المكتبات والجرائد الحائطية في مهب الريح مع الجيل الجديد.. حالة ضمور ثقافي

الخرطوم – نسيبة بكري
شكلت المكتبات والجرائد الحائطية أهم مواعين الثقافة التي تكمل مع التحصل الأكاديمية شخصية التلميذ والطلاب، حتى عندما يشب عن الطوق إنساناً فاعلاً في وطنه ومجتمعه تكون أدواته وأسلحته المعرفية في كامل الجاهزية لخوض معركة الحياة عقب التخرج، ولكن من يشاهد الواقع اليوم في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا الأكاديمية كافة يلاحظ تراجعاً مخيفاً وغياباً قسرياً للمكتبات والجرائد الحائطية، وبالتالي حالة ضمور ثقافي، بل فقر دم حاد يعاني منها الطلاب والتلاميذ، ترى لماذا وكيف اختفت عن المشهد هذه الينابيع المعرفية التي تصب في نهر التحصيل الأكاديمي؟
وحتى نتعرف أكثر على مشهد تراجع الجرائد الحائطية والمكتبات في المدارس، استطلعنا آراء بعض المدرسين، حيث يرى الأستاذ معتصم حامد تنقاري من مدارس دار المنهل الخاصة أن غياب الجمعيات الثقافية تسبب في غياب الجرائد الحائطية، لأن النشاط الثقافي في المدارس تراجع في ظل زيادة في المواد الأكاديمية التي يتحصلها الطالب حتى أصبح لا يجد المتسع من الوقت لتنمية مواهبة الفنية وإشباع نهم القراءة، والاطلاع خارج المقرر الدراسي الذي يتسحوذ على الاهتمام والوقت كافة.
أما الأستاذة نفيسة إسماعيل مكي من رياض ومدارس إسماعيل الولي، فتذهب في تشخيص الحالة إلى أن المعلم كذلك له دور ومسؤولية، فهو الذي ينمي لدى طلابه هذه الهويات في الاطلاع والقراءة، ويتطور مهاراتهم في الكتابة، ويشرح لهم كيفية إصدار الجرائد الحائطية، وتضيف أنها لا تقدح في إمكانيات زملائها من المدرسين، ولكنها ترى أنه كلما كانت للمعلم خبرات ومعارف أوسع تسير نقلها إلى الطالب، ولكن الاهتمام بالقراءة والاطلاع تراجع حتى لدى المعلمين هذه الأيام.
وترى الأستاذة نفيسة أن بعضاً من المدارس الخاصة تهتم بالجرائد الحائطية، وتوفر فيها المكتبات بدرجة كبيرة، كما أنه تحرص على توظيف المعلمين أصحاب الخبرة والأكثر تأهيلاً ونضجاً، كما أن المدارس الخاصة أيضاً توفر الكتب للطالب، وهو ما يسهل من مهمته أكثر في وقت لا يجد فيه الطالب فرصة للبحث على الرغم من المشقة المالية، لكون بعض الكتب غالية الثمن، لكن بحسب الإمكانات المتوافرة نحرص على توفيرها، وهو أمر يشاركنا فيه الطالب ببعض الكتب، ولا أرى ضيراً من ذلك.
وتتابع الأستاذة نفيسة حديثها أنهم في المدارس الخاصة يعلمون الطالب كيفية قراءة الكتاب وفهم مدلوله وتلخيصه، وأعتقد أن في هذا العمل يتطلب فنيات عالية لا يفهمها إلا قدامى المعلمين ممن عركتهم التجارب ونالوا نضجاً وخبرة كافية، وتمضي الأستاذة نفيسة بالحديث نحرص أيضا على إقامة الورش الخاصة في هذا الصدد. وتختتم نفيسة حديثها بالقول: أعتقد أن في غياب الجرائد الحائطية والمكتبات الدراسة الأكاديمية لا أراها كافية للطلاب للتثقيف والمزيد من المعرفة.
وفي الاتجاه تقول الأستاذة خديجة بكري من مدرسة أبوبكر الخاصة أن الجرائد الحائطية والمكتبات كانت تمثل أهمية بالغة في فترات سابقة في عهد تمتع فيه التعليم بقدر كبير من الجاذبية للطلاب، غير أن الأمور تبدو مختلفة في الوقت الحالي، بعد أن اختفت تماما عن الساحة، وهو أمر طبيعي في ظل ثورة التكنولوجيا وعدم وجود وقت كاف ومساحة زمنية تمكن الطالب من المطالعة، وحالياً قلما نجد طالباً يقرأ في كتاب. وتواصل الأستاذة خديجة: لابد من مراجعة سريعة للأمر، عطفا على الأهمية البالغة التي تمثلها الجرائد في تنمية القدرات الصحافية والمعرفية للطلاب. واختتمت بأن المكتبات والقراءة الراتبة لكل ما هو جديد من شأنه أن يوسع مدارك الطلاب، ويسهل مهتهم في التحصيل الأكاديمي
اليوم التالي