علي الجميع تحمل كامل المسئولية تجاه طالبات دارفور بالعاصمة

علي الجميع تحمل كامل المسئولية تجاه طالبات دارفور بالعاصمة ا
محمد احمد معاذ
[email][email protected][/email]
انه لمن اكثر الانباء حزنا والما تلك التي فاجاتنا وفجعتنا يوم الثلاثاء الماضي الثاني من اكتوبر حين تم طرد طالبات من دارفور من مسكنهن الجماعي بالفتيحاب لعدم سداد ما عليهن من متاخرات ايجار العقار الذي يسكن فيه والذي بلغ حسب ما تواردته الانباء مبلغ 36الف جنيه , او 36مليون , وهو مبلغ تافه جدا في بلد بلغ فيه سرقة المال العام مبالغ خرافية تجاوزت المليارات لشخص واحد من سارقي قوت الشعب , وهو مبلغ يدفعه اي من كبار مسؤولي الحزب الحاكم في سفرة واحدة الي اقرب بلاد العالم في مؤتمرات او رحلات ليست بذات جدوي في غالب الاحيان , او هو مبلغ يلقيه والي ولاية شمال دارفور في جيب احد ابنائه بالعاصمة مصروف شهر او اضعافها قيمة عربة اخر موديل اشتهر بان ابنائه بالعاصمة يتفننون في اقتنائها كل عام, كيف لا وهو , اي الوالي , قد صرف ببذخ واسراف وتبذير في زواج احد ابنائه حيث اتي له بعربة كتلك التي يمتطيها نجوم هوليود من ماركة لنكولن طولها اكثر من عشرة امتار راها الجميع ليلة زفاف العريس السعيد وعجلاتها تعلوها الغبار في تناقض وعدم تناغم واضحين يدل علي استجداد النعمة علي هؤلاء .
36 الف جنيه مبلغ تجده في ضهرية عربة كثير من ناهبي اموال البلد المنكوب او بدولاب اي وزير منهم كما ظهر حين تمت سرقة عملات مختلفة وصل مجموعها فوق ال400 مليون جنيه !36الف جنيه مبلغ بعثره جنجويدي كبير وابنه نقاطة فوق راس احدي المغنيات الراقصات في حفل زواج مشهور لزفاف ابنة زعيم الجنجويد الي رئيس دولة مجاورة , وما صرفته حكومة المؤتمر الوطني لشراء الذمم ولتاليب الجنجويد بلغ مليارات الدولارات وليست جنيهات.
وبعد هذا نسمع عن طرد اضعف خلق الله من مسكنهن في بلد يدعي اهله بالشهمامة والنبل وانهم اخوان اخوات , ويتشدق بعضهم بانهم “حركة اسلامية ” واهل توجه حضاري ناسين اومتناسين وصية الرسول الاكرم بان رفقا بالقوارير وبانه لايكرمهن الا كريم ولا يهينهن الا لئيم , وهل من الأم ممن يستعمل الشرطة المدججة بالسلاح للرمي بنساء طالبات الي الشارع مهما كان السبب ؟ّ ولكن في عهد هؤلاء ليس هناك من منكرات الاخلاق والاهواء لم نسمع بها او نراها راي العين .
دعنا من الخوض في فداحة ما وصل اليه الامر في هذا الزمان العجيب فهي لايمكن حصرها والكل بها عليم ,ولندلي ببعض المقترحات لاصلاح الامر ولمنع تكرار مثله مستقبلا. ونوجز ذلك في النقاط التالية:
1. علي رئيس السلطة الانتقالية (الذي قبض كثيرا من امارة قطر باسم اهل دارفور) وولاة ولايات دارفور ,من واقع المسئولية ,وضع الية عاجلة وفورية لمساعدة هؤلاء الطالبات وايضا الطلاب من هذه الولايات الذين يكافحون لاكمال دراستهم, ورفع المعاناة عنهم .فانه يكفي ما عانوه في مناطقهم ويكفي استمرار معاناة اهليهم هناك.
2. علي والي شمال دارفور بالذات دفع هذا المبلغ البسيط بالنسبة له , وعليه ايضا تخصيص احدي عماراته بالعاصمة القومية لهؤلاء الطالبات , صدقة جارية علها تكفر عن ذنوبه وجرائمه واخفاقاته بحق اهل دارفور.
3. علي ابناء دارفور بالمجلس الوطني وشاغلي المناصب العليا والدستورية المساهمة ماديا واداريا لوضع حد لهذه المهازل , وعار عليهم سكوتهم عن كل هذا الذي يحدث من تشريد بل واغتيال لابناء جلدتهم. وكفاهم ديكورات لتجميل وجه السلطة القبيح.
4. علي روابط واتحادات وجمعيات طلاب وطالبات دارفور بالعاصمة والاقاليم التحرك لجمع مساهمات من المقتدرين من اهل دارفور في الداخل والخارج وانشاء صندوق كفالة الطلاب يكون مصدرا دائما لدفع تكاليف السكن لهؤلاء الطالبات وايضا الطلاب مما يبعث علي استقرارهم النفسي لينصرفوا الي دروسهم.
5. علي المغتربين من ابناء دارفور بالخارج في الخليج واوربا وامريكا وحيثما كانوا جمع مساهمات لذات الغرض اعلاه .
اظن هذا اقل ما يمكن تقديمه لهؤلاء البائسات سيئات الحظ الذين شاءت الاقدار ان يكونوا في بلاد ماتت فيها القيم وانحدرت الاخلاق الي درك سحيق , وبلغت اللامبالاة واللامسئولية فيها درجة ان يجاهر رئيسها بوصف مواطنيها بانهم حشرات وينعتهم بصفات عنصرية فجة ويقر بانه وحكومته قتلوا عشرة الاف مواطن في دارفور وليس ثلاثمائة الف كما يقول الاعلام المغرض !!
ان لم نتجاوب اجابيا مع هذه الكارثة فانه لاخير فينا وسوف نشجع هذه العصابة بان تفعل اكثر مما فعلته .
وصدق الشاعر حين قال :
لايسلم الشريف الرفيع حتي يُراق علي جوانبه الدم.
وان لم نتجاوب ونتفاعل مع الحدث فحق عليهن ان ينشدن:
ديل ما اهلي ما اهلي
ولو ديل اهلي ,واأسفي وامأساتي وا ذلي
محمد احمد معاذ
يوجد في الخرطوم من ابناء دارفور من هم قادرين لدفع المبلغ المطلوب
لماذا لا يخرج احدهم ويسدد المبلغ
بذات اذا كان المبلغ يصب في مصلحة الطلبة والطالبات من ابناء وبنات دارفور
هم للان ما عايزين يفهمو؟؟؟؟؟
أتفق مع الكاتب أن في الوضع القائم مفارقة و كارثة حقيقية، و لكن لماذا يكون النداء موجهاً لأبناء دارفور حصراً؟ إلى متى نتحدث عن ضرورة المواطنة كقاعدة للحقوق، و قبل أن يجف الكلام في حلوقنا نأتي بكلام آخر يحمل بذور الجهوية و القبلية؟
فاليكن في علم الجميع أن ما يمنع عموم أهل السودان من التدخل لحل هذه الأزمة هو تماماً ما يمنع أهل دارفور خصوصاً من التدخل!! الجميع يتفق على أن المبلغ المطلوب ليس بالشيء الكثير على عدد كبير من الناس متوسطي الحال اليوم، بحيث يستطيع خمسة أو ستة أشخاص توفيره في يوم واحد. و لكن المشكلة في السودان ليست أبداً في “كم يكلف الشيء” و لكنها تكمن في سؤال “لماذا أفعل الشيء”!!!
في تقديري أن أحد أهم المفاهيم الإنسانية قد غاب تماماً عن ساحة الوعي السودانية من جراء سياسة الضيق و الفقر و (إعادة صياغة الإنسان السوداني) بما يخدم أهداف بقاء أنظمة القهر و الإستبداد. أصبح (الهم العام) لا يمثل شيئاً لشعب السودان، و الجميع مشغولين في (نفسي نفسي) في سباق متوحش للتقدم على الآخر و حيازة أكبر قدر ممكن من المنافع على حساب الغير.
نرى ذلك السلوك في كل مناحي الحياة في السودان، بداية بإختفاء نظام الطوابير التي تنظم حصول الناس على المعاملات و إستبدالها بالمكاتفة و المدافرة و الأخذ بالعنوة، إلى التهافت غير المفهوم من سائقي كل أنواع المركبات في الشوارع للتوقف في (الصف الأول) في إشارات المرور مهما أدى ذلك لعرقلة السير في مسارات أخرى، و قس على ذلك في كل شيء.
هذه مصيبة المصائب في السودان، و هي المشكلة التي سوف لن يتمكن أي نظام، قديم أو جديد، من حلها بسهولة، لأنها طالت و تجذرت في الناس و أصبحت (ثقافة سودانية) مميزة.
و في ذلك يتساوى أبناء أي إثنية أو قبيلة مع عموم أبناء باقي السودان، لا فرق بينهم في الأخلاق العامة و لا وجود لمفهوم حقيقي للمساواة و المواطنة، و ما هي إلا شعارات نرددها في الهواء وقتما يحلو لنا ذلك، ريثما نعود سريعاً لطبيعتنا المشوهة و ثقافتنا (الحضارية) الجديدة.
الكثير من القيادات والحركات انبرت لحل اشكالية دارفور …نتمنى أن يتبرع أحدهم لحل اشكالية هؤلاء الطلاب على أقل تقدير.