تعرَّف على ديانة الآميش وخلافها مع السلطة بأميركا

لروث الأحصنة شأن وأهمية وسط إحدى جاليات طائفة الأميش الأميركية؛ ففي ولاية كنتاكي الأميركية، رفع رجلان محافظان، من طائفة الآميش، دعوى قضائية مدنية على بلدية أوبورن في الولاية المذكورة بخصوص مرسوم قانوني جديد متعلق بحفاضات الأحصنة، حيث يشتكي الرجلان من أن هذا المرسوم به انتهاك لحريتهما الدينية.

صاحبا الشكوى، وهما دان ماست وإيمانويل ميلر، يقولان إن الغرض من هذا المرسوم هو بالذات استهداف أعضاء طائفتهما الدينية، حسب تقرير لموقع ذا ديلي بيست الأميركي.

ويقول المسؤولون إن فضلات الأحصنة تتناثر في كل مكان وزاوية من البلدة بسبب جالية الآميش، ما يثير مخاوف صحية في شوارع المدينة؛ حتى إنه قيل إن عمدة المدينة زعم تزحلقَ طفلٍ بكتلة فضلات أوقعته أرضاً فيما كان يسير نحو مدرسته. بيد أن الآميش يقولون إن المرسوم جاء بغرض استهداف معتقداتهم الدينية، ويرون أنهم يقومون بقدر كاف من التنظيف وراءهم دون الحاجة لحفاضات.

الطائفة تقاطع التكنولوجيا

وطائفة الآميش معروفة بمقاطعتها كل وسائل التكنولوجيا الحديثة مثل السيارات، ولهذا السبب تراهم يفضلون التنقل بالأحصنة والعربات الصغيرة الخفيفة، أو “يُجبرون على السير على الأقدام” حسب نص الدعوى المقامة.

وقد تعرض ماست للملاحقة القضائية؛ لخرقه ذاك المرسوم عام 2015 حينما طُلب منه دفع 193 دولاراً غرامة، أما زميله ميلر فيقول إنه عاجلاً أو آجلاً سيتعرض هو الآخر للملاحقة أيضاً؛ لأنه يصر على ركوب حصانه وسط شوارع أوبورن.

لكن هذه الدعوى القضائية ليست إلا حلقة جديدة من مسلسل درامي قديم من الصد والرد والملاحقة والتمنع امتد عقداً من الزمن منذ استقرت طائفة السْوارْتزِنْـتْـروبر the Old Order Swartzentruber Amish الآمشية المتزمتة في بلدة أوبورن أوساط العقد الأول من الألفية الجديدة.

العمدة طلب من الطائفة استخدام حفاضات مع الأحصنة

وكان مجلس البلدة اشتكى من مشكلة الفضلات أول مرة عام 2007، فطلب العمدة من الآميش استخدام حفاضات مع الأحصنة، فرضوا ذلك على أساس أن في الأمر خرقاً لحريتهم الدينية. وقد قرر مجلس البلدية شمل فضلات الأحصنة بمرسوم فضلات الكلاب الموجود والمعمول به، حيث اعتبر المجلس القضية “مصدر قلق صحي” لا مجرد ذوق وجمالية عامة.

وجاء في الدعوى: “إن القصد المتعمد من وراء المرسوم هو استهداف الآميش كي تتسنى ملاحقتهم الجنائية؛ لرفضهم استخدام حفاضات الخيل”، في إشارة إلى أن أحصنة الآميش فقط هي التي تثير كل هذا الجدل القانوني. وجاء أيضاً في نص الدعوى: “إن آميش السْوارْتزِنْـتْـروبر، بمن فيهم صاحبا الدعوى، يحملون معهم دوماً رفشاً ومجرفة لإزالة الفضلات بشكل فعال من دون اللجوء إلى تحفيض الخيل بحفاضات”.

