار قرار بهذه الشاكلة يعني لو زوج المرأة هذه وجد في منطقتة أخصائي توليد وأخصائي للقلب والباطنبة وباقي التخصصات هل كان سوف يأتي لمستشفى الخرطوم ، أنا أرى إن هذه القرار كيدي بالدرجة الأولى لزملاء المهنة وليس إلا يعني بادر بتوزيع الإخصائيين أولاً.

  2. ((خطة مأمون حميدة تقتضي إنشاء مشافي في الأطراف تستوعب ظروف السيدة التي جعلت زوجها يحطم رؤوس الأطباء من شدة الغضب..))

    هذه السيدة المعنيه هنا …. وضعت مولودها بسلامة و أمان فى مستشفى الخرطوم التعليمى – الكائن بوسط الخرطوم بزحامه الفظيع – ….. و هناك سيدة رأت الموت الأحمر عندما عانت مرة من آلام المخاض ومرة أخرى من الغبن لولادتها فى ظرف شبيه بظروف الوضوع فى القرون الوسطى فى ظل وزارة بروف مامون المخلص ( بتشديد وكسر الراء) و وضعت مولودها على قارعة الطريق و للعجب أمام بوابة مستشفى ألبان جديد – الكائن فى أطراف الخرطوم و وسط مساكن من تقدم لهم الخدمات بسهوله حسب رؤية و زعم الوزير ( أبو منطق -هذا المستشفى مثلاً سعته نحو ثمانمائة سرير ولكنه يستنزف من الميزانية ما يمول عشرة مشافي في الأطراف -)….. و لم تلد داخل مستشفى ألبان جديد التأليمى ( التابع لإمبراطورية رجل البر و الإحسان بروف مامون حميده) بسبب عدم الدفع ….. ولكن د. مامون الوزير- المهموم جدا بصحة مواطنى الأطراف و حريص على خدمتهم – بررالموضوع بعدم توفر الإمكانيات فى ذلك المشفى ( العذر الأقبح من الذنب !!! ) دا كلام وزير ….. و فى نفس الوقت شيخ المستثمرين فى مجال العلاج ….و صاحب و مدير أكبر كلية طب خاصه ؟؟؟؟؟؟؟……….. وأخرى بكريه جاءها المخاض بآلامها الفظيعة … فحملوها لأقرب مستشفى طرفى- فى منطقة سكناها – و يقدم خدماته ( و بالشئ ) إسمه مشفى السلامه و لكن وجدوها مغلقة بأمر وزير الصحه نفسه أبو ذات المنطق !!! و كم قاست هذه المسكينة ليصلوا بها لمستشفى الخرطوم و هناك وضعت بسلام و أمان !!!!
    أها رأيك شنو يا الظافر فطور بالسمك و الكبده مش أحسن من الفطور بالزبادى والعدس ؟؟
    و كمان !!!! …….. ((بل أحياناً تتم محاولات لشراء قادة الرأي وكسب أقلامهم في معارك طاحنة.))…أحيانا أم بإستمرار …. سوق زلعه مع النداآت المعروفه ( تعال و بص …الصحفى بجنيه و نص !!!)؟؟؟؟
    يا سيد رأيى هو إنشاء عدد مناسب من المستشفيات فى أطراف العاصمة الكبرى و تجهيزها بالكامل و منحها الفرصة لتعمل بكفأة و صورة يرتاح لها المواطن و بذلك يهجروا مستشفى الخرطوم المركزى و إبن عوف و أمدرمان و بحرى لتموت بالتدريج و تغلق نفسها بإختيارها و تحويلها لمتاحف أو مزارات لأنها تاريخية و تبقى من الشواهد و لكن لا لبيعها فى الأول ثم يشرعوا فى إنشاء البديل يا فطن …فهمت ؟؟؟ …….

  3. صحيح أن خطوات الإصلاح ما زالت تراوح مكانها.. رغم أن الدكتور حميدة يستحق فرصة إضافية.. لدى مأمون فرصة أكبر للنجاح لأنه لن يفقد شيئاً إذا خسر منصبه الوزاري. ياصحفى الحيره يامتملق نحنا ماقلنا
    حميدة حاافلس وظروفه الماديه حاتبوظ وارجع للبوش والسخينة والذبادى . الصحه فى عهده خربت وزايده
    فى الخراب وترحيل المستشفى غير منطقى .. فهمت ؟

  4. الصحة تعاني منذ انقلاب الانقاذ من صراع الافيال و خلافات التنظيم الحاكم على السلطة و الثروة و النفوذ بين اعضاء التنظيم في قطاع الصحة… مهنيا فقد المواطن الحق في العلاج المجاني و تدهورت الخدمات الطبية و بيئة العمل، و تدهورت اوضاع الطبيب اكاديميا و تدريبيا و ماديا و يشمل ذلك الكوادر الطبية الاخرى،و عم الفساد و الافساد و التبديد و النهب و الانقاذ التي يسيطر عليها السماسرة و تجار السوء لا تفكر الا في الارباح و الاتاوات و المتاجرة بآلام الناس و التكسب منها و تحقيق الارباح و لا يهمها في قليل او كثير تقديم خدمة للمواطن. التخطيط للخدمة العامة القائم على تحقيق الارباح تخطيط فاشل لذلك اصبحت المشافي عامة و خاصة مثل شيلوك اليهودي في رواية شكسبير تاجر البندقية، تنظر في مصالحها و لا يهمها ان يقطع المريض من لحمه ليدفع لهم لذلك صرنا نسمع عن طرد المرضى الذين لا يستطيعون الدفع، و سمعنا عن اخراج المرضى من غرف العمليات لعدم دفع الرسوم و صرنا نسمع عن الاستيلاء على جثامين الموتى رهائن لحين دفع الاتاوة، و يحدث كل ذلك في عهد دولة ” الشريعة” حيث يسيطر الانقياء الاصفياء هؤلاء على كل شئ!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..