فليعد للعدس مجده

يُعتبر العدس من المحاصيل الغذائية البقولية الشتوية، وترجع زراعته في ولاية نهر النيل إلى المزارع الرائد/ أحمد كرز من منطقة كرقس محلية أبو حمد عندما ذهب إلى منطقة إنتاجه بصعيد مصر وتحصّل على كمية محدودة من تقاويه، بدأ بزراعتها في موسم 1970م في مساحة مَحدُودة بمشروعه الخاص كتجربة أولى لإنتاج تقاويه، ثُمّ تتالت تجاربه بعد ذلك.
وفي موسم 1974م قام بزراعة مساحة 3 أفدنة بلغت إنتاجيتها 2700 كجم بذرة بواقع 900 كجم بذرة للفدان وهي كمية كافية لزراعة مساحة 90 فداناً.
وفي موسم 1992م تبنت وزارة الزراعة الولائية زراعة مساحة 30000 فدان (ثلاثين ألف فدان) بالولاية بدعم من البنك الزراعي، زرعت منها مساحة 27000 فدان (سبعة وعشرين الف فدان). وفي فبراير 1993م تمَّ احتفال كبير بالحصاد في منطقة عتمور بالرباطاب، وبلغت أعلى إنتاجية للفدان في حُقول المُزارعين 1050 كجم بذرة، بينما بلغ متوسط الإنتاجية 485 كجم بذرة.
ولكن ومع تلك الفرحة التي غمرت نفوس المزارعين بالإنتاجية العالية للمحصول سرعان ما تبدّلت إلى غم، إذ امتلأت الأسواق بالعدس المستورد بعد أسبوع واحد من احتفالات الحصاد، كما لم يجد المزارعون قشارات العدس التي وُعدوا بها، وبالتالي لم يجدوا التسويق لمحصولهم، لذلك أقلع وعزف المزارعون عن زراعة هذا المحصول في الأعوام التالية، كما توقف نشاط لجنة العدس بالولاية.
لقد توفرت الآن كل مقومات إنتاج هذا المحصول في الولاية بدءاً من توفر الأرض الزراعية الخصبة، وخبرة المزارع مع هذا المحصول، وتوفر الحزم التقنية والأصناف عالية الإنتاجية والجودة، والآن يُواصل الباحث الزراعي د. زايد بابكر ببحوث الحديبة تجاربه المتقدمة لهذا المحصول على أرض المزارع.
لذلك أرى الآن أهمية إعادة زراعة محصول العدس بولاية نهر النيل على أن يتم الآتي:-
1) أن تتبنى وزارة الزراعة الولائية سياسة زراعية واضحة لإدخال زراعة العدس ضمن العروة الشتوية.
2) إعادة تكوين لجنة إنتاج العدس بالولاية .
3) توفير التّمويل المُناسب من البنك الزراعي .
4) أن يقوم البنك الزراعي بتوفير قشارات العدس وشراء إنتاج المزارعين بأسعار مجزية .
5) توفير الدعم اللازم للبحوث الزراعية لتمكينها من الاستمرار في إجراء تجاربها على هذا المحصول .
6) التوسع في إقامة الحقول الإيضاحية للمحصول على أرض المزارع لزيادة إقناعه وتبنيه لزراعة هذا المحصول .
7) إلزام الشركات الاستثمارية الزراعية في الولاية بزراعة نسبة محددة من المحصول .
بعد هذا كله نقول أليس من العجيب أن نستورد العدس الذي يكلفنا العملة الصعبة..؟ ولا يخفى على أحد ما يعانيه اقتصادنا، وأن يصل سعر الكيلو منه 45 جنيهاً ولدينا كل هذه المقومات لإنتاجه في أرضنا الطيبة.
فلنرسم سياسة زراعية لإعادة توطين زراعة العدس في الولاية، وليعد للعدس مجده.
عبد المنعم جمعة سليمان
مدير الإدارة العامة لنقل التقانة والإرشاد
التيار