مع ذلك، يصر العمدة مايك هيوز على أن مرسوم حظر الفضلات ليس استهدافاً للطائفة، وهذا ما قاله في مقابلة على محطة راديو WKU المحلية: “إنهم جيراننا وأنا أشتري المنتجات الزراعية من ماست وزوجته… نحاول منذ سنوات حل هذه المشكلة محلياً في أوبورن ولم نصل قط لمرحلة استصدار نصوص خطية تُطبق قانوناً هنا في نظام محاكم المقاطعة. ولكن للأسف، هذا ما وصلنا إليه، ويبدو أن علينا السير في هذا الاتجاه، وهو الأمر الذي مضت علينا سنون طوال ونحن نتحاشاه”.

لماذا الحفاضات؟

وحفاضات الأحصنة المذكورة هذه عبارة عن أداة تلتفّ حول جسم الحصان وقوائمه الخلفية وبها وعاء يجمع أي فضلات يخرجها الحصان في أثناء سيره على الطريق.

وكان المرسوم قد صدر أخيراً عام 2014، لكن ليس قبل تصويت أجراه الآميش فيما بينهم قرروا فيه عدم استخدام الحفاضات. وطبقاً لنص الدعوى، فإن المسألة قد بتّ فيها كبار الجالية بالتشاور مع أعضاء الطائفة وجيرانهم من طوائف الآميش الأخرى ثم أضيفت إلى قانونهم الديني المسمى Ordnung.

وجاء في نص الدعوى: “إن صاحبي الدعوى لا يستطيعان؛ بل لا يمكنهما تغيير القانون الديني للآميش Ordnung، فهما محكومان باتباعه؛ لأنه جزء من معتقدها الديني”.

ونصت الدعوى كذلك على أنه لو انصاع المدّعيان لأمر قانون البلدية وألبسا أحصنتهما تلك الحفاضات، فإن أفراد جاليتهما سوف “تنبذهما”.

ولكن تعقيد وضع المدّعين لا ينتهي هنا؛ بل لديهما وضع خاص جداً؛ لأن معتقدهما الديني المتزمت الحرفي (الآميش) يمنعهما أيضاً من دفع الغرامات، ولذلك عندما أدانت هيئة المحلفين ماست (أحد المدعين) في مايو/أيار عام 2015 وألزمته بدفع 193 غرامة ، رفض الدفع بتاتاً، وحُبس 10 أيام في السجن بدلاً منها.

وتضيف الدعوى في نصها أن ماست “تعرض لتصرفات ولهجة مهينة وتم تصويره أيضاً، وهي كلها أمورٌ ممنوعة في جالية الآميش بناء على قيم دينية”.

كما حُبس والد ماست 20 يوماً هو الآخر على خلفية انتهاك مماثل للقانون، وتزعم الدعوى المرفوعة أن ثمة 27 قضية أخرى مثارة ضد رجال من طائفة الآميش لانتهاكهم القانون، وأن كل المذكرات أصدرها رئيس الشرطة نفسه.

وليست أوبورن البلدة الوحيدة التي تعاني هذه المشكلة، ففي مدينة سلمى بولاية ألاباما سنّ المشرّعون مرسوماً مماثلاً عام 2013، بيد أنه محل تجاهل كبير، كما أن آميش بلدة سلمى لا يدّعون أنهم مستهدفون؛ نظراً لأن معتقدهم الديني يتنافى مع الحداثة.

وفي أوبورن أيضاً، رفعت دعوى في نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، لكن مجرد رفع دعوى ليس أمراً سهلاً على شعب الآميش. وفي شهر يناير/كانون الثاني، ثبتت براءة أخي دان ماست، واسمه جون، في قرار مفاجئ أصدرته هيئة المحلفين، حيث كان كل دفاع جون عن نفسه قوله إنه يشعر بالتمييز ضده.

ويختم آموس ماست، أبو دان ماست، في حديث أجراه مع محطة راديو WKU العام الماضي، بالقول: “لدي صديق، لكن يمنع علينا الاستعانة بمحامٍ، ففي ذلك خرق لقانوننا لو فعلنا. إن قانوننا هو كتابنا المقدس”.

هافينغتون بوست

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